"هدى".. بائعة الخبز تعول "رجالة بشنبات": لسه بصرف على الكبير والصغير

كتب: ماهر هنداوى وإنجى الطوخى

"هدى".. بائعة الخبز تعول "رجالة بشنبات": لسه بصرف على الكبير والصغير

"هدى".. بائعة الخبز تعول "رجالة بشنبات": لسه بصرف على الكبير والصغير

رغم الزحام الشديد والضوضاء اللامتناهية، الصادرة من الباعة ومن الزبائن وأحياناً من المارة والطلاب العائدين من المدارس بعد يوم طويل، فإن ذلك لم يمنع هدى جابر، عن مداعبة حفيدها الصغير «عمرو»، بألعاب يدوية بسيطة أشهرها «البيضة» و«سبت حد»، بينما تتعامل مع الزبائن القادمين لشراء «كيس عيش» من فرشتها بالسوق التجارى فى شارع سليمان جوهر.

عمرها 64 عاماً، وما زالت ترى أن دورها فى الحياة لم يتوقف عند تربية أبنائها، ثم تجهيزهم مادياً إذا كانوا فتيات، أو دفعهم إلى غمار الحياة للبحث عن فرصة عمل إذا كانوا رجالاً، فعلى الرغم أن من فى مثل سنها، يجلسن فى بيوتهن «معززين مكرمين» بحسب تعبيرها- إلا إنها اختارت الخروج للعمل لمساعدة أبنائها، فى البداية كانت تمتهن «الخياطة»، وبعد أن ضعف بصرها تماماً، اتخذت من بيع «العيش» فى الأسواق مهنة لها.

حاصرتها أمراض الكبار "ضغط وقلب وسكر وروماتيزم" لكنها لم تستسلم

«عايشة أنا وجوزى فى أوضتين فوق السطوح، فى منطقة بولاق الدكرور، هو كان بيشتغل فرارجى فى محلات فراخ، لكن مؤخراً، تعب جامد وعمل كذا عملية فى رجليه وايده، فمبقاش يقدر يتحرك زى الأول، كان لازم أنزل أشتغل علشان أساعده وأساعد نفسى وأولادى»، قالتها «هدى» التى تحصل على مبلغ ضئيل من بيع العيش، لكنها تحافظ عليه لعدم وجود بديل: «عندى خمسة أبناء، 3 أولاد، وبنتين، وفى وقت من الأوقات ابنى الكبير محمد كان شغال فى محل فراخ زى والده، وبعد إنفلونزا الطيور، جات الحكومة وفتشت عليه، واتقيدت ضده جنحة لأنه مش بيتبع وفقاً للقوانين الخاصة بالنظافة، وأنا اللى كنت بصرف على عياله الاتنين ومراته، أمال هاعمل إيه هاسيبه يعنى، ولا أرمى عياله، الفلوس كانت قليلة آه، بس كانت بتسند، وزى ما بيقولوا نوايا تسند الزير».

تبتسم «هدى» لتقاوم الآلام التى لم ترحمها سواء من الأمراض التى أصابتها مثل السكر والضغط والروماتيزم أو من الأزمات التى تمر بها، فابنها الثانى «أحمد»، الذى يعمل فى أحد المقاهى، أصيب بمرض فى القلب، ما يجعل العمل بالنسبة له أمراً صعباً: «هو بيشتغل أسبوع آه وأسبوع لا، فخليته ييجى يقعد معايا هو وأولاده آدم ومحمد، واللى فيه النصيب بياخده، والوحيد اللى بيساعدنى بصراحة هو الصغير اللى شغال ديلفرى، خصوصاً فى جهاز أخته الصغيرة، اللى اتجوزت من 6 شهور».

9 سنوات فى بيع «العيش» جعل «هدى» على دراية بحكايات الكثير من السيدات ممن يعشن نفس ظروفها، ممن يعافرن من أجل البقاء: «عمرى ما اعتبرت نفسى مسنة والكلام ده، رغم الأمراض الكتيرة اللى صابتنى بحكم السن، لكن لو فكرت كده لحظة، حياتى وعيلتى كلها تقع، وبرضه عمرى ما اعتبرت اللى بعمله ده زى ما بيتقال هدية ولا شىء إضافى، لا ده واجبى ناحية بيتى، يعنى مثلاً لما فواتير الكهرباء والمياه اتراكمت عليا ووصلت لـ10 آلاف جنيه، لا عيطت ولا حطيت إيدى على خدى، كلمت ولاد الحلال يشوفوا لى واسطة علشان أقسط المبلغ، وحالياً بعمل كده، أصل لو ما عملتش كده مين اللى هيعمل!».


مواضيع متعلقة