رمضان زمان.. الصيام وهل يعطل الإنتاج الأدبى والفنى؟

رمضان زمان.. الصيام وهل يعطل الإنتاج الأدبى والفنى؟
فى قطار الرحمة الذى خصصته الحكومة لجمع التبرعات للاجئين فى غزة بداية الخمسينات نمت قصة حب بين شادية وعماد حمدى، ترويها شادية نفسها، وتصفها بأنها «أول حب وآخر حب»، وفى مجلة الكواكب يروى المنتج السينمائى إلهامى حسن كيف تعاملت معه صاحبة بنسيون كان يسكن به فى لندن، حين علمت أنه صائم فى نهاية الأربعينات، وتستطلع نفس المجلة آراء عدد من الكتاب الكبار فى الصيام، وهل يعطل الإنتاج الأدبى والفنى، أما أطرف الموضوعات التى تحملها الصفحة فهى «وصفة» تقدمها فنانة الكوميديا الكبيرة مارى منيب لسيدات المنازل على اختلاف طبقاتهن الاجتماعية حتى يتخلصن من الذباب فى العيد.
رأى الدكتور محمد حسين هيكل بك
الصيام من الفرائض التى تهذب النفس أحسن تهذيب، وإلى جانب تهذيبه للنفس فيه رياضة للإرادة ومغالبة للعادات التى تقيد حرية الإنسان، والتى يحسبها الناس خطأ الحرية نفسها، على أنى لا أريد بالصيام ما يصنعه المصريون الذين يقضون ليلهم ينعمون من الطعام والشراب أكثر مما ينعمون به فى أيام الإفطار، ولكنى أقصد به ما أراده القرآن الكريم وهو اجتناب ما يثقل الجسم وما تميل إليه شهوات الإنسان الدنيا من طعام أو شراب أو غيرهما.
وليس فى الصيام تعطيل للإنتاج الذهنى ما دمت أرى أن فى الصيام تغلباً على عادات التدخين وشرب القهوة وما إليهما، على أن يدرك الصائم أنه بصيامه يسترد حريته من قيود هذه العادات ويتغلب بإرادته عليها.
أما الذين لا تكون عندهم هذه الفكرة أثناء صيامهم، فأولئك هم الذين يتألمون من الحرمان ويحسبونه قيداً للحرية، بينما هذه العادات هى القيد للحرية.
رأى الأستاذ محمد فريد وجدى
الصيام إمساك عن الطعام والشراب وعن جميع نواقضه من مألوفات النفوس.
وفى هذا الإمساك مجاهدة لا شبهة فيها فى الأيام الأولى منه، فإذا ما تكرر خفت وطأة هذه المجاهدة، وقد تتلاشى لدى الذين لم يعتادوا تناول القهوة والشاى وتدخين التبغ وغيره. فتكون حالة الصائم عادية، ويكون إنتاجه العقلى أغزر وأحسن مما لو كانت معدته مشتغلة بالهضم، على شرط أن يكون قائماً بما تفرضه عليه أصول علم الصحة فى مأكله ومشربه ونومه. بقى الذين اعتادوا شرب القهوة والشاى وتدخين التبغ وغيره، فهؤلاء تضطرب أعصابهم من الصيام وتسوء أخلاقهم منه، ويقل إنتاجهم العقلى.
فسألنا الأستاذ أن يدلى إلينا بشىء عن نظام غذائه وعمله فى رمضان فقال:
- النظام الذى أتبعه فى الصيام هو أنى أتناول السحور فى الساعة الأولى بعد نصف الليل، وأمكث ساعتين ثم أنام إلى الساعة التاسعة، وأبدأ عملى من الساعة العاشرة إلى الساعة الثانية بعد الظهر، ثم أتلهى بقراءة الصحف وبعض الكتب إلى الغروب فأفطر، وفى الساعة الثامنة أقابل الزائرين إلى منتصف العاشرة، ثم أخرج فأمشى مع بعض الأخصاء، وأعود بعد ذلك إلى دارى معهم فأقرأ لهم شيئاً من بعض المباحث التى تهمنى إلى منتصف الساعة الثانية عشرة.
«وإنى كثير المبالاة بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه».
رأى الأستاذ عباس محمود العقاد
لاحقته وهو يعلو درجات سلم الجريدة بقفزاته الواسعة حتى استقر فى مكتبه.. فقلت:
- لقد اعتزمنا إصدار عدد خاص برمضان.
فقاطعنى مبتسماً:
- حياكم الله.. وما شأنى فيه؟
فقلت:
- أن تدلو برأيكم فى الصيام وهل هو معطل للإنتاج؟
فقال الأستاذ:
- فأنت تسألنى سؤالاً محرجاً.. إلا أنه من الجائز ألا يعطل الصيام الإنتاج الأدبى فى ساعات النهار الأولى.. أما فى ساعات النهار المتأخرة فظنى أنه من الصعب الإنتاج الأدبى أو الفنى فى هذه الحالة، ولا سيما إذا كان الصائم ممن تعودوا التدخين أو ما يماثله فى أثناء عمله.
- وفى أثناء الليل؟
- أما فى الليل فالأمور تسير فى مجراها الطبيعى، بل ربما عوض الصائم فى أثناء النهار وزيادة.. ألا ترى أن السهر مستحب فى هذا الشهر المبارك فيصبح الليل وكأنه ليلان أو ليل ونهار معاً.
الكواكب 1954