"الحنفي" بكفر الشيخ تغرق في "شبر ميه" بسبب ارتفاع منسوب المياه

كتب: سمر عبد الرحمن

"الحنفي" بكفر الشيخ تغرق في "شبر ميه" بسبب ارتفاع منسوب المياه

"الحنفي" بكفر الشيخ تغرق في "شبر ميه" بسبب ارتفاع منسوب المياه

قرية هادئة لا يعرف قاطنوها سوى البحث عن "لقمة عيش" من خلال زراعة أراضيهم الزراعية، تقع شمال محافظة كفر الشيخ مجاورة للطريق الدولى الساحلى بلطيم - الإسكندرية، اعتاد سكان قرية الحنفى التابعة لمركز بلطيم فى محافظة كفر الشيخ، وتوابعها، على الذهاب لأعمالهم وزراعة أراضيهم الزراعية بالمحاصيل الموسمية "الطماطم، الخيار، البطيخ، الكنتالوب"، وفى كل عام قبل موسم الشتاء يناشدون مسؤولي المحافظة لإنشاء "مصدات" لحماية المنطقة المنخفضة من مياه الأمطار لكن دون جدوى، فالحلم الذى طال انتظاره لأكثر من 30 عاماً لم يطل قريتهم.

فى هذه الليلة لم يذق نحو 5 آلاف مواطن طعم النوم، قضوا ليلهم محاولين حماية ما تبقى من منازلهم وأراضيهم الزراعية، التى تسبب الأمطار الغزيرة والسيول، فى ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط بالمنطقة، وغرق الزراعات الخاصة بالمواطنين بالقرية والقرى المجاورة ومحاصرة المنازل والمدارس، ورغم إمكانياتهم المحدودة إلا أن تواجد رئيس القرية خفف من معاناتهم قليلاً.

"اتعودنا على هذا المنظر السيئ، ناشدنا المسؤولين كثيراً لسرعة إنشاء مصدات تقينا من غدر البحر، لكن من غير فايدة"، بهذه العبارات تحدث السيد عدنان، أحد أبناء القرية باكياً، على ما طالها من خراب وتدمير للزراعات بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، الذى هجم على قريتهم والعزب المجاورة بشرسة، مؤكداً أنهم قبل حدوث النوة، وقبل موسم كل شتاء، يذهبون للمسؤولين وينشادونهم، لإنشاء مصدات تحمى زراعاتهم ومنازلهم من المياه، لكن مع كل عام تتجدد الوعود دون فائدة، مشيراً إلى أنهم يقومون بزراعة الزراعات الموسمية لأن المنطقة الواقعة على الطريق الدولى بطوله لا تصلح فيها سوى تلك الزراعات، موضحاً أن المسؤولين قاموا بإنشاء عدد من المصدات أمام محطة البرلس التى تقع على بعد كيلو مترات بسيطة من قراهم، وذلك لحمايتها، ولكن تناسوا أن هذه المناطق من الممكن أن تقضى على الأخضر واليابس.

مواطنون: الأمطار تحاصر المنازل وأطفالنا لم تذهب للمدرسة.. والأهالي: الأرض غرقت والزرع مات

ليلى على، فتاة لم يتجاوز عمرها الـ30 عاماً، تزوجت فى قرية الحنفى، فى منزل بسيط، تكافح مع زوجها لأجل تربية أولادها الـ3، تقوم بمساعدة زوجها فى زراعة نحو 3 أفدنة، لكن بين ليلة وضحاها تحولت أرضها الزراعية الى بركة كبيرة من المياه، التهمت محصولى الطماطم والخيار، ولم يتبقَ منهما شيئاً، "لا نعرف سوى العمل فى أرضنا الزراعية، فهى مصدر رزقنا الوحيد، تربينا ونشانا على كيفية رعاية المحاصيل، تزوجت وأقوم برعاية أرضى إلى جوار زوجى، ومع نوة الشتاء الحالية أصبحت الأرض بلا محصول، المياه قطعت الجسر الفاصل بيينا وبين الطريق، ووصلت للزراعات والمنازل، ما أدى لتلف الزراعات بالكامل، وذلك لعدم وجود سواتر رملية تعوق وصول المياه للأرض.

محمد عبد الناصر، أحد أهالى القرية، أكد أن المنطقة تتعرض للغرق التام بالمياه المالحة بعد حدوث نوات متواصلة وخروج المياه للشاطئ والأراضى المجاورة التى يعيش عليها الأهالى، مما يزيد من خطورة الأمر على الزراعات أن هذه النوات تحدث أثناء "السدة الشتوية" والنقص الحاد فى المياه العذبة، موضحاً أنهم قبل كل موسم يناشدون المسؤولين بإنشاء مصدات لحماية الشواطئ بطول قرى بر بحرى بالكامل، "قولنا يا ناس اعملولنا مصدات تحمينا من غدر البحر، محدش سمع كلامنا، راحوا عملوا عند محطة الكهرباء وسابونا، إحنا على اتم إستعداد للمشاركة"، أوضح صلاح أبو حامد، أحد المتضررين، أن المتسبب فى هذه المشكلة الداميه لنا، التى تتكرر كل عام خلال فصل الشتاء، هو قرنا على مقربة من الساحل الشمالى، حيث يمتد شاطئ البحر المتوسط بمسافه 118 كيلو مترا داخل المحافظة بداية من مركز مطوبس بجوار رشيد حتى بدايه شاطئ جمصة بمحافظة الدقهلية، وأن سرقة الرمال سابقاً هى التى تسببت فى وقوع الكوارث، حيث كانت تقوم بحماية الشواطئ، مما يقلل تعرض المنطقة للخطر والغرق، ونطالب اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، بزيارتنا ومشاهدة المأساة على الطبيعة، ورؤيته كيف غرقت أراضينا ومنازلنا ومحاصيلنا الزراعيه المختلفة".

وتابع عبد العزيز كردى، أحد المتضررين، أنهم يقترضون أموالاً، لمساعدتهم على زراعة أراضيهم، لكن المياه أغرقت الزراعات وحاصرت المنازل، الأطفال لم يجدوا طرقاً للذهاب لمدرستهم، والموظفون انشغلوا بمحاولة إنقاذ أراضيهم، فضلاً عن محاولة حماية الأطفال من البرد، الكل يتعاون من أجل إنقاذ ما تبقى، وموسم الشتاء يعنى لنا معاناة تتكرر منذ 30 عاماً، ولا أحد يستجيب.

أحد المتضررين: طالبنا بإنشاء مصدات لحمايتنا لكن دون جدوى.. ورئيس المدينة: شكلنا لجنة لحصر الأضرار

وقال هانى يوسف، رئيس مركز ومدينة بلطيم، إنه شكل لجنة من الإدارة الزراعية والوحدة المحلية، لمعاينة الوضع، بعد انتشار صور تفيد بوجود غرق لبعض الزراعات، مشيراً إلى أن المنطقة تعد من المناطق المنخفضة لكن الوضع ليس كما يصوره بعض الأهالى، فنحن متواجدون وسنقوم بحصر الأماكن التى تعرضت للضرر والتلف وإعداد تقرير مفصل وعرضه على محافظ الإقليم.

وفي وقت سابق وعلى مدار سنوات أعلن المحافظون، أنه تم الانتهاء من إقامة مصدات لحماية المنطقة المنخفضة من غرب ميناء البرلس إلى شرق الرؤوس الحجرية بشرق مدينة رشيد بمحافظة البحيرة بتكلفة 250 مليون جنيه، بهدف حماية المنطقة من هجمات البحر المتتالية، ما يهدد التجمعات السكنية والأراضى الزراعية، وحماية مشروعات التنمية وزيادة التوسع السكنى والزراعى، وحماية الصيادين والثروة السمكية من الغرق المتوقع بمنطقة الدلتا، مؤكدين أن المشروع يتكون من ثلاث مراحل، الأولى هى إنشاء "جسور رملية"، والثانية إنشاء "مصدات الرمال"، تستخدم لتجميع الرمال وتثبيت المنطقة الشاطئية وتقلل فقدان الرمال بواسطة الرياح أثناء العواصف، أما المرحلة الثالثة فهى عبارة عن جسر من ناتج تكريك بحيرة البرلس تعلوه طبقة رملية من ناتج الحفر بمنطقة المشروع يتم حمايتها بعمل أحواض من حصائر الغاب.


مواضيع متعلقة