بعد سنوات من الإهمال.. المتحف المصري بالتحرير يعود للحياة

بعد سنوات من الإهمال.. المتحف المصري بالتحرير يعود للحياة
- متحف التحرير
- المتحف المصرى
- وزيرالاثار
- ترميم
- خالد العنانى
- متحف التحرير
- المتحف المصرى
- وزيرالاثار
- ترميم
- خالد العنانى
مشروع ترميم طموح تبنته وزارة الآثار وشركة "نوعية البيئة الدولية" لهذا الصرح الضخم القائم منذ 117 عاما بميدان التحرير، والذى عانى طوال سنوات من الإهمال حتى طالت حوائطه الشقوق وذهبت نقوشها، وتكدست آثاره بعصها فوق بعض، بعدما امتلأت مخازنه بالقطع الفريدة والنادرة، وفقدت الأرضيات ملامحها بعدما وضع الزمان بصمته عليها في صورة طبقات متتالية متعددة الخامات ملتصقة بعضها بالبعض، وملأ الصدأ وحدتها النحاسية، واتخذت الأتربة من أخشابه ونوافذه مستقرا لها، وكما قام المصريون القدماء ببناء حضارة عريقة تثير الدهشة في نفوس من يطلع عليها، اهتموا أيضا بالحفاظ عليها، فسيظل التاريخ ينظر بعين التقدير إلى المرمم العبقرى خعمواس ابن الملك رمسيس الثانى، والذى أولى عناية واهتماما فائقا بالعمائر القديمة وترك نقوشا توثق أعماله، ومن هذا المنطلق، وللسير على نهج أجدادنا المصريين القدماء ينبع مشروع إحياء وإعادة تأهيل المتحف المصرى والذى يعود تاريخة إلى عشرات السنين.
أشار الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، إلى أن المتحف المصرى بالتحرير يحتفل اليوم بالذكرى 117 لتأسيس المتحف المصري الذى تم افتتاحة رسميا 15 نوفمبر 1902، مشيرا إلى أن وزارة الآثار كعادتها فى السنوات الأخيرة تنظم احتفال كبير ودعوة للوزراء والسفراء والمحافظين الحاليين والسابقين الصحفيين رجال الفن وسفراء عدد كبير جدا. وأكد وزير الآثار أن الاحتفال هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة لأننا انتهينا من اعلب اعمال الطابق الارضي. ووعد العناني بأبهار الزور بما سيبدو عليه المتحف خلال الافتتاح.
وصرح وزير الآثار أن مشروع الترميم مستمر، وأنه سيتم ترميم المتحف بالكامل لإبهار محبية وزواره، مضيفا أنه يجرى حاليا مشروع تطوير مع الاتحاد الأوروبى بالشراكة مع 5 متاحف أوربية تورين واللوفر فى فرنسا برلين فى المانيا ليدن فى هولندا المتحف البريطانى فى لندن.
حكمدارية القاهرة استقطعت الأرض الغربية من المتحف إلى الحزب الاشتراكى وورثها الحزب الوطني
وقال المهندس رامز عزمي الاستشاري التنفيذي للمشروع على مدار عشرات السنوات ظل المتحف المصري بالتحرير من أهم متاحف الآثار الفتوحة على مستوى العالم، فبالرغم من تغير البيئة المحيطة به حيث بيع الأراضي المجاورة له وتغيير إطلالته على نهر النيل التي حرص عليها القائمين على تصميم بناء المتحف تصديقاً على أهمية نهر النيل باعتباره شريان الحياة حيث كان يستقبل الآثار الواردة إليه من النيل.
كما كان يستقبل الزوار القادمين للمتحف عن طريقه وظل المتحف يرى نهر النيل حتى عام 1954 وذلك عندما اتخذت حكمدارية القاهرة قرارا سياسيا ينافى مصلحة المتحف المصرى وصيانة مقتنياته الفردية، باستقطاع الأرض الغربية من المتحف، خلف قبر ماريت وبيعها دون وجه حق إلى الحزب الاشتراكى، وظلت أرض المتحف تنتقل من حزب إلى آخر حتى انتهت إلى بناء مبنى يحجب الرؤية عن المتحف، وكانت تشغلة عدة هيئات ومجالس، إضافة إلى الحزب الوطنى المنحل والذى استحوذ كذلك على المبنى الأصلى القديم والمجاور للمبنى المرتفع، بالرغم من أن ملكية المتحف المصرى لكامل الأرض الغربية ثابتة، فإن وزارة الدولة لشؤون الآثار لديها خطة للتعامل مع الوضع الحالي لإعادة المتحف المصري إلى بيئته الأصلية المحيطة به، كما كان الوضع عند نشأته من خلال ربط المتحف بنهر النيل مرة أخرى وهى العلاقة التى أرساها أصحاب فكرة بناء المتحف نظراً لأن النيل هو شريان الحياة فى مصر قديماً وحديثاً، وعلى ضفتيه قامت الحضارة الفرعونية، إقامة حديقة فرعونية تحتوى على الأشجار والنباتات المصرية القديمة وعلى الطراز الفرعوني الأصيل وتضم جنبا إلى جنب القطع الأثرية الموجودة من عصور الثورات وإنشاء قاعة متعددة الأغراض متواصلة مع الحديقة يقام بها المعارض الخاصة بصفة دورية تزيد من قيمة المتحف وقدرته على جذب أنواع جديدة من السياحة رفيعة المستوى والمرتبطة بهذه النوعية من الاهتمامات الثقافية.
وتابع عزمي: تضم خطة الترميم التي بدأت في 2012 إعادة إحياء مجد المتحف المصرى بتقاليده واستعادة وضعه ضمن قائمة المتاحف العريقة في العالم وذلك بمحو معالم الاعتداء الذى تم على المتحف على مدار أكثر من نصف قرن، وأخيرا البدء فى التعامل الأمثل مع البيئة المحيطة للمتحف سواء باتجاه النيل أو اتجاه ميدان التحرير، وذلك لاستعادة التناغم بين المتحف والبيئة المحيطة به هذا الأمر الذى تم تجاهله لمدة طويلة وأصبح من الضرورى التعامل معه فورا، وبهذه الخطة ترسل مصر رسالة لدول العالم أجمع مفادها أن مصر تعتز بتاريخها وتحافظ على تراثها الحضارى وتضعه على رأس أولويات الدولة الحديثة.
وعن الحالة الداخلية للمتحف، اكد عزمي ان المتحف كثيراً على مدار السنوات الأخيرة من حاله شديدة من الأهمال والذي أصبح بدوره في طريقه إلى تشويه الصورة الحضارية لمصر وآثارها فأصاب الأهمال جميع أجزاء المتحف من جدران وأرضيات وأسقف ونوافذ وبوابات وإنارة وحمامات ومعامل ترميم ومكاتب.
وقال الاستشاري التنفيذي للمشروع ان المتحف عانى من مشكلات كثيرة فنجد ان السقف تاثر من المظلات الخرسانية المضافة الى عمارة السقف وتمثل أحمالا زائدة على السقف ، كما تم إضافة أحمال مهوله على السقف من مواد عازلة ورمال وبلاط وعلى الرغم من ذلك لم تمنع أعمال عزل السقف من سقوط الأمطار الغزيرة إلى داخل قاعات المتحف وتعريض معروضات المتحف للخطر، أما بالنسبة لجدران المتحف الداخلية فيتلخص وضع الجدران الداخلية فى تراكم الأتربة ووجود مساحات كبيرة فى أجزائها السفلى خاصة بالطابق الأرضى مقشرة ومهشمة أما الحديث عن الألوان الأصلية للمتحف والتى طليت بها جدرانه الداخلية وقت إنشائه وافتتاحه، فلم تكن معروفة إطلاقا حتى عام 2011 عندما قام المهندس الدكتور أيمن حامد بعمل محاولات ناجحة للكشف عن هذه الألوان واتضح أن المتحف كان مطلياً بأكثر من لون، أما النوافذ الجدارية فعددها قليل وتوجد فقط فى الطابق الأرضى ومشكلتها تتمثل فى الإهمال الذى طالها فلم تعد تقوم بوظيفتها على الوجه الأكمل حيث لم تعد تغلق وتفتح بشكل سهل ويسير وكذلك الزجاج المزود بها من الأنواع الرديئة والذى لا يمنع دخول الأتربة والضوضاء إلى داخل المتحف وتعلوه الأتربة، وفي ما يخص أبواب المتحف فهى جزء أصيل من عمارة المتحف وعددها خمسة أبواب وقد نالتها جميعا يد الإهمال وما ينطبق على شبابيك الجدران ينطبق كذلك على الأبواب.
أبواب المتحف وشبابيك الجدران نالتها جميعا يد الإهمال
وعن أرضيات المتحف، قال المهندس عماد فريد استشاري المشروع فى الطابق الأول والمزود ببلاطات رخامية لم يكن لها برنامج صيانه بشكل دورى وكثير منها مكسور ويحتاج إلى تبديل وبعضها الذي تم استبداله بالفعل، فقد تم استبداله ببلاطات أخرى مخالفة للأصلية ويظهر ذلك واضحا من لون البلاطات، أما الطابق العلوى فلقد اختفت أرضيته الأصلية أسفل طبقات من أرضيات بلاستيكية اصطناعية قبيحة الشكل لا تتناسب مع وضع المتحف وما يحتويه من كنوز أثرية لا تقدر بمال، أما بالنسبة للحمامات فهي لا تغطي عدد الزائرين للمتحف كما لا يوجد حمام لذوي الاحتياجات الخاصة كما أن نظام الصرف العتيق به الكثير من المشاكل، وفيما يخص معمل الترميم، فنظرا لضيق المساحة المتوفرة له بالجزء الشمالى من المتحف فقد تم تقسيمة داخلياً الى طابقين وعلى الرغم من ذلك فهو مكدس بالآثار ولا يتناسب مع كونه معملا للترميم فى المتحف المصرى والحل الأمثل كان فى تغيير مكان المعمل ونقله إلى مساحة جديدة مكانها بالبدروم بعد إعادة اتصاله بالمتحف وتأمينه وتوفير الوسائل المناسبة للمرممين.
واستكمالا لخطة وزارة الآثار لترميم المتحف المصري، فقد حصلت "الوطن" على التقرير الفني والهندسي الخاص بأعمال ترميم وأعاده تأهيل المتحف والتي قامت بها شركة نوعية البيئة الدولية والتي بدأت في أعمال التوثيق الفوتوغرافي في محاولة لاكتشاف الزخارف الأصلية للحائط والتي طمست تحت طبقات متتالية من الطلاء الذي محى اللون الأصلي للحوائط حتى أصبح اكتشاف اللون الأصلي أمرا مستحيلا، لولا لوحات لاتزال تحتفظ به ذاكرة صور لمن عاصروا بناء المشروع.
وقال المهندس عماد فريد استشاري المشروع أن عملية إزاله الطلاء للوصول للحوائط لم يكن بالأمر اليسير، حيث كان لزاما علينا التعامل بحرص شديد بما لا يضر بحوائط أصبحت هي بحكم الزمن أثر في حد ذاتها، وبما لا يعيق العمل في المتحف الذي لم يتوقف يوميا عن استقبال زائرية وهو ما دفعنا للجوء لحلول غير تقليدية منها استخدام المشارط الطبية لإزالة طبقات الطلاء غير المرغوب فيها بعد فرد طبقة من المذيب لمدة 15 دقيقة، ثم معادلته بالماء لوقف تأثيره، وإزالة الطبقة غير المرغوب فيها فقط.
وتابع: كنا حريصين على استعادة الطلاء الأصلي والحفاظ عليه وإعادة الطلاء فقط في حال وجود تمديدات كهربائية قد تكون سببا في إزالة اللون الأصلي الأصفر الصحراوي بالنسبة للمناطق التى تحتوى على الأشرطة الزخرفية وزخارف التيجان، والتى تم تحديدها مسبقا والتعرف عليها من خلال العينات السابقة، حيث تزال الطبقات بحرص وبشكل يدوى للحفاظ على معالم الزخارف والنقوش.
كما تم ترميم الأشرطة الزخرفية الموجودة على الحائط وكذلك الزخارف الموجودة على تيجان الأعمدة بنفس درجات الألوان الأصلية باستخدام ألوان الزخارف المعتمدة، والتي وافقت عليها اللجنة الدائمة للآثار، أما بالنسبة لفتحات التهوية النحاسية فتمت إزالة طبقات الدهانات المتعددة من على سطح النحاس بواسطة المزيل، كما تم تنظيف النحاس من بقايا الصدأ بواسطة الفرش النحاس الناعمة، وفي ما يخص فتحات التهوية النحاسية فتم إزالة طبقات الدهانات المتعددة من على سطح النحاس بواسطة المزيل، كما يتم تنظيف النحاس من بقايا الصدأ، بواسطة الفرش النحاس الناعمة كما تم عزل الهوايا النحاسية وذلك لضمان عدم تعرضها للصدأ أو الجنزرة مرة أخرى.
أما بالنسبة لأعمال الارضيات فتم ازالة المشمع القديم وكشف الطبقات أسفله كما تمت إزالة مادة لصق المشمع بواسطة سكاكين المعجون كما تم تكسير المرمات القديمة والتى تم عملها بالأسمنت الأسود والذى يتنافر تماما مع مواد الأرضية الأصلية، كما تم تجهيز أماكن المرمات القديمة، وبعد تمام الجفاف للمرمات ورفع المخلفات من أعلى الأرضية تتم عملية جلاء الأرضية بواسطة ماكينة الجلاء الخاصة بأرضيات الموزايكو وتم عملية الجلاء على عدة مرات حتى الوصول إلى الملمس الناعم المطلوب، المقارب للشكل الأصلي.