مدير "عباس حلمي" لعلاج الإدمان: زيادة نسبة التعاطي بين الأطفال والمراهقين 10% سنويا

كتب: نرمين عصام الدين

مدير "عباس حلمي" لعلاج الإدمان: زيادة نسبة التعاطي بين الأطفال والمراهقين 10% سنويا

مدير "عباس حلمي" لعلاج الإدمان: زيادة نسبة التعاطي بين الأطفال والمراهقين 10% سنويا

يستقبل مركز عباس حلمي للطب النفسي وعلاج الإدمان بالإسكندرية والتابع للأمانة العامة للصحة النفسية الحالات المرضية يوميًا بالعيادات الخارجية، ويطرق المرضى الأبواب بحثًا عن العلاج المجاني، وذلك في إطار فعاليات حملة التوعية بمخاطر التعاطي وإدمان المواد المخدرة لدى المراهقين والأطفال، تحت عنوان "تقدر من غيرها" بالمحافظة، حيث تعتبر فئة المراهقين هي أكثر فئة عرضة لمخاطر التعاطي والإدمان النفسية والسلوكية والبيولوجية.

قال الدكتور ناصر زهران، استشاري المخ والأعصاب والطب النفسي وعلاج الإدمان، ومدير مركز عباس حلمي للطب النفسي وعلاج الإدمان، في حوار خاص لـ"الوطن"، زيادة نسبة المدمنين من المراهقين والأطفال وذلك من 5: 15% من إجمالي 50 ألف متردد سنويا إلى المركز، حيث أن تلك النسبة موحدة على مستوى محافظات مصر، ويرجع ذلك إلى نشرات التوعية المؤسسية وازياد الوعي بمخاطر التعاطي والإدمان من قبل الأطفال والأهل على السواء.. وإليكم نص الحوار:

بداية، هل زيادة نسبة اكتشاف المدمنين من الأطفال والمراهقين بنحو 10% تعد خطيرة؟

- بالفعل، نحن غير قادرين على منع تعاطي المواد المخدرة من الحشيش والترامادول في بعض الشوارع التي تعج بها وخاصة أماكن الخلاء، التي من الممكن أن يمارس بها الطفل والمراهق أساليب التعاطي: "مش هنقدر نمنع المخدرات في الشارع"، ولكن زيادة النسبة يشير إلى فعالية وقوة نشرات التوعية المؤسسية من المراكز الصحية والتعليمية والدينية بمخاطر الإدمان على الصحة العامة، ما ينبه الآباء والأمهات بمراقبة سلوكيات أبناءهم بشكل عام، موضحا أن هناك قلة ملحوظة في عمر التعاطي.

ما تعريف الإدمان، وما هي مواده؟

- الإدمان هو الاعتمادية على مادة أو سلوك والاستمرار عليه مع عدم القدرة على التوقف، ويشمل مواد مثل السجائر والحشيش والترامادول والمنشطات الرياضية والأدوية الطبية والهيروين، وكذلك ممارسة أنشطة الإنترنت وألعاب الفيديو والتسوق والشراء، حيث أن الممارسة المتكررة تؤثر على حياته نفسيا وجسديا ما يعطل من ممارسة أولويات حياته.

الطفل يتعلم الإدمان بالتقليد

كيف يقبل الطفل أو المراهق على التعاطي؟

- يتعلم الطفل الإدمان بالتقليد فحسب، ما يصاحبه الشعور بـ"الانبساط" واستعداده التام إلى ارتكاب فعل التناول والذي تأخذه قدميه إلى التعود وتكرار السلوك، وذلك يرجع إلى عوامل عدة منها دور المدرسة والأهل، وعوامل وراثية قابلة للإدمان، وبيئية والمتمثلة في أساليب التربية غير الصحيحة مثل قلة الاهتمام وشدة الاعتمادية على الغير، فلا بد من حصول الطفل على علاقات اجتماعية صحيحة الأسس وخلق تواصل روحي مع أفراد الأسرة، وتجنب المعاملة بقسوة.

وتفسير ذلك يرجع إلى شعور الطفل أو المراهق بالرغبة والفضول تحت ضغط كبير و"ظرف قهري"، والتي تسير به نحو الاستجابة إلى التعاطي حتى يشعر بـ"المكافأة"، فيلجأ إليه المخ باستمرار ويكرر السلوك بشكل قهري بعد ذلك، وتتوقف قشرة المخ الأمامية عن العمل وهو المكان المسؤول عن اتخاذ القرارات ولذلك يلجأ إلى ما اعتاده المخ من سلوك لتقليل هذا الشعور بصورة أتوماتيكية ولا يقدر على التوقف من تلقاء نفسه ويحتاج إلى مساعدة.

المدمن يرتكب سلوكيات عكسية نتيجة تلك الأعمال القهرية المصاحبة لإدمان المواد المخدرة، وعمل المخ في دائرة مغلقة، بالإضافة إلى توقف عمل القشرة الجبهية للمخ، حيث تنحصر العلاقات الاجتماعية في مروجي المخدرات: "الإدمان عدوى سلوكية والطفل عنده فضول يجرب كل حاجة، ولما يجرب الإدمان وينبسط يقبل عليه باستمرار".

ما هي أعراض الإدمان عند الأطفال؟

- تتمثل في زيادة ملحوظة في المصاريف، وغياب أشياء من المنزل، وإحمرار دائم في العينين، ونقص ملحوظ في الوزن، وتدهور ملحوظ في المستوى الدراسي والتغيب عن المدرسة، بالإضافة إلى التقلب السريع في المزاج، والشعور الحاد نحو الأشياء، واتخاذ أسلوب المراوغة والهروب من الأحاديث.

إدمان الإنترنت

ما هي مراحل الإدمان عند الأطفال والمراهقين؟

- يمر الإدمان بـ3 مراحل، فالأولى تتمثل في إجراء التجربة، والثانية تسمى بسوء الاستخدام والتي تشير إلى تكرار التجربة، والمرحلة الثالثة تتمثل في تعاطي المواد المخدرة، والرابعة تتمثل في التعاطي باستمرار سواء يوميا أو أسبوعيا أو شهريا، على أن المرحلة الخامسة تساوي درجة الإدمان في الاعتمادية الشديدة وتكوين الدائرة المغلقة مع مروجي المخدرات، حيث يفكر الطفل في البحث عن المخدر، وسبل توفير الوسيلة الشرائية والمكان الذي ينتشي به.

وما هي أسباب إقبال الأطفال على التعاطي وارتكاب سلوك الإدمان؟

- تنبثق الأسباب من البيئة الخارجية والمتمثلة في الشارع والمدرسة، والبيئة الداخلية والمتمثلة في الخلافات الأسرية فهي العامل الأساسي ضمن الأخطاء التي يظهرها الأبوين أمام أعين الأطفال، فتجد الفروق التعليمية تتسب في خلق المشكلات مثل ضرب الزوج زوجته أمام أبناءه، أو أن تفضح الأم ابنها أمام الجيران عند ارتكابه الخطأ، بالإضافة إلى توجيه النقد المستمر إلى الطفل.

كيف تصبح المدرسة بيئة مشجعة على الإدمان؟

- "الأولاد في المدرسة بيشجعوا بعض على لعب الـ"أون لاين جيمز" وفيه ألعاب منتشرة على "السوشيال ميديا خطيرة"، تلك المنشطات الرياضية التي ازداد ممارستها في الآونة الأخيرة والتي هي مبرمجة على أسلوب "المؤامرة" تفقد الطفل القدرة على التواصل وتقلل نسبة كبيرة تعليم مهارات التخاطب وأساليب الحوار الفعال المتصل مع البيئة المحيطة ما تؤدي به إلى العزلة، تلك الظاهرة منتشرة بين طلاب المرحلة الإعدادية: "زمان كانت منتشرة بين طلاب الثانوية"، فيما يتسم الطالب في تلك الفترة بالاندفاعية والتقليد والرغبة في إجراء التجربة.

كيف تبدأ مراحل الإقلاع عند الطفل أو المراهق؟

- "العند يولد الكفر".. تبدأ مراحل الإقلاع عن الإدمان عند اقتناع الطفل بخطورة سلوكه على الحالة الجنسية والصحية إذا استمر في ممارسته وليس إجباره على ترك المخدرات، ولا بد من اصطحاب الأبوين للطفل إلى الأماكن العامة خارج أسوار المنزل حتى تتم إجراء المواجهة واستعراض المشكلة مع أهمية تشجيعه لترك ذلك السلوك: "لازم نجنب الخلافات الأسرية إذا كانت موجودة ونتفق على الاتحاد، ومنلقيش الاتهامات لبعض"، فالطفل في تلك الحالة "فاهم سلوكه، وشعوره زي شعور المدمنين الكبار سنا، ولكن مش واخد باله بالخطورة الناتجة".

هل الإنترنت يعد من المواد المخدرة؟

- بالفعل، إدمان الـ"سوشيال ميديا"، يتساوى مع إدمان الحلويات والشوكولاته، وممارسة الألعاب الرياضية: "المخ بيكرر العادات مهما كانت مضرة وسيئة، لأنه بيضيع الضغط اللي عليه".

ما هي مراحل العلاج؟

- إجراء بحث اجتماعي للتعرف على درجة الشدة الإدمانية، والمواد المخدرة التي تناولها الطفل، وسن بداية التعاطي، وعدد مرات الاستخدام اليومي، وطرق تعاطي المواد المخدرة التي تتنوع عن طريق الفم أو الحقن بالوريد، ومعرفة أقصى جرعة تناولها، وهل يفضل التعاطي منفردا أم وسط مجموعة وعدد محاولات التبطيل، الفترة العلاجية تخضع لإشراف طبيب النفسية والعصبية، والأخصائي الاجتماعي، والأخصائي النفسي وذلك لتحديد مدة العلاج.

ماذا عن إدمان الجنس؟

- يظهر إدمان الجنس عند مرحلة البلوغ، المصاحبة الشعور بالرغبة الجنسية والتغيرات الجسمانية فيقبل الطفل على ممارسة العادة السرية بشكل كبير، ويصاحب ذلك نوعا من الأمراض النفسية يعرف بـ"الوسواس القهري"، حيث يعتمد الطفل على مشاهدة الأفلام الجنسية، وومارسة الألعاب.

والحل في التقرب إلى الله، والانصراف عن ممارسة "العادة السرية" أو التفكير بها، واستبدال تلك السلوكيات السيئة بأخرى حسنة، مثل التعرف على الجنس الآخر من الزميلات لإتمام مهمة أو إجراء أعمال تطوعية دون التقرب إليهن ما يؤثر بالشعور: "المراهق هيرتاح نفسيا، وموضوع الجنس هيقل بالتدريج".

كيف يتم التعافي؟

- يتم عن طريق نزع المادة المخدرة من الجسم، ثم تبدأ مرحلة التعافي المصاحبة بإعادة التأهيل، مع إجراء المتابعة العلاجية على أن تتراوح المدة العلاجية بين شهر إلى 6 أشهر، تحت إشراف كلا من الطبيب النفسي، والأخصائي الاجتماعي، لا بد من استشارة الطبيب النفسي المتخصص في علاج إدمان المراهقين لتحديد الطريقة المناسبة للتدخل في الحالة، بالإضافة إلى أنه لا بد من إدراك حقيقة أن مشكلة الإدمان ليست مشكلة عارضة تحل بالصدام أو تقييد الحرية أو العقاب الأسري، بل أنه مرض يحتاج إلى برنامج علاجي يشمل علاج نفسي واجتماعي ودوائي واجتماعي بالإضافة إلى إرشاد أسري.

ما هي النصائح التي تقدمها إلى الأبوين تجاه أبناءهم؟

- احذّر من عدم الاهتمام واعتناء الآباء لأولادهم، ما ينتج عنه انحرافا في السلوك، فلابد من مراقبة الأبناء ومراقبة الآباء لسلوكياتهم، فإذا لم يتم إشباع حاجات الطفولة بشكل مناسب يستمر الطفل في خوض معاركه الأولية لإشباع حاجاته المتأخرة: "لازم كمان الأب والأم يراقبوا نفسهم وتصرفاتهم قبل أبناءهم".

ولا بد من مواكبة التغيرات الجسمانية لدى المراهقين بين الأولاد والذي يبدأ بين 13: 18 سنة، والبنات بين 11: 16 سنة، والمصاحب لتلك التغيرات الشكلية نوعا من التمرد لتكوين الشخصية.

كيف يشارك مركز عباس حلمي في حملة "تقدر من غيرها"؟

- مركز عباس حلمي تابع لأمانة الصحة النفسية، ونظمت فعاليات الحملة برعاية الدكتورة منى عبدالمقصود، ويستقبل المركز الحالات يوميًا من الساعة 9 حتى الـ12 ظهرا في عيادة الإدمان لعلاج الذكور والإناث من الأطفال والمراهقين، فيما ينظم ندوات توعوية وتثقيفية بالمدارس والكنائس والمساجد وذلك بالتعاون مع هيئة الأزهر الشريف.


مواضيع متعلقة