بعد إرسال المشروع إلى مجلس الوزراء: هل يُسفر «قانون البنوك الجديد» عن ميلاد كيانات مالية عملاقة؟!

كتب: فاطمة نشأت ومصطفى محمود

بعد إرسال المشروع إلى مجلس الوزراء: هل يُسفر «قانون البنوك الجديد» عن ميلاد كيانات مالية عملاقة؟!

بعد إرسال المشروع إلى مجلس الوزراء: هل يُسفر «قانون البنوك الجديد» عن ميلاد كيانات مالية عملاقة؟!

فى خطوة لتعزيز دور القطاع المصرفى ومواكبة التجارب الدولية، قام البنك المركزى المصرى بإعداد مشروع قانون البنوك الجديد وإرساله لمجلس الوزراء تمهيداً لإحالته لمجلس النواب قبل نهاية مايو الحالى، وذلك بعد الانتهاء من مراجعته والموافقة عليه من قبَل المجلس، حيث يغطى القانون كلاً من البنك المركزى والبنوك التجارية.

وأعاد مشروع قانون البنوك الجديد تنظيم شروط تراخيص البنوك، حيث تم رفع الحد الأدنى لرأس مال البنوك لتصبح 5 مليارات جنيه، بدلاً من 500 مليون جنيه لكل بنك فى الوقت الحالى، و150 مليون دولار لفروع البنوك الأجنبية بدلاً من 50 مليون دولار، وسيمنح القانون للبنوك مهلة 3 سنوات لتوفيق أوضاعها.

بينما استثنى القانون الجديد البنوك المتخصصة من فترة 3 سنوات، وذلك بمنحها فترة سماح إضافية تصل إلى 5 سنوات للتوافق مع متطلبات زيادة رأس المال، والوصول به لمستوى 5 مليارات جنيه مقابل 500 مليون جنيه فى الوقت الحالى.

ويُعد قانون البنوك لعام 2003 هو آخر قانون تم إصداره حتى الآن، والذى نُص فيه على زيادة الحد الأدنى لرؤوس الأموال لتصبح 500 مليون جنيه، ما أدى إلى تقليص عدد البنوك العاملة فى السوق المحلية آنذاك، جرّاء الكثير من عمليات الاندماج والاستحواذ، ليتقلص عدد البنوك من 64 إلى 39 بنكاً.

يحيى أبوالفتوح: إلزام البنوك بزيادة رأس المال قد يؤدى إلى موجة من الاندماجات التى تخلق كيانات عملاقة قادرة على المنافسة دولياً

ولم تكن سياسة دمج البنوك جديدة على الجهاز المصرفى المصرى، حيث كانت هناك تجارب كثيرة فى بداية عهد الانفتاح الاقتصادى، والتى أسفرت عن تأسيس قطاع مصرفى قوى، فعلى سبيل المثال تم دمج بنك الائتمان العقارى فى البنك العقارى المصرى، والبنك المصرى البريطانى إلى «HSBC مصر» بعد أن استحوذ على اسمه البنك البريطانى واشترى حصة الجانب المصرى، كما أتم البنك الأهلى الكويتى صفقة الاستحواذ على بنك بيريوس، وكان آخرها استحواذ بنك «عودة - مصر» على البنك «الأهلى اليونانى - مصر» مطلع الشهر الحالى.

ويدرس البنك المركزى حالياً التخارج من المصرف المتحد خلال الفترة المقبلة، ومن المرجح أن تتم العملية خلال العام المقبل، حيث يمتلك البنك المركزى نحو 99.9% من أسهم رأسمال المصرف المتحد، وهو البنك الناتج عن اندماج 3 بنوك وهى: المصرف الإسلامى للتنمية والاستثمار، وبنك النيل، والبنك المصرى المتحد، وغيرها من صفقات الدمج والاستحواذ التى مر بها القطاع المصرفى المصرى، وتمكنت من تحقيق ثمارها المرجوة.

وشهدت عمليات الاندماج والاستحواذ نمواً مطرداً فى المنطقة العربية أيضاً خلال السنوات القليلة الماضية، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أعلن بنكا «الأهلى التجارى» و«الرياض» فى السعودية عن عملية اندماج لينتج ثالث أكبر كيان مصرفى فى منطقة الخليج، وذلك بعد فترة قصيرة من إعلان اندماج بنوك «أبوظبى التجارى، الهلال، الاتحاد الوطنى» فى الإمارات.

عاكف المغربى: 3 سنوات كمهلة لتوفيق الأوضاع "مناسبة" للوصول لمعدلات رأس المال المقررة

وترجع العوامل الرئيسية لموجة الاندماجات والاستحواذات التى سادت مؤخراً إلى الرغبة فى تأسيس كيانات مصرفية قوية وقادرة على المنافسة من خلال تحقيق الاستفادة القصوى من مزايا اقتصاديات الحجم الكبير التى تعزز من ترشيد النفقات، وتزيد من معدلات الربحية، فضلاً عن خلق منافسة بين البنوك فى تقديم أفضل الخدمات والمنتجات المصرفية لعملائها، وقدرتها على مواكبة المتغيرات العالمية، والمنافسة الدولية.

كما تساعد عمليات الاندماج فى رفع الملاءة المالية للبنوك ومعدل كفاية رأس المال، فضلاً عن الامتثال للمعايير الدولية وخاصة معايير «بازل 4» التى تطالب بزيادة القاعدة الرأسمالية للبنوك، ما يعزز من قدرة الجهاز المصرفى وتأهيله لاستيعاب المخاطر غير المتوقعة، ويعكس قدراً كبيراً من الثقة فى الاقتصاد المصرى ككل.

حازم حجازى: زيادة رأس مال بنك القاهرة من خلال الاكتتاب فى البورصة أو احتجاز الأرباح

لذا اتجه البنك المركزى خلال إعداده للقانون الجديد لخلق نظام مصرفى قوى، قادر على النهوض بالاقتصاد الوطنى، من خلال زيادة رؤوس أموال البنوك، والذى من المتوقع أن يؤدى لموجة من الاندماجات والاستحواذات، خاصة فى ظل وجود نحو 24 بنكاً تقل رؤوس أموالها عن الحد الذى يتضمنه القانون الجديد أبرزها، بنك HSBC، القاهرة، أبوظبى الإسلامى، فيصل الإسلامى، التعمير والإسكان، والإسكندرية.

من جانبه عقب يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، بأن إقرار البنك المركزى فى مسودة القانون الجديد بزيادة رؤوس أموال البنوك إلى 5 مليارات جنيه للبنوك المحلية، و150 مليار دولار للبنوك الأجنبية، سيؤدى بالطبع إلى سلسلة جديدة من الاندماجات أو الاستحواذات بالقطاع المصرفى، ما سينتج عنه تأسيس كيانات مصرفية كبيرة وقوية وقادرة على المنافسة إقليمياً ودولياً.

أحمد جلال: زيادة رؤوس الأموال قرار ضرورى لمواكبة التغيرات فى قيمة العملة

وأضاف «أبوالفتوح» أن البنك الأهلى لن يشارك فى عمليات الدمج أو الاستحواذ نظراً لأن البنك يمتلك رأس مال يفوق النسب المحددة من البنك المركزى فى القانون الجديد، لافتاً إلى أن عمليات الدمج والاستحواذ فى القطاع المصرفى تنعكس إيجابياً على هذه الكيانات، وهو ما تسعى إليه البنوك العربية فى السنوات الماضية.

وفى نفس السياق قال عاكف المغربى، نائب رئيس بنك مصر، إن قانون البنوك الجديد يمتلك العديد من المزايا والسبل الفعالة لتعزيز صلابة القطاع المصرفى المصرى وتدعيم قوته، ليصبح أكثر مواكبة للمتغيرات على الساحة المصرفية العالمية.

وتابع «المغربى» أن قرار زيادة رؤوس أموال البنوك يعكس النظرة المستقبلية الصائبة للسياسة النقدية، خاصة أنه قد يؤدى لاندماج بعض البنوك الصغيرة، لتصبح كيانات مصرفية كبيرة قادرة على دعم الاقتصاد وتمويل المشروعات، تماشياً مع مستهدفات الدولة.

وأوضح أن 3 سنوات مهلة مناسبة للبنوك متوسطة الحجم لتوفيق أوضاعها، وتحقيق معدل رأس المال المقرر تدريجياً كل عام.

وشهد عقد التسعينات من القرن الماضى استحواذ بنك مصر على بنك الاعتماد والتجارة، كما استحوذ بنك مصر مؤخراً على بنك القاهرة بالكامل.

من جانبه قال حازم حجازى، نائب رئيس بنك القاهرة، إن الحد الأدنى لرؤوس الأموال التى كانت مقرره بقيمة 500 مليون جنيه والتى تم تحديدها منذ عام 2003، كان لزاماً على البنك المركزى أن يقوم بتغييرها بما يتوافق مع التغيرات فى قيمة العملة المحلية، وزيادة الأسعار.

وأشار «حجازى» إلى أن 5 مليارات جنيه تُعد حداً أدنى مناسباً لبنك يتمتع بقاعدة رأسمالية قوية، لافتاً إلى أن رفع الحد الأدنى لرأس المال قد يجبر بعض البنوك الصغيرة على الاندماج مع مثيلاتها، لتأسيس كيان مصرفى كبير بكفاءات متنوعة، كما يساهم فى اتجاه البنوك الخليجية العاملة فى السوق المحلية لزيادة رأس مال فروعها فى مصر.

وذكر أن بنك القاهرة سيرفع قاعدته الرأسمالية من خلال الاكتتاب فى البورصة بعد الانتهاء من الدراسات اللازمة للطرح، أو من خلال احتجاز جزء من أرباح البنك كل عام، خاصة أن القانون يمد فترة توفيق الأوضاع لمدة 3 سنوات، وقد تكون مهلة كافية للوصول لرأس المال المستهدف.

وقال أحمد جلال، نائب رئيس بنك تنمية الصادرات، إن قانون البنوك الجديد أكثر توازناً، حيث بذل البنك المركزى وكافة المعنيين بالأمر مجهودات ضخمة، بالإضافة إلى اطلاعهم على قوانين البنوك العالمية وتحليلها، للوصول لأفضل صيغة نهائية.

وأوضح أن زيادة الحد الأدنى لرأس المال قد تؤدى إلى حدوث عمليات اندماج واستحواذ جديدة فى القطاع المصرفى، مضيفاً أن تلك العمليات ستأتى قرابة انتهاء المهلة المحددة لتوفيق الأوضاع والبالغة 3 سنوات، مشيراً إلى أن بعض البنوك ستتمكن من الوصول إلى الحد الأدنى لرأس المال المقرر تدريجياً خلال المهلة.

وأضاف «جلال» أن زيادة الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك نتيجة حتمية للمجريات الاقتصادية التى حدثت منذ إقرار قانون البنوك عام 2003، والتى أثرت على قيمة العملة المحلية، لذلك كان ضرورياً رفع رأس المال بما يضاهى تغييرات قيمة العملة.


مواضيع متعلقة