انتهاء مؤتمر الإفتاء العالمي بـ22 توصية.. أبرزها احترام اختلاف المذاهب

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسى

انتهاء مؤتمر الإفتاء العالمي بـ22 توصية.. أبرزها احترام اختلاف المذاهب

انتهاء مؤتمر الإفتاء العالمي بـ22 توصية.. أبرزها احترام اختلاف المذاهب

تلى الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، البيان الختامي والتوصيات لمؤتمر الإفتاء الدولي الخامس الذي شاركت فيه وفود 85 دولة حول العالم، لافتا إلى اختتام المؤتمر العالمي الخامس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت عنوان "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي"، الذي انعقد في مدينة القاهرة يومي 15 و16 أكتوبر لعام 2019، الموافق 17 و18 صفر لسنة 1441 هجريا، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحضور الوزراء، والمفتين والسفراء، والعلماء، ورجال الدولة، ورجال الصحافة والإعلام.

شارك في أعمال المؤتمر وجلساته نخبة من العلماء والمفتين والباحثين المتخصصين من مختلف بلدان العالم، وأثريت جلسات المؤتمر وورش عمله ومشروعاته بأبحاثهم وما دار حولها من مناقشات مهمة ومداخلات مفيدة.

وعرض المؤتمر في جلساته وأبحاثه ونقاشاته وورش عمله قضية الاختلاف وما ينتج عن إدارته من نتائج تتفاوت تبعا لطريقة التعامل معه واستثماره للصالح الإنساني، وبالأخص في جانبه الفقهي والإفتائي، انطلاقا من أنّ الاختلاف سنة ربانية جعلها الله في خلقه لينظر: هل يحسن الناس إدارتها فيتعارفوا ويتعاونوا ويتكاملوا أو يتنازعون فيفشلوا وتذهب ريحهم؟   .

وأضاف علام في البيان: "لا عجب أن يكون استثمار الخلاف الفقهي في عصوره في دعم التماسك الاجتماعي والمشاركة في عمليات العمران البشري والإسهام في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة - هو الرسالة التي تبناها المؤتمر ودارت عليها محاوره، فقد عنيت محاور المؤتمر بمعالجة عدد من الموضوعات المهمة، وجاءت المحاور على النحو التالي:

المحور الأول: الإطار التنظيري للإدارة الحضارية للخلاف الفقهي.

المحور الثاني: تاريخ إدارة الخلاف الفقهي، عرض ونقد.

المحور الثالث: مراعاة المقاصد وإدارة الخلاف الفقهي، الإطار المنهجي.

المحور الرابع: إدارة الخلاف الفقهي، الواقع والمأمول.

وعلى هامش جلسات المؤتمر انعقدت مجموعة من ورش العمل للتدريب والتفاعل حول ما يلي:

الورشة الأولى: عرض نتائج المؤشر العالمي للفتوى.

الورشة الثانية: الفتوى وتكنولوجيا المعلومات.

الورشة الثالثة: اليات التعامل مع ظاهرة الإسلاموفوبيا.

وتابع مفتي الجمهورية: "رجونا من الله العلي القدير في مؤتمرنا هذا التوفيق لتحقيق أهدافنا التي كان من بينها:

1. تجديد النظر للخلاف الفقهي ليكون بداية حل للمشكلات المعاصرة بدلا من أن يكون جزءا منها.

2.  تحديد الأصول الحضارية والاليات المعاصرة للتعامل مع مسائل الخلاف وقضاياه.

3.  تنشيط التعارف بين العاملين في المجال الإفتائي على اختلاف مدارسهم العلمية.

4.  إعلان الية فعالة وعملية لاستثمار مؤسسات المجتمع المدني الخلاف الفقهي في مجال حقوق الإنسان، وكافة المجالات الاجتماعية والإنسانية.

5.  تطوير طائفة من الأفكار التي تتبنى إنشاء برامج إعلامية ونشاطات اجتماعية يشارك فيها علماء المذاهب المختلفة، ترشد أتباعها إلى نبذ التعصب، وتدعم قضية التسامح الفقهي.

ووفقنا الله تعالى في مؤتمرنا هذا إلى إطلاق عدد من المبادرات المهمة التي تعد نقلة نوعية في سياق الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي بصفة خاصة، وفي مجال الإفتاء بصفة عامة، وهي:

1. إعلان وثيقة "التسامح الفقهي والإفتائي" لتكون أول وثيقة تنظم أمر الاختلاف الفقهي وتدعم التسامح وتنبذ التعصب، ويتفق عليها المعنيون بأمر الإفتاء.

2. إعلان اليوم العالمي للإفتاء.

3. إعلان جائزة الإمام القرافي للتميز الإفتائي.

4. إصدار طائفة من الكتب والموسوعات الإفتائية المطبوعة والحاسوبية التي تدعم التميز المؤسسي لدور وهيئات الإفتاء والنهوض بالدراسات الإفتائية، وبينها: إدارة الجودة في المؤسسات الإفتائية، وإدارة الموارد البشرية في المؤسسات الإفتائية، وموسوعة علوم الفتوى باللغة الإنجليزية، وعرض تفصيلي لخرائط ذهنية لمدونة السلوك الإفتائي.

ولفت علام إلى أنّ المؤتمر خرج في ختامه بمجموعة من التوصيات والقرارات المهمة التي خلص إليها، من خلال اقتراحات المشاركين من العلماء والباحثين، وجاءت التوصيات بما يلي:

أولا: يثمن المؤتمر جهود الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء للنهوض بالإدارة الحضارية للخلاف الفقهي والإفتائي، ويقدر سبقها لجمع كلمة المعنيين بالإفتاء في العالم لترشيد هذا الخلاف واستثماره.

ثانيا: يدعم المؤتمر –بقوة- ما صدر عنه من مبادرات فعالة بتخصيص يوم عالمي للإفتاء، وتخصيص جائزة الإمام القرافي للتميز الإفتائي، وإصدار وثيقة التسامح الفقهي والإفتائي، ويدعو جميع الأطراف المعنية إلى الالتزام بها وتفعيلها على كافة الجهات.    

ثالثا: يؤكد المؤتمرون على اختلاف مذاهبهم وبلدانهم أنّ الاختلاف الإنساني قدر وسنة حضارية، وأنّ محاولة إنكاره إنكار للإرادة الإلهية في الخلق "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" [هود: 118].

رابعا: يؤكد المؤتمر أنّ الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي هي الأسلوب الأمثل لاستثماره للصالح الإنساني.

خامسا: يؤكد المؤتمر أنّ تاريخ الاختلاف الفقهي مرّ بفترات متفاوتة من الصعود والهبوط وأنّه يمكن التعلم واستلهام الخبرة والانتقاء من كافة مراحله التاريخية. 

سادسا: تمثل المذاهب الفقهية الإسلامية في مجموعها وتفاعلها العلمي فيما بينها تجربة إنسانية يجب استثمارها والإفادة منها.

سابعا: نؤكد وجوب احترام الاختلاف المذهبي والعمل على نشر هذه الثقافة، انطلاقا من أنّ احترام الرأي المخالف حجر الأساس في التماسك الاجتماعي وتحقيق الاستقرار، وندعم هذا الأمر بكافة الوسائل في مجال التعليم بمراحله المختلفة.

ثامنا: يدعو المؤتمر إلى اعتبار الحفاظ على منظومة المقاصد الشرعية الميزان الأهم للاختيار من المذاهب والترجيح بينها.

تاسعا: يدعو المؤتمر جميع الدول الأعضاء بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والمجامع الفقهية والهيئات الدينية إلى تبادل الخبرات في مجال إدارة الخلاف الفقهي، واعتبار استراتيجية الأمانة خارطة طريق لذلك، وهي ما تعبر عنها "وثيقة التسامح الفقهي والإفتائي".

عاشرا: تحث الأمانة دور الفتوى وهيئاتها ومؤسساتها على الاستفادة من الوسائل التكنولوجية الحديثة وتطبيقاتها الذكية في دلالة المستفتين على الاختيار الفقهي الرشيد المبني على الأصول العلمية، وعدم تركهم نهبا للأفكار المتطرفة أو الاضطراب في معرفة الحكم الشرعي.

حادي عشر: يوصي المؤتمر الباحثين وطلاب الدراسات العليا في الدراسات الشرعية والاجتماعية والإنسانية بتقويم تجارب التحاور المذهبي للابتعاد عن المثالب والتمسك بالمزايا، وكذلك دراسة أثر التجربة المذهبية في مراحلها وأحوالها على المجتمعات المسلمة إيجابا وسلبا.

ثاني عشر: يرفض المؤتمر كل محاولات الاستغلال المذهبي التي تمارسها بعض الجماعات التي لا ينتج عنها إلا الصراع الذي يشوه صورة المذاهب ويخرج بها عن قيمها ومقاصدها.

ثالث عشر: يدعو المؤتمر مراجع المذاهب المختلفة ومؤسساتها إلى دمج برامج تربية فقهية رشيدة مقرونة ببرامج تدريس المذاهب لكافة مراحل التعليم.

رابع عشر: يدعو المؤتمر علماء المذاهب إلى العناية بتجديد المذهب عن طريق الإجابة عن الأسئلة العصرية حول المذهب أصولا وفروعا، وخاصة تلك التي يتناولها الشباب، وكذلك إرشادهم إلى الطريقة المثلى للتعامل مع أرباب المذاهب المختلفة بلا تعصب ولا تفريط.

خامس عشر: يدعو المؤتمر دور الإفتاء وهيئاته ومؤسساته إلى العناية ببرامج التدريب على الاختيار الفقهي والإفتائي الرشيد، بما يوازن بين المحافظة على التراث الفقهي والإفتائي والوفاء بمتطلبات الواقع الوطني والإنساني.

سادس عشر: يشيد المؤتمر بالمبادرات والجهود التي سعت إلى الوحدة ولم الشمل ونبذ التعصب على نحو ما كان في وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، ووثيقة مكة المكرمة، ويدعو إلى التمسك بما توصلت إليه هذه الجهود والعمل على تحويلها إلى برنامج عمل على أرض الواقع.

سابع عشر: يشيد المؤتمر بالجهود المبذولة من قبل الدول والمؤسسات للتقارب والأخوة.

ثامن عشر: يستنكر المؤتمر التصرفات العنصرية المقيتة وجرائم الكراهية التي يرتكبها بعض الأشخاص ضد المسلمين حول العالم بما بات يعرف بالإسلاموفوبيا، ويدعو الجهات والمؤسسات المعنية إلى تحمل مسئوليتها الإنسانية لوقف هذه التصرفات والجرائم.

تاسع عشر: يدعو المؤتمر الجهات والمؤسسات المعنية إلى النظر بشكل جدي لما يحدث في مناطق الصراع في العالم والسعي الجاد إلى اجتثاث جذور التصارع والاحتراب، ووقفها، وبالأخص ما يتذرع بحجج دينية أو مذهبية ليس لها أساس من الصحة.

عشرين: يشيد المؤتمر بجهود التكامل الإفتائي على أساس علمي سليم مع التأكيد على نبذ الاستغلال المذهبي أو السياسي لمجال الإفتاء بما يفسده ويذهب بمقاصده.

حاديا وعشرين: يدعو المؤتمر إلى إخراج تصنيف علمي رصين يبرز أخطاء المتطرفين تجاه الفقه الإسلامي ومذاهبه أصولا وفروعا، وتكلف الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بذلك.

ثانيا وعشرين: يدعو المؤتمر إلى الإفادة المتبادلة من جهود الحوار المذهبي والحوار الديني والحضاري الرشيد، والتواصل بين الدوائر المختلفة العاملة في الحقول المذهبية والدينية والحضارية. وفي الختام، يتوجه المجتمعون بالشكر والتقدير إلى فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي -رئيس جمهورية مصر العربية- لرعايته الكريمة للمؤتمر، متمنين لمصر -كنانة الله في أرضه- كل التوفيق والنجاح في أداء دورها الرائد في كافة المجالات.


مواضيع متعلقة