دماء الأقباط تسيل من أجل الوطن.. الكنيسة تواجه غدر الإرهاب

كتب: مصطفى رحومة

دماء الأقباط تسيل من أجل الوطن.. الكنيسة تواجه غدر الإرهاب

دماء الأقباط تسيل من أجل الوطن.. الكنيسة تواجه غدر الإرهاب

مرحلة جديدة من استهداف الأقباط، أعقبت ثورة الثلاثين من يونيو 2013، فى محاولة لتقسيم المجتمع، وسعى خبيث لبث الفتنة بين المصريين، فى مسعى للنيل من مصر، إذ سبق تلك المرحلة عملية تحريض مستمرة على الأقباط والكنيسة المصرية بعد صعود تنظيم الإخوان إلى الحكم.

فمع خروج المصريين للتظاهر ضد المعزول محمد مرسى، وتنظيمه الإرهابى، ومحاصرة المتظاهرين أمام قصر الاتحادية، خرجت قيادة التنظيم تحرّض على الأقباط، وتتهم المتظاهرين بأنهم أقباط مدفوعون من قبَل الكنيسة لإنهاء حكم مرسى، خاصة أن هذه الفترة شهدت انسحاب الكنيسة من الجمعية التأسيسية للدستور، حيث خرجت تلك التصريحات عبر كل من خيرت الشاطر نائب مرشد التنظيم، وكذلك صفوت حجازى.

"الإخوان" حرّضوا على المسيحيين واعتدوا على الكاتدرائية قبل "30 يونيو" وبعدها دمروا عشرات الكنائس والمنشآت المسيحية

وانتقل التنظيم من مرحلة التحريض إلى الفعل، بالاعتداء السافر على مبنى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى أبريل 2013، لأول مرة منذ تأسيسها، وذلك أثناء تشييع جثامين عدد من الأقباط الذين سقطوا ضحية اعتداءات طائفية وقعت بمنطقة «الخصوص» فى القليوبية، واكتفى وقتها مرسى بالاتصال بالبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، يؤكد فيه أن الاعتداء على الكاتدرائية هو اعتداء عليه هو شخصياً، دون أن يتخذ إجراءات محددة، ودون ملاحقة الجناة.

وتصاعد التحريض ضد الأقباط عقب عزل مرسى وإنهاء حكم الجماعة عقب ثورة الثلاثين من يونيو، لينتقل الإرهاب ضد الأقباط والكنيسة إلى مرحلة مفصلية فى تاريخ الوطن، حيث تم استهداف الكنائس والأقباط فى مختلف محافظات الجمهورية عقب فض اعتصامَى التنظيم وأنصاره فى رابعة العدوية والنهضة يوم 14 أغسطس 2013.

وفوّتت الكنيسة المصرية الفرصة على الإخوان لبث الفتنة بين المصريين، وخرج البابا ليعلن للعالم أن ما حصل هو جزء بسيط تقدمه الكنيسة لحرية الوطن، فيما قام عدد من المنظمات القبطية بالخارج بنشر إعلانات فى الصحف الأجنبية تتهم فيه تنظيم الإخوان بحرق الكنائس، وتعتبر الإخوان جماعة إرهابية تناصر المتطرفين ولا تحترم القانون، وتنتهك مواطنة الأقباط، وتهدد جموع المصريين وليس الأقباط وحدهم.

العمليات الإرهابية استهدفت "البطرسية والمرقسية ومارجرجس ومارمينا والعذراء".. والبابا: جزء بسيط تقدمه الكنيسة لحرية الوطن

كما تم الاعتداء على الأقباط خلال خروج حفل زفاف بكنيسة العذراء فى منطقة الوراق بالقاهرة، ليسقط الكثير من الضحايا بينهم أطفال، وتواصل مسلسل الاعتداء بقتل الكهنة فى محافظة شمال سيناء، وذبح 21 قبطياً فى ليبيا على يد ما يسمى تنظيم داعش الإرهابى، وصولاً إلى الاعتداء الإرهابى على الكنيسة البطرسية فى العباسية الذى راح ضحيته عشرات القتلى والمصابين، فى ديسمبر 2016، قبل أن يُقتل سبعة أقباط فى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء إثر سلسلة اعتداءات إرهابية استهدفتهم وأدت إلى فرار عشرات الأسر المسيحية من المدينة خوفاً على أرواحهم.

وفى أبريل 2017، وقع هجومان أثناء قداس «أحد السعف» أو «الشعانين»، وكان أولهما فى كنيسة مارجرجس فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، وبعد ساعات وقع الانفجار الثانى بمحيط الكاتدرائية المرقسية بمحافظة الإسكندرية أثناء وجود البابا تواضروس داخلها، وأودى الانفجاران الانتحاريان بحياة العشرات وإصابة آخرين بينهما مسلمون ورجال شرطة.

واستمراراً لهذا المسلسل، استهدف الإرهابيون فى مايو 2017، حافلة تقل مسيحيين فى المنيا، ما أودى بحياة 29 شخصاً، قبل أن يُقتل 5 أشخاص بينهم رجل شرطة مسلم فى هجوم على كنيسة مارمينا بضاحية حلوان جنوبى القاهرة فى ديسمبر 2017.

أما فى 2018، فقُتل مدنى وجُرح شرطى عندما حاول انتحارى استهداف كنيسة العذراء بمسطرد شمالى القاهرة، فى أغسطس من هذا العام، قبل أن يُقتل 7 أشخاص وإصابة 13 آخرين فى استهداف حافلة تقل أقباطاً على طريق دير الأنبا صموئيل المعترف بجبل القلمون فى المنيا خلال نوفمبر من هذا العام.

وإلى جانب ذلك سالت دماء الأقباط مع المسلمين خلال الحرب المستمرة على الإرهاب فى أرجاء الوطن، فسقط العديد من المجندين الأقباط بالقوات المسلحة خلال تصدى رجال الجيش للجماعات الإرهابية فى محافظة شمال سيناء، وهى الدماء التى لقيت تقديراً وتكريماً من الدولة المصرية، لأنها دماء مصرية سالت دفاعاً عن أرض الوطن.

وعن ذلك قال كمال زاخر، منسق التيار العلمانى للأقباط، إن من يسألون عن وطنية الأقباط كمن يسألون عن علاقة السمك بالماء، مشيراً إلى أن أقباطاً مصريين أقحاحاً تمسكوا بالحيز الجغرافى محلاً مختاراً لهم، وتشبثوا بالاتساع التاريخى، رغم موجات الاستهداف العاتية، واحتفظوا بما تبقى عندهم من لغة الجذور فى خبيئة صلواتهم وعباداتهم، عسى أن يأتى زمن افتقادها، وعودتها إلى الحياة اليومية بما تحمله كوعاء لمرحلة ازدهار.

"زاخر": الأقباط يبقون على وحدة وطنهم ويقدمون سلامهم وأمنهم قرباناً على مذبحه

وأضاف «زاخر» لـ«الوطن» أن حرص الأقباط على جغرافية وتاريخ مصر جلب عليهم أهوالاً من حكام قفز بهم تاريخ الاحتلال المتعدد والمتجهم ليوصدوا أبواب مصر فى مواجهة التطور الحضارى، وظنوا أن انتصارهم لا يتكلل إلا باضطهاد الأقباط، لافتاً إلى أن قرارات الرئيس الراحل أنور السادات وإخراجه تيارات مفارقة للتاريخ كانت بداية الجماعات التى تحلم بإعادة إحياء دولة الخلافة والذين كانوا يظنون أن العقبة الكئود فى اكتمال مشروعهم المتخيل هم الأقباط، فتشاركوا معاً فى استهدافهم والتضييق عليهم، واستمر الوضع كذلك فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قبل أن يعبر الأقباط مضيق الجماعات والأنظمة، ويتلاحموا مع بقية الأطياف الوطنية فى انفجار 25 يناير 2011 وفى عقلهم الجمعى تتردد مقولة البابا شنودة «مصر ليست وطناً نعيش فيه، بل هى وطن يعيش فينا»، وكانت قد وقرت فى ذهنه منذ نحتها «المجاهد الكبير» مكرم عبيد، بحسب وصف زعيم الأمة سعد زغلول.

وتابع منسق التيار العلمانى القبطى: «بعد أن دانت السلطة لجماعة الإخوان الإرهابية تجدد استهداف الأقباط، فانخرط الأقباط مجدداً فى المد الوطنى لتنفجر ثورة 30 يونيو 2013، ويسقط الإخوان، فيمدوا أياديهم الآثمة على الكنائس ومنشآتها، فى ذات لحظة سقوطهم يوم 14 أغسطس 2013 ويدمروا ما يزيد على 80 كنيسة ومنشأة خدمية مسيحية، ليخرج البابا تواضروس الثانى مجدداً ولاء الأقباط لوطنهم فى مقولة نحتها بإصرار (وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن)، التى تصدم الغوغاء وتربك الأغبياء». واختتم «زاخر»، أن الأقباط يبقون على وحدة وطنهم ويقدمون سلامهم وأمنهم قرباناً على مذبحه.


مواضيع متعلقة