قبل "واقعة الكلب".. أقزام يروون قصص التنمر بهم: رمي بالطوب وسخرية المدرسين

كتب: نهال سليمان

قبل "واقعة الكلب".. أقزام يروون قصص التنمر بهم: رمي بالطوب وسخرية المدرسين

قبل "واقعة الكلب".. أقزام يروون قصص التنمر بهم: رمي بالطوب وسخرية المدرسين

حالات متعددة من التنمر والاعتداءات على قصار القامة، تشهدها الشوارع في الفترة الأخيرة، ويتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بين تدريب كلب للاعتداء عليهم وبين مضايقات الأطفال والكبار بالسخرية منهم والتهكم عليهم، دون مراعاة لاحتياجهم للدعم النفسي وبدلا عن مساعدتهم في تسيير احتياجات أساسية أثناء ممارستهم لحياتهم الطبيعية.

تواصلت "الوطن" مع بعض قصار القامة، يروون حوادث تنمر واعتداءات، يمرون بها كلما خرجوا من بيوتهم، حتى أصبحت أمرا طبيعيا.

بسملة أيمن العطار، طفلة في الرابع عشر من عمرها، ولأنها ولدت قصيرة القامة فقد تسبب ذلك في تعرضها لكثير من التنمر والمضايقات، جعلتها تحجم عن الخروج إلى الشارع، ليقوم والدها بإلحاقها في نادي قرية الخصوص بالقليوبية، حيث تقيم العائلة، كي تتعلم الكاراتيه، ما يدعم ثقتها بنفسها، لكن التنمر لم يتوقف.

والد لاعبة الكاراتيه: بنتي قبل ما نروح أي مكان لازم تسأل فيه أطفال علشان بتخاف منهم 

"ضربها الأطفال" كانت تلك هي آخر واقعة مرت بها بسملة منذ أسبوعين بحسب حديث والدها لـ"الوطن"، حيث ذهبت بسملة معه لأحد الأفراح بقرى منيا القمح، وبمجرد أن غابت عن عينيه وجد بعض الحضور ينادونه كي يطمئن على ابنته التي دخلت إلى السيارة في حالة من الانهيار "روحت لقيتها بتعيط وشكلها مضروب، وحبست نفسها في العربية علشان خافت من الأطفال لما شدوا شعرها.. أختها أصغر منها وحاولت تدافع عنها لكن الضرب استمر".

بسملة تتعرض للإيذاء كلما خرجت بمفردها

"فيه أطفال هناك؟" سؤال متكرر يأتي على لسان الفتاة الصغيرة منذ تلك الواقعة، فبحسب والدها أنه كان مدعوًا لحضور احتفالية بشركته منذ أيام وأراد أن يصطحبها، وكان هذا هو السؤال الأول لـ"بسملة" وكان الرد هو عهد اتخذه أيمن على نفسه "مش هسيبك من إيدي تاني". 

عرف والد بسملة عن واقعة اعتداء الكلب على أحد قصار القامة اليوم، وحاول مشاهدته لكنه قرر أنه لن يشاركه على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حتى لا تشاهده ابنته ويعيد ذكرى حادثة اعتداء الفرح التي لم يمر عليها سوى أسبوعين.

نجوان خفاجي، 40 عاما، رغم أنها حازت منذ أشهر قليلة لقب ملكة جمال العرب لقصار القامة، إلا أنها لم تسلم من التنمر، فحتى الآن عندما تسير في الشارع تصاحبها علامات التهكم والسخرية، فمنذ أيام قليلة لحقتها ضحكات لاذعة من صاحبة أحد المحال، لكنها آثرت ألا تتخذ أي رد فعل وحين زاد الأمر عن حده، دخلت إلى المحل لتلقنها درسا في الثقة بالنفس بما أنجزت "أنا واحدة معايا بكالريوس اقتصاد منزلي ومحفظة قرآن تتمني تبقي زيي مش تسخري مني"، وذلك بحسب حديث نجوان لـ"الوطن".

ملكة جمال قصار القامة: كتير بسكت على التنمر علشان محدش يلتفت وأعمل مشكلة 

رمي الحجارة هو أحد أشكال التنمر التي اعتادت عليها نجوان، فعلى الرغم من أن أهل قريتها بشبين القناطر قد اعتادوا على وجودها، إلا أنها لا تزال تتعرض لبعض صوره، لكنها قررت عدم اتخاذ أي رد فعل في مثل هذه المواقف حتى لا يلتفت المارة لما تواجهه "عمري ما أنسى لما كنت بروح الدروس والقرآن وأنا صغيرة وكان الأطفال يشدوا شعري وكان فيه ست كبيرة كانت بتستهدفني وتعمل كدة.. كنت بجري أعيط وبابا يروح يرد على أهلهم، لكن دلوقتي بسكت أحسن".

نجوان: بنتعرض للطوب والتريقة بس بنواجه ده بإنجازاتنا ونخلي الناس نفسها تبقى زينا

التنمر والاعتداء على ذوي الاحتياجات الخاصة هي حوادث مؤسفة يجب اتخاذ رد فعل قضائي قوي تجاه من يقوم بها، ولذلك ترى نجوان أنه يجب سن قانون عقوبات خاص بتعرض المعاقين لأي تهكم أو انتهاك.

 

لم يكن التنمر محصورا في الشارع فقط، وفقا لـ"محمد السيد"، 34 عاما، كابتن فريق الغطس من قصار القامة، حيث يحكي لـ"الوطن" أنه عندما كان صغيرا كانت مشكلته الكبرى هي تعرضه للتنمر من قبل المدرسين "الأطفال ولا أي حد في الشارع لما يتنمر علينا عادي، لكن المتعلمين بقى دي المشكلة"، مضيفا أنه قد اضطر أن يترك الامتحان عندما كان في مرحلة التعليم الأساسي بعد أن سمع مُدرسة تقول لزميلها مراقب اللجنة "زوجتك حامل ماتبصش عليه الولد ده".

محمد السيد: المدرسين اتنمروا عليا وخرجت من الامتحان بدون الإجابة بسببهم

ويؤكد "السيد" أن جميع ذوي الإعاقة بمجرد خروجهم للشارع يجدون مشاعر الرحمة والمسارعة نحو مساعدتهم، إلا قصار القامة، فظهورهم يعتبر مادة للتهكم والسخرية، "السبب في ده الأفلام والمسلسلات اللي كانت دايما تطلعنا مهرجين أو البطل بيستهزأ بنا"، بحسب قوله.

محمد السيد: كل المعاقين يتم معاملتهم برحمة ما عدا الأقزام يتعرضون للسخرية

أشكال كثيرة للتنمر يتعرض لها محمد حتى الآن إلا أنه وبعض أقرانه يعملون على مواجهة ذلك من خلال نشاطات وفعاليات تعمل على مزيد من الدمج وعلى تعريف المجتمع بأن قصار القامة هم أناس طبيعيون يمكنهم التفوق والنجاح، وأيضا تشجيعهم على ممارسة الرياضة بما يدعم ثقتهم في أنفسهم "بنعمل مهرجانات ومسابقات وبنكرم المتميزين.. أخدنا دور الإعلام يعني"، ويرى، كابتن فريق الغطس من قصار القامة، أن الدمج في المدارس قد يؤدي لحوادث تنمر كثيرة إذا كان الكادر التعليمي غير مؤهل كي يكون مصدرا للدعم النفسي للطلاب من ذوي الإعاقة.


مواضيع متعلقة