شاكر عبدالحميد: غياب «المواطن المثقف» منح الفرصة للتيارات الإرهابية كى تتمدد

كتب: أجرت الحوار: إلهام زيدان

شاكر عبدالحميد: غياب «المواطن المثقف» منح الفرصة للتيارات الإرهابية كى تتمدد

شاكر عبدالحميد: غياب «المواطن المثقف» منح الفرصة للتيارات الإرهابية كى تتمدد

قال الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، إن الثقافة أكبر من مجرد وزارة، وإن غياب دور «المواطن المثقف» يتيح الفرصة للتيارات الإرهابية المتأسلمة أن تتمدد وتتسع، داعياً الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، لتنظيم مؤتمر موسع لتجديد الخطاب الدينى.

وزير الثقافة الأسبق: أدعو لتنظيم مؤتمر موسع لتجديد الخطاب الدينى.. والأزهر لن يجدد لأن الهدف ضد ثوابته

وقدم «عبدالحميد»، من خلال حواره لـ«الوطن»، رؤية للأوضاع الحالية للسينما والمسرح والإبداع الأدبى، وتناول تجربته على رأس وزارة الثقافة، وتقييمه لعمل الوزارة بعد ثورة 25 يناير، وطرح أفكاراً لإعادة تنشيط المواقع العاملة فى الحقل الثقافى، محذراً من سيادة الصوت الواحد فى الإعلام.

كيف ترى الوضع الثقافى الراهن؟

- دعونا نتفق أن الثقافة أكبر من مجرد وزارة، ومن إنتاج المؤسسات الخاصة العاملة فى الحقل الثقافى، ومن الفن التشكيلى والأدب، لكن أستطيع الحديث عن بعض الملامح العامة منها الرواية والقصة والفنون الأدبية، وأرى أن الساحة الثقافية تشهد فى الفترة الأخيرة ازدهاراً على مستوى الكم والكيف، وهناك روايات بديعة طرحت مؤخراً فى الأسواق، مثل رواية «كيميا» للمؤلف وليد علاء الدين، وروايات وحيد الطويلة، وإبراهيم عبدالمجيد، وأحمد مجدى همام.

وما رأيك فى الوضع الحالى للسينما؟

- السينما وضعها سيئ جداً، ليس لدينا إنتاج كبير على مستوى الكم، كما أن الأفكار مستهلكة وتدور فى فلك البلطجية والمخدرات والدعارة، ويعود هذا التدنى لأن السينما صناعة ورسالة ترتقى بالذوق والحس الجمالى، بينما يتم التعامل معها على أنها تجارة هدفها الربح، والسينما بدأت تتراجع منذ 1967 تزامناً مع عدد من الملفات الثقافية الأخرى التى تراجعت، وبلغ هذا التراجع ذروته أثناء الانفتاح الاقتصادى، وإن كانت هناك «فلتات» قليلة تحدث بين الحين والآخر.

وما الحلول التى يمكن طرحها لتنشيط صناعة السينما؟

- لا بد من إحياء دور الدولة، ونحتاج صندوقاً قومياً لرعاية السينما، من الممكن أن يسهم به رجال الأعمال، وبعضهم بالفعل لديه استعداد لدعم الصناعة مثل المهندس نجيب ساويرس.

هل استطعت طرح هذه الأفكار خلال وجودك على كرسى الوزارة؟

- طالبت بذلك عندما كنت على كرسى وزارة الثقافة، كما توجهت، بصحبة الدكتور خالد عبدالجليل والمخرج مجدى أحمد على وعدد من الفنانين منهم سميرة أحمد، للقاء الوزيرة فايزة أبوالنجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى فى ذلك الوقت، لأنها كانت متحمسة جداً لإعادة الروح للسينما المصرية، والوزيرة كانت لديها أفكار ومشروعات لدعم السينما من خلال طريقين: الأول من خلال الحصول على دعم من المنظمات الدولية منها مؤسسات أوروبية وغيرها تابعة لليونيسكو، وكذلك الدول التى على علاقة طيبة بمصر منها الصين، أما الطريق الثانى لدعم صناعة السينما فكان من خلال الحصول على قروض بدون فوائد من البنك الأهلى، وكانت تفكر فى الحصول على قرض فى حدود 10 ملايين جنيه، ليحصل منها الفنان على دعم مناسب يسدده فيما بعد للبنك بدون فوائد. وذلك على غرار ما كان يقوم به فتحى السباعى، رئيس مجلس إدارة بنك الإسكان والتعمير، فى دعم الفن والثقافة، من خلال دعم المعرض السنوى للكاريكاتير، عن طريق استضافة هذا المعرض فى المركز الرئيسى بالبنك، كما كان يدعمه من خلال منح جوائز ومكافآت للمتميزين، واستمر الدعم لعدة سنوات بعد مغادرتى الوزارة. وكانت فلسفة الدعم عنده تقوم على أن دعم المؤسسات الاقتصادية للفن والثقافة هو جزء من دورها فى خدمة المجتمع.

نحتاج إلى الاستفادة من تجربة الصين فى إنشاء الصناعات الثقافية

هل تم تفعيل أفكار الوزيرة «أبوالنجا» أو أى من مشروعاتها على أرض الواقع؟

- أعتقد لا.. فقد غادرت أنا وهى الوزارة فى هذه الفترة، ولم يهتم أحد بمتابعة أى أفكار سابقة فى عهده.

ما الجهة المكلفة بإطلاق هذه المبادرة وتفعيل مثل هذه الأفكار؟

- وزارة الثقافة طبعاً، وبدعم من مؤسسات الدولة، التى عليها أن تأخذ الفنون مأخذ الجد، لأن الثقافة أكبر من مجرد وزارة كما قلت، كما أن الإمكانيات المادية للوزارة محدودة، والمنتج من القطاع الخاص لديه مخاوف من مغامرة الإنتاج، خصوصاً بعد تعويم الجنيه صارت صناعة السينما بالفعل صعبة ومكلفة، كما نحتاج قوانين جديدة تشجع المنتج على خوض مغامرة الإنتاج، منها مثلاً الإعفاء من الضرائب للذين يبادرون بإنشاء دور عرض سينمائى جديدة، أو تخفيض أسعار مستلزمات إنشاء المشروعات المتعلقة بالصناعة، فهو يقدم خدمة ثقافية فى المجتمع.

لا أرى دوراً للجنة الثقافة فى مجلس النواب وتركيزها الأكبر على الإعلام

نتحدث عن تغيير القوانين، ألا يستدعى ذلك السؤال عن دور لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب؟

- لم أر أى إنجاز لهذه اللجنة منذ اختيارها، ربما كانوا يهتمون بالإعلام على حساب الثقافة، رغم أنها تضم فى عضويتها الصديق العزيز يوسف القعيد.

هل تتابع الأعمال المسرحية فى الفترة الأخيرة؟

- مسرح وزارة الثقافة فى حالة نشاط، بعد ركود أصابه فى الفترة الأخيرة، وقدم عدداً كبيراً من العروض، وبعضها متميز، وشاهدت مسرحية «قواعد العشق الـ40» وأعجبتنى. وأعتقد أنه فى حال تحسن الأحوال الاقتصادية والحالة الأمنية، سيعود مسرح القطاع الخاص مرة أخرى، لكن ذلك مرتبط بتقديم صورة إيجابية عن البلد للخارج، من خلال السياسة الخارجية، والذى من شأنه أن ينشط حركة السياحة، والتى ترتبط أيضاً بالمسرح الخاص، ما يرتبط بالقوة الناعمة لمصر.

"الثقافة" أكثر من مجرد وزارة.. وتنظيم المؤتمرات مطلوب للاطلاع على خبرات وأفكار المثقفين بالخارج.. وتفعيل توصياتها مهمة الدولة والوزارات المعنية مثل الشباب والتعليم

ما رأيك فيما يتردد مؤخراً عن تراجع الريادة المصرية، وأن البلد صار طارداً للمواهب؟

- دورنا لا يتراجع تماماً، وإن كان متراجعاً نسبياً، لكنه لا يتقدم أيضاً، هناك حالة فى بعض العلوم الفلسفية، اسمها «تعليق الحكم»، نحن فى هذه المرحلة، وهى حالة تجميد موقف، لكن نحن لدينا أهم عناصر الحضارة، البشر المبدعون فى كافة المجالات، والذى لا يوجد فى دول أخرى، بحكم عدد السكان والتاريخ والثقافة والماضى. وبعض الدول الأخرى تعتقد أنها سبقتنا لمجرد إطلاق عدد من المهرجانات والفعاليات الفنية والثقافية، أو إنشاء المتاحف ومبانٍ وغيرها، لكن هذه الدول تعتمد على عنصر بشرى ليس من البلد ذاته، أى إنه ليس صحيحاً أن أياً من الدول المحيطة سبقتنا. كما أنه ليس صحيحاً أن البلد أصبح طارداً للمواهب، ربما فقد بلدنا بعض بريقه الجاذب فقط.

كيف يمكن لنا استعادة ذلك البريق الجاذب؟

- عن طريق الاهتمام بالتعليم بشكل أفضل من الوقت الحالى، وكذلك الاهتمام بالحالة الاقتصادية للناس، من خلال إصلاح اقتصادى حقيقى، وكذلك أن يكون هناك اهتمام بالفنون، ووعى الناس، فالعالم كله يتحرك حالياً فى اتجاه الفن والثقافة من خلال الصناعات الثقافية، فليست لدينا أى مؤسسة رسمية مهتمة مثلاً بتجميع حتى بيانات الخريطة الثقافية لمصر، فعلاً نعرف ما لدينا من موارد وإمكانيات فى هذا المجال بشكل دقيق إلى الآن.

الساحة الثقافية تشهد ازدهاراً.. ولا بد من إحياء دور الدولة لإنقاذ صناعة السينما والاستقرار الاقتصادى سيسهم فى عودة القطاع الخاص للاستثمار فى الثقافة

وما العائد الفعلى من وراء تفعيل مثل هذه الأفكار؟

- هناك تجربتان فى بلدين مختلفين: الأولى فى بريطانيا، والتى مرت فى أوائل الألفية الثانية بحالة من الركود الاقتصادى، فتم اتخاذ قرار إعادة النهضة من خلال الاهتمام بالثقافة عن طريق إعادة تنشيط الثروات الثقافية، وفكرت هذه الدولة فى ثرواتها مثل شكسبير، والمتحف البريطانى، والفنون والمسارح ودور العرض السينمائى، وتم وضع خريطة ثقافية لهذه الثروات، وربط هذه الخريطة بالسياحة والأهداف الاقتصادية، فكان يتم تعريف السائح الأجنبى بها، وتوفير سبل للسائح لزيارتها، وبالفعل تحققت الأهداف التى سعت لها بريطانيا، نشطت السياحة وأنعشت الاقتصاد من خلال هذه الأفكار البسيطة، فلماذا لا يتم تطبيق مثل هذه الأفكار لدينا ونحن لدينا ما لدينا من معالم سياحية ومواقع؟! والتجربة الثانية من الصين، فـ5% من دخلها القومى، وهو كبير جداً بالمناسبة، يعتمد على الصناعات الثقافية. فالصين أنشأت صناعات ثقافية (نحو 16 نوعاً من الصناعات) وحسب الأقاليم تقوم الدولة بدعم أصحاب المشاريع الثقافية، وتساعدهم على تسويق المنتج، وذلك فى ضوء خطة قومية للبلد الكبير، فقامت بعمل قرى للفنانين التشكيليين، والحرفيين، وهكذا، ونحن لدينا متميزون فى كافة المجالات لا يتم الاستفادة منهم.

هل تعتقد أن قطاعات وزارة الثقافة تؤدى دورها بالشكل المفترض؟

- قطاعات الوزارة تحتاج إعادة النظر فى فلسفتها، بمعنى أن يتم تعديل القوانين التى تتحرك من خلالها المواقع، فبعض القوانين تنص على أن هذه المواقع جهات غير ربحية، بينما «غير ربحية» هذه تعيق حرية العمل بها، ومنها القوانين الخاصة بتحصيل «المالية» لدخول المواقع الثقافية، فمن المفترض أن تستقل هذه الأماكن بعض الشىء، الأنسب أن تكون ميزانية مستقلة، وتتمتع ببعض الحرية، وغيرها من القوانين التى تحتاج إعادة النظر، خصوصاً أن هذه المواقع حين أطلقت كان فى ظل نظام اشتراكى، والدولة أصبحت الآن رأسمالية، والمؤسسات الرأسمالية هى القادرة على تنشيط الفنون والثقافة.

نحتاج إلى تشريعات جديدة لتشجيع منتجى الأفلام وإعفاء ضريبى لمن يبادر بإنشاء دور عرض جديدة.. ويؤسفنى عدم الاهتمام بالفنون فى المدارس

هل تقصد أن تتحول الخدمات الثقافية بمقابل مادى للجمهور الذى يعانى أصلاً من ظروف اقتصادية صعبة؟

- ما أقصده هو توظيف هذه الأماكن فى عمل الصناعات الثقافية، ومن أكثر المواقع المناسبة لذلك هى مواقع الثقافة الجماهيرية، لتكون لها أهداف ملائمة للعصر الحالى، وكذلك عمل تدريب للقائمين على هذه المواقع، كما تحتاج هذه القطاعات أيضاً دعماً إضافياً من الدولة.

وماذا عن الدور الذى تقوم به أكاديمية الفنون؟

- الأكاديمية تقوم بدورها بشكل جيد، خاصة أن الدكتور أشرف زكى إنسان حيوى ونشيط، وكل يوم يقدم أفكاراً جديدة، وقريباً سيتم الإعلان عن مراكز أبحاث وتعليم اللغات وغيرها، سيعلن عن تفاصيلها لاحقاً.

مسرح وزارة الثقافة فى حالة نشاط.. ولا بد من تحسن الأحوال الاقتصادية أولاً حتى تعود عروض القطاع الخاص إلى سابق عهدها

يقال إن وزارة الثقافة أصبحت منذ فاروق حسنى وزارة مؤتمرات.. ما رأيك؟

- المؤتمرات جيدة ومطلوبة و(مش عيب)، ومنها مؤتمرات دولية تتيح لنا الاطلاع على خبرات وأفكار المثقفين والعلماء والخبراء من الخارج، لتحقيق هدف الاحتكاك بالآخر، كما أن لهذه المؤتمرات هدفاً وهو طرح ومناقشة الأفكار، ثم عرض مقترحات وحلول للمشكلات، ومن المفروض أن تستفيد منها الدولة، وعلى سبيل المثال كان هناك مؤتمر منذ شهرين بالمجلس الأعلى للثقافة عن السياسات الثقافية والتنمية المستدامة، وكان مؤتمراً ناجحاً، خاصة أن المؤتمر شاركت فيه شخصيات دولية وعربية ومصرية، وتمت المناقشة فى موضوعات مهمة حول التطوير الثقافى، وأرى أن المؤتمرات فى ذاتها ليست كافية لتحقيق تطور، بمعنى أنه من المفترض أن يترتب على هذه المؤتمرات تفعيل توصيات الختام، وهى ليست مهمة وزارة الثقافة وحدها بل مهمة الدولة، لأن تفعيل التوصيات يحتاج تعاوناً من الدولة ومن الوزارات ذات الصلة كالتعليم العالى والشباب والرياضة، والمجلس الأعلى للإعلام.

هل تقصد أن هناك جهات فى الحكومة لا تقوم بالمطلوب منها بخلاف «الثقافة»؟

- لا يليق أن أقول إنه لا يوجد اهتمام بالفن، لكن ليس لدينا اهتمام بالفنون فى المدارس، فالتربية عن طريق الفن مهمة وزارة التعليم، وأعتقد أنه كانت هناك محاولات لعمل بروتوكولات تعاون مع أكثر من 12 وزارة أيام وجود الدكتور جابر عصفور على كرسى وزارة الثقافة، وكان هناك كلام عظيم عن هذه البروتوكولات، وبعد أن غادر الدكتور عصفور الوزارة كل الكلام (اترمى فى الأدراج).

ليست لدينا مؤسسة رسمية منوط بها تجميع بيانات الخريطة الثقافية وبيان مواردنا وإمكانياتنا فى هذا المجال بشكل دقيق

بماذا تفسر قيام كل مسئول بالتخلص من مشروعات وأفكار سلفه؟

- كل واحد عايز يبرز نفسه.

ما رأيك فى الهجوم على مؤتمر الأدباء الأخير المنعقد فى مطروح؟

- مؤتمر الأدباء يحاول تحسين نفسه، وكنت أمين المؤتمر منذ دورتين عندما عُقد فى المنيا، وكان هناك تفاعل طيب من الجمهور. أما الدورة التى عقدت فى مطروح هذا العام فشهدت حضوراً جماهيرياً مكثفاً يوم الافتتاح، ونحن لدينا عدد كبير بالفعل من المؤتمرات، لكن بعضها له جدوى كما قلت، لكن يحتاج فكرة التنسيق مع جهات خارج الوزارة للاستفادة منه.

المثقف متهم بتراجع دوره فى المجتمع وبغيابه عن التفاعل مع القضايا الكبرى.. ما رأيكم؟

- ليس صحيحاً أن المثقف غائب عن قضايا مجتمعه، فهو يكتب أفكاره فى شكل كتاب أو أى منتج ثقافى. ولا يستطيع أن يكون له دور فوق ذلك.

وما أثر غياب دور المثقف عن قضايا مجتمعه؟

- غيابه يتيح الفرصة لظهور وسيطرة أشكال مختلفة من الإسلام السياسى، والإرهاب المتأسلم، لأن المثقف يملأ فراغاً، ويشغل مسألة مرتبطة بالوعى والارتقاء بالفكر، وبناء الإنسان، فالمثقف واحد من بناة الإنسان، وكلما تراجع المثقف زادت مساحات الفراغ، التى تحتاج للملء، ومن هنا تكون المجتمعات فريسة سهلة للتيارات المتأسلمة والإرهاب، لكن المثقف عليه ضغوط اقتصادية واجتماعية، ومعاناة بأشكال مختلفة، ورأيى أن المجتمعات تحتاج «المثقف العضوى» الذى تحدث عنه المفكر الإيطالى أنطونيو جرامشى، الذى لديه وعى بالناس وموجود معهم. عبر وسائل الإعلام، لعرض أفكاره، خاصة أننا فى ظرف يحتاج تعدد الآراء، ليقوم المخطئ بتصحيح خطئه. وذلك بالشكل الذى يتماشى مع السياق العام.

وما رأيك فيما يُعرض عبر وسائل الإعلام؟

- الإعلام أصبح اتجاهاً واحداً وهذا لا يخدم الصالح العام، فينبغى أن يكون هناك الرأى والرأى الآخر فى سياق المصلحة الوطنية، فأنا ضد التجاوز والألفاظ المسفة البذيئة، وإهانة الآخر، لكن التنوع والحوار مطلوب، فالرأى الواحد خطأ كبير، نحن لدينا أزمة تواصل، رغم أن لدينا عقولاً كبيرة فى مختلف المجالات لا نعرف كيف نستفيد منها.

لماذا لم يظهر عمل مميز لأى وزير ثقافة بعد 2011؟

- كل وزير تسلم المنصب لمدة صغيرة، مثلاً أنا قضيت خمسة شهور، والبعض كانت مدته سنة واحدة، وهى فترات غير كافية لأحد لتحقيق أى إنجاز ملموس، الوزير يحتاج أربع سنوات لتحقيق إنجاز ملموس على الأقل، ولا بد من متابعته خلال هذه المدة سنة بسنة ويتم تقييمه ومحاسبته كل عام.

لماذا لا توجد لدينا رؤية استراتيجية على المدى البعيد لوزارة الثقافة يتم العمل عليها؟

- مؤخراً صارت لدينا رؤية ضمن خطة الدولة 2030، ومشروعات التنمية المستدامة، وهى الخطة الجديدة الموجودة فى المجلس الأعلى للثقافة.

ما رأيك فى هذه الخطة؟ وماذا ينقصها؟

- الخطة بها أفكار جيدة، منها مشروعات الاهتمام بالموهوبين، والصناعات الثقافية، وناقشناها فى المجلس، ولو تم تنفيذ بنودها سيكون لها مردود جيد، ونحتاج تجهيز وتدريب الكوادر البشرية لتفعيل مشروعات الخطة، من خلال تنظيم ورش تدريبية على الخطة، كما نحتاج أن تكون هذه الخطة موجودة فى الإعلام ولا تكون فقط داخل المجلس، لكن تخضع للحوار المجتمعى الجاد.

لدينا موارد بشرية وأفكار وليس لدينا منتج، أين الخلل؟

- نحتاج توظيف تلك الموارد فى سياق محدد وواضح، فالسلوك هو محصلة للإنسان والموقف، إيجابى أو سلبى، أى إننا نحتاج مشروعاً قومياً للثقافة، هو الموقف الإيجابى، والمشروع أكبر من وزارة الثقافة هو بحجم الدولة المصرية كلها، ومعها المؤسسات الخاصة القادرة على الإسهام فى المشروعات الثقافية على غرار مؤسسة «ساويرس»، وأتمنى أن تكون هناك جامعة للفنون، خاصة أن سكان مصر فوق الـ100 مليون وهؤلاء جميعاًَ يحتاجون 10 جامعات للفنون.

على مدار السنوات الأخيرة تحدثنا كثيراً عن موضوع تجديد الخطاب الدينى ولم يحدث شىء، لماذا؟

- الخطاب الدينى جزء من الخطاب الثقافى، وكما قلت، فإن الخطاب الثقافى أكبر من وزارة الثقافة، والأمر الثانى أن علينا تحديد ما نعنى بالخطاب الذى هو أفكار وممارسات، وهذا الخطاب يحتاج تحليلاً، والانطلاق من تطوير التعليم العام والأزهرى، وإعداد بعض الناس القادرين على القيام بهذه المهام، والأزهر يلعب دوراً فقط، لكن لو تُرك الموضوع للأزهر وحده فلن يحدث، لأن التجديد ضد ثوابته، كما أن الهجوم على «البخارى» ليس تجديداً، بل ما هو إلا كسب المزيد من العداوات، لذلك فالموضوع يقوم على الإقناع.

من القادر على إطلاق هذه المبادرة وتبنى هذه الأفكار؟

- تستطيع الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، تبنى الدعوة إلى مؤتمر موسع بمشاركة ممثلين من الأزهر والكنيسة، فالخطاب الدينى لا يعنى الإسلامى فقط، بل المسيحى أيضاً، وممثلين عن الاقتصاد والسياسة، وخبراء من كافة المجالات. فالخطاب الدينى موجود حتى فى البيوت عندما يقول البعض لأولادهم (لا تأكلوا طعام المسيحيين) أى إن الموضوع بحجم الدولة.

ما رأيك فى غياب النقد عن المشروعات الأدبية والفنية؟

- لدينا عدد كبير من النقاد فى مصر، لكن المشكلة فى النشر، ولدىّ كم هائل من المقالات النقدية الموجودة فى درج مكتبى، لكن أين ننشرها؟ فأين المجلات والصحف التى تتيح صفحاتها لمثل هذه المقالات؟ ومجلات هيئة الكتاب المتخصصة فى النقد غير منتظمة فى الصدور. كما أن النقد يحتاج تشجيعاً، من خلال وجود مجلة متخصصة للنقد والمتابعة، وجائزة متخصصة للنقد، فالناقد حالياً يعمل داخل الجامعة من خلال البحوث، ويحاول النشر فى المطبوعات العربية.


مواضيع متعلقة