«ترامب».. وانقلاب السحر على «السراج»
- أسلحة وذخائر
- أنصار الشريعة
- إطلاق النار
- إكسون موبيل
- الأكاديمية العسكرية
- الأمم المتحدة.
- الإدارة المحلية
- الاتحاد الأوروبى
- أثار
- أجهزة
- أسلحة وذخائر
- أنصار الشريعة
- إطلاق النار
- إكسون موبيل
- الأكاديمية العسكرية
- الأمم المتحدة.
- الإدارة المحلية
- الاتحاد الأوروبى
- أثار
- أجهزة
بمجرد بدء الجيش الليبى، بقيادة خليفة حفتر، عملية «طوفان الكرامة» لتحرير طرابلس من سيطرة الميليشيات والجماعات الإرهابية، أدانت الخارجية الأمريكية الهجوم، ودعت للوقف الفورى للعمليات، وطالبت بعودة المتحاربين لمواقعهم السابقة.. و«البنتاجون» أكد عدم حاجة ليبيا للحل العسكرى، وإنما لمكافحة الإرهاب، والديمقراطية.. لكن قبل مرور أسبوع، سحبت أمريكا كتيبة مشاة البحرية «المارينز» المتمركزة بطرابلس منذ 2017، التى كانت تدعم «حكومة السراج».. وبادر «ترامب» باتصال طويل مع «حفتر»، أقر فيه بدوره المحورى فى مكافحة الإرهاب، وتأمين موارد ليبيا النفطية.. كيف انقلبت الاستراتيجية الأمريكية رأساً على عقب؟!.. لماذا رفعت «واشنطن» حمايتها عن «السراج»، وسحبت غطاءها السياسى، لتسقط اتفاق «الصخيرات» ومشروعيته الدولية؟!..
أول أخطاء «السراج» محاكاته لسلوك «أردوغان» فى تعامله مع أوروبا بشأن قضية اللاجئين؛ بمجرد بدء المعركة أوقف إمداد مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين بمواد الإعاشة، رغم أنها تضم 20.000، كنوعٍ من الضغط على الرأى العام الأوروبى والأمم المتحدة، وهدد صراحة بأنه إذا سقطت طرابلس، فعلى أوروبا أن تتوقع هجرة 800.000، بينهم مجرمون وإرهابيون ودواعش.. نفس العبارات التى رددها «أردوغان»، لتستجيب لابتزازه، وتتعهد بسداد 6.5 مليار دولار ليوقف سيل الهجرة.
الميليشيات حكمت طرابلس بطريقة عصابات المافيا، وحققت مكاسب خيالية من فرض الإتاوات على البنوك والوزارات والهيئات الحكومية، واشتبكت فى صراعات دموية على مناطق النفوذ.. ميليشيات هيثم التاجورى، الأكبر فى العاصمة، تضم عناصر متطرفة، تعاقب السكان والمارة بالشوارع باعتبارها الشرطة الدينية والأخلاقية.. صلاح بادى، قائد الميليشيات المعروف بتشدده، فُرِضَت عليه عقوبات الأمم المتحدة 2018، بسبب تقويضه للاستقرار مراراً.. ولواء دفاع بنغازى، الذى يضم فلول مجاهدى بنغازى ودرنة، تورط فى اغتيال السفير الأمريكى، ومدرَج على قوائم التنظيمات الإرهابية.
«السراج» أعلن «النفير العام»، وشكّل غرفة عمليات مشتركة لقادة الميليشيات، دفعت تسعاً من كتائب حماية طرابلس لأطراف العاصمة، واستدعت ميليشيات مصراتة، التى تمتلك وحدها نصف مخازن العتاد العسكرى التى خلّفها «القذافى».. «القاعدة» و«أنصار الشريعة» أعلنا الانضمام للمعركة ضمن صفوف «السراج»!!.. وانضمت له أيضاً الجماعة الليبية المقاتلة.. «الغريانى»، المفتى المتشدد المعزول، أفتى من تركيا بالانضمام لميليشيات «السراج» وقتال الجيش.. الاتحاد الأوروبى أعرب عن قلقه لمشاركة عناصر إرهابية وإجرامية على قوائم مجلس الأمن، فى المعارك، بعد انضمام مهربى المهاجرين، أمثال عبدالرحمن ميلاد، الذى تعرض لعقوبات الأمم المتحدة.. وكذا الجماعات المتطرفة، والتشكيلات العصابية الإجرامية، والعناصر المتشددة.. تحرك الجيش أثار قلق الجميع، فتجاوزوا خلافاتهم، وتضامنوا وراء دعم «السراج». كسباً لولائهم، وخشية استجابتهم لإغراءات الخصم، أعلن «السراج» تخصيص منحة لدعم الميليشيات لمواجهة الجيش، تبلغ 2 مليار و484 مليون دينار، لكن الخلافات الحادة نشبت بين قادتهم داخل وزارة الدفاع، حول تقاسمها، أسامة الجويلى، قائد ميليشيات الزنتان والمنطقة العسكرية الغربية، طلب مساواته بحصة مصراتة، وهدد بالانسحاب، واحتج هيثم التاجورى، قائد ميليشيا «ثوار طرابلس»، وغنيوة الككلى، قائد ميليشيا «قوة الردع المشتركة أبوسليم»، أما صلاح بادى، قائد لواء «الصمود المصراتى»، فقد طالب بـ500 مليون دينار، بدلاً من الـ200 التى عُرضت عليه. والأكثر استفزازاً للسلطات الأمريكية، اقتحام ميليشيات أسامة الجويلى للسفارة الأمريكية، والاستيلاء على السيارات المصفحة وثلاث خزائن ومدرعة تابعة للمارينز.. ثم اقتحام المصرف المركزى لنهب أرصدته.. وشن تنظيم «داعش» عملية «الثأر للشام»، التى ذُبح خلالها مسئولو الشرطة والأمن والإدارة المحلية ببلدة الفقهاء بمنطقة الجفرة وسط ليبيا، وسيطر عليها لعدة ساعات.. تزامن فى التوقيت يثير الريبة، ويؤكد الشكوك المتعلقة بتعاون «السراج» مع التنظيم، لتشتيت جهود الجيش، ووقف زخم هجومه.
اتصال «ترامب» بـ«حفتر» سحب البساط من تحت أقدام الأوروبيين، فرنسا تمتلك أصولاً نفطية بالشرق من خلال «توتال».. الأصول الإيطالية فى الغرب تملكها «إينى»، والتنافس محموم.. فرنسا راهنت على «حفتر»، ودعمته عسكرياً، وهو ما كشفه الإعلان عن مصرع ثلاثة من قواتها الخاصة، فى حادث سقوط مروحية قرب بنغازى يوليو 2016، والتسريبات المتعلقة بوجود مستشارين فى غريان، مزودين بأجهزة استطلاع وطائرات درون، ولم تغفل التعاون مع «السراج»، ولكن بدرجة أقل.. بخلاف إيطاليا التى انحازت له، وللميليشيات المسلحة.. تشكيلاتها تتمركز بمصراتة لإدارة أنشطة وأمن مستشفى الأكاديمية العسكرية، وفى طرابلس لدعم البحرية وخفر السواحل، وصيانة قواربهما، وحماية منصات النفط بالميناء، ومتابعة قواعد البيانات الخاصة بعمليات الهجرة غير المشروعة.. الأوروبيون صالوا وجالوا، تونس صادرت أسلحة وذخائر تنقلها مجموعة من 11 فرداً يحملون جوازات دبلوماسية أثناء محاولتهم الدخول لسواحل جربة على متن زورقين، قادمين من ليبيا، كما ضبطت أسلحة وذخائر بحوزة مجموعة من 13 فرنسياً يحملون جوازات دبلوماسية على متن ست سيارات دفع رباعى عبر معبر رأس جدير الحدودى.
روسيا استغلت الغياب الأمريكى لتؤسس علاقات قوية مع «حفتر»، تولت علاج جرحى عمليات الجيش، وسمحت لشركاتها الخاصة العسكرية والأمنية «RSB وWagner»، بالعمل شرق ليبيا، ووعدت بصفقات سلاح ضخمة حال رفع الحظر.. وفتحت قنوات مع «السراج» لتيسير استثمارات شركاتها العاملة فى مجال النفط والغاز «جازبروم، تات نفط، وروس نفط».. «موسكو» ترى أن سيف الإسلام القذافى شريك رئيسى فى العملية السياسية، ودوره حاسم فيما يتعلق بالولاءات القبلية.. وبينما حاولت بريطانيا، التى يحمل «السراج» جنسيتها، لخمسة أيام، التوصل إلى قرار يدعو لوقف إطلاق النار ودخول غير مشروط للمساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال، كانت «موسكو» و«واشنطن» تتضامنان لإجهاضه.. «ترامب» ألقى عصاه، فابتلعت كل الثعابين، التى ظن سحرتها أنهم قد استوطنوا ليبيا.
التغير فى الموقف الأمريكى قوبل بالترحيب، لأنه يعنى تضاعف فرص كسب «الجيش» لمعركته ضد الإرهاب، لكن الوجه الآخر للموضوع يتعلق بحرب الغاز، أمريكا كانت أميل لاستمرار الفوضى فى ليبيا، حتى تحد من صادراتها للغاز، ما يتيح لها تصدير الغاز الصخرى، لكنها اضطرت لتعديل مواقفها للاعتبارات التى عرضناها.. لن يفاجئنا مستقبلاً استبدال «إينى» و«توتال»، بـ«إكسون موبيل»، و«نوبل إنيرجى»، أو ربما هدم المعبد على نساكه.. الجيش الليبى سينتصر، لكن أياماً عصيبة تنتظره.. لن يواجهها وحده.. لأنها معركة مصير لمصر.