من تقييد الصحافة لمواقع التواصل الاجتماعي.. أردوغان "يُكبّل" تركيا

كتب: دينا عبدالخالق

من تقييد الصحافة لمواقع التواصل الاجتماعي.. أردوغان "يُكبّل" تركيا

من تقييد الصحافة لمواقع التواصل الاجتماعي.. أردوغان "يُكبّل" تركيا

تضييق الخناق وتكميم الأفواه، بات النهج الذي يسير عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي ارتفع وتيرته بشدة منذ الانقلاب الفاشل في 2016.

وبعد تردي الأوضاع الصحفية بالبلاد، اتجه لتنفيذ الأمر نفسه مع مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كشف تقرير نشره موقع "نورديك مونيتور" السويدي عن سعي أردوغان إلى إحكام قبضته على كل الوسائل التي تنتقد حكومته، ومنها مواقع التواصل، إذ تحاول أنقرة بكل ما أوتيت من قوة، لتحويلها إلى "أدوات تجسس".

وتضمن التقرير أن الشرطة التركية تشعر بالإحباط لعجزها عن تحديد منتقدي حكومة الرئيس أردوغان، وذلك لعدم امتلاك الشركات الأمريكية العاملة في مجال التواصل الاجتماعي مثل وفيس بوك وتويتر وإنستجرام وجوجل"، لمكاتب في تركيا، وهو ما يجعلها تصر على رفض مشاركة البيانات مع الحكومة، وفقا لموقع "سكاي نيوز".

وحصل الموقع السويدي على وثيقة، ترجع إلى 30 يوليو 2018، أرسلت للمحكمة الجنائية العليا، تتضمن فشل الشرطة في الوصول لأحد منتقدي الحكومة، وتلقي باللوم على منصات التواصل الاجتماعي لعدم تعاونها مع السلطات التركية، والتي جاءت بعد طلب قدم لمحكمة إسطنبول في 14 فبراير 2018 للتحقيق في حسابات مواقع التواصل الخاصة بسافاش كهرمان الذي كان يحاكم في قضية "كايناك القابضة"، وهي مجموعة ضخمة وأكبر ناشر في تركيا، استولت عليها حكومة أردوغان بصورة غير قانونية عام 2015، بتهم يقول الموقع إنها ملفقة.

وفشلت السلطات التركية في قضية كهرمان أيضا بالحصول على أي معلومات من محامين يمثلون شركات مواقع التواصل، والوصول لبيانات منتقدي النظام، إلا أن وثيقة خاصة بالموقع الاستقصائي أشارت إلى قيام وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية بمحاولة اختراق لحسابات على وسائل التواصل، وقد باءت بالفشل لأسباب مختلفة أبرزها وجود حسابات عديدة بذات الاسم، لتحقق الشرطة مع أصحاب 110 آلاف حساب، واعتقل 2754 منهم العام الماضي، بسبب طبيعة منشوراتهم، بحسب "نورديك مونيتور".

ولم تكن مواقع التواصل الاجتماعي هي أولى محطات تضييق الخناق من أردوغان، حيث سبقتها الصحافة، بأن فرض قيودا متعددة بها، ما جعل تركيا تحتل المرتبة الـ157 من بين 180 دولة في تصنيف منظمة "مراسلون بلا حدود" الأخير، بشأن حرية الصحافة، ما يعني قرب إدراجها للقائمة السوداء، بينما ذكر موقع "بي بي سي" البريطاني أن 90% من وسائل الإعلام التركية باتت تابعة للحكومة.

وفي تقرير مركز "ستوكهولم" للحريات، أكد أن عام 2018 شهد تغييرات وانتهاكات ضخمة بمجال الصحافة التركية، وأنه الأسوأ فيها، نظرا لانتشار القمع ومنع وحجب وإغلاق بنسبة مرتفعة بين الصحف، موضحا أن عدد المقالات التي حذفتها السلطات التركية من الإنترنت وصل إلى 2950 وحظر 77 تغريدة، فضلا عن غلق 10 مواقع إلكترونية ومكاتب 5 وكالات أنباء و62 صحيفة و19 مجلة و34 إذاعة راديو و29 قناة تلفزيونية و29 بيت نشر وتوزيع، وإلغاء 620 بطاقة صحفية، فضلا عن محاكمة 521 صحفي.  

وفي دراسة لوكالة "رويترز"، عام 2018، ورد أن حوالي نصف سكان تركيا، أكدوا أنهم واجهوا أخبارا مزيفة، بالإضافة إلى أن قطاعا كبيرا من الأتراك يعتبرون أن العديد من العاملين في مجال التلفزيون هم "جواسيس".

ما سبق، أرجعته الوكالة إلى أنه ينتشر في أنقرة "نظرية المؤامرة"، التي سبق أن أعلنها صراحة أحد مستشاري أردوغان، قائلا: إن "هناك مؤامرة من أعداء الرئيس لاغتياله باستخدام الطاقة الذهنية عن بعد".

ذلك التضييق وتلك الإجراءات التي ينفذها أردوغان، يتبعها، من اعتقاده أنه "واصي" على تركيا وأنه أفضل من يحكمها، وفقا للدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير في الشئون التركية.

وأوضح "عبد الفتاح" أنه لذلك يتخذ العديد من الإجراءات غير الديمقراطية باعتبارها صحيحة، لاعتقاده نجاحه وتميزه وأن أي تدهور تشهده الدولة هو نتيجة "المؤامرة" التي ينفذها أعدائه تجاهه، لذلك يسيطر على 90% من الصحافة بالبلاد، والأكاديمين والباحثين، عبر وسائل الضغط المختلفة القاسية.

وأضاف عبدالفتاح لـ"الوطن"، أن تلك المحاولات المتعددة لتضييق الخناق تجري في ظل غضب أوروبي ضخم، واستياء شديد في الداخل، وهو ما يظهر في صورة الهجرة من تركيا، مرجحا أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انفجار قريب، خاصة في خضم الضيق المتزايد داخل الجيش التركي.

انقلاب عسكري أو اغتيال، هي النتيجة التي يرجحها الخبير في الشئون التركية، تجاه أردوغان، الذي يتجاهل ارتفاع الغضب، حيث لا يمكن أن يستمر ذلك الوضع، فضلا عن رفضه التغيير من خلال أي طرق سليمة أو سياسية، خاصة لزيادة أعدائه في الداخل والخارج.

وأشار إلى أن ذلك التطور في الأحداث سيحدده نتائج الانتخابات البلدية المقررة غدا في تركيا، كمؤشرات للوضع بالبلاد، حيث أنه في حال عدم تمكن حزب الحرية والعدالة من حصد العديد من المقاعد، سيرجح ذلك إمكانية خسارته بالانتخابات البرلمانية لاحقا، وعدم تمكنه من تشكيل الحكومة، وهو ما سيكون غير مناسب مع أهواء أردوغان.


مواضيع متعلقة