«التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى».. وزارة يستحقها المصريون
تشهد مصر حالياً خطوات متسارعة للنهوض والتنمية والتحديث على جميع الأصعدة وفى كل شبر من أرجائها الممتدة فى وادى النيل والصحراء، وجميعنا يرى بأم عينيه شبكة الطرق التى أنشأتها الدولة لرفع كفاءة النقل والمواصلات مما سيكون له آثار اقتصادية كبيرة على التجارة والصناعة وحركة السكان داخل البلاد، حيث ساهمت شبكة الطرق الجديدة فى تسهيل الحركة وتنمية النشاط الاقتصادى، وهو ما ظهر جلياً بعد تشغيل الطريق الدائرى الإقليمى وكوبرى ومحور روض الفرج والطرق التى تربط البحر الأحمر بالصعيد، وتربط القاهرة ووادى النيل بالساحل الشمالى والصحراء الغربية، وتم هذا بالتوازى مع الخطوة التاريخية التى سيترتب عليها ربط وادى النيل بسيناء حيث ستساهم شبكة الأنفاق تحت قناة السويس فى نهضة عمرانية كبيرة وغير مسبوقة فى أرض الفيروز بعد أن ظلت سيناء طوال عقود مضت محرومة من التنمية الاقتصادية والعمرانية.
وفى خطوة مهمة للنهوض بالبلاد واللحاق بركب الدول المتقدمة اتخذت القيادة السياسية قرار إنشاء العاصمة الإدارية لتكون واجهة حضارية تليق بمصر، حيث يصر الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن تكون العاصمة الجديدة أول عاصمة ذكية فى العالم ويتابع بنفسه جميع الخطوات التى تتم فى هذا الشأن، ويعمل الرئيس على تحديث العمل فى الهيئات والمصالح الحكومية التى ستنتقل للعاصمة الإدارية، جنباً إلى جنب مع التحديث الذى بدأ بالفعل فى دواوين الهيئات والمصالح الموجودة فى القاهرة والمحافظات للانتقال إلى عصر التحول الرقمى والشمول المالى والدفع الإلكترونى والذكاء الاصطناعى.
وتسير القيادة السياسية بخطى ثابتة نحو الارتقاء بالبلاد، ومنذ توليه القيادة يطلق رئيسنا مبادرات مهمة لإعادة بناء الإنسان المصرى من مبادرات تعليم وتعلم ومبادرات للتنمية المستدامة وإنشاء قرى تكنولوجية فى محافظات مصر المختلفة ومبادرات لدعم صناعة الإلكترونيات ومجمعات إبداع فى جامعاتنا لخلق روح الابتكار والإبداع فى شبابنا وتبنيه للألعاب الإلكترونية لكونها صناعة واعدة وتمس شبابنا بصفة خاصة، وإحداث نقلة نوعية غير مسبوقة فى تحديث العمل فى أجهزة الدولة، حيث قررت الحكومة أن يكون التعامل المالى مع المصالح والهيئات الحكومية إلكترونياً فى إطار سياسة التحول الرقمى والشمول المالى، وتأتى هذه الخطوة بعد أن أصبح الموظفون والعاملون فى أجهزة الدولة والمصالح الحكومية يصرفون رواتبهم الشهرية من خلال كروت بنكية مع توطين الكارت الأول الموحد ميزة ليكون محور تعاملات المواطن المصرى وليتم طى صفحة صرف الرواتب من خلال موظف الحسابات فى كل هيئة أو مصلحة حكومية، وهى خطوات مهمة تستحق الإشادة وننتظر المزيد فى مجال التحول الرقمى والشمول المالى والتوسع فى نظام الدفع الإلكترونى لتشمل جميع الفئات فى المجتمع بمن فيهم فئات الحرفيين والعمال والفلاحين والطلبة، حتى يتم إنهاء التعامل نهائياً بالنقود «الكاش».
وهنا يمكن دمج الاقتصاد غير الرسمى مع الاقتصاد الرسمى لتمكين الدولة من وضع استراتيجيتها فى جميع المجالات.
وتحتاج مصر إلى بنية تحتية تكنولوجية قادرة على تلبية التوسع فى مجال التحول الرقمى، كخطوة مهمة وضرورية لنجاح الخطط والمشروعات الطموحة التى بدأت الدولة تنفيذها فى كل المجالات ومن بينها مشروعات التعليم والصحة، بعد أن بدأت وزارة التربية والتعليم تطبيق نظام التعليم الإلكترونى من خلال التابلت، كما تتجه الجامعات الحكومية إلى تطبيق التعليم الإلكترونى بعد أن سبقها فى ذلك عدد من الجامعات الخاصة والأجنبية، أما وزارة الصحة فإنها تحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية جيدة مع بدء نظام التأمين الصحى الجديد.
تحية إجلال للقيادة السياسية ولدعمها للقطاع الواعد وهنا نتوقف لحظة للتفكير فى التحول الرقمى وهو وسيلة لإعادة هيكلة القطاع الحكومى لتحقيق الحياة الكريمة للمواطن من حيث عدالة وسرعة تلقيه الخدمة مع رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن والتى تنعكس على أدائه الذى يؤثر على الدخل القومى مع خلق فرص عمل لجميع فئات المجتمع.
وهنا نشير إلى أن التحول الرقمى سيؤدى إلى الحد من الفساد والرشوة وميكنة جهات الدولة وربطها إلكترونياً سيؤدى إلى تسهيل إجراءات المعاملات وسرعة صدور الأحكام فى حالات التقاضى لتحقيق العدالة وكلها عوامل محفزة لجذب الاستثمار.
وأيضاً سيساهم التحول الرقمى فى حصر السيطرة على ممتلكات الدولة وإعادة توجيه استخدامها لخدمة التحول للحياة الرقمية. التحول الرقمى هو تحول مجتمع بطرق تفكيره فى التعامل مع حياته اليومية إلكترونياً وهنا يكمن الدور المطلوب من الإعلام فى التكاتف مع قطاعات الدولة المختلفة لتعريف المواطن بماهية وأطر التحول الرقمى لدفعه لاجتياز مرحلة التحول بسلاسة لأن الإنسان عامل أساسى للتحول إما عامل دافع أو رافض.
وأيضاً يبرز دور الذكاء الاصطناعى فى التحول الرقمى إما أن يستخدم كعامل محفز أو مدمر حسب التوجه ولذلك يجب رسم استراتيجية للاستثمار فى الذكاء الاصطناعى على سبيل المثال لحل مشاكل البيئة والتحول إلى بيئة نظيفة (Green). وكذلك يتم استخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعى لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية.
وتجدر الإشارة هنا إلى الجهود التى تقوم بها الهيئة التنفيذية للمجلس الأعلى للمجتمع الرقمى بوزارة الدفاع ولجانها المختلفة نحو الوصول لمجتمع رقمى، وقد يكون من المناسب أن يكون هناك وزارة متخصصة للتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى لتتولى مسئولية هذا الملف وتكون مسئولة عن التنسيق بين الوزارات والهيئات المختلفة، وتكون هذه الوزارة مسئولة عن تنفيذ المشروعات القومية للتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى، حتى تتوحد الجهود الرامية للإسراع فى تنفيذ المشروعات والخطط التى تسعى الدولة للإسراع فى تنفيذها، واللحاق بركب الدول التى سبقتنا فى هذا المجال، خاصة أن دولة أفريقية صغيرة مثل رواندا سبقتنا فى هذا المجال وأطلقت قمراً صناعياً يوفر الإنترنت المجانى لمواطنيها.
وأرى أن إنشاء وزارة للتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى أصبح أمراً مهماً وخطوة يستحقها وينتظرها كثير من المصريين لتقود قاطرة التحول الرقمى من خلال إنشاء بنية تحتية قوية حتى لا نسمع أبداً عبارة «السيستم وقع» والتى يصدمنا بها الموظفون فى البنوك والمصالح الحكومية، مما يؤدى إلى تعطيل العمل وإهدار الوقت.
وأخيراً نشير إلى ضرورة رفع كفاءة أداء الشركة المصرية للاتصالات وتمكينها من إنشاء بنية تحتية رقمية تلبى احتياجات الدولة والمجتمع فى التحول الرقمى والمشروعات القومية الكبرى مثل مشروع تطوير التعليم قبل الجامعى.
أخيراً، وليس آخراً، لا بد أن نشير إلى أهمية الإسراع فى التشريعات التى تكون بمثابة الأطر المطلوبة لمرحلة التحول الرقمى.
القرار والدعم السيادى مطلوب من زعيم واعٍ ومدرك أبعاد المرحلة المقبلة، وينتظره ويستحقه المصريون.