"فتحات الجيران" تشوّه قصر الشناوي بالدقهلية.. وأحد مالكيه: كنت بنيته عمارة

كتب: صالح رمضان

"فتحات الجيران" تشوّه قصر الشناوي بالدقهلية.. وأحد مالكيه: كنت بنيته عمارة

"فتحات الجيران" تشوّه قصر الشناوي بالدقهلية.. وأحد مالكيه: كنت بنيته عمارة

"ندمت أشد الندم إني بعت قصر والدي لوزارة الآثار، حالته تتدهور".. بنبرات غضب وحزن تحدثت السيدة ثريا الشناوي الابنة الصغرى لمحمد بك الشناوي، عن قصر والدها، قائلة: "بقا قصر الأمة يتعمل فيه كدة، حتى المسؤولين كل كلامهم حبر على ورق".

وكانت "الوطن"، كشفت الأسبوع الماضي، عن استغلال أحد الجزارين لحديقة قصر الشناوي والذي علق اللحوم على البوابة الرئيسية له، ليتدخل الدكتور خالد العناني وزير الآثار ويوجه بإحالة الواقعة إلى النيابة الإدارية للتحقيق.

 

السيدة ثريا أضافت لـ"الوطن": "لا أعرف سبب إهمال المسؤولين لقصر والدي، كانت الناس بتتمشى في الشارع عشان تتفرج عليه، الآن أصبح (خرابة)، ولو أعرف أنَّ حالته ستصل لهذه الدرجة كنت رفضت بيعه وكنت بنيته عمارة أفضل".

كان القصر محل إقامة لوزراء ومشاهير مصر في عهد "الشناوي" حسب الابنة الصغرى، فالقصر كان يوجد به جناحًا لإقامة النحاس باشا، وكانت به حجرة لمحمد عبدالوهاب، وغنت به أم كلثوم "القصر من أفضل القصور التي شيدت على الطراز

السيدة ثريا روت لـ"الوطن" تفاصيل الواقعة موضحة: "لا أعرف سبب إهمال المسؤولين لقصر والدي، كانت الناس بتتمشى في الشارع عشان تتفرج عليه، الآن أصبح (خرابة)، ولو أعرف أنَّ حالته ستصل لهذه الدرجة كنت رفضت بيعه وكنت بنيته عمارة أفضل".

كان القصر محل إقامة لوزراء ومشاهير مصر في عهد "الشناوي" حسب الابنة الصغرى، فالقصر كان يوجد به جناحًا لإقامة النحاس باشا، وحجرة مخصصة لمحمد عبدالوهاب، كما غنت به أم كلثوم "القصر من أفضل القصور التي شُيدت على الطراز المعماري الإيطالي خارج إيطاليا، وذلك بشهادة حصل عليها والدي من الرئيس الإيطالي موسيليني".

السيدة ثريا وصف القصر بتحفة معمارية على مساحة 4 آلاف و125 مترًا، بالبدروم يوجد المطبخ متابعة "كنا أول من استخدم الأسانسير، فكنا نضع به الطعام ليصعد إلى باقي طوابق القصر، وكنا نحافظ على كل جزء فيه، لكن وزارة الآثار حولته الآن إلى مكاتب إدارية للموظفين"، حتى أن باركيه الأرضيات أصبح في حالة يرثى لها، والأشجار النادرة من المانجو والبرتقال كلها بذور إيطالية، أصبحت لا تثمر، وكأنها حزينة على حال القصر".

"أنا وابنة أخي، آخر سلالة محمد بك الشناوي، وكان نفسي قبل ما أموت أرى القصر يرجع كما كان، خاصة أنَّ وزير الآثار وعد بترميمه لكن ذلك لم يحدث".

جولة في قصر الشناوي الأثري.. سلم خشبي مرتفع "دون أي مسمار"

تجولت "الوطن" داخل القصر الذي جرى تسجيله كأثر في عام 2005، وبدأت وزارة الآثار ترميمه من 2011، ولم تنته منه حتى الآن، أسوار مهدمة، وحواجز  من الخشب تفصل القصر عن شارع الجمهورية الرئيسي بالمنصورة، وعلى "كنبة أنتريه" قديمة يجلس عاملين لحراسة القصر.

لم يتبق من أشجار حديقة قصر الشناوي سوى أشجار المانجو، ومع دخولك القصر تجد سلالم مرتفعة، وزخارف دقيقة، وفي أول حجراته تجد مكتبًا صغيرًا بجواره عددًا من المقاعد الحديثة، وعلى الحائط المقابل لها، صورة أبيض وأسود يظهر بها محمد بك الشناوي، وبجواره النحاس باشا، وعدد من الوزراء والأعيان.

مرممو قصر الشناوي: مهمتنا ليست تجميلية.. والأزمة في تمويل وزارة الآثار لخطة الترميم

يتحاكى الجميع عن سلم القصر المصنوع من الخشب، فرغم ارتفاعه ودرجاته الكبيرة، إلا أنه بالكامل لا يوجد به مسمار واحد، وفي الدور الثاني، مجموعة من الشباب مختصين بالترميم الدقيق بالقصر، يحاولون إعادة بعض التفاصيل الدقيقة إلى ما كانت عليه، خاصة في الجدران والأبواب والنوافذ، وفق ما قالته أمال القصاص مديرة قصر الشناوي ومدير عام آثار الدقهلية.

وعن مهمتهم تحدث المرممون: "مهمتنا هنا محددة، فليس دورنا الترميم عامة، ولكن دورنا ترميم دقيق، عملنا يبدأ بمرحلة التوثيق الفوتوغرافي والرسم المعماري، ووضعنا خطة علاج متجانسة مع الحالة القديمة للأثر، فبدأنا بورق الحائط الذي تأثرت بعض أجزائه، ثم بأخشاب النوافذ والأبواب، إلا أنَّ الشيش الأثري غير موجود بالسوق، ومع ذلك استكملنا الأجزاء المتهالكة، وعندما أثرت مياه الأمطار على السقف عالجنا واستكملنا الألوان، لكن بعض مراحل الترميم الدقيق نحتاج لاعتمادات مالية ما تسبب في توقفنا".

"لا نضع أيدينا في أي أثر إلا عبر  خطة عمل نناقشها مع مديرينا، فهدفنا ليس تجميلي، وإنما إرجاع الأثر إلى ما كان عليه، كل حاجة بنحاول نرجعها لأصلها باستخدام مواد استرجاعية، فإكسسوارات الأبواب والنوافذ كلها نحاس" حسب المرممين.

هناك بعض الأعمال لا يمكن للمرميين القيام بها، مثل علاج "الباركيه" خاصة أنَّه يحتاج  لاعتمادات مالية من وزارة الآثار بحيث لا يخل بأثرية المكان، كذلك الأعمال الكهربائية والإنشائية تحتاج إلى شركة متخصصة، فضلًا عن توثيقهم للأعمال بأكثر من طريقة، إضافة إلى رسم معماري للأثر.

الدكتور محمد طمان مدير عام مناطق الوجه البحري وسيناء للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، طالب الجهات التنفيذية في محافظة الدقهلية وحي غرب المنصورة بالتعاون لإغلاق "فتحات الجيران" على حديقة القصر، مؤكّدًا أنَّها غير قانونية، إضافة إلى أنَّ البعض يلقي بالقمامة داخل القصر الأثري، "أخذنا كل إجراءاتنا القانونية، من عمل محاضر وخاطبنا المحافظة ومديرية الأمن لإغلاق الفتحات وأجرينا مكاتبات للحي. دون جدوى"

"طمان" أضاف لـ"الوطن" أنَّ مديرية أمن الدقهلية خصصت حراسة للقصر لكنها توقفت منذ عام ونصف، داعيًا إدارة الخدمات بمديرية الأمن لإعادة الحراسة مرة أخرى، خاصة في فترة الليل "القصر يحكي فترة مهمة من تاريخ الدقهلية، وفي بداية القرن العشرين كان يسمى (بيت الأمه)".


مواضيع متعلقة