"مصلحة البلاد تقتضي رئيس حكومة جديد".. ماذا بعد استقالة تيريزا ماي؟

كتب: دينا عبدالخالق

"مصلحة البلاد تقتضي رئيس حكومة جديد".. ماذا بعد استقالة تيريزا ماي؟

"مصلحة البلاد تقتضي رئيس حكومة جديد".. ماذا بعد استقالة تيريزا ماي؟

34 شهرا، قضتهم في أحد المناصب الهامة بالعالم، كرئيسة لوزراء بريطانيا، في وقت حساس للغاية، تشهد فيه بريطانيا أعنف أزماتها المعاصرة، وهي الخروج من الاتحاد الأوروبي، حملت تيريزا ماي  خلال هذه الفترة على عاتقها مهمة إعداد مسودة  خطة هذا الخروج "بريكست" والتفاوض مع الاتحاد الأوروبي من أجل ذلك، قبل أن تختتم مسيرتها اليوم.

في خطاب مليء بالحزن، انهمرت دموع سيدة بريطانيا الحديدية، منذ قليل، بإعلانها استقالتها، محددة جدولا زمنيا لخروجها من الحكومة والحزب، مشيرة إلى أنها ستبقى في المنصب حتى 7 يونيو المقبل، حتى تتيح الفرصة أمام حزب المحافظين، الذي تنتمي له لاختيار زعيم جديد للحزب، يتولى تلقائيا رئاسة الحكومة.

وقالت في خطاب التنحي أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن: "بات واضح لي أن مصلحة البلاد تقتضي وجود رئيس حكومة يقود هذه الجهود، لذا أعلن اليوم أنني سأستقيل من زعامة حزب المحافظين يوم الجمعة السابع من يونيو".

تفاصيل أزمة "بريكست" التي دفعت ماي إلى الاستقالة

وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، تداولت العديد من وسائل الإعلام البريطانية والوكالات العالمية استقالة ماي من منصبها، خاصة أنه عبر الـ6 أشهر الماضية، وجهت لها انتقادات عدة بسبب خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي التي لم تكن مرضية لحزبها أو للبرلمان، واستقال على إثرها العديد من الوزراء وتعالت الأصوات المطالبة بتغييرها أوالعودة لأحضان الاتحاد.

ومنذ بداية العام الجاري، فشلت رئيسة الوزراء البريطانية لـ4 مرات في تمرير خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي بالبرلمان البريطاني، بعدما توصلت إلى الخطة عبر اتفاق مع بروكسل العام الماضي، قبل موعد بدء عطلته الصيفية في 20 يوليو، مما سيسمح للندن بمغادرة الاتحاد نهاية ذلك الشهر، وتم تأجيل ذلك حتى 31 أكتوبر، ثم إلى ما بعد هذا التاريخ، ومنح القادة الأوروبيون بريطانيا تأجيلا آخر. وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، فقد تخرج بريطانيا من دون اتفاق، وفقا لموقع "سكاي نيوز".

تولت تيريزا ماي، رئاسة الحكومة في 2016، خلفا لسابقها ديفيد كاميرون، عقب تصويت البريطانيين بنسبة 52% لصالح بريكست في استفتاء 23 يونيو من العام نفسه، ولكنها في الأزمة الأخيرة أصبحت محل ضغوط متزايد من جانب أعضاء حزبها بسبب معارضتهم لخطتها، واستقال العديد منه آخرهم، الوزيرة المكلفة بشؤون البرلمان، أندريا ليدسوم.

حسن :"ماي" انتهى مستقبلها السياسي.. وبكر: استقالتها تؤدي لصعود اليمين المتشدد

"إعلانها استقالتها من منصبها، هو نهاية لمستقبلها السياسي الحافل الذي أصبح تاريخ حاليا"، وفقا للسفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية السابق، موضحا أن "ماي" لم تتمكن من الوصول للهدف الذي تولت من أجله منصبها لذلك قررت تركه، بسبب عدم تمكنها من إتمام اتفاق "بريكست".

وأضاف حسن، لـ"الوطن"، أن ذلك الأمر كان متوقعا منذ اشتعال الخلاف على خطتها، حيث رجح بالبداية إزاحتها بمحاولة سحب الثقة منها مرتين، الأولى بالحزب والثانية بالبرلمان في مطلع العام الجاري، وهو ما تمكنت من تجاوزه حينها، ولكن الأمر تفاقم حاليا، لذلك قررت أن تتخذ القرار بنفسها، مشيرا إلى أنها حددت ذلك الموعد لترك منصبها حتى إتمام الإجراءات بـ"المحافظين"  من أجل انتخاب رئيس جديد، وترشحه لرئاسة الوزراء حتى لا يفقد الحزب ذلك المنصب.

ومن المرجح في هذه الحالة أن يأتي رئيس وزراء جديد لبريطانيا يتحرر من كل ما ألتزمت به ماي، ويقدم خطة جديدة للاتحاد الأوروبي، تتضمن حل المشاكل الخلافية بين الطرفين وعلى رأسها أزمة أيرلندا الشمالية، وفقا لحسن، مضيفا أن ذلك يطرح عدة تساؤلات خلال الفترة المقبلة أولها عن مدى إمكانية طرح لندن لتنازلات بهذا الشأن أو طرح استفتاء ثاني بخصوص "بريكست" لتجنب الأضرار الاقتصادية المتوقعة للبلاد.

"تواجه بريطانيا مأزق ضخم بسبب "بريكست"، منذ الاستفتاء الذي جرى في 2016، حيث لا يوجد توافق على كيفية الخروج، سواء بين لندن والاتحاد الأوروبي، أو بداخل انجلترا ذاتها"، في رأي الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، موضحة أنه بذلك سيتعين على حزب المحافظين ترشيح بديل لـ"ماي".

وتابعت بكر أن ذلك الأمر يثير المخاوف من صعود اليمين البريطاني المتشدد بريطانيا، وأن يكون بداية لتوجه أوروبا بأكملها لذلك الإطار أيضا، مؤكدة أنه يجب الانتظار لحين 7 يونيو الذي حددته ماي لمعرفة ذلك. وفيما يخص فكرة طرح استفتاء ثان بخصوص الخروج، ترى أن ذلك أمرا مرهونا بما يسمح به الاتحاد الأوروبي، حيث إن عودة بريطانيا له يحتاج لموافقة الدول الأعضاء.

وزير الخارجية الأسبق.. الأوفر حظا بمنصبها

وتزامنت الاستقالة مع محاولة بوريس جونسون، عضو حزب المحافظين البريطاني ووزير الخارجية الأسبق، مغازلة نواب الحزب المنتمين إلى جماعة "أم واحدة"، وهم مجموعة من الليبراليين الوسطيين تترأسهم أمبر رود، حيث يحاول أن يظهر نفسه كمرشح لزعامة الحزب ولرئاسة الوزراء، كونه من أكثر مؤيدى اليمين المناديين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.

وفي مارس الماضي، قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن مذكرة لحجب الثقة عن حكومة ماي، واصفا هزيمة الحكومة بأنها "كارثية" استنادا إلى نتيجة التصويت على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكنها نجت منها واستمرت في منصبها.

وبمنتصف ديسمبر الماضي، أصدرت محكمة العدل حكما يسمح لبريطانيا بالتراجع عن قرارها، من دون الحصول على موافقة الدول الأعضاء، حيث تضمن حكمها أن "المملكة المتحدة لها حرية إلغاء الإخطار بعزمها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من جانب واحد"، مضيفة: "مثل هذا الانسحاب، الذي تقرر وفقا لمتطلباتها الدستورية الوطنية، سيكون له تأثير على بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي بموجب شروط لم تتغير من حيث وضعها كدولة عضو"، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس" .

وتضمنت خطة تيريزا ماي، ذات الـ600 صفحة، أطرا للتفاهم حول "اتفاق الانسحاب" و"الإعلان السياسي" الذي يحدد أطر العلاقات في مرحلة ما بعد "بريكست"، خصوصا على الصعيد التجاري، حيث يعتبر اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود فعلية بين جمهورية أيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية.

 

 

 


مواضيع متعلقة