في آخر أيام السنة القبطية.. قصة إعادة أقدم تقويم عرفته البشرية للصفر

كتب: ماريان سعيد

في آخر أيام السنة القبطية.. قصة إعادة أقدم تقويم عرفته البشرية للصفر

في آخر أيام السنة القبطية.. قصة إعادة أقدم تقويم عرفته البشرية للصفر

قبل 1735 عاما توقف عداد أقدم التقويمات البشرية "التقويم الفرعوني"، أمام شجاعة شهداء المسيحية الذين ماتوا في عصر دقلديانوس، ليتحول من تقويم مصري تعتمد عليه الزراعات، إلى تقويم خاص بالشهداء، وتصبح رأس السنة القبطية عيدا للنيروز، وذلك بعد استمرار التقويم لـ4 آلاف و525 عاما.

واليوم يحتفل المصريون بآخر أيام السنة القبطية، ويستعدون للاحتفال بعيد النيروز غدا ليبدأ عام 1736 للشهداء، حيث تقضي الكنائس ليلة النيروز في صلوات لفجر الخميس تنهيها بالقداس الإلهي.

يرجع التغيير التاريخي في التقويم لأقسى عصور الاضطهاد ضد المسيحيين، وهو عصر الإمبراطور دقلديانوس أو ديوكلتيانوس الذي اعتلى العرش الإمبراطوري في روما 284 وفي بداية حكمه أظهر تعاطفا كبيرًا مع المسيحيين، وبحلول 286 أشرك مكسيميان معه في الحكم ليكون إمبراطور الشرق، ونزفت الكنيسة أكبر عدد في تاريخها من الشهداء، وبلغ عدد شهداء الأقباط نحو 800 ألف شخص.

عصر كانت فيه المسيحية جريمة يعاقب عليها القانون

لم يكن عصر دقلديانوس مجرد عصر من عصور الاضطهاد، لكن في ذاك الوقت كانت "المسيحية" من الجرائم البشعة التي يعاقب عليها القانون، فلم يكتف بقتل المسيحيين لكنه أيضا أصدر مع زميله جاليروس منشورًا بهدم كل الكنائِس وإحراق الكتب الكنسية، واعتبار المسيحيين خارجين عن القانون.

وفي العام 284 م، اعتلى دقلديانوس العرش الإمبراطوري في روما، وفي البداية أظهر تعاطُفًا كبيرًا مع المسيحيين، وفي العام 286م أشرك مكسيميان معه في الحكم ليكون إمبراطور الشرق، ومنذ ذلك الوقت ذاق المسيحيون كأس الاستشهاد واصطبغوا بها ثانيةً، مثل زوئي زوجة السَّجان التي كانت تعتني بالشُهداء الذين تحت حراسة زوجها ثم تنصرت، فعُلِّقت على شجرة تشتعِل بالنار في جذعها، ثم أُلقِيت في نهر وقد عُلِّق حجر كبير في عُنُقها، حسب موقع تراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية "تكلا هيمانوت".

وفي العام 286 اِستُشهِدت الكتيبة العسكرية الطيبية عن آخرها وكان كل أفرادها من أبناء الأقصر، لأنّهم رفضوا الإذعان لأمر الإمبراطور مكسيميان بتقديم الذبائِح للأوثان والنطق بالقَسَمْ على إنهاء المسيحية في بلاد الغال -التي أرسل إليها أفراد هذه الكتيبة- وكان ذلك في 22 سبتمبر عام 286م، وأصدر دقلديانوس مع زميله جاليروس Galerius منشورًا بهدم كل الكنائِس المسيحية وإحراق الكتب الكنسية، واعتبار المسيحيين خارجين عن القانون.

وفي 25 نوفمبر 311م، وبأمر الإمبراطور مكسيميان الذي كان يملُك على الشرق استُشهِد البابا بطرس البطريرك السابِع عشر في خلافِة مارمرقُس الرسول.

معنى كلمة نيروز

وتعود أصل لفظة "نيروز" للكلمة القبطية "ني – يارؤو" والتي تعني الأنهار، وذلك لأن ذاك الوقت من العام هو ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل، ولما دخل اليونانيين مصر أضافوا "حرف السي" للأعراب كعادتهم فأصبحت نيروس فظنّها العرب نيروز الفارسية.

وفي كتاب الاستشهاد في فكر الآباء "مارتيريا"، قسّم القمص أثناسيوس فهمي جورج الاضطهاد الروماني إلى 10 عصور، وكان عصر دقلديانوس آخرهم وأقساهم، حيث يذكر التقليد الكنسي أنّه في سنة 313م، وفي مدينة ميلانو صدر مرسوم للتسامُح مع المسيحيين، يُعرف باسم "مرسوم ميلان" أُعطِيت به الحرية الدينية للمسيحيين، وكان هذا على يد الإمبراطور قسطنطين، الذي يُعد آخر الأباطِرة الوثنيين وأول المسيحيين.


مواضيع متعلقة