2020.. عام الإصلاح الشامل

2020.. عام الإصلاح الشامل
- الإصلاح
- الإصلاح الإداري
- انتخابات المحليات
- الجمعيات الأهلية
- الإصلاح
- الإصلاح الإداري
- انتخابات المحليات
- الجمعيات الأهلية
على غرار الإصلاح الاقتصادى، الذى تأخر 40 عاماً، خشية ردة فعل المواطنين وغضبهم مرة، ولعدم وجود رؤية إصلاحية متوازنة من الأساس مرة أخرى، عانت الدولة، على مدار عقود طويلة، من تجريف تربتها، حتى صارت أعمدتها مكشوفة، سياسياً وإدارياً ومدنياً وعمالياً وخدمياً، لا تقوم على أرض صلبة، تارة يحكمها حزب واحد سلطوى، وأخرى تسيطر عليها جماعة باسم الدين، وبين التسلط والتأسلم زهد الناس السياسة وحياتها، وآثروا العزوف.
ليس اقتصادياً فقط بل سياسى وإدارى وعمالى ومدنى وخدمى
وعلى المستوى الإدارى علقت مصر فى طابور البيروقراطية، لديها جهاز إدارى جرار من الموظفين، غير أنه غارق فى الروتين، وعاجز عن إنجاز مصالح الناس، لديها مصانع عملاقة لكنها عتيقة تآكلت تروسها وكبح جماحها الصدأ المتراكم، تكدح الأيدى العاملة فلا تنتج ما يكفى أرزاقها، لتتعاظم الخسائر وتتراكم الديون.
ومن تدهور الصناعة وأحوال العمال إلى المجتمع المدنى والمهنيين، ظلت قوانينهم خاضعة لرؤية الاتحاد الاشتراكى، الذى حلت بعده كيانات وأحزاب ثم حُلت، فيما استمر العمل الأهلى والحقوقى على صراعه مع الدولة، بين مُوجَّه بأجندات مموَّلة خارجياً، أو مُكبل بقوانين خانقة داخلياً.
جاءت ثورة 25 يناير لترفع شعار «عيش حرية عدالة اجتماعية»، إلا أن صوامع الغلال كانت خاوية، والمظاهرات والمظاهرات المضادة مشتعلة فى الميادين كأنها ساحات حرب، حتى أراضى الدولة وقوانينها أصبحت مستباحة بوضع اليد أو بغفلة حراسها. تدهورت الأحوال أكثر، واهتزت أعمدة الدولة، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، إلى أن جاءت ثورة 30 يونيو لترفع شعار الإنقاذ وتصحح المسار، لتبدأ بعدها الخطة العاجلة والشاملة لإصلاح الدولة.
بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى الإجراءات الإصلاحية لدولة «30 يونيو»، بمواجهة الإرهاب ومموِّليه داخلياً وخارجياً، من خلال إحكام القبضة على ثغوره، وعمليات استباقية للقضاء عليه فى عقر داره، وفرض الأمن والاستقرار اللازم للشروع فى الخطوة التالية من خطة الإصلاح الشامل.
بإجراءات واجبة، بدأت جراحة الإصلاح الاقتصادى منذ 3 سنوات، لإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس، الذى ظهرت أعراضه فى ثالوث خبيث، عجز فى الموازنة، وتضخم، ونفاد للاحتياطى النقدى. وبالتزامن مع تلك الجراحة الحرجة، لم تخلُ تلك الفترة من مبادرات للإصلاح السياسى والإدارى والمدنى والاجتماعى، إلا أنه من المنتظر أن يشهد العام المقبل ذروة الإصلاح فى مختلف المجالات، لتكتمل بذلك محاور الإصلاح المؤسسى للدولة.
سياسياً، تدخل مصر عام 2020 وهى مدفوعة إلى إصلاحات واجبة بقوة الدستور وتعديلاته التى أقرها المواطنون فى استفتاء أبريل الماضى، فمع انتهاء الفصل التشريعى الحالى للبرلمان، سنكون أمام انتخابات جديدة العام المقبل لمجلس النواب، فضلاً عن انتخابات مجلس الشيوخ، ومن بعدهما المجالس المحلية، ما يضع الأحزاب والقوى السياسية فى تحد صعب، يتطلب منها العمل بقوة على الأرض لكسب المواطنين وإقناعهم بمبادئهم وبرامجهم وأفكارهم.
مكّنت الدولة الشباب والمرأة بفرض نسب دستورية لهم فى المجالس النيابية والمحلية، ومكنتهم تنفيذياً بتعيينهم فى حركة المحافظين ونوابهم مؤخراً، تشجيعاً للمواطنين على الانخراط فى الحياة السياسية، فيما بات واجباً على الأحزاب تمكين الشباب داخلها، وتمكين نفسها بين الناس.
وإدارياً، يمثل العام المقبل تحولاً كاملاً نحو الميكنة والربط الإلكترونى، ونهاية لعصر التعامل الورقى، مع انطلاق الإدارة الذكية من العاصمة الإدارية الجديدة، المقرر بدء نقل دواوين الحكومة إليها من يونيو المقبل، ما يضع نقطة النهاية فى طريق البيروقراطية، ويسد ثغرات الفساد الوظيفى، ويختزل طوابير المواطنين أمام المصالح فى كبسة زر.
تتواصل العام المقبل سلسلة الإصلاح الاجتماعى بإصدار اللائحة التنفيذية اللازمة لتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، واكتمال المرحلة الأولى من التأمين الصحى (2018- 2020) فى 5 محافظات، لتتسع المظلة فتغطى فئات ظلت لسنين طويلة منسية، بداية من عمال التراحيل والباعة الجائلين وصولاً إلى الفلاحين والمسنين، مقابل اشتراكات رمزية، على أن تتحمل الدولة غير القادرين.
وتبسط الدولة يدها إلى شركاء التنمية من نقابات مهنية وعمالية، فتعيد للأولى صفتهم باعتبارهم الاستشارى الأول للدولة، بتعديل قوانينهم التى عفا عليها الزمن وينظرها البرلمان حالياً، وتحقق للثانية الأمان الوظيفى، خصوصاً فى القطاع الخاص باعتبارهم سواعد البناء، فتجرم فى قانون العمل الجديد المنتظر خروجه إلى النور العام المقبل الفصل التعسفى، وتُلغى استمارة 6، وتفعّل المحاكم العمالية، بالتزامن مع إعادة هيكلة أكثر من 100 شركة تتبع قطاع الأعمال.
يمتد الإصلاح إلى المجتمع المدنى، بقانون الجمعيات الأهلية الجديد، المقرر تطبيقه العام المقبل أيضاً مع إصدار لائحته التنفيذية، لتطوى الدولة بذلك صفحة الصراع، وتبدأ أخرى جديدة، تسمح فيها بإنشاء وتمويل المنظمات والجمعيات الأهلية بالإخطار، وتحصنها من الحل الإدارى، كما تلغى العقوبات السالبة للحريات حال مخالفة القانون.
«الوطن» تفتح فى الصفحات التالية ملف الإصلاح الشامل لمؤسسات الدولة بالنقاش مع المعنيين به، من مسئولين وخبراء ومختصين ومستفيدين، فى مختلف المجالات، منطلقة فيه من إجراءات بدأت بالفعل على الأرض، وصولاً إلى قمة الحراك فى 2020.