نبيل بهجت: قالوا لى «عايز تبقى أراجوز وانت أستاذ جامعة؟»

نبيل بهجت: قالوا لى «عايز تبقى أراجوز وانت أستاذ جامعة؟»
- نبيل بهجت
- الشخصية المصرية
- التراث المصري
- الدرب الأحمر
- نبيل بهجت
- الشخصية المصرية
- التراث المصري
- الدرب الأحمر
حكايات طريفة، ترويها بأصوات مبهجة، دمى يحركها شخص من خلف ستار على مسرح، يحتشد أمامه أطفال الدرب الأحمر والجمالية وشارع المعز، داخل «بيت السحيمى»، وما إن ينتهى العرض حتى يظهر الساحر، الذى كان خلف هذا العالم الخيالى «عم صابر المصرى»، عجوز ثمانينى، لم يمنعه فقده نعمة البصر من الاستمرار فى إمتاع الأطفال والكبار معاً، من خلال مهنة يراها ترجعه شاباً كل يوم، ومع كل عرض يشعر بأهمية دوره فى الحفاظ على تراث أصيل رُسم على حوائط المعابد والمقابر، وذكره علماء الحملة الفرنسية فى كتبهم، التى وصفوا فيها مصر.
«الأراجوز رمز مصرى، وهو أحد رموز الشخصية المصرية»، هكذا قال نبيل بهجت، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان، صاحب ملف تسجيل الأراجوز فى اليونيسكو، مضيفاً «لقد حفظت ذاكرتى أول عرض رأيته لرجل عجوز بجلباب أبيض فى شارع سعد زغلول بمدينتى الصغيرة أبوكبير، وأنا ابن الرابعة، ومن تلك الساعة أدركت أن هذا هو مسرحنا، فعشت عمرى أدافع عن هذا المسرح لأجل هذا الرجل، الذى أبهجنى عرضه فى طفولتى»، وأضاف: كبرت ودخلت المسرح، كنت دائماً ما أشعر بغربة بينى وبين العلبة الإيطالية، وأشعر أنها صُنِعَت لظروف البيئة الغربية كى يتجمعَ الناسُ وقت البرد، أما مسرحنا فهو مسرح الساحات المفتوحة، الصحارى، الحقول، الأسواق، حيث يتجمع الناس، لذا ركزت جهودى منذ قرابة 18 عاماً على إحياء الأراجوز وخيال الظل، فأسست فرقة «ومضة»، وشعارها «لدينا ما يستطيعُ أن يُعَبِّرَ عنا»، بعد أنْ لاحظتُ أنَّ كل شىء يتغير، وأن «مصر تخرج من نفسها»، وتابع: بدأت رحلتى رغم انتقاد الجميع لى وقتها كانوا يقولون لى «انت عايز تبقى بتاع أراجوز وانت أستاذ جامعة؟، وكنت أجيبهم «أنا أراجوز لأنه مصرى أنا أراجوز لأنه منا»، وكان أول ما واجهنى عدم المعرفة بأى شىء عن هذا الفن. وعن بداية التوثيق يقول: «علمت أن شارع محمد على يحتفظ ببعض اللاعبين، وقبلها علمت أن مولد فاطمة النبوية به نصبة أراجوز، كذلك مولد السيدة زينب به عربية أراجوز، وفى الباطنية التقيت بمحمد كريمة متجولاً فى الشوارع، وفى فاطمة النبوية التقيت بصلاح المصرى، وفى السيدة زينب التقيت بسمير عبدالعظيم وحسن سلطان، وفى مولد النبى داخل قرية فى الهرم التقيت بسيد الأسمر، وفى شارع محمد على التقيت بالبصير الذى أنار بصائرنا صابر المصرى»، ويضيف «كان كل شىء سراً لا أحد يريد أن يخبرنى بشىء أو يعلمنى شيئاً، وعندها فقط اتخذت قراراً بالمعايشة بأن أذهب إليهم فى أماكنهم طوال اليوم أجلس فى مقاهيهم أصادقهم وقد كان، وبعد شهور فتحوا لى قلوبهم وعقولهم وبيوتهم أيضاً، فعلمونى لغة السيم الخاصة بهم، كانت الأمانة سراً أعظم لا أحد يخبرك كيف تُصنع أو كيف ينطق الأراجوز؟»، وتابع «بدأت الخطوات وبدأت فى التعلم كيف تُصنع الأمانة، وكيف تَنْطِق، وكيف يُصنع وسيط العرض وما هى الدمى، والأسماء المختلفة لها، هكذا بدأت ثم قررت أن أعلم جيلاً جديداً فكانت أول ورشة لطلابى من قسم المسرح وبعض الفنانين، تعلموا فيها قواعد الفن على يد الفنانين الشعبيين حملة هذا الفن، ثم جاءت فكرة تأسيس فرقة لتقديم عروض الأراجوز وخيال الظل وهى فرقة ومضة، وجاءت مهمة أخرى وهى صناعة أول أرشيف للأراجوز، فكتبت كتاب الأراجوز المصرى، باللغتين العربية والإنجليزية، ومعه 19 فيلماً وثائقياً لتسجل نمر الأراجوز حية».