علاقات "أردوغان" مع "واشنطن": قرارات ضد "أنقرة".. وعقوبات بسبب الأرمن وليبيا

كتب: محمد البلاسى

علاقات "أردوغان" مع "واشنطن": قرارات ضد "أنقرة".. وعقوبات بسبب الأرمن وليبيا

علاقات "أردوغان" مع "واشنطن": قرارات ضد "أنقرة".. وعقوبات بسبب الأرمن وليبيا

تدهورت العلاقات الأمريكية التركية مؤخراً بسبب شراء تركيا منظومة الدفاع الروسية «إس 400» وشن الحكومة التركية عملية عسكرية ضد حلفاء واشنطن الأكراد فى شمال سوريا، ورغم اجتماع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى نوفمبر الماضى مع نظيره التركى فى البيت الأبيض، حيث ناقشا الملف السورى وشراء تركيا منظومة الدفاع الجوى الصاروخى الروسية «إس 400» وغيرها من القضايا، ورغم وصف «ترامب» للاجتماع بأنه «إيجابى»، لكنه فشل فى حل الخلافات حول شراء تركيا لهذه المنظومة، ورغم محاولة الإدارة الأمريكية استخدام المماطلة حيناً والمهادنة حيناً آخر فى مسألة فرض عقوبات على تركيا إلا أن الكونجرس له رأى آخر.

ففى نهاية أكتوبر الماضى، أقر مجلس النواب الأمريكى بالاعتراف رسمياً بما يسمى «الإبادة الجماعية للأرمن»، وعلا التصفيق والهتاف عندما أقر المجلس بأكثرية 405 أصوات مقابل 11 القرار الذى يؤكد اعتراف الولايات المتحدة بما يعرف بـ«الإبادة الأرمنية»، وهى المرة الأولى التى يصل فيها مثل هذا القرار للتصويت فى الكونجرس بعد محاولات عدة سابقة. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى إنها «تشرفت» بالانضمام إلى زملائها فى «إحياء ذكرى إحدى أكبر الفظائع فى القرن العشرين: القتل المنهجى لأكثر من مليون ونصف المليون من الرجال والنساء والأطفال الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية». ويعتبر الأرمن أن ما يقولون إنه قتل جماعى لشعبهم بين عامى 1915 و1917 يرقى إلى مصاف الإبادة، وهو ادعاء لا تعترف به سوى نحو 30 دولة وتنفيه تركيا بشدة.

"هوفمان": واشنطن لن تغير موقفها بشأن مقاتلات "F-35" ما لم يتراجع "أردوغان" عن منظومة الدفاع الروسية.. وعقوبات جديدة فى الطريق بسبب الملف السورى

وفى بداية الشهر الحالى، دعا السيناتور الجمهورى لينزى جراهام، والديمقراطى كريس فان هولين، إدارة الرئيس ترامب إلى فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها نظام دفاع صاروخى روسى، وقالا إن التقاعس عن القيام بذلك يبعث «إشارة مفزعة» إلى بلدان أخرى، وقال فان هولين وجراهام فى رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو «انتهى وقت الصبر منذ فترة طويلة. حان وقت تطبيق القانون.. التقاعس عن القيام بذلك يبعث بإشارة مفزعة إلى دول أخرى بأنها يمكنها أن تستهين بالقوانين الأمريكية دون أى عواقب»، وبالفعل أقر الكونجرس فى 18 ديسمبر الحالى قانون مخصصات الدفاع الوطنى لعام 2020 يقترح فرض عقوبات على تركيا، ويدعو القانون الذى صوت عليه مجلسا النواب الشيوخ الأمريكيين، إلى فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الصاروخى الروسية «إس 400»، كما يحظر القانون تزويد تركيا بمقاتلات «إف 35»، ويحظر القانون نقل مقاتلات «إف 35» إلى تركيا التى تم تعليق مشاركتها فى المشروع وفى برنامج تدريب الطيارين رغم كونها أحد الشركاء المنتجين لها وذلك بسبب شرائها منظومة «إس 400» الروسية، ووصف القانون شراء تركيا لمنظومة «إس 400» بأنه عملية شراء على مستوى مهم أبرمت مع قطاع الدفاع الروسى، مشدداً على ضرورة فرض عقوبات على تركيا بموجب القانون الأمريكى، ويحظر القانون بشكل خاص التعاون مع روسيا على الصعيد العسكرى، لكنه تضمن عقوبات على مشروع خط الغاز الثانى «السيل التركى» الذى سيفتتحه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى الثامن من يناير المقبل بمدينة إسطنبول والذى سيعمل على نقل الغاز الروسى إلى أوروبا عبر تركيا، وفى صفعة أخرى لتركيا، أقرّ الكونجرس فى نفس اليوم، رفع الحظر المفروض منذ عقود على تزويد قبرص بالأسلحة، ووافق مجلس الشيوخ على القرار كبند من ميزانية الدفاع الهائلة التى أقرت بـ86 صوتاً مقابل 8 أصوات، بعد أن كانت قد حظيت بموافقة مجلس النواب أيضاً، وكانت الولايات المتحدة فرضت حظر أسلحة على الجزيرة بأكملها عام 1987 بهدف منع حصول سباق تسلّح فيها.

ويرى خبراء أن مستقبل العلاقات التركية الأمريكية مشوب بالغموض وبعدم اليقين، وقد تؤدى هذه الضبابية إلى حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة. وقال سون تشانج هاو، الخبير فى الشئون الأمريكية بالمعهد الصينى للعلاقات الدولية المعاصرة، إن ضغط الولايات المتحدة على تركيا يهدف إلى دفع تركيا إلى العدول عن موقفها وتجنب تقاربها مع روسيا، لكن ضغطاً شديداً من جانب الولايات المتحدة على تركيا قد ينتج آثاراً عكسية من بينها ارتماء تركيا فى أحضان روسيا، وخشية حدوث ذلك، ستسعى الولايات المتحدة إلى اتباع طريق متوازن للحفاظ على استقرار العلاقات الأمريكية التركية.

بينما قال نائب مدير قسم السياسات الدولية والأمن القومى فى مركز «أمريكيان بروجرس» الأمريكى، ماكس هوفمان، إن واشنطن لن تغير موقفها فيما يتعلق بمقاتلات «إف 35» الخاصة بتركيا، ما لم يتراجع أردوغان عن موقفه من منظومة الدفاع الجوى الروسية، مشيراً إلى أن إدارة ترامب تحاول إحداث توازن فى الطلبات المتعلقة بالعقوبات المشددة على تركيا، مشيراً إلى أن ضغط البيت الأبيض أكثر تأثيراً، وأشار إلى أن الأنظار تتجه حالياً نحو قرار لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى مرة أخرى، فى انتظار العقوبات الجديدة، الخاصة بالملف السورى والعملية العسكرية التركية على الشمال السورى وأزمة المنظومة الروسية. وأوضح «هوفمان» أن قانون العقوبات الجديد الخاصة بتركيا هو رسالة لدعم مساعى تشكيل تحالف بين اليونان وجنوب قبرص وإسرائيل فى شرق المتوسط، قائلاً: «من الواضح أن التحالف الاستراتيجى المهم المشكل فى شرق المتوسط ويستبعد تركيا، يزعجها، كما أنه من المؤكد أن قرار الولايات المتحدة الخاص برفع حظر السلاح عن قبرص الجنوبية يزيد من غضب تركيا». وأكد «هوفمان» ضرورة أن تبحث الولايات المتحدة عن بدائل لقاعدة إنجرليك الأمريكية فى تركيا، داخل اليونان أو قبرص الجنوبية.


مواضيع متعلقة