التحول الرقمى يخلق جيلاً جديداً من رواد الأعمال فى مصر

كتب: بسنت ماهر وعبدالرحمن فرحات

التحول الرقمى يخلق جيلاً جديداً من رواد الأعمال فى مصر

التحول الرقمى يخلق جيلاً جديداً من رواد الأعمال فى مصر

تشهد الفترة الحالية اهتماماً واسعاً بالتحول الرقمى، حيث قامت الدولة بتدشين استراتيجية شاملة للرقمنة على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها القطاع المالى والصناعى، فضلاً عن إقامة العديد من المؤتمرات لمناقشة آليات التحول.

وتُوفر هذه التطورات الكبيرة بيئة خصبة لريادة الأعمال واكتشاف المبدعين، ليتمكن بذلك التحول الرقمى فى خلق جيل جديد من رواد الأعمال حيث لا يتوفر مكان للوظائف التقليدية وأصحاب المهارات الضعيفة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على بناء اقتصاد ذكى، ويتزامن ذلك مع الخطوات الإصلاحية الكبيرة التى قامت بها الدولة، والاستعداد لتحقيق انطلاقة كبيرة من شأنها أن تضع الاقتصاد المصرى فى مصاف الاقتصادات المتقدمة.

ومن المتوقع أن تُحدث هذه التحولات تأثيرات سلبية على سوق العمل فى البداية، من شأنها أن تؤدى إلى ارتفاع معدلات البطالة لفترة مؤقتة، حيث أوضح تقرير صادر عن جامعة أوكسفورد فى فبراير الماضى، أن حوالى 47% من إجمالى الوظائف الحالية لن تحتاج إلى اليد العاملة البشرية فى المستقبل، كما أنه من المتوقع اختفاء حوالى 70 مليون وظيفة، وظهور 130 مليون وظيفة أخرى جراء التحول الرقمى بحلول عام 2022. وتباينت التقارير حول مدى تأثير التحول الرقمى على معدلات البطالة والتوظيف فى مصر، حيث توقعت بعض التقارير أنه سيؤدى إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى نحو 12% بعد أن حققت تراجعاً قياسياً لتصل إلى 7.9% فى الربع الثانى من العام الحالى.

جهود الدولة فى خلق جيل رقمى

وبررت التقارير الإيجابية ذلك بالتأثير الإيجابى على معدلات البطالة بتطور العنصر البشرى نتيجة توجه جميع الوزارات بتدريب ما يقارب الـ50 ألف موظف على استخدام التقنيات الحديثة وكيفية التعامل معها بسهولة، فضلاً عن تأهيل الشباب للتعامل مع التخصصات التكنولوجية بإدخالها فى نظام التعليم الجديد، حيث تم تدشين أكاديمية للذكاء الاصطناعى بالعاصمة الجديدة لدفع عجلة الابتكار فى هذا المجال.

كما تم إنشاء 4 جامعات ذكية هى: جامعة الملك سلمان وجامعة العلمين وجامعة المنصورة الجديدة وجامعة الجلالة، بالإضافة إلى تدشين أول كلية للذكاء الاصطناعى لنشر علوم الأتمتة. وتعمل الدولة حالياً على إنشاء بنية تحتية تكنولوجية قوية تمكنها من عمل تحولات رقمية فى مختلف القطاعات الإنتاجية، وتتضمن هذه الاستراتيجية أيضاً آليات نشر ثقافة الرقمنة فى المجتمع المصرى، وتوسيع قاعدة المتعاملين مع التكنولوجيا الحديثة، وذلك بهدف التماشى مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.

ثمار الاستثمار فى الجيل الرقمى

وتخلق كل هذه التغيرات الكبيرة عنصراً بشرياً أكثر فاعلية فى الاقتصاد المحلى، حيث أثبت التاريخ أن العنصر البشرى فى الاقتصاد تتطور مهاراته مع تطور الآليات التى يعمل بها بل وتدفعه لابتكار وتطوير تقنيات أحدث، ويمكننا أن نرى هذا فى التغيرات المحورية بين استخدام المصرى القديم لآلات بسيطة فى نشاط الزراعة واستخدامنا الآن لأحدث التقنيات فى حياتنا اليومية.

ومن المنتظر أن يشهد الاقتصاد المصرى طفرات كبيرة نتيجة التطور الإجبارى لعنصر العمل للتأقلم مع الوظائف الحديثة، حيث يساهم هذا التطور فى زيادة معدلات الإنتاج، واتخاذ القرارات الصحيحة فى الوقت المناسبة بناءً على دراسات دقيقة تحدث باستخدام قاعدة بيانات ضخمة والتى من شأنها أيضاً أن ترفع من جودة الخريجين لسوق العمل، فضلاً عن خفض نسب الأخطاء، والقضاء على الفساد والبطالة المقنعة، والتوجه لمجتمع أعمال أكثر شفافية. كما أنه سيخلق أيضاً فرص عمل جديدة منها وظائف الطاقة المتجددة، هندسة الروبوت، هندسة الطباعة ثلاثية الأبعاد، التصميم، وتحليل البيانات العملاقة، الأمر الذى يدعم ظهور نوع جديد من الفرص الاستثمارية المبنية على تحويل النظم التقليدية إلى إلكترونية تتطلب وجود فئة معينة من الشباب لديهم وعى وفهم بالتكنولوجيا بشكل كبير، وأيضاً قدرة على المخاطرة.

المخاطر المرتفعة تعرقل التدفقات النقدية للمشروعات الريادية

وتتطلب التحولات الرقمية وظهور المشروعات الريادية الجديدة وجود جهات تمويلية يمكنها تحمل المخاطر المرتفعة التى تقترن بهذا النوع من المشروعات، وبالتالى تظهر الحاجة الشديدة إلى وجود حاضنات الأعمال التكنولوجية أو المستثمرين الملائكيين الذين لديهم القدرة على ضخ رؤوس أموال لتمويل أفكار جديدة تتراوح نسب المخاطرة بها بين 60 و80%، والتى يمكن أن تصل عائداتها الاستثمارية إلى 30 ضعف حجم التمويل.

واتجهت مصر خلال الفترة الأخيرة لتدشين مركز الإبداع التكنولوجى وريادة الأعمال بهدف تمويل صناديق رأس المال المخاطر، وسد فجوة التمويل بين بيئة ريادة الأعمال من خلال عمل شراكات بين القطاعين العام والخاص، كما أطلقت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى أول حاضنة أعمال تكنولوجية فى أبريل الماضى، وتستهدف إنشاء 4 أخرى خلال الفترة القادمة.

وفى هذا الصدد يرى محمد فريد خميس، رئيس مجلس أمناء الجامعة البريطانية، أن التحول الرقمى والتطور التكنولوجى سيسهم فى تحقيق نقلة نوعية فى سوق العمل، مؤكداً أن التحديات التى تواجه التحول الرقمى حالياً ستتحول إلى فرص توفر ملايين الوظائف الجديدة بدلاً من الوظائف التقليدية التى ستختفى مع الوقت.

"خميس": الجامعات المصرية تستعد لمواكبة التحول الرقمى والتغلب على مخاوف "البطالة التكنولوجية"

وأوضح أن الجامعات المصرية تستعد لمواكبة التحول الرقمى من خلال إدخالها مزيداً من التخصصات التكنولوجية فى جميع الكليات كالطب والهندسة والتجارة وتدشين كليات الذكاء الاصطناعى، وذلك بهدف التغلب على المخاوف التى ظهرت التى يمكن أن تنتج عن تراجع معدلات التوظيف وارتفاع معدلات البطالة خاصة ما يسمى بالبطالة التكنولوجية، وذلك فى ظل إحلال التكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعى محل الإنسان فى العديد من الوظائف.

خليل حسن: تدشين "مراكز الابتكار" و"حاضنات الأعمال" أولى الخطوات لميلاد جيل رقمى جديد

ومن جانبه، أوضح المهندس خليل حسن، رئيس الشعبة العامة للاقتصاد الرقمى، أن مصر تحتاج لإنشاء المزيد من مراكز الابتكار للشباب وحاضنات الأعمال التكنولوجية، وذلك تجنباً للتأثيرات السلبية التى يمكن أن تلحق بهيكل سوق العمل فى المستقبل، مضيفاً أن هناك اتجاهاً ظهر مؤخراً فى المجال المصرفى بإنشاء صناديق للمساعدة فى الاستثمار فى مجالات التحول الرقمى.

وأكد أن الشعبة على أتم الاستعداد لدعم الأفكار المبتكرة ورواد الأعمال، منوهاً إلى وجود نماذج تهدف لتمكين وتمويل الجيل القادم من رواد الأعمال المصريين منها مركز الإبداع التكنولوجى وريادة الأعمال TIEC ومسرعة الأعمال «flat6lab».

وطالب «خليل» المستثمرين ورجال الأعمال بسرعة التوجه نحو تمويل رواد الأعمال، وذلك رغماً عن أن التحول الرقمى سيخلق جيلاً لديه أفكار ذات مخاطر تمويلية عالية، مشدداً على ضرورة ثقتهم فى ذكاء الشاب المصرى وإبداعه فى خلق الأفكار الجديدة.

فيما أشارت مارى فام الشريك الإدارى لـFLAT6LABS مسرعة الأعمال للشركات الناشئة الرائدة فى مصر، إلى أن الشركة تقدم دعماً نقدياً يبدأ من 500 ألف حتى 700 ألف جنيه مقابل امتلاكها 10% من الأسهم، فضلاً عن توفيرها مقراً للشباب لتنفيذ مشاريعهم الخاصة.

وأوضحت أن الشركة تقدم الدعم لأصحاب الأفكار المبتكرة حيث تم دعم أكثر من 300 رائد أعمال حتى الآن، أبرزهم «بيكيا» وهى منصة على الإنترنت لمبادلة النفايات المنزلية، و«Designira» التى تُعد منبراً للمصممين الأكثر حماساً وإبداعاً من جميع أنحاء العالم على الإنترنت.


مواضيع متعلقة