بشير الديك: أمريكا صنعت صورتها في العالم بالسينما

بشير الديك: أمريكا صنعت صورتها في العالم بالسينما
- شير الديك
- سعاد حسني
- نادية الجندي
- فيلم الحريف
- فيلم الضائعة
- عادل امام
- الفن
- اخبار الفن
- شير الديك
- سعاد حسني
- نادية الجندي
- فيلم الحريف
- فيلم الضائعة
- عادل امام
- الفن
- اخبار الفن
ترى دموعها متجمدة فى مقلتيها، كل شىء بارد، ملامحها، نبرة صوتها، حتى أناملها، لتليق بالنهاية التى دستها بين طبقات صحن «المسقعة» المفضل بالنسبة له، حاصرها فلم يكن أمامها سوى أن تحرر نفسها من قبضته، حتى لو كان الثمن الموت. ثم ينتقل بك إلى عالم آخر فى ملاعب الساحات الشعبية حين يبدأ الجمهور فى الهتاف باسمه، يترك كل الفشل والإحباط بعيداً، ويتعامل مع الكرة بمهارة تناسب «الحريف»، ولكن تتسع الهوة بين الواقع والأحلام.
أو يحاكم المجتمع على المحامى الفاسد أمام المحكمة فى محاولة للتطهر من آثامه، مردداً: «كلنا فاسدون»، كلها مشاهد لشخصيات لا يمكن أن تراها إلا فى سينما بشير الديك، الكاتب الذى حمل مشرط جراح دخل به إلى تفاصيل النفس البشرية ليعبر عن خوفها وضعفها وتناقضاتها، ورسم ألوانها بريشة فنان مفعم بالحياة، فتحولت أفلامه إلى سيمفونية إنسانية.
على مدار 40 عاماً قدم «الديك» مجموعة كبيرة من الأعمال التى شكلت جزءاً من ملامح القوة الناعمة للسينما المصرية، وتعاون فى تلك الأفلام مع مجموعة بارزة من المخرجين الذين صاغوا معه رؤية سينمائية جديدة فى ذلك الوقت، وفى حواره لـ«الوطن»، يكشف «الديك» كواليس مشواره الإبداعى الممتد.
مشوار الكتابة بدأ بقارئ نهم.. متى بدأ شغف القراءة لديك؟
- لا أذكر تحديداً متى بدأ حبى للقراءة، ولكنى أدركت نفسى كقارئ نهم فى المرحلتين الإعدادية والثانوية، حتى المرحلة الجامعية وصل الأمر إلى الذروة، وفى تلك الفترة بدأت تجارب فى كتابة القصص القصيرة ولكنى لم أقصد ذلك، حيث شعرت برغبة داخلى تدفعنى إلى الكتابة ونشرت بعض تلك القصص فى جريدة «المساء»، ومجلة «المجلة» بالإضافة إلى بعض الإصدارات العربية، حتى دخولى مجال الكتابة السينمائية بعد ذلك.
أقول لشباب الكُتّاب: "إذا دخلت السبوبة من الباب هرب الفن من الشباك" وهناك تغير نوعى فى ذائقة الجمهور
هل البداية من الكتابة الروائية ساعدتك على التعمّق داخل الشخصيات والتعبير عنها بشكل أفضل عند الكتابة للسينما؟
- كنت أحلم بأن أكون كاتباً روائياً، ولكن عندما دخلت السينما «عالمى»، تغير هذا الحلم تماماً، الصورة السينمائية هزتنى بعنف، الحوار على لسان الأبطال، ورسم الشخصيات كلها أشياء جعلتنى أشعر بأننى أنتمى إلى هذا العالم، وبالتالى كانت بداية انحيازى إلى السينما، ولكن القراءة ساعدتنى كثيراً، الكاتب عبارة عن مجموعة من الثقافات، وبالنسبة لى كان من الصعب أن أكتب دون امتلائى بالقراءة، خاصة الأعمال التى تحمل توقيع عظماء الأدباء، وبالتالى أصبح القص والحكى جزءاً من عالمى، ولكن الأمر لم يكن متعمداً فلم أكن أخطط للكتابة.
كانت بدايتك من خلال أعمال مأخوذة عن أصل روائى، فهل تعتبر الرواية هى بوابة عبورك إلى السينما؟
- بالفعل أول أعمالى كانت فيلم «مع سبق الإصرار» وهو مستوحى من قصة بعنوان «الزوج الأبدى» للروائى الروسى العالمى «دوستويفسكى»، ولكن القصة نفسها هى كانت الدافع الأول للكتابة، وتكرر الأمر مع قصة أخرى للعملاق «تولستوى» فبعد أن قرأتها لم أستطع النوم، وقررت تقديمها فى فيلم «أشياء ضد القانون»، وبشكل عام كل تجربة هى حالة منفصلة بذاتها، وكل مشروع له ظروف مختلفة عن المشاريع السابقة أو التالية له.
قدمت أعمالاً بارزة مع المخرج الراحل محمد خان، كيف تصف الحالة السينمائية التى جمعتكما معاً؟
- روح المغامرة، تعرفت على «خان» من خلال نور الشريف، الذى كان بطل أول أفلامى «مع سبق الإصرار»، ونشأت بيننا علاقة صداقة منذ ذلك الوقت، وكان «نور» أيضاً بطل «ضربة شمس» أول فيلم من إخراج خان، وحكى لى عن المخرج الشاب الذى يحب التصوير فى الشارع ولا يقيد نفسه بـ«البلاتوهات»، وهو ما كان مختلفاً فى تلك الفترة، وبالفعل تعرفت عليه وقدمنا أولى تجاربنا معاً «الرغبة»، وتكرر التعاون فى «موعد على العشاء» الذى أعتبره فيلماً استثنائياً للغاية.
كيف نجحت فى تقديم فيلم رومانسى من حادث أليم؟
- كان الحادث منشوراً فى إحدى المجلات اللبنانية، وصنعنا منه عالماً خاصاً، فهو أسطورة امرأة تبحث عن حريتها حتى دفعت حياتها ثمناً لتلك الحرية، عندما شاهدت الفيلم منذ فترة قريبة وجدت أنه عمل رائع جسد معاناة المرأة بشكل جيد، ورغبتها المدهشة فى التحرر، دون الدخول فى التأويلات السياسية والفلسفية التى صاحبت الفيلم، هو فقط عن سيدة ترغب فى الحرية.
ولكن ألا تتفق معى أن النهاية كانت قاسية؟
- رغبة «نوال» فى التحرر فاقت رغبتها فى الحياة، فى النسخة الأولى من الفيلم كان من المقرر أن تضع السم لزوجها السابق فى الطعام وتشاهده وهو يأكله، وأثناء التصوير تراءى لى مشهد مختلف، فتناقشت مع محمد خان، على أن تقوم سعاد حسنى (نوال) بتناول نفس الطعام الذى وضعت فيه السم، وبالفعل تناقشنا معها فى ذلك، وقلت لها ستأكلين السم معه حتى تقاومى شكه، وكان رأيى أن تأكل بنهم حتى تشجعه على الأكل أكثر.
سعاد حسنى "طفلة حقيقية" خلف الكاميرا.. وكانت عاشقة للحياة
هل كنت ترفض المناقشة مع الممثلين فى السيناريو أو طلبهم للتعديلات؟
- بالعكس، أنا أحب أن يناقشنى الممثل فى السيناريو، ففى النهاية أنا الرابح فى حالة وجود ملاحظة جيدة تضيف للعمل، ولكن فى حالة سعاد حسنى كان الأمر استثنائياً، فهى كانت طفلة حقيقية خلف الكاميرا، وتحتاج إلى حماية واهتمام، وهى عاشقة للحياة، وأنا كنت أحبها للغاية على المستويين الإنسانى والشخصى، وجمعتنا علاقة صداقة لطيفة رغم أنه لم يجمعنا سوى عمل واحد، شاهدتها أول مرة قبل تعاوننا معاً كانت تتحدث فى الهاتف ولم أستطع التعرف عليها، كنت أظنها «كومبارس» حتى فاجأنى عامل الهاتف بأنها السندريلا، وكانت تصور وقتها فيلم «المتوحشة»، فذهبت واعتذرت لها لأننى لم أتعرف عليها.
أحاول دائماً الهروب من توقعات المشاهد وكسر النمط بتقديم نموذج مختلف لشخصيات مبتكرة على طريقة سيناريو "الحريف"
«الحريف» من التجارب السينمائية المختلفة.. كيف استطعت وضع عادل إمام فى قالب مختلف عن قالبه الكوميدى المعتاد؟
- أعتبره من أجمل تجارب السينما المصرية، أحب هذا الفيلم بشكل خاص لأنه يعتمد على تفاصيل عديدة مدهشة فى المدينة الضخمة (القاهرة)، الفيلم به طوال الوقت كسر للتوقع، وهى آلية فى أعمالى، أحاول دائماً الهروب مما يتوقعه المشاهد وبالتالى ينجذب أكثر، بالإضافة إلى كسر النمط بتقديم نموذج مختلف، لتقديم شخصيات مبتكرة، سيناريو «الحريف» لا يعتمد على قصة بقدر اعتماده تفاصيل الحياة اليومية فى مدينة ضخمة بقدر القاهرة، كان من المقرر أن يقوم ببطولة الفيلم أحمد زكى قبل عادل إمام، ولكن محمد خان اقترح أن يقوم بالدور عادل إمام، وأنا رحبت بالأمر فهو مكسب، وتحمس بالفعل للعمل بعد قراءة السيناريو، وتوليت أنا وخان إنتاج الفيلم من خلال شركة «الصحبة» المملوكة لنا مع عاطف الطيب ونادية شكرى.
هل بالفعل كانت هناك حالة من الغيرة بين أحمد زكى وعادل إمام؟
- لا أعتقد ذلك، كل ما يثار فى هذا الأمر هى مجرد اجتهادات فردية لبعض الأشخاص، أنا تعاملت مع كليهما عن قرب، أحمد زكى لم يكن يشغل نفسه بمقارنات مع أحد بل كان يسعى طوال الوقت إلى تقديم الأفضل، أما عادل إمام فهو ظاهرة سينمائية لم تتكرر فى العالم فى أن يظل نجم على رأس شباك التذاكر لمدة تقارب 40 عاماً.
رغم التجارب العديدة التى جمعتك بـ«خان»، فإننى أظن أن التوأمة الفنية الحقيقية كانت مع عاطف الطيب؟
- جمعتنى بـ«خان» المغامرة التى غلبت على طابعه، ولكن عاطف الطيب يغلب عليه طابع التأمل، وأنا أعشق المغامرة ولكنى أقرب إلى التأمل، ولذلك جمعتنا علاقة صداقة وطيدة للغاية، معهما كنت نفسى إلى أبعد حد، أقول ما أريد أن أقوله، تعاونت مع «الطيب» فى ثانى أعماله «سواق الأوتوبيس»، حيث قدم أول أفلامه بعنوان «الغيرة القاتلة»، كان مدير التصوير سعيد شيمى صديقاً مشتركاً بيننا، الذى عرفنى عليه، لتجمعنا تجربة «سواق الأوتوبيس»، الذى كان بمثابة خطوة فارقة فى مشواره، وبداية حقيقية له حيث بدأ نجمه فى العلو بعد الفيلم، الذى كان به عمق أكبر وتحليل أوسع.
هل بالفعل اعتذر الناقد سمير فريد لـ«الطيب» بعد عرض الفيلم؟
- حدث ذلك، بعد عرض الفيلم للمرة الأولى فى مهرجان الإسكندرية السينمائى احتفى النقاد بالفيلم للغاية، وكان لديهم حالة من الذهول، خاصة من شاهدوا فيلم «عاطف» الأول، وكان من بينهم سمير فريد، لأنه نشر مقالاً بعد مشاهدة فيلم «الغيرة القاتلة» قال فيه إن يجب على الطيب العودة إلى معهد السينما ليتعلم مجدداً، ووقتها طلبت منه التأنى فى حكمه حتى يرى فيلمه الثانى الذى كنا نعمل عليه، وبالفعل بعد مشاهدته اعتذر له فى مقال نشره بجريدة الجمهورية، حيث كان يكتب، قائلاً إنه تسرع فى حكمه على عاطف الطيب.
«سواق الأوتوبيس» احتل المركز الثامن فى قائمة أفضل 100 فيلم مصرى، حمل تأويلات عديدة ويحتمل قراءات مختلفة، ما الذى كنت ترغب فى التعبير عنه من خلاله؟
- أعتبره من أنضج الأفلام فى السينما المصرية، ومن أقرب أعمالى إلى قلبى، فهو الذى قدمنى للجمهور، لأنه يعمق قراءة الواقع فى تلك الفترة، فكان بمثابة مرثية لذلك العالم العظيم الذى كان موجوداً فى الستينات، حيث كان الزهو القومى، الصناعات، الأحلام مفتوحة بلا حدود، ومجموعة هائلة من المبدعين؛ صلاح جاهين، يوسف إدريس، عبدالرحمن الأبنودى، كتبت الفيلم فى أوائل الثمانينات وكان مرثية لعالم الستينات وما تعنيه تلك الفترة فى حياتى، عالم شديد العظمة وكنت شديد الإعجاب به، الورشة تكاد تكون مصر، و«حسن» يحاول الحفاظ عليها.
وهل كان الفيلم الوحيد الذى عبرت فيه عن نفسك؟
- كل فيلم يحمل جزءاً من أفكارى، ففى جملة جاءت فى مشهد المرافعة فى فيلم «ضد الحكومة» عبرت عنى، عندما قال: «أنا ابن ثورة 23 يوليو، تفتح وعيى مع التجربة الناصرية آمنت بها ودافعت عنها، فرحت بانتصاراتها وتجرعت مرارة هزائمها وانكساراتها»، كما جاء على لسان أحمد زكى، أنا بالفعل عشقت تلك الفترة، ولكنى بخلاف بطل الفيلم الذى أدرك قانون السبعينات ولعب عليه وتفوق، أدركت القانون ولكنى رفضته.. فى حادث اصطدام حافلة مدرسة تقل طلاباً بأحد القطارات منذ سنوات، أعاد المشاهدون مشهد المرافعة الشهير فى «ضد الحكومة»: «كلنا فاسدون لا أستثنى أحداً حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة».. هو من المشاهد المؤثرة بالفعل، أداه أحمد زكى بعبقرية، حيث كان بمثابة اعتراف فى مواجهة الذات والمجتمع، ومحاولة لإنقاذ المستقبل، الفيلم من الأعمال التى أعشقها.
اعتذرنا لصلاح أبوسيف عن إخراج "ناجى العلى"
فيلم «ناجى العلى» من أكثر التجارب الشائكة التى جمعتك بـ«نور»، كيف كانت التجربة؟
- كان حلمى كأى مثقف عربى تقديم فيلم عن القضية الفلسطينية، تلقيت مكالمة من نور الشريف يقترح علىّ تقديم عمل عن رسام الكاريكاتير ناجى العلى، ولم أكن أعرفه سوى من خلال رسم كاريكاتيرى فى إحدى المجلات العربية، ووقتها قال لى «نور» سأمدك بكافة المعلومات عن الفنان الراحل وصور من لوحاته التى عرضها فى المعرض الأخير الذى أقامه فى لندن قبل مقتله هناك، وكان من المقرر أن يقوم صلاح أبوسيف بإخراج الفيلم، وتحدثت معه عن تصورى للعمل وكان بعيداً عن تصوره له، وبالتالى وجدنا عاطف الطيب الأقرب إلى المشروع واعتذرنا لـ«أبوسيف»، أستطيع من خلال «عاطف» الدخول إلى عوالم والتعبير عنها، وهو بالفعل قدم الفيلم بشكل جيد جداً.
ما المصادر التى اعتمدت عليها فى الكتابة عن الرسام الفلسطينى الراحل؟
- حرصت على الوجود فى كل موضع قدم خطا فيه ناجى العلى، بدأت فى الركض خلفه، ذهبت إلى الكويت فى المجلة التى كان يعمل بها للحديث مع زملائه وأصدقائه، ورئيس التحرير، ثم إلى تونس للحديث مع أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجهم من لبنان، للحديث مع أعضاء المنظمة للإلمام بكافة تفاصيل وأبعاد شخصية «العلى»، وذهبت إلى مقر عمله فى لندن، بالإضافة إلى المنزل الذى كان يقطن به، وإلى منزله فى عين الحلوة بلبنان، وعرفت عنه معلومات لم تكن تعرفها عائلته.
وماذا عن المشاكل التى واجهها فريق عمل الفيلم؟ وهل كان جزءاً منها مع الرقابة؟
- لم أواجه مشاكل الرقابة، ولكن فى «ناجى العلى» تعرضنا إلى حملة هجوم شرسة فى الجرائد، وواجهنا اتهامات قاسية وصلت إلى الخيانة، بتقديم فيلم عن رجل يكره مصر، وهو أمر غير منطقى وغير صحيح، فهو ضد اتفاقية «كامب ديفيد»، وكانت هناك نسبة كبيرة من المثقفين والسينمائيين المصريين أنفسهم ضد تلك الاتفاقية، وفى أحد الأيام وجدنا أسامة الباز، الذى كان يشغل منصب مستشار الرئيس، يطلب مشاهدة الفيلم وبالفعل نظمنا عرضاً خاصاً فى قاعة صغيرة وأعجب بالفيلم، ومن بعدها قلّت حدة الهجوم.
قدمت مع نادية الجندى مجموعة كبيرة من الأفلام فى الوقت الذى كانت فيه نجمة شباك، كيف استطعت الذهاب بها إلى منطقة مختلفة مثل فيلم «الضائعة»؟
- كان «الضائعة» أول الأعمال التى جمعتنى بها، وكان بعيداً تماماً عن ما تقدمه نادية الجندى فى تلك الفترة، حيث كانت لها سمة معينة فى أفلامها، بالإضافة إلى رسم الشخصيات التى تقدمها بصورة مختلفة عن ما قدمناه فى الفيلم الأول، ما شجعنى على خوض تلك التجربة هى القصة التى كتبتها الراحلة حسن شاه، وحاولت أن أقدم شيئاً جيداً على مستوى السيناريو ومستوى القيمة التى يحملها الفيلم، ما أدهشنى هو رد فعل نادية الجندى وزوجها محمد مختار، فى ذلك الوقت، بعد قراءة السيناريو، حيث كانت سعيدة جداً بالفيلم رغم أننى كنت متوقعاً رد فعل مختلفاً، ومن هنا بدأ التعاون بيننا.
السيناريست الكبير: الذين اغتالوا "السادات" تلامذة متطرفى جماعة الإخوان
من الأعمال المختلفة التى جمعتكما فيلم «الإرهاب»، والذى تطرق إلى الجماعات الإرهابية وهو ما يعتبر قراءة لما يحدث على أرض الواقع الآن.
- فى تلك الفترة التى قدمنا بها الفيلم، وقبلها بسنوات، كان هناك خروج لجماعات متطرفة، ومنهم من قاموا باغتيال الرئيس أنور السادات، فهم تلامذة لمتطرفى جماعة الإخوان، والتى استقت فتاويها من ابن تيمية، حيث تربوا على تلك الأفكار وبدأوا تنفيذها من سيد قطب، الذى كان أول شخص تقريباً يكفر مجتمعاً كاملاً، وهو ما دفعنى لتقديم الفيلم، فى الوقت الحالى هناك حالة من التطور فى أفكارهم، ومشاهد مروعة لا يمكن نسيانها منها مقتل الـ21 مصرياً فى ليبيا، حادث حرق الطيار الأردنى معاذ الكساسبة حياً، من الذى يستطيع القتل بتلك البشاعة؟! هم من أساءوا للبشرية والدين.
من وجهة نظرك، هل ترى أنه يمكن محاربة الأفكار المتطرفة بالسينما؟
- يمكن محاربتها بالحرية الفكرية، إذا كان الفن يدعو للحرية ويقدم استنارة حقيقية، وهو لا يقتصر على السينما فقط بل كل وجوه الفنون من المسرح والأدب والفنون التشكيلية، مواجهة الفكر المتطرف بشكل فنى ينير العقول، فالمواجهة الأولى يجب أن تكون على مستوى الفكر، لن نستطيع كسب المعركة أمام الإرهاب دون التمتع بالحرية الفكرية، الذين طوروا فى الأداء الفكرى الإسلامى قديماً كانوا أحراراً على المستوى الفكرى ليسوا خاضعين لفكر معين، ومتمردين على الأفكار التى تكاد الناس تعبدها، نحن فى حاجة إلى حرية المناقشة كما حدث فى تونس، وهناك خطوط ممنوع مجرد الاقتراب منها، مثل منع تجسيد الصحابة فى السينما دون مناقشة، فهم ليسوا آلهة، وبالتالى يجب أن يتحرك هذا الفكر قليلاً بعيداً عن سيطرة الهيئات والمؤسسات الدينية على الأداء الفنى، وهذا لا يعنى إلغاء القوانين المنظمة مثل قانون الرقابة، ولكن يجب أن تدعم الاستنارة والحرية.
وهل يعتبر الفن قوة ناعمة فعالة ومؤثرة؟
- دون شك، الولايات المتحدة الأمريكية صنعت صورتها الوحيدة من خلال السينما، وعبر القرن العشرين روجت للحلم الأمريكى، وروجت لنفسها فى العالم كله على أنها بلاد الفرص والديمقراطية والحرية، حتى بدأت تسقط تلك الصورة شيئاً فشيئاً مع أفلام أخرى كشفت حقيقة الأمر مثل فظائع حرب فيتنام، ومصر قديمة فى السينما، فى تونس والجزائر كانوا يسعدون بسماع اللهجة المصرية، فهم أنفسهم تربوا على السينما والدراما المصرية، وعلينا أن نستغل ذلك بشكل حقيقى.
كيف ترى الوضع الحالى على الساحة السينمائية؟
- هناك تغير نوعى كبير بالنسبة لشكل ومحتوى السينما المعروضة الآن، ويرجع ذلك إلى أن جمهور السينما فى الوقت الحالى هم الشباب الصغير من سن 12 عاماً إلى 25 عاماً، وهو الجيل المرتبط بالتكنولوجيا إلى حد كبير والألعاب الإلكترونية المليئة بالعنف، وهو ما أدى إلى تشويه الذائقة وبالتالى عندما يوجد فيلم يلبى هذا الاحتياج يشاهده عدد كبير وترتفع إيراداته، فهناك أفلام وصلت إيراداتها إلى 100 مليون جنيه، فهذا يؤكد أن هناك تغيراً نوعياً فى ذائقة الجمهور.