صانع الأقفاص: البلاستيك غزا السوق مع إنه مش صحى.. وقفص العيش بـ«3 جنيه ونص»

صانع الأقفاص: البلاستيك غزا السوق مع إنه مش صحى.. وقفص العيش بـ«3 جنيه ونص»
- الأوانى البلاستيكية
- الحصول على وظيفة
- تربية الدواجن
- تربية الطيور
- تقطيع اللحوم
- جريد النخل
- حى السيدة زينب
- قطعة خشبية
- مرحلة عمل
- أجزاء
- الأوانى البلاستيكية
- الحصول على وظيفة
- تربية الدواجن
- تربية الطيور
- تقطيع اللحوم
- جريد النخل
- حى السيدة زينب
- قطعة خشبية
- مرحلة عمل
- أجزاء
على الرصيف المجاور لمسجد الجاولى بحى السيدة زينب، يفترش الأرض محمد جريدة، 65 عاماً، يضع بجانبه عدته المكونة من مطرقات متنوعة الحجم وأدوات حادة لتقطيع جريد النخل المتراص أمامه، فيقوم بتثبيت قطعة الجريد بقدميه على قطعة خشبية تشبه «وَرش تقطيع اللحوم»، لتتناوب يداه الخشنتان استخدام الأدوات كلٌ حسب احتياجه، ليستمر على وضعه هذا بين أشواك تعلق بيديه وقدميه وتقطيع وتنعيم حتى يقوم وقد أعد أقفاص الخبز وتربية الدواجن، فتتراص بضاعته بجانبه فى انتظار قدوم المشترين الذين عزف بعضهم عن استخدامها واتجهوا إلى الأوانى البلاستيكية والتى يراها «جريدة» غير مناسبة صحياً وبيئياً بحسب حديثه لـ«الوطن».
بحركات سريعة ومنتظمة وبترتيب يخلو من ارتباك، يبدأ الرجل الستينى عمله فى الوقت الذى يناسبه، بعد أن يحصل على الجريد الخام من أحد تجار قرية «المنوات»، ليقوم بتنظيف أعواده باستخدام أداة حادة حتى تصبح الأعواد ناعمة، ثم يقطع تلك الأعواد إلى قطع تختلف أطوالها بين متر أو ما يزيد عليه وفقاً للاستخدام، وقطع أخرى قصيرة الطول، وذلك بعد أن يحدد «جريدة» تلك المقاسات بحرفية عالية باستخدام «المتر أو نماذج لأعواد قديمة»، ثم تأتى مرحلة عمل فتحات فى العوارض ذات الطول الأكبر بدقة تحافظ على تساوى المسافات فى كل قطعة مع الأخرى، ليبدأ بعد ذلك مرحلة الجمع والتركيب التى لا يقل احتياجها للدقة والتركيز عن مراحل الإعداد السابقة، فيختار العوارض المقطوعة من الجزء الأقوى فى الجريدة لتشكيل أطراف الأقفاص، ولتصنع أيادى عم محمد فى النهاية أقفاصاً لحمل الخبز أو لتربية الطيور، وتابع أن كل أجزاء النخلة يمكن استغلالها «قطع الجريد يفعل الله ما يريد، مفيش حاجة فى النخلة ماتنفعش؛ ليف وبلح ومقشات وجريد».
"محمد جريدة": دا أكل عيشى والمعاش عدمان مايكفيش حاجة فلازم أنزل أشتغل
ويحكى صانع الأقفاص لـ«الوطن» حكايته أثناء عمله، فهو يضيق ذرعاً بأى شىء قد يعطله عن إنجاز عمله، وكذلك الحال بالنسبة لبعض زبائنه الذين يصفهم بكثيرى الحديث منقطعى اللسان إذا تغيرت دفة الحديث إلى الاتفاق المادى «الزباين عايزة الحاجة رخيصة وبتفاصل وهو أصلاً السعر مش غالى، القفص بـ3 جنيه ونص، ويفضلوا يتكلموا كتير ويضيعوا وقتى وماعرفش أشتغل طول اليوم وأول ما نيجى نتفق على الفلوس يسكتوا أو يمشوا وخلاص»، لذلك كان قراره بعدم الذهاب ببضاعته للأسواق أو اللف فى الشوارع «الزبون لو روحت له لحد عنده بيتنمرد.. أنا مش فاضى أروح وآجى ألف على الناس وأبقى بوسطجى.. اللى عايز بيعرف مكانى وييجى يشترى ولو فيه أقفاص اتبقت بشيلها فى مكان قريب هنا زى خرابة».
دخل «محمد جريدة» عالم صناعة الأقفاص منذ كان طفلاً، وراثة عن أبيه، فلم يعرف غيرها، لكنه بات يرى أن الاهتمام اقتصر على المظاهر فقط لتلك الحرف وصيانتها ورعاية مُتقنيها من الحرفيين، ورغم كبر سنه ومشقة العمل على الجريد الذى يحتاج منه مجهوداً يستوجب طاقة بدنية تعتمد على كل عضلات جسده، إلا أنه يداوم على الوجود اليومى فى مكانه يُنتج عشرات الأقفاص متعددة الاستخدام، «ده أكل عيشى والمعاش عدمان مايكفيش حاجة، 360 جنيه يعنى كل يوم 13 جنيه مايصرفوش على بيت ومالهمش لازمة فلازم أنزل وأشتغل».
يبقى حال بضاعة «جريدة» كما هو حال صنعته بصفة عامة، فنادراً ما تجد من لا يزال يتخذها مصدر دخله، وأيضاً قد قلَّ الطلب على أقفاصه نتيجة دخول البلاستيك فى المجال، الأمر الذى جعله يعزف عن توريث المهنة لابنه ويحرص على حصوله على شهادة تمكنه من الحصول على وظيفة، كما أصبح يقتصر فى عمله اليومى على أقفاص الخبز والطيور فضلاً عن عمل القطع الأكثر تخصصاً بالطلب مثل «الكراسى والجزامات والترابيزات الجريد»، كما أنه يراقب سير السوق فيقول «ساعات الجو بيكون مريح فى الشغل وخصوصاً مثلاً لما العلف يغلى وساعات بيكون فيه إقبال وساعات أقفاص العيش شغالة وساعات تريح زى برضو تربية الفراخ ومواسمها»، إلا أنه يستنكر الاتجاه لاستخدام البلاستيك فى حمل الخبز «العيش بيكون سخن ويطلع على حاجة بلاستيك يتفاعل معاها ويسيح وده مش صحى غير إنه قلل البيع عندى» واختتم حديثه بينما يخرج شوكة علقت بيده «شوك بييجى فى إيدى وكلها تبقى مليانة وأفضل بالليل أنضف فيها وأنزل تانى يوم الشغل.. البيت مش بيبطل طلبات وربنا بيقوينا».