خبير الشئون الأفريقية: «السيسى» تحمل بمفرده عبء العودة إلى أفريقيا.. وأمريكا تحاول منعنا من لعب دور فى القارة السمراء

خبير الشئون الأفريقية: «السيسى» تحمل بمفرده عبء العودة إلى أفريقيا.. وأمريكا تحاول منعنا من لعب دور فى القارة السمراء
- سيد فليفل
- لجنة الشئون الأفريقية
- الاتحاد الأفريقى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- السيسي
- أفريقيا
- ضخ استثمارات عربية
- سيد فليفل
- لجنة الشئون الأفريقية
- الاتحاد الأفريقى
- الرئيس عبدالفتاح السيسى
- السيسي
- أفريقيا
- ضخ استثمارات عربية
قال الدكتور سيد فليفل، أستاذ التاريخ المرموق، العميد الأسبق لمعهد الدراسات الأفريقية، رئيس لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى يحمل على عاتقه عبء عودة مصر إلى أفريقيا، وأضاف «فليفل» فى حوار لـ«الوطن»، أن أطرافاً دولية عديدة منها الولايات المتحدة تسعى لقطع الطريق أمام مصر للنفاذ داخل أفريقيا من جديد، وأشار إلى أن مصر لديها رؤية للعمل الجماعى من خلال الاتحاد الأفريقى وننسق ضخ استثمارات عربية فى الدول الأفريقية وإتاحة الفرصة للاستفادة من خبراتنا وزيادة دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.. إلى نص الحوار
كيف ترى الأداء المصرى تجاه أفريقيا بعد 5 شهور من رئاسة الاتحاد الأفريقى؟
- خفت الاهتمام بعد الاحتفاء بتولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، مع العلم أن الاتحاد يقوده «ترويكا» من الرئيس الحالى والماضى والمقبل، ما يعنى أن مصر شاركت فى الرئاسة العام الماضى وتقوده خلال العام الحالى وستظل كذلك العام المقبل، ومصر بصدد عمل مستمر لتقوية العلاقات مع أفريقيا، لكن الحقيقة هذا يرجع لشخص الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى بدأ عملاً شاقاً وتحمل القسم الأكبر وتحركت معه أجهزة محدودة للدولة، لكن ليس هذا هو المطلوب، إنما المطلوب أن نتحرك جميعاً صوب أفريقيا، ومن غير الممكن أن تضع أفريقيا برنامجاً طموحاً للتصنيع ولا يكون لوزارتى الصناعة وقطاع الأعمال ورجال الأعمال دور واضح.
الأفارقة يتحدثون الآن عن «أفريقيا التى نريدها» وأفريقيا التى نريدها نحن لا بد أن تكون آمنة لأنه لا تنمية بدون أمن، ولا بد أن نعمل مع المجلس الأفريقى للسلم والأمن لكى نصل لتعاون معهم فى مشروعات الزراعة والصناعة المشتركة، ولا بد أن نفكر فى أفريقيا باعتبارها قارة الحياة، فإذا كان النيل هو موردنا الوحيد والنيل يأتى من أفريقيا، إذاً أفريقيا هى موردنا الوحيد، وهى مبتغانا الأساسى، وكثير من الجهود التى تبذل لتعطيل الدور المصرى هى تعطيل لقوة الدولة المصرية.
لدينا رؤية للعمل الجماعى.. وننسق لضخ استثمارات عربية وزيادة دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية
ومن يسعى لتعطيل الدور المصرى هناك؟
- قوى كثيرة متعدة الأشكال والقوة، فهناك «أسود ونمور وفهود وضباع وكلاب برية وثعالب وثعابين» تسعى لقطع الطريق إلى أفريقيا أمام مصر.. الولايات المتحدة مثلاً وضعت سياساتها على أن دور مصر فى الشرق الأوسط وليس فى أفريقيا، ونهاية الشرق الأوسط عند الأمريكان تقف عند حدود مصر الغربية والجنوبية، ما يعنى أنها لا تمتد حتى إلى السودان، ويسعون لمنع مصر من لعب دور فى تحقيق الأمن والاستقرار فى دول مثل جنوب السودان وأفريقيا الوسطى والصومال.
وكان الرئيس الأسبق مبارك يلتزم إلى حد كبير بهذه الرؤية الأمريكية، فركز اهتمامه على الشرق الأوسط فقط، وما زال الأمريكان يؤسسون تكتلات مثل «اتحاد شرق أفريقيا» و«اتحاد هضبة البحيرات» و«إيجاد» ولا يدعون مصر إليها، فـ«إيجاد» مثلاً هو تجمع هدفه مقاومة التصحر والجفاف، فكيف لا تُدعى مصر للمشاركة فيه رغم ما تملكه من خبرات كبيرة فى هذا المجال؟ الحقيقة أن الموقف الأمريكى يعنى أنه يريد مصر فقط فى إطار «كامب ديفيد» لخدمة إسرائيل، والتزم الرئيسان السادات ومبارك بذلك لأبعد مدى، إلى أن أثبتت التجربة أن فى ذلك ضرراً كبيراً للشعب، لكن الدولة المصرية تتعامل مع الأمم المتحدة وترسل قواتها من خلالها، وهذا مؤشر على تعدد الآليات والوسائل فى أداء الدور، وللإنصاف اشتراكنا فى أواخر عهد مبارك فى تجمع الكوميسا والساحل والصحراء فتح المجال فى أن يكون لمصر دور بالمنطقة.
د. سيد فليفل لـ"الوطن": القاهرة تتحرك الآن أفضل من أى وقت منذ "عهد عبدالناصر"
هل يمكن أن تعطينا أمثلة على تفعيل الدور المصرى مؤخراً؟
- الأمثلة كثيرة، فقد أصبحت القاهرة مقراً لـ«المركز الأفريقى لإدارة وحل المنازعات بعد الصراع»، أى رعاية الأطفال المشردين ومن حمل منهم السلاح، ومشكلة نقص الغذاء وتوفير التدريب والمعونة، والإشراف على جمع التمويل الدولى لهذه الأغراض، وتم الإعلان عن انطلاق محطة للأقمار الصناعية لأفريقيا من القاهرة، وطرح الرئيس مبادرة علاج مليون أفريقى من فيروس سى، وتنتشر الآن مراكز مصرية للأمراض المتوطنة هناك، والمركز الوحيد لعلاج الكلى فى إثيوبيا، على سبيل المثال، مصرى.
وعلى الصعيد الدبلوماسى فإن الرئيس قام بأول جولة لدول غرب أفريقيا منذ أيام عبدالناصر، فالأفارقة عندهم أمل فى مصر وفى السيسى، الذى بذل جهداً كبيراً فى وقت قصير لمساعدتهم فى مواجهة الإرهاب عسكرياً وأمنياً، وأعاد مصر للعمل النقابى الذى غبنا عنه من سنين، وقوّى العلاقات العربية الأفريقية، وهو أول من دعا آلاف الشباب الأفارقة لحضور مؤتمرات فى مصر، وهذا كله لم يحدث منذ أيام عبدالناصر، ولذلك بادرت إحدى جمعيات المجتمع المدنى فى غينيا وأعلنت أن السيسى «رجل العام فى أفريقيا»، كل هذا جيد لكنه جهد يخص الدولة المصرية، لكن ما نطمح إليه هو مجتمع مدنى نشط فى أفريقيا، فلو طلبت من وزارة التضامن بياناً بعدد الجمعيات التى تحمل اسم أفريقيا والصلة الحقيقية التى تربطها القارة لن تجد شيئاً إلا اجتماعات ومؤتمرات، ونحن نحتاج إلى جهد أكبر ونحتاج لأن ينشأ المواطن المصرى منتمياً لأفريقيا بقدر ما هو منتمٍ للعروبة.
الأفارقة عندهم أمل فى مصر.. وجمعية غينية أعلنت "السيسى" رجل العام فى القارة
على ذكر اهتمام مصر بالقرن الأفريقى، متى تتعافى الصومال المنكوبة من الفوضى التى تضربها منذ عقود؟
- الصومال دولة كانت مستهدفة، لأن موقعها يسمح لها بالتحكم فى التجارة الدولية، وهذا يعنى قدرة من يسيطر على الصومال على تحجيم خصومه، وكان هذا هو الغرض الذى ذهبت من أجله فرنسا لجيبوتى سنة 1862، وذهبت بريطانيا لشمال الصومال سنة 1884، وذهبت إيطاليا لإريتريا سنة 1870 ثم إلى جنوب الصومال، والإيطاليون الذين فاتهم أن يدركوا فرنسا فى احتلال ساحل شمال أفريقيا فلما جاءوا إلى القرن الأفريقى قالوا نحن نلتقط مفاتيح البحر المتوسط فى البحر الأحمر، أى إن من يوجد فى الصومال أو جيبوتى أو اليمن من الناحية الأخرى يؤثر فى التجارة الدولية، لكن الآن من حسن الحظ أننا وصلنا لنقطة توازن دولى لا تسمح لأحد بأن يعطل التجارة الدولية باستثناء حالات الحرب.
أسود ونمور وفهود وكلاب برية وثعالب وثعابين تسعى لقطع الطريق أمامنا داخل أفريقيا
لكن جيبوتى تشارك فى الموقع المهم وهى مستقرة لكن الصومال لم تعرف الاستقرار منذ نهاية الثمانينات؟
- جيبوتى لم تنشأ أساساً كدولة إلا عام 1977 أى بعد انتهاء الحرب الباردة وتوقيع اتفاقيتى سولت 1 و2 بين أمريكا والسوفييت عام 1972، أما الصومال فقد استقل عام 1960 فى أوج الحرب الباردة والأزمة الكوبية، وقتها استقطبت الثورة الصومالية الاتحاد السوفيتى قبل أن ينحاز لإثيوبيا بداية من 1974 ويترك الصومال، وسعت الولايات المتحدة لعقاب الصومال لتحالفه مع السوفييت تماماً كما فعلت مع يوغسلافيا السابقة عقاباً لها على سياسة عدم الانحياز فضربتها كما ضربت مصر وكل دول عدم الانحياز، وساء الوضع عندما أرادت أمريكا أن تدخلها كمنقذ لها عام 1991 بعد إسقاط رئيسها «سياد برى»، وكانت المفاجأة للأمريكان الذين اكتشفوا أن هذا الشعب يستعصى على الاحتلال وزادت مقاومة الصوماليين لهم ولحلفائهم من الإيطاليين بسبب أخطاء تتعلق بإهانة الرجال والنساء هناك.
وكيف هو الوضع الآن فى هذا البلد الهام؟
الجديد فى الأمر أن الصومال بدأ يتعافى، وهناك رغبة أكيدة فى إعادة بناء الدولة، وأصبحت الحكومة المركزية قادرة على استقطاب مساعدات لم تكن تأتى لرؤساء سابقين، والقضية إذا أردت الوصول لنقطة توازن فى العلاقات التجارية الدولية فعليك ألا تسمح ببؤرة من بؤر الصراع فى أى إقليم، ما يقتضى القضاء على العصابات والميليشيات وعلى رأسها «جماعة الشباب» المتطرفة والمدعومة من قطر وتركيا والإخوان.