الفصول الذكية.. اختراع "التعليم" لمواجهة زيادة الكثافة

كتب: محمود عبدالرحمن

الفصول الذكية.. اختراع "التعليم" لمواجهة زيادة الكثافة

الفصول الذكية.. اختراع "التعليم" لمواجهة زيادة الكثافة

ماذا لو وصل الطفل للسن القانونية للالتحاق بالمدرسة ولم يجد مكاناً فى فصل بالمدارس الحكومية المجاورة لمحل سكنه، بحجة اكتمال الكثافة الطلابية، وليس فى إمكان ولى أمره إلحاقه بمدرسة خاصة.. البديل هو أن ينتظر الطفل فى منزله بلا تعليم، حتى بعد رحلة «الكعب الداير» لوالده لطرق أبواب المسئولين من أجل إيجاد مكان له، فالإجابة واحدة والحجة جاهزة لدى مديرى مكاتب المسئولين وهى «أخدنا بترتيب السن وابنك ملحقش».

رحلة عذاب سنوية، يمر بها عشرات الآلاف من الأطفال الذين ينتهى بهم الحال للبقاء للعام التالى وضياع سنة من أعمارهم، إلا أن ثمة أملاً جديداً لاح فى الأفق، بالإقدام على إنشاء ما يسمى بالفصول الذكية الجديدة التى أُسست على طراز جديد «فك وتركيب» وبها كافة الإمكانات التكنولوجية الحديثة التى ربما لا توجد فى الفصول الحكومية العادية، سيتم وضعها فى فناء المدرسة التى تعانى من زيادة الكثافة، وكلما زاد عدد الطلاب الذين يبحثون عن مكان تضاعفت الفصول، كخطوة مهمة ورئيسية فى القضاء على الكثافة الطلابية، وهى الفصول التى وصفها وزير التعليم بأنها تشبه فنادق خمس نجوم.

وزير التعليم: فنادق خمس نجوم.. وأولياء الأمور هيجيبوا وسايط عشان عيالهم يدخلوها

«فنادق خمس نجوم»، هكذا جاء وصف الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، الفصول الذكية، التى قال إنها جاءت كأحد الحلول المبتكرة «خارج الصندوق» لحل أزمة الكثافة الطلابية بالمدارس، ومن ثم تسببت فى رفع سن القبول بالمدارس وضياع سنة من عمر الأطفال المستحقين لبدء العملية الدراسية، وتعويضاً لاحتياج الوزارة إلى بناء ما يزيد على 260 ألف فصل دراسى جديد لاستيعاب جميع الطلاب.

«بسم الله الرحمن الرحيم، بالتوفيق إن شاء الله»، أول عبارة دونها الرئيس عبدالفتاح السيسى، على السبورة الموجودة بمعرض الفصول التعليمية الذكية ضمن مشاركته فى مؤتمر الاستثمار فى أفريقيا، والتى جاءت كإشارة بدء لتشغيل هذا الجيل الجديد من الفصول الذى يتماشى مع السياسة الجديدة التى انتهجتها الدولة المصرية فى التعليم، وتحويله من شكله القديم الذى يقوم على أسس لم تعد ملائمة للملامح الجديدة لمصر الحديثة، إلى آخر جديد يعتمد على آليات تقوم على التكنولوجيا الحديثة، وتذليل العقبات أمام تلك الخطوة، سواء من خلال توفير أجهزة التابلت، أو تجهيز الفصول الدراسية وتدريب المعلمين على نظام التعليم الجديد، والأهم من ذلك توفير المادة العلمية والتربوية بجانب مواد أخرى إضافية على أجهزة التابلت الخاص بالطلاب، وربطهم مباشرة ببنك المعرفة للاطلاع على كل ما هو جديد، وأخيراً بناء نظام امتحانات جديد يقيس مستوى الطلاب الحقيقى القائم على الفهم وليس الحفظ والتلقين كما كان يحدث فى الماضى.

"شوقى" تحتوى على شاشات تفاعلية وتعزز الواقع الافتراضى.. والأولوية للمناطق التى تعانى من كثافات طلابية مرتفعة.. وإتاحة المشاركة المجتمعية بشراء الفصول وكتابة اسم المتبرع عليها

وقال الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، إن الفصول الذكية التى سيتم بدء تشغيلها من سبتمبر القادم، تم تصميمها بشكل فعال ومتعدد الاستخدامات وليس للتعليم فقط، حيث تصلح أن تكون عيادة خارجية فى مستشفى عام أو قاعة محاضرات لطلاب الجامعة أو إحدى غرف المراكز البحثية، وكذلك يمكن استخدامها كمراكز ثقافية أو سينما، نظراً لمواكبتها للمواصفات العالمية فى السلامة والصحة المهنية، بالإضافة إلى إمكانية وضعها فى أى فناء وتشغيلها خلال 48 ساعة فقط بواسطة أربعة عمال، بعدها يمكن الاعتماد عليها بشكل فعال فى كافة التخصصات ودون احتياجها لأى تجهيزات أخرى، حيث إنها تشبه «لعبة المكعبات» التى يتم تركيبها بسهولة ويسر، وأيضاً من الممكن حلها ونقلها فى دقائق معدودة.

الفصول تحتوى على شاشات تفاعلية وتعزز الواقع الافتراضى، الأمر الذى يجعل طلاب الفصول الثابتة المعتادة سوف يسعون للالتحاق بها وقضاء عامهم الدراسى بداخلها، «والله أهاليهم هيجروا يجيبوا وسايط عشان عيالهم يتنقلوا للدراسة فيها» يضيف وزير التربية والتعليم أن تلك الفصول عبارة عن فراغات ذكية تم تصميمها بخبرات هندسية عالمية، مؤكداً أنها ليست عبارة عن كونتينر كما أُشيع عنها، حيث قامت الوزارة بتوقيع بروتوكول خاص مع شركة ND العالمية المتخصصة فى تكنولوجيا التعليم، على أن يكون للوزارة نصيب مالى من فتح أى أسواق جديدة خارجية، لأن هذا النموذج من الفصول الذكية سوف يجد رواجاً كبيراً فى غالبية الدول التى سوف تطلب من الشركة تصنيعه لها.

وأعلن وزير التربية والتعليم عن أنه جارٍ تحديد المواقع الأولى فى المحافظات والمناطق النائية التى تستحق البدء فها بأولى دفعات الفصول الذكية التى سوف يتم تشغيلها ابتداء من سبتمبر المقبل، وسوف تكون الأولوية للمناطق التى تعانى من كثافات طلابية مرتفعة، مشيراً إلى أن هذه الفصول تعد أحد الحلول التكنولوجية والهندسية المبتكرة للتخفيف من مشكلات الكثافة بالفصول وتحسين بيئة التعلم للمعلمين والطلاب.

الفصول الذكية تفتح الباب على مصراعيه أمام المشاركة المجتمعية، حيث أشار «شوقى» إلى أنه يحق لأى جهة مجتمعية أو أشخاص قادرين مادياً شراء فصل ذكى أو أكثر على أن يتم كتابة اسم المتبرع على الفصل، كنوع من التشجيع على تلك الخطوة، وإبراز التضافر المجتمعى مع الحكومى فى وضع حلول للكثافة الطلابية، لأن هذه الأزمة تخص كل بيت مصرى، الأمر الذى يتطلب من الجميع التكاتف والتضامن بغرض إنهائها وتوفير فرص تعليم حقيقية لأبنائنا الطلاب الذين لهم الحق الكامل فى الحصول على يوم دراسى كامل دون معوقات لا مهنية ولا فى البنية الأساسية.


مواضيع متعلقة