"رمال مباركة" في الإسكندرية.. قصة دفن العجايبي بـ"أبو مينا"

"رمال مباركة" في الإسكندرية.. قصة دفن العجايبي بـ"أبو مينا"
- مار مينا
- البابا كيرلس
- استشهاد مار مينا
- مدينة أبو مينا
- مار مينا
- البابا كيرلس
- استشهاد مار مينا
- مدينة أبو مينا
"العجائبي" أو "العجايبي" كما يعرف بين الأوساط القبطية، الذي يعد أحد أشهر الشهداء المصريين، نظرا للعجائب الكثيرة التي ارتبطت باسمه، التي ظهرت بمجرد دفنه في مريوط بالمدينة التي عرفت فيما بعد بـ"مدينة أبو مينا"، وتحولت من صحراء لواحدة من المناطق التي يحج إليها المسيحيون خاصة في عيده الذي نحتفل به اليوم الذي يوافق 15 هاتور من الأشهر القبطية.
المدينة التي اشتهرت في الأوساط القبطية تحولت إلى مدينة عالمية في تسجيل منطقة أبو مينا كموقع أثري، طبقًا للقرار رقم 698 في عام 1956م، وفي عام 1979م تم تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي ليونسكو.
الشهيد مار مينا
وُلد مينا عام 285 م. ببلدة نقيوس بمركز منوف في محافظة المنوفية، كان والده أودكسيوس حاكمًا للمدينة، ونال أودكسيوس شهرة بسبب فضائله وتقواه، ما جعل أخوه أناطوليوس يحسده ويوشي به لدى الملك كارينوس، لكن الملك أراد أن يكسب الاثنين، فأرسل قائده ومعه أمر تعيين أودكسيوس حاكمًا على مدينة أفريقيا القديمة "الجزائر" عوضًا عن حاكمها الذي كان قد مات، وطلب من القائد أن يرافقه ويطمئن عليه وعلى أسرته، ويُسهل له الطريق في مقره الجديد.
ورغم ميلاده في الجزائر اهتم والده بتهذيبه بالتعاليم الكنيسة وتعليمه الأمور الروحية، ومات والده وهو في الحادية عشر من عمره، ثم والدته وهو في الرابعة عشر، وبعد سنة من نياحة والدته عُيّن وهو في الخامسة عشر من عمره ضابطًا في الجيش في فرقة أفريقيا القديمة (الجزائر)، ونال مركزًا مرموقًا لمكانة والده، بحسب موقع تراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. .
وبعد 3 سنوات وزع أمواله على الفقراء وتوجه إلى البرية ليتعبد فيها، وبعدها صدر منشور من قِبل الامبراطورين دقلديانوس ومكسيميانوس، يأمران فيه بالسجود للأوثان وتقديم قرابين لها، وأطلق على عصرهما لاحقا بعصر الاستشهاد المسيحي، عاد مينا إلى المدينة، وكان الوقت يواكب احتفال ديني فلما وجد طقوس عبادة الأوثان صرخ في الجموع وهنا بدأت رحتله من ترهيب وترغيب وتعذيب للسجود للأوثان، حتى نال الاستشهاد في 15 هاتور لسنة 309 ميلاديا.
قصة رفات مار مينا واختيار مدينة أبو مينا للدفن في رمالها
بعد استشهاد القديس مار مينا المصري العجايبي يوم 15 هاتور سنة 309 م، اصطحب القائد التقي "أثناسيوس" جسده لمريوط وبعدما وصلوا إلى الإسكندرية، ومنها إلى بحيرة ماريا (بحيرة مريوط لاحقًا)، اتجهوا غربًا وهناك حاربوا البربر وهزموهم.
وفي طريقهم للعودة رفضت الجِمال التي تحمل الجسد القيام، فأدرك القائد أنّ إرادة الله أن تبقى رفات القديس في هذا المكان، فأخذ لوحًا خشبيًا ورسم عليه صورة القديس والوحوش المُشابهة للجمال التي هاجمتهم في البحر، ووضع لوحًا منهم على رفات القديس، ورسم صورة أخرى مماثلة وأخذها، وبنى قبرًا صغيرًا، ووضع به الجسد بإكرام، ثم عاد إلى بلده. بحسب موقع تراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
بعد عودة "أثناسيوس" القائد، ظل قبر القديس مجهولًا زمانًا، إلى أن ظهر مرة أخرى بحدوث معجزات في مكان القبر، وعلى إثر ذلك بُنِيَت عدة كنائس في المنطقة، وأقيمت مدينة أُطلق عليها اسم "مدينة الشهيد"، وكانت المعجزة الأولى هي "شفاء طفل كسيح" من 320 إلى 325 م. وبعدها اكتشف راعي أغنام مكان الجسد حين شُفِيَ خروف أجرب عندما نزل إلى بِركة ماء بجانب موضع الجسد، ثم شُفِيَت ابنة ملك القسطنطينية من مرض الجذام بعدما ذاع خبر المكان، ثم أمرت جنودها بحفر المكان وعثرت على الجسد، فبنى والدها مزارًا كبيرًا فوق القبر وأصبح "كنيسة صغيرة" لمار مينا، والذي عرف بالعجائبي نظرا بالمعجزات المرتبطة باسمه.
وفي عام 363 إلى 373 م بنيت كنيسة في ذلك الموضع ووضع فيها رفات القديس، ثم في الفترة من 395-477 م بُنيت كنيسة كبيرة إلى جوار الكنيسة الأصلية، وظلت رفات القديس هناك حتى عصر المُعزّ (1320-1330 م) مع تزايد غارات البربر على مدينة الإسكندرية وأعمالها فنُقل الجسد إلى كنيسة مارمينا بفم الخليج بظاهر مصر.
ومن القرن الرابع عشر حتى القرن العشرين ظل هناك إلى أن جاء البابا كيرلس السادس، (حبيب مار مينا)، والذي كان يتشفع به نُقل جزء من رفاته إلى موضعه الأصلي، دير مارمينا بمريوط، وجزء آخر إلى كنيسة مارمينا بمصر القديمة في 15 فبراير 1962م.
مدينة أبو مينا
تقع منطقة أبو مينا الأثرية عند الحافة الشمالية للصحراء الغربية، على بعد 12 كيلومترا من مدينة برج العرب، وترجع إلى القرنين الرابع والخامس الميلادي. كرست تلك المنطقة باسم القديس مينا.
كانت منطقة أبومينا في الماضي قرية صغيرة اكتسبت شهرتها من وجود مدفن القديس مينا، وفي أواخر القرن الخامس والنصف الأول من القرن السادس الميلادي أصبحت من أهم مراكز الحج المسيحية في مصر، حسب الموقع الرسمي لوزارة الآثار المصرية.
وتضم منطقة أبو مينا الأثرية منشآت عديدة ذات أغراض دينية متنوعة بينها مركز الحج؛ وهو المبنى الرئيسي ويقع في الجزء الجنوبي من المنطقة السكنية القديمة، ويتكون من منطقة يتوسطها فناء متسع على شكل ميدان محاط بصفوف من الأعمدة كان يتجمع فيه الحجاج الوافدون على المكان المقدس.
وفي الجزء الشمالي من الفناء يوجد فندقان يتكونان من فناء داخلي حوله حجرات النزلاء، وفي أقصى الشمال يوجد حمامان مزودان بالمياه الساخنة اللازمة للحجاج بعد سفرهم الطويل، ويفتح الفناء القبلي على كنيسة المدفن والبازيليكا الكبيرة.
سُجّلت منطقة أبومينا كموقع أثري طبقًا للقرار رقم 698 في عام 1956م، وفي عام 1979م تم تسجيل الموقع على قائمة التراث العالمي ليونسكو.