المدن الذكية.. قطارات سريعة وتقنيات متطورة فى البنية التحتية والمرور وتدوير المخلفات

كتب: جهاد عباس

المدن الذكية.. قطارات سريعة وتقنيات متطورة فى البنية التحتية والمرور وتدوير المخلفات

المدن الذكية.. قطارات سريعة وتقنيات متطورة فى البنية التحتية والمرور وتدوير المخلفات

شهدت السنوات الأخيرة تشييد مدن جديدة، شرقاً وغرباً وجنوباً، تزيد من التوسعات العمرانية فى مصر، وهى 16 مدينة تُمثل الجيل الرابع من المدن الذكية، أشهرها «العاصمة الإدارية الجديدة»، و«العلمين الجديدة»، و«الجلالة»، وغيرها.

المدن الجديدة مُصممة بأعلى التقنيات فى إدارة البنية التحتية، مثل المرافق والطرق والإنارة، وكذلك إعادة تدوير المخلفات بمنظومة شاملة، للتخلص من المواد الصلبة بعد فرزها، وتقنيات حديثة تتعلق بتأمين وسلامة الطرق، وتوزيع كاميرات مراقبة بأعلى جودة فى كل الميادين، والتحكم فى لوحات الإعلانات، والعناية بـ«اللاند سكيب»، ورى المناطق الخضراء، واستخدام إضاءة موفرة فى كل الشوارع والميادين والمؤسسات الحكومية، من خلال وحدة تحكم مركزية.

المدن الذكية حول العالم هى الأكثر جذباً للاستثمارات، وتحقق التقدم الاقتصادى لأنها الأكثر استدامة، لما تمتلكه من توفير الطاقة، والاستغلال الأفضل للبنية التحتية.

وفقاً لبيانات رسمية عن شركة العاصمة الإدارية الجديدة، جرى توقيع عقد شراكة مع شركة «هانيويل» العالمية، بقيمة 36 مليون دولار، لإدارة مشروعات البنية التحتية الذكية بالعاصمة، حيث تلتزم بموجب الاتفاقية، بوضع معايير السلامة والأمن، إضافة لإدارة مشروعات البنية التحتية على أعلى مستوى من الكفاءة، وبأحدث الآليات التكنولوجية».

"العاصمة الإدارية": 140 مليار جنيه تكلفة "المرافق" بالمرحلة الأولى.. ومنظومة حديثة للتحكم فى محطات تحلية المياه بـ"العلمين الجديدة"

من جانبه، يقول العميد خالد الحسينى، المتحدث باسم شركة العاصمة الإدارية، إن تدشين مشروعات البنية التحتية يقام لأول مرة داخل شبكة ضخمة من الأنفاق، بتكلفة مرتفعة، وتعد العاصمة الإدارية أول مدينة ذكية فى مصر تدار وفقاً لأحدث التكنولوجيا العالمية، ويتلافى تصميمها جميع الأخطاء بالمدن الجديدة، مشيراً إلى أن التكلفة الإجمالية لمشروعات البنية التحتية تتراوح بين 130 و140 مليار جنيه، لتطوير المرحلة الأولى بالعاصمة، على مساحة 40 ألف فدان.

"الحسينى": التعاقد مع شركات عالمية لإدارة وتشغيل المدن الذكية

ويضيف: «بموجب الاتفاق مع (هانيويل) المتخصصة فى مجال التكنولوجيا، ستتولى إنشاء بنية تحتية فائقة التطور، تراعى معايير السلامة العامة والأمن بالشوارع، كما سيتم نشر أنظمة الأمن والمراقبة فى جميع أنحاء المدينة، كجزء من المرحلة الأولى من أعمال التطوير، لدمج أنظمة الأمن حول العاصمة فى نقطة تحكم واحدة، تُعرف باسم مركز القيادة والتحكم المتكامل».

وحول منظومة النقل الذكى، وقعت الهيئة القومية للأنفاق عقداً لتصميم وإنشاء خطين للقطار السريع «المونوريل» فى القاهرة، بلغت قيمته 4.5 مليار دولار، ضمن تحالف يضم شركات «بومباردييه» للنقل، و«أوراسكوم» للإنشاءات، و«المقاولون العرب»، والشركات الثلاث مسئولة عن إنشاء وتطوير وصيانة الخطّين لمدة 30 عاماً، وفقاً لتصريحات رسمية، ويشمل خط قطار «مونوريل» 22 محطة، تربط العاصمة الإدارية الجديدة بمدينة نصر، بينما يضم الخط الثانى (12) محطة، تربط وسط المدينة من شارع جامعة الدول العربية إلى توسعات مدينة 6 أكتوبر.

ووفقاً لتصريحات شركة «بومباردييه» الكندية، يربط الخط الأول محافظة القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة بطول 54كم، والخط الثانى يربط بين محافظة الجيزة ومدينة 6 أكتوبر، «غرب القاهرة»، بطول 42كم، والخطان قادران على نقل نحو 45 ألف راكب فى الساعة، وتعتبر الشركة الكندية من رواد صناعة النقل والمواصلات، وتعمل حالياً فى 61 موقعاً هندسياً بـ27 دولة، ضمن مشروعات السكك الحديدية.

"عباس": استيعاب 30 مليون نسمة بالجيل الرابع.. والمواطن سيدفع فواتيره بـ"الفيزا" من منزله

من ناحيته، يقول وليد عباس، معاون هيئة المجتمعات العمرانية، إن الغرض من مدن الجيل الرابع، وأشهرها «العاصمة الإدارية الجديدة»، و«العلمين الجديدة»، و13 مدينة أخرى موزعة على الوجهين القبلى والبحرى، هو زيادة نسبة التنمية العمرانية فى مصر، وجذب الاستثمارات بجميع أنواعها، وزيادة معدلات النمو الاقتصادى.

ويضيف: «من أهم أهداف تشييد مدن الجيل الرابع، وفقاً للمخطط الاستراتيجى، هو توفير الخدمات بأعلى جودة للمواطنين على مستوى المحافظات والمدن الجديدة، وهو أهم محور للبدء فى تنفيذ مدن ذكية فى مصر، ومن المقترح أن تستوعب مدن الجيل الرابع كثافة سكانية تُقدر بـ30 مليون مواطن، على مساحة أكثر من 580 ألف فدان».

ويوضح «عباس»، طرق استفادة المواطن المقيم فى مدينة ذكية مثل «العاصمة الإدارية» بشكل يومى، قائلاً: «تتضمن كل عمارة عدة خدمات منها (العداد الذكى)، بحيث لا يضطر المواطن للتعامل مع المحصلين، ولكل مالك وحدة سكنية حساب متصل بالإنترنت، ليُمكنه معرفة استهلاكه فى الكهرباء والمياه والإنترنت والغاز، ثم سداد جميع الفواتير بـ(الفيزا كارد)، وأجرينا تجربة ناجحة فى عمارة رقم 110، التى زارها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتمت قراءة العدادات الخاصة بالوحدات دون دخول الشقق، لتوفير جهود المحصلين».

واستطرد «عباس»: «سيتم تشغيل (الإنتركام) من خلال الـ(IP)، ليتمكن المواطن من معرفة الزائر عبر هاتفه أثناء جلوسه فى المنزل، وهناك غرفة متابعة مركزية فى جهاز المدينة لمعرفة استهلاك كل عمارة من الماء والغاز والكهرباء وغيرها، كما سيتم وضع كاميرات مراقبة للطرق فى كل تقاطع لرصد المخالفات وتأمين الشوارع».

ومن أهم مقومات المدن الذكية، اعتمادها على نظام الحوكمة الذكية، ويلفت «عباس»، إلى تحقيق ذلك من خلال منظومة تكنولوجية مترابطة، حتى لا يضطر المواطن لاستيفاء طلبه، إلى المرور بأكثر من وزارة، كما يمكن للمقيم بالمدينة الذكية استخراج التراخيص والأوراق الرسمية عبر الإنترنت، ما يسهم فى تقليل الاتصال المباشر بين طالب الخدمة والموظف، وسد أبواب الفساد والاستغلال، وتشمل العاصمة الإدارية، منظومة كاملة لإعادة تدوير القمامة تحت الأرض، من خلال 3 مراحل، وهى إنشاء شبكة لجمع المخلفات، ومصانع تدوير المخلفات، وتصميم مدافن صحية».

وشهدت مدينة «العلمين الجديدة» إنجازاً كبيراً فى تنفيذ المرحلة الأولى، من طرق وبنية تحتية ووحدات سكنية، ويضيف «عباس»: «جرى التخطيط للمدينة لتشمل بنية تحتية ذكية، بهدف استغلال الطاقة من كهرباء ومياه وطاقة شمسية وطاقة رياح، والاعتماد على (العمارة الخضراء)، أى منازل ذكية بها تهوية أفضل، وإضاءة طبيعية، وتصميم للفراغات».

ويستطرد: «تضم المدينة التراثية فى (العلمين الجديدة) جهاز المدينة، وبه وحدة المتابعة المركزية، المراقبة لمحطات المياه والصرف، كما سيتم الاعتماد على نظام (سكادا) فى محطات تحلية المياه، وتشمل عدادات وكاميرات مراقبة لرصد أى عطل فى الخطوط، وهو نظام متابعة متطورة يتضمن إمكانية التشغيل عن بعد».

خبراء عقاريون: العمارة الخضراء تُعد أفضل استخدام للضوء والتهوية فى البناء الحديث

من جانبه، يقول حسين صبور، خبير فى مجال التنمية العقارية، إن الهدف من المدن الذكية هو تقديم أفضل خدمات للمواطن، بأقل وقت وحركة ممكنة، وتتضمن الإدارة الذكية للمرافق كل شبكات المرافق مثل المياه والاتصالات والغاز والكهرباء، ونظم التكييفات المركزية، وترشيد مياه الشرب، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحى المعالج فى الرى، والاعتماد على الطاقة المتجددة، إلى جانب إدارة منظومة المرور بالكامل عبر النظم الذكية، ودخول أكثر من وسيلة مواصلات داخل هذه المنظومة».

وأضاف «صبور»: «المدن الجديدة جاذبة للاستثمارات، حيث سهولة الانتهاء من الإجراءات الحكومية، ووجود منظومة حوكمة شفافة وواضحة تقلل الفساد أو الخطأ البشرى، فضلاً عن تصميم منازل خضراء بنظام أفضل للتهوية، واستغلال أفضل لضوء الشمس والموارد الطبيعية».

من جهته، يصف سيف فرج، خبير اقتصادى، منظومة الذكاء الصناعى بأنها «منظومة حياتية كبيرة ومتكاملة»، لا تعتمد فقط على تصميمات حديثة للبيوت، ولكن إتاحة جميع الخدمات للمواطن داخل مدينته بأقل جهد، ما يمكنه من التعامل مع المؤسسات الحكومية واستخراج التراخيص والأوراق كافة عبر الإنترنت، وذلك يستلزم إجراء تعديلات فى الجهات الحكومية، لتأسيس منظومة إلكترونية واضحة، لها ضوابط.

وأضاف: «المدن الذكية توفر قاعدة بيانات واضحة وشفافة، تساعد المسئول على اتخاذ القرارات، والتواصل مع القطاع الحكومى والخاص داخل كل مدينة، ويمكن للمواطن حجز تذاكر القطار الجديد المكهرب (المونوريل) عبر الهاتف، وترتيب أولويات يومه وفقاً للإمكانيات المتاحة له».


مواضيع متعلقة