موسيقيون: صوت النقشبندي منحة ربانية وهانى شنودة: كنت من مُريديه

كتب: هبة أمين

موسيقيون: صوت النقشبندي منحة ربانية وهانى شنودة: كنت من مُريديه

موسيقيون: صوت النقشبندي منحة ربانية وهانى شنودة: كنت من مُريديه

صوت الشيخ النقشبندى كان ملائكياً مرسلاً من السماء لأهل الأرض، امتلك طبقات صوتية فريدة جمعت بين الحنان والقوة والارتجال، أهلته لأن يترك بصمة لن تتكرر فى الابتهالات الدينية، حسب ما أكد عدد من الملحنين ونقاد موسيقيين، لـ«الوطن»، الذين اتفقوا على أن «النقشبندى» كان منحة ربانية نادرة اتسمت بالقوة والروحانية.

قال الموسيقار هانى شنودة إنه منذ طفولته كان من مُريدى الشيخ النقشبندى، باعتباره من مواليد طنطا أسوة بالشيخ «كنا بنسمعه لايف مباشرة من غير ميكروفون، كان بيصيتنا»، مضيفاً: ساحة السيد البدوى كانت تمتلئ بالمواطنين، للاستماع إلى الصوت القادم من السماء، لأن الشيخ كان من الأصوات السماوية الملائكية، التى جعلت طفولتنا سعيدة مليئة بالأنغام المليئة بالمحبة والصوفية والسمو والعلو.

وتابع «شنودة»، قائلاً: كنا نتجمع بعد صلاة التراويح فى ساحة السيد البدوى بطنطا من أجل سماع الشيخ النقشبندى، لأنه جعل لهذه الساحة رونقاً خاصاً، ونجلس أمام المسجد على الحُصر، لسماع ابتهالات الشيخ الجبارة بصوته، والتى تجعل أرواحنا فى السماء وليست على الأرض، ونتغلب على الجاذبية الأرضية كأننا نجلس على وسادة فى الهواء، من شدة صوته المؤثر فينا.

وأشار إلى أن الطبقات الصوتية للشيخ النقشبندى لم يسمع مثلها حتى الآن، لقدرته على تعدد الطبقات الموسيقية لديه بمنتهى السلاسة والبراعة «ربنا منحه ميزة دون غيره». وبشأن تعاونه مع الموسيقار بليغ حمدى، قال «شنودة» إن التعاون دائماً يسفر عن نتائج مميزة، متابعاً: «بليغ» كان موهبة تسير على الأرض، وقام بالغناء بحنجرة «النقشبندى»، والشيخ أمتعنا بفكر «بليغ»، ربنا أرسل الاثنين لنا لإسعاد حياتنا.

"بكر": كان يتمتع بمؤهلات خاصة

وقال الموسيقار حلمى بكر إن الشيخ النقشبندى كان يملك «صوتاً متفرداً»، وكان يرتجل من إحساسه «الألحان التى نسمعها مركبة على الطبقة الصوتية الخاصة به، بعد ما يرتجل يتم تركيب صوت الكورال وغيره من هذه الأمور». وأضاف «بكر» أن «النقشبندى» كمنشد كان فوق الخيال وذا إمكانيات خاصة، وما قاله من أدعية دينية وابتهالات كانت رائعة، ولذلك كان من الصعب تطويع صوته للألحان، وبالتالى كان يتم تطويع اللحن بعد ما يقوم هو بالغناء والارتجال، ثم تركيب الجمل اللحنية، للاستفادة بكافة الإمكانيات الصوتية للشيخ النقشبندى.

"نصار": لم يتصنع

وقال الدكتور زين نصار، أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون، إن «النقشبندى» كان يتميز بأن صوته كان نادراً بكل المقاييس، فضلاً عن تمتعه بمساحة صوتية واسعة وحادة قليلاً ما يصل إليها مبتهل آخر، جعلته من عظماء المبتهلين. وأكد «نصار» أن الشيخ كان من أعظم المبتهلين الذين عرفتهم المنطقة العربية، متابعاً: طبقات صوته الحادة صعب أن يصل إليها شخص آخر، بينما كان يصل إليها هو ويتخطاها بأريحية، ربنا رزقه بمساحات صوتية واسعة، لم يقدر أحد على الإتيان بالنغمات والطبقات التى كانت تخرج منه، ومن ثم امتلك صوتاً مميزاً مليئاً بالصفاء والسمو الروحانى، ولم يكن مصطنعاً: «صوته كان من قلبه».

وبشأن وجود فارق بين صوته كمنشد ومقرئ للقرآن الكريم، قال: «نصار» إنه لا يوجد ثمة اختلاف فى الحالتين، وكان يتمتع بالخشوع فى صوته، واختيار الطبقات التى تعبر عن ما يقوله «لم يكن مغنياً حتى يستعرض صوته»، مشيراً إلى أن «النقشبندى» كان حر الحركة ولديه حرية الارتجال فى الابتهالات.

وأشار «نصار» إلى أن «المشايخ» بوجه عام لن يستطيعوا قراءة القرآن الكريم دون دراسة الموسيقى للقدرة على استخدام النغمات والطبقات، مثل الشيخين سيد درويش وزكريا أحمد.. «لجنة اختبار قُراء القرآن الكريم بالإذاعة والتليفزيون تضم الموسيقيين، وإذا لم ينجح القارئ فى الموسيقى، حتى لو كان حافظاً للقرآن، لا يُعتمد، لأنه لا يكون قادراً على التعبير عن المعانى».

"أيمن": تعاونه مع "بليغ" أسفر عن 14 ابتهالاً دينياً

وقال الناقد الفنى أيمن الحكيم إن الشيخ النقشبندى كان يقدم نفسه دائماً على أنه منشد دينى ومداح، ولم يكن يستعين بالمزيكا فى الإنشاد والتواشيح، كانت بدايته من طنطا مقرئاً للقرآن الكريم ومؤذناً ومنشداً.

وأضاف: «النقشبندى كان رافضاً للتعاون مع بليغ، وقال مينفعش على آخر الزمن أتعاون مع ملحن أغانى بهية وعدوية، وطلب منه وجدى الحكيم أن يسمع اللحن أولاً فى استديو الإذاعة، واتفق معه فى حال عجبه اللحن أن يقوم الشيخ بخلع عمامته، وبعد سماع الشيخ النقشبندى اللحن من بليغ لم يخلع عمامته بل خلع الجِبّة أيضاً، وكان طاير من الفرحة».

وقال إن تعاون كل من «النقشبندى وبليغ» لم يقف عند «مولاى إنى ببابك» فقط، ولكن قدما معاً 14 عملاً وتم إذاعتها فى شهر رمضان من خلال برنامج تم إعداده خصيصاً لذلك اسمه «أنغام الروح»، مضيفاً: «ابتهال مولاى إنى ببابك قد بسطت يدى كان عبقرياً، وهو من كلمات الشاعر الكبير عبدالفتاح مصطفى».

وأوضح «الحكيم» أن الشيخ النقشبندى كان «مدرسة ولم يقلد أحداً»، لتمتعه بصوت عظيم لن يتكرر، ملىء بالحنان والقوة، ونادراً ما تجدهما فى صوت واحد، ولم يتاجر بهما، كانت لديه رسالة دينية «مات على فيض الكريم، ولم يكن لديه ثروة، وكان مرتبطاً بمسجد السيد البدوى، ورفض العيش فى القاهرة وسط الأضواء والشهرة والفلوس، ومات صغيراً وترك بصمة فى الإنشاد الدينى».


مواضيع متعلقة