رئيس "القومى لحقوق الإنسان": الدولة تقف بحزم ضد المتهمين فى قضايا التعذيب

كتب: سمر نبيه

رئيس "القومى لحقوق الإنسان": الدولة تقف بحزم ضد المتهمين فى قضايا التعذيب

رئيس "القومى لحقوق الإنسان": الدولة تقف بحزم ضد المتهمين فى قضايا التعذيب

أكد محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، رئيس الشبكة الأفريقية لحقوق الإنسان، أن موقف مصر خلال المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان أمام المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة، والمقرر إجراؤها الأسبوع المقبل، جيد لحد كبير، موضحاً أن الدولة لديها ردود قوية حال وجود أى شكوى من منظمات دولية أو منظمات أخرى، مشيراً إلى أن هناك مجهوداً كبيراً قُطع فى مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهى تندرج تحت حقوق الإنسان بطبيعة الحال.

وأضاف «فايق»، فى حواره لـ«الوطن»، أن الدولة حازمة فى عقاب من يثبت تورطهم فى التعذيب، ولا يفلت أى منهم من العقاب، فهناك ما يزيد على 10 من الضباط الكبار يحاكمون بتهم التعذيب حالياً، لكن وزارة الداخلية لا تعلن عنهم ولا تنشر ذلك، رغم أن إعلان ذلك له آثاره الإيجابية، لافتاً إلى أن الدولة تسير فى مسار جيد فى مجال احترام حقوق الإنسان، وهناك مجهود كبير بهذا الشأن.. وإلى نص الحوار:

محمد فايق لـ"الوطن": رئاسة مصر للشبكة الأفريقية لحقوق الإنسان تساعد فى توطيد الروابط مع دول القارة

ماذا تعنى رئاسة مصر للشبكة الأفريقية لحقوق الإنسان، وللتحالف الدولى للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان؟

- التحالف الدولى للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان هو تنظيم يضم المؤسسات الوطنية الحقوقية على مستوى العالم، أصبحت رئيساً له إلى جانب رئاسة الشبكة الأفريقية لحقوق الإنسان، ومن ثم إدارة العمل العام فى معظم دول العالم، وهذا يجعلنا من صانعى القرار فى هذا الملف، وهو أمر مهم، ومهم أيضاً أن تكون مصر موجودة فى كل مكان فى العالم وخاصة فى أفريقيا، والرئيس السيسى هو رئيس الاتحاد الأفريقى حالياً، هذا كله مؤشر جيد بالنسبة لعلاقة مصر بأفريقيا، والبعد الأفريقى بشكل عام.

مواجهة النزاعات والحروب الأهلية والتصحر وهجرة الأفارقة على رأس أولوياتنا ومهمتنا التنبيه للمخاطر

ما أهم القضايا التى ستكون محور اهتمام الشبكة الأفريقية لحقوق الإنسان الفترة المقبلة؟

- واضح طبعاً أن الإرهاب أصبح موضوعاً مهماً فى أفريقيا تحديداً، وهناك اتفاق على أن الإرهاب يهدد كل أفريقيا بشكل عام، ومن ثم سيكون هذا الأمر مطروحاً على رأس اهتماماتنا باستمرار، الأمر الآخر قضية التنمية، وعلى وجه التحديد التنمية المستدامة 2030، هذا البرنامج الذى وضعته الأمم المتحدة بوجود رؤساء الدول والحكومات عام 2015، هذا البرنامج مهم جداً، ونحن كمؤسسات وطنية لحقوق الإنسان على مستوى العالم، من مهامنا تنفيذ هذا البرنامج، والبرنامج يقول إننا لن نترك أحداً يتخلف عن ركب التنمية، إذاً من سيراقب ويقول إن هناك دولة معينة تحتاج مساعدة لأنها متخلفة عن الركب؟ هذه مسئوليات أمام المؤسسات الوطنية على مستوى العالم، والقضية الثالثة الهجرة، فالهجرة تهم أفريقيا بشكل كبير أكثر من أى قارة أخرى، نسبة كبيرة جداً من الهجرة على مستوى العالم والنزاعات الداخلية موجودة فى أفريقيا، فكيف نواجه هذا وكيف ننهى ونقلل من العوامل السلبية التى تدفع إلى الهجرة، مثل الحروب والنزاعات القبلية، والحروب الأهلية، والتصحر، وهو أحد نتائج التغير المناخى؟ كل هذه أشياء يجب أن نسعى لحلها، من النقاط المطروحة أيضاً، فكرة بناء السلام فى أفريقيا، والفكرة فى نشر هذا السلام تأتى باعتبار أننا منتشرون فى كل أفريقيا، نحن كمؤسسات وطنية لحقوق الإنسان منتشرون فى 42 دولة من دول أفريقيا من أصل 54 دولة، ومن المتوقع زيادة عدد هذه الدول، فهذا جزء من مهمتنا، ألا وهو السعى لاستكمال هذه المؤسسات، هذا الانتشار يمكّننا من أن يكون لدينا إنذار مبكر لأى خلافات أو مشاكل، قبل الانتقال لمرحلة استخدام السلاح، من الممكن أن يكون لدينا صورة مبكرة عنها، ونحاول حلها قبل أن تصل لهذه المرحلة، وهذا ما يسمى بالدبلوماسية الوقائية، نحاول حل المشكلة قبل تفاقمها ووصولها لمشكلة عسكرية، وهذا يحتاج تعاوناً دولياً، ويحتاج من الحقوق ما لا نستطيع أن ننفذه فى دولة بمفردها، لا بد أن تتشارك الدول وإرادتها جميعاً فى أفريقيا، ونفس الأمر فى قضية الهجرة والتنمية.

ما الذى ستفعله الشبكة من أجل مواجهة الإرهاب؟

- ليس فى أيدينا أدوات تنفيذية، لكننا ننبّه للمخاطر، ونقوم بتهيئة الرأى العام، وتنبيه الدول لمسئوليتها فى مواجهة الإرهاب.

لاحظت خلال مؤتمر الهجرة الذى يعقده المجلس بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وعدد من المنظمات الحقوقية، اليومين الماضيين، توحد الشكوى فيما يتعلق بتوفر بيانات المهاجرين، ما أسباب ذلك؟

- عدم تعاون الدول، فلا بد من تعاونها فى هذا الصدد، على كل دولة أن تقول ما لديها من معلومات بشكل صحيح، والآليات التى من الممكن أن تُتداول، فالهجرة لا يمكن أن تعرف بياناتها دولة بمفردها، وإنما لا بد أن تتكاتف جميعها لتوفير هذه المعلومات، كونها متبادلة، فتوفر المعلومات قضية مهمة جداً، حتى نتمكن من مواجهة هذه الظاهر، فلا بد من معرفة أعدادهم، سن المهاجرين، المشاكل التى يواجهونها، كيفية حمايتهم، وهذا لن يتم دون معرفة ما المشاكل التى يواجهونها، فبيانات وإحصائيات المهاجرين مطلوب معرفتها، لوضع خطة لمواجهة هذه الأزمة.

ما أسباب عدم تعاون الدول فى توفير المعلومات فى نظرك؟

- الإرادة السياسية للدول أولاً، أيضاً هناك دول ليس لديها الآلية لتقوم بهذه الإحصائيات واستطاعة جمع البيانات، وهى دول كثيرة، علاوة على القوانين، فنطالب دائماً بقانون حرية تداول المعلومات، مثلما نطالب به فى مصر، فمهم أن تكون هناك حرية فى تداول المعلومات، حتى نتمكن من الوصول للصورة الحقيقية.

هل الدولة اتخذت إجراءات لمنع التعذيب؟

- التحسن الموجود فى مصر هو أن الدولة تعاقب بالفعل وعقاباً شديداً جداً لكل من ثبت تورطه فى التعذيب، لكن نحن ما زال لدينا بعض الطلبات فيما يتعلق بالتعذيب، منها تعديل القانون، فالقانون الموجود يعرّف التعذيب بشكل منقوص، نريد أن يكون تعريفه نفس التعريف الذى أقرته الأمم المتحدة، لأن التعريف الحالى يجعل البعض يفلت من العقاب، صحيح أنه لن يخرج براءة، لأن عقابه سيكون مختلفاً عن عقاب التعذيب، مثل مصطلح «استخدام القسوة» (على سبيل المثال)، بدلاً من استخدام التعذيب، فالتعذيب عقوباته مشددة بشكل كبير، على عكس «استخدام القسوة»، هنا الفكرة تتلخص فى التعديل حتى لا يفلت البعض من العقاب، الأمر الآخر هو أننا نطالب بالانضمام للاتفاقيات المكملة، فهناك بروتوكول اختيارى، فإذا لم نستطع الانضمام لهذا البروتوكول الاختيارى، علينا أن ننفذ الآليات التى نص عليها هذا البروتوكول، بحيث تقدم الجهات تقريرها للمسئولين فى مصر على الأقل، وليس الخارج، بحيث تتوفر لنا هذه الآلية التى تسمح باكتشاف التعذيب وعقاب مرتكبه.

هناك أكثر من 10 ضباط كبار أمام المحاكم حالياً فى التهمة نفسها

قلت إنه لا توجد دولة لا يوجد بها تعذيب، لارتباط ارتكابه بالبشر، فهل نستطيع أن نقول إنه فى مصر تقوم به حالات فردية، أم أنه متكرر؟

- بكل تأكيد، استحالة أن يكون ذلك سياسة دولة، لأن الدولة تعاقب، ولا تترك من يرتكب هذا الجرم، فهناك عدد كبير من الضباط الكبار، يتجاوز عددهم 10 ضباط، تحاكمهم الدولة بتهمة التعذيب، لكن الداخلية لا تعلن عن ذلك ولا تنشر، رغم أنه من المفترض نشر ذلك لكى يعلم الجميع أن الدولة لا تصمت عن هذه الأفعال، وأن من يعذب يعاقب، لكن ما نريد إضافته هو أن يكون هناك رقابة للوقاية من ذلك ومنع حدوثه قبل وقوعه، وهذا يمكن تحقيقه عبر زيارة السجون وأماكن الاحتجاز، مجرد الزيارات فى حد ذاتها تمنع أى أحد أن يفكر فى التعذيب، لأنه حينها يعرف أنه لو ارتكب ذلك سيُكشف ويسجن، فطالما البشر هم من يفعلون ذلك سيستمر التعذيب، وهذا نجده أيضاً فى أفلام الأمريكان والمسلسلات الأمريكية، فنجد بعض الضباط المنحرفين ولديهم عقد معينة، ولا يعرفون حدودهم، وهناك من يعتقد أنه عندما يفعل ذلك يخدم الدولة، لكن كل هذه الأشياء الدولة ترفضها قانوناً وفعلاً، بالفعل الدولة ترفض عملية التعذيب، فبالتالى كلمة التعذيب المنهجى فى رأيى، بعض المنظمات الخارجية، تحاول أن تفرض وجودها بشكل غير طبيعى، أو غير قانونى، على خلاف الحقيقة والواقع.

لا يوجد تعذيب منهجى فى مصر؟

- لا يوجد تعذيب منهجى فى السجون، هذا ما أستطيع قوله وتأكيده، وهذا نتاج زياراتنا للسجون التى استؤنفت، لكن عندما لا أتمكن من الزيارة لا أستطيع أن أجزم بذلك، فعندما يوجد سجن لا أستطيع دخوله لا يمكن أن أقول ما به، لذا تأتى أهمية زيارة السجون وأماكن الاحتجاز، فزياراتنا الأخيرة للسجون كانت إيجابية.

كيف كان موقف الحكومة من مطالبكم بشأن تنفيذ التوصيات الخاصة بحقوق الإنسان والتى من المقرر مراجعتها خلال المراجعة الدورية الشاملة لمصر أمام المفوضية السامية لحقوق الإنسان الأسبوع المقبل؟

- حققوا أشياء كثيرة جداً، هم أيضاً يحاولون ولديهم إرادة، المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، يتعاون معنا بشكل كبير، لكن هناك أشياء يستطيعون القيام بها، وأشياء أخرى لا يستطيعونها.

"الداخلية" تتعاون معنا بكل السبل ومنها عرض المواطنين حال احتجازهم على النيابة دون تأخير

هل ما زال لدينا بعض الملاحظات فيما يتعلق بالحقوق والحريات؟

- لدينا بعض المشاكل، لكن يمكن حلها بسهولة جداً إذا تفهّمت وزارة الداخلية، لكنها ليست أشياء خطيرة، فنحن مثلاً متهمون فى العالم كله بقضية الاختفاء القسرى، وهذا ليس صحيحاً، لكن هناك مظاهر هى التى تولد هذا الانطباع، غير مبنية على حقائق، منها مثلاً تأخير إحالة المواطن للتحقيق، واستغراق وقت فى عرضه على النيابة، فهذه الفترة يجب ألا تزيد على 24 ساعة، أحيانا تزيد، لو زادت عن ذلك يطلقون على الحالة أنها اختفاء قسرى، لكننا بدأنا فى التخلص من السمعة القديمة الخاصة بهذه القضية بالتعاون مع الداخلية، فقد قمنا بمجهود كبير جداً لمقاومة فكرة مظاهر الاختفاء القسرى، ونوضح وجود هؤلاء المواطنين، والداخلية تعاونت بشكل كبير فى هذا الأمر، لكن ما زالت هناك مظاهر بسيطة تجعل الخارج يعتقد أن لدينا اختفاء قسرياً، لكنها مظاهر وليست حالات حقيقية، فهذه الحالات إذا طالت مدة عدم إحالتها للتحقيق عن 24 ساعة، يقول الخارج عنها اختفاء قسرى، وهذا ليس صحيحاً، فالاختفاء القسرى كجريمة لها أركان، وهى غير متوفرة فى مصر.

الإخوان أنشأوا عدداً من المنظمات فى لندن وجنيف وتركيا باسم منظمات مصرية.. لكن كثيراً منها أصبح سيئ السمعة

هل لديك توجس من قيام الإخوان، عبر عدد من المنظمات، ببعض الفعاليات والأعمال المعادية لمصر خلال المراجعة الدورية الشاملة لمصر، أو توفرت لك معلومات فى هذا الصدد؟

- يحاولون دائماً عندما نعد أى فعاليات جانبية على هامش المراجعة الدورية الشاملة ودورات مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، دائماً يأتى منهم عدد خلالها، لكن ليس لهم فيما يقومون به منطق، وسهل الرد عليهم، فبالنسبة للأمم المتحدة كل شىء محدد، وهناك التزامات وتوصيات تسأل الأمم المتحدة فقط عن مدى تحقيقها من عدمه، هذه أشياء ملموسة، وموقفنا فيها جيد، وحتى لو قدمت شكوى، فهذا يتم عبر آليات، والدولة ترد عليها، فالحكومة ممثلة فى وزارتى الخارجية وشئون مجلس النواب، لديها ردود قوية، فموقف مصر واضح تجاه كل القضايا، ومستعدون جيداً.

هل قلّ تأثيرهم عن ذى قبل؟

- لا، لأنهم بدأوا يتجهون لإنشاء جمعيات حقوق الإنسان تحت مسمى جمعيات مصرية موجودة فى الخارج، فقد أنشأوا العشرات فى جنيف، لندن، الشيك، تركيا، ومسماها منظمات مصرية، وهو منطق غريب بعض الشىء، ونحاول أن نقاومها ونشكك فى مصداقية هذه الجمعيات، فالصورة المعروفة أنهم إخوان غير واضحة للجميع، فالغرب لا ينظر لهم مثلما ننظر نحن، لكن نحن نعرف أنهم إخوان بشكل واضح، وزادت أعمالهم وجمعياتهم بشكل أكبر مؤخراً، ويحصلون على دعم الخارج، تأثيرهم يقوى فى ناحية، لكنه بدأ ينكشف للكثيرين، وخاصة للمؤسسات والمنظمات الدولية، فبدأت تنكشف سمعتهم السيئة فى عدم الاعتماد عليهم فى المعلومات، بفضل مجهود الدولة، ومنها المجلس القومى لحقوق الإنسان، فنحن جزء من الدولة، لكننا مستقلون عنها.

موقف مصر

موقف مصر سليم جداً، وهناك حيادية، الدول لا تتغير فى يوم وليلة، فى رأيى هناك تقدم فى مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فالمناطق المهمشة تم تطوير الخدمة فيها بشكل كبير جداً، وشاهدى ماذا حدث فى سيناء والاهتمام الموجَّه لها، وهناك أنفاق كثيرة أنشئت، أصبحت جزءاً من البلد، وأنشئت الكبارى، أيضاً هناك عناية بالطبقة الفقيرة، من حيث التموين، رفع المعاشات، توفير الإسكان الاجتماعى، التأمين الصحى والاجتماعى، كل هذه أشياء إيجابية، وكل هذه أشياء تتعلق بحقوق الإنسان، بطبيعة الحال، هناك تقدم بالطبع.

دورة حقوق الإنسان الشاملة                      

اللجنة الوطنية المشاركة فيها الحكومة قدمت تقريرها، ونحن ممثلون فى المجلس القومى لحقوق الإنسان نقدم تقريراً موازياً، ونقول ما الأشياء التى كان يجب أن تفعلها مصر، ولم تقم بها، طيلة الفترة الماضية كانت هناك اجتماعات متتالية ومتداولة بين المجلس والحكومة داخل اللجنة الوطنية الحكومية، حيث تمثيل كليهما إلى جانب بعض المنظمات الحقوقية فى اللجنة، حول هذا الأمر، فضلاً عن أننا لدينا لجنة موازية، نحاول أن ننسق، بمعنى أننا نوجه نحو الاهتمام بقضايا معينة فى ملف حقوق الإنسان، ونتشاور فيها، ونحاول الضغط قدر الإمكان لأن تحقق الدولة كل ما التزمت به، والأمور المتبقية نقولها فى تقريرنا الذى نعده فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، نذكر النقاط التى لم تحققها الدولة.

 


مواضيع متعلقة