انتخابات «إسطنبول».. معركة الأتراك للثأر من «ألاعيب أردوغان»

كتب: محمد حسن عامر

انتخابات «إسطنبول».. معركة الأتراك للثأر من «ألاعيب أردوغان»

انتخابات «إسطنبول».. معركة الأتراك للثأر من «ألاعيب أردوغان»

«لن ننظر إلى المعدة بعد الآن، سننظر فقط إلى الرؤوس، لقد ملأنا بطون الجميع لكن ها هى النتيجة».. بهذه الكلمات كانت ردة الفعل الأولى من قبل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، معبراً عن استيائه عندما علم بنتائج التصويت فى الانتخابات البلدية بـ«إسطنبول» عاصمة تركيا الاقتصادية، بعبارات حملت المعايرة للشعب على اختياراته التى ذهبت لمصلحة مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، الضربة كانت موجعة، «إسطنبول» التى لطالما كانت معقل حزبه، وبين عشية وضحاها أتى هذا الشاب «إمام أوغلو» ليسحب البساط من تحت أقدامهم، فيكون فوزه مسماراً قوياً فى نعش حكمهم، خصوصاً أن نجاحه قد يفتح الباب أمام انهيارات متتالية لتجربة «الإسلامويين» فى تركيا بل إن «أردوغان» نفسه يعرف أن من يخسر «إسطنبول» يخسر تركيا.. اليوم يتوجه الناخبون مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع للثأر من «ديكتاتورية أردوغان وألاعيبه».

سيناريوهات التصويت: فوز "أوغلو" متوقع.. والعكس يطلق "حديث التزوير"

يبدو بحسب كثير من المؤشرات أن مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو هو الأقرب للفوز ببلدية «إسطنبول»، بحسب مؤشرات رصدتها كبرى شركات استطلاع الرأى، حيث كشفت شركة «كوندا»، أكبر شركات استطلاع الرأى والدراسات فى تركيا، نتائج استطلاعاتها وقالت قبل أيام إن اللغة التى استخدمها حزب العدالة والتنمية الحاكم قبل انتخابات البلديات التى أجريت فى 31 مارس الماضى، وحدت صفوف المعارضة.

"عبدالفتاح": مرشح المعارضة يستفيد من الغضب الشعبى ووضع يده على فساد "العدالة والتنمية"

وأضافت الشركة: «للمرة الأولى منذ 17 عاماً تكون كفة الميزان فى صالح المعارضة»، وأظهرت نتائج استطلاع الرأى تقدماً واضحاً فى أصوات مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، أمام مرشح حزب العدالة والتنمية بن على يلدريم، مؤكدة أن «إمام أوغلو» ترك انطباعاً جدياً وودوداً لدى الناخبين، وهو ما يواجه مرشح رجب طيب أردوغان أزمة فيه، ولفت إلى أن قرار اللجنة العليا للانتخابات بإلغاء نتائج التصويت فى «إسطنبول»، أدى إلى عزوف نحو 3% من ناخبى حزب العدالة والتنمية عن الذهاب والمشاركة فى جولة الإعادة المرتقبة، وكان «إمام أوغلو» قد وجه صفعة مدوية لنظام الرئيس التركى بعد هزيمة مرشح الحزب الحاكم بن على يلدريم فى انتخابات بلدية «إسطنبول»، إلا أن نتائج الانتخابات ألغيت لاحقاً بعد ضغوط متواصلة من «أردوغان» وحزبه، ما جعل الانتخابات رغم ميلها لكفة «إمام أوغلو» إلا أنها تبقى مفتوحة على كل السيناريوهات.

1) فوز "أكرم".. السيناريو الأرجح

هو السيناريو الأرجح، بحسب الخبير فى الشأن التركى الدكتور بشير عبدالفتاح، الذى قال، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، إن «الجمهور الذى انتخبه من قبل لا يزال كتلة لها وجودها وستنتخبه مرة ثانية، وذلك لأنه لا تزال حالة الغضب الشعبى مسيطرة على الشارع التركى، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالانتهاكات الخاصة بحالة حقوق الإنسان وانتهاك الديمقراطية، واحتمالات تعرض الاقتصاد التركى لاهتزازات جديدة بسبب الضغط الأمريكى المتوقع نتيجة الحصول المتوقع على منظومة صواريخ إس 400 الروسية التى ترفضها واشنطن»، وأضاف الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: «الأمر الثانى أن إمام أوغلو قضى نحو 18 يوماً فى بلدية إسطنبول بعد الفوز فى المرة الأولى وقبل إبطال نتائج الانتخابات، فتمكن من وضع يده على مظاهر فساد وتلاعب من حاكم إسطنبول الذى سبقه وأعلن ذلك مراراً، وهذا يعطى أيضاً الفرصة لكثيرين للتفكير فى إنهاء حكم حزب العدالة والتنمية من إسطنبول»، وقال «عبدالفتاح»: «الأمر الثالث: ما بعد المناظرة الأخيرة بين إمام أوغلو وبن على يلدريم، حيث صبت هذه المناظرة لمصلحة مرشح المعارضة»، أما بخصوص حملات التشويه المضادة وإمكانية تأثيرها على اتجاهات التصويت ضد «إمام أوغلو»، قال «عبدالفتاح»: «فى مثل هذه الظروف، فإن حملات التشويه تدفع إلى نتائج عكسية، وأعتقد خلقت حالة من التعاطف مع إمام أوغلو، قيل إنه من أصول يونانية وسيسلم إسطنبول لليونان، كل هذه الأمور أعتقد تصب فى مصلحته، لأن حملات التشويه السياسية عادة ما يكون مردودها عكسياً».

2) "فوز بن على يلدريم"

سيناريو فوز بن على يلدريم مرشح حزب العدالة والتنمية يبقى كذلك سيناريو مطروحاً، لكنه سيكون له عواقب وخيمة، بحسب كرم سعيد، الباحث المتخصص فى الشأن التركى، وقال، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»: «كل المؤشرات تؤكد أن إمام أوغلو الأقرب للفوز فى ظل حالة تعاطف كبيرة معه، وإنه تعرض لظلم بإلغاء نتائج انتخابات إسطنبول التى كان فاز بها، كما زادت قوة حملة مرشح المعارضة بقوة خلال الفترة الماضية من تبرعات مالية ومتطوعين، فضلاً عن المناظرة التليفزيونية التى فضحت مدى القصور لدى يلدريم»، وأضاف «سعيد»: «هناك محاولات مضنية من قبل الحزب الحاكم ليفوز مرشحه يلدريم، وهناك محاولة استغلال لوفاة محمد مرسى لاستغلالها فى المشهد السياسى التركى الداخلى وتوظيف هذا الأمر سياسياً من منطلق مزاعم المظلومية وأن أردوغان نصير المظلومين، وغيرها من هذه المزاعم التى تعد محاولة لاستثمار المشهد فى مصر لاجتذاب بعض القواعد المحافظة فى إسطنبول وهى ليست بالقليلة»، وقال «سعيد» حول سيناريو فوز «يلدريم»: «سيكون لهذا الفوز انعكاسات على المشهد العام والسياسى، لأنه يعنى تكريس حالة الانقسام المجتمعى والسياسى فى البلاد، خصوصاً أن قوى مجتمعية كبيرة لديها إيمان حقيقى بأن إمام أوغلو كان قد فاز من الجولة الأولى، وبالتالى حتى فى حال تغيير النتيجة ستحوم شبهات التزوير حول فوز يلدريم وتحوم شبهات غير طبيعية حوله»، وأضاف: «وسينعكس كذلك فوز يلدريم على مستقبل الديمقراطية فى تركيا، تركيا كانت نموذجاً للديمقراطية يزاوج بين القيم الغربية والقيم الإسلامية، وهذا النموذج لم يعد موجوداً الآن، وهناك انتقادات دولية لمسار الانتخابات البلدية، وكل هذه أمور من شأنها التأثير على الديمقراطية فى تركيا وتعنى إحداث ردة ديمقراطية فى المشهد العام»، وتابع: «الحزب الحاكم يريد الفوز بأى طريقة ببلدية إسطنبول، كونها رمزاً للإمبراطورية العثمانية، وهى المركز المالى لتركيا، ونحو 43% من الضرائب التى تجمع فى البلاد تخرج منها، وهى المدينة الأكبر من حيث الكثافة السكانية، وبالتالى هناك إصرار عام على الفوز بها، وفى تقديرى أن الذخيرة السياسية لحزب العدالة والتنمية نفدت».

"سعيد": فوز "بن علي يلدريم" سيثير الشكوك ويؤكد الردة الديمقراطية

3) الإلغاء الثانى أو إفشال "أوغلو"

«السيناريو المتوقع بنسبة مائة بالمائة أن يفوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو»، هكذا توقع الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية نتائج انتخابات بلدية «إسطنبول»، وقال، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، إنه «بحسب كل استطلاعات الرأى سيفوز مرشح المعارضة، وحتى الأحزاب الأخرى التى لم تكن تتفق مع مرشح المعارضة اتفقت على دعمه مناوأة لأردوغان»، وأضاف «سمير» حول رد الفعل المتوقع من قبل الرئيس التركى فى حال فاز مرشح المعارضة: «قد يلجأ أردوغان إلى الضغط على لجنة الانتخابات من أجل الإعادة للمرة الثانية، والسيناريو الثانى: أن يعمل أردوغان على إفشال أكرم إمام أوغلو، لأن ما حصل أن كل الأوراق التى كانت تدين فساد أردوغان فى إسطنبول تم انتزاعها وإبعادها من البلدية، وكان الغرض من تأجيل حسم انتخابات إسطنبول، لكسب الوقت حتى لا تكشف المعارضة حجم الفساد والمخالفات التى ارتكبها الحزب الحاكم»، وتابع: «هنا سيقبل أردوغان بفوز مرشح المعارضة، لكنه سيعمل على مضايقته وإفشاله وتقليم أظافره ويمنعه من ممارسة كامل صلاحياته، وهذا برأيى السيناريو الأقرب، لأن إلغاء النتائج سيعرى الرئيس التركى أكثر»، وقال «سمير» إن «أردوغان سيعمل على إفشال مرشح المعارضة حال فوزه، حتى لا يتحول نجاح المعارضة فى إسطنبول إلى نموذج يمكن أن تنجح به المعارضة فى بلديات أخرى».

محطات فى أزمة انتخابات بلدية "إسطنبول"

31 مارس 2018

إجراء الانتخابات البلدية بعد انتقادات طالت الحزب الحاكم.

1 أبريل

مرشح الحزب الحاكم بن على يلدريم يستبق النتائج ويزعم فوزه بـ«إسطنبول».

2 أبريل

اللجنة العليا للانتخابات تعلن تقدم مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو.

3 أبريل

الرئيس التركى يعترف بالهزيمة لكن يطعن فى صحة النتائج.

4 أبريل

إعادة فرز الأصوات جزئياً ويتأكد فوز مرشح المعارضة.

15 أبريل

إعادة فرز جزئى مرة أخرى فى «إسطنبول» ويتأكد فوز «إمام أوغلو».

16 أبريل

اللجنة العليا للانتخابات تؤكد فوز مرشح المعارضة.

17 أبريل

تسلم «إمام أوغلو» رسمياً وثيقة تنصيبه رئيساً للبلدية.

6 مايو

اللجنة العليا للانتخابات تعلن بطلان النتائج بعد طعن من الحزب الحاكم.

23 يونيو 2018

إجراء الإعادة للانتخابات بنفس المرشحين.


مواضيع متعلقة