الشيخ محمود الشعشاعي.. 129 عاما على مولد عمدة تلاوة القرآن الكريم

كتب: أحمد البهنساوى

الشيخ محمود الشعشاعي.. 129 عاما على مولد عمدة تلاوة القرآن الكريم

الشيخ محمود الشعشاعي.. 129 عاما على مولد عمدة تلاوة القرآن الكريم

129 عامًا مضت على ذكرى مولد أحد أهم وأبرز قراء القرآن الكريم في مصر والعالم العربي والإسلامي، وهو الشيخ عبدالفتاح محمود الشعشاعي، المولود في قرية شعشاع بالمنوفية فِي 21 مارس عام 1890 م، ووالده الشيخ محمود إبراهيم الشعشاعي، وسميت القرية باسم جده شعشاع.

حفظ القرآن الكريم، على يد والده الشيخ محمود في 10 سنوات، فأتم حفظ القرآن في عام 1900، وسافر الشيخ الشعشاعي، بعد ذلك إلى طنطا، لطلب العلم من المسجد الأحمدي، وتعلم التجويد وأصول المد بالطريقة العادية.

ولتفوق الشيخ وتميزه بصوت عذب، نصحه المشايخ بالسفر إلى القاهرة والالتحاق بالأزهر الشريف، فالتحق بالأزهر ودرس هناك القراءات على يد الشيخ بيومي والشيخ علي سبيع، عام 1914 م، وسكن بحي الدرب الأحمر، وبدأ صيته يذيع في القاهرة بين أساطين دولة التلاوة أمثال علي محمود، ومحمد رفعت.

عاد الشيخ إلى قريته وبين جوانحه إصرار عنيد على العودة إلى القاهرة مرة أخرى ليشق طريقه في زحام عباقرة التلاوة، وعندما بدأ الشيخ رحلته إلى العاصمة كان أكثر المتفائلين يشك أن الشيخ الشاب سينجح حتى في كسب عيشه.

ترجع بداية شهرة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي وذيوع صيته الحقيقي فِي ذلك المساء البعيد الذي دخل ليقرأ فيه بالليلة الختامية لمولد الإمام الحسين (رضي الله عنه) مع أعظم وأنبغ المقرئين في بداية القرن العشرين أمثال "الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ على محمود والشيخ العيسوي والشيخ محمد جاد الله"، ومن تلك الليلة انطلق صوته إلى العالم الإسلامي، وأصبح له مكان في القمة وله مريدين وتلاميذ، ومنهم "الشيخ محمود علي البنا والشيخ أبوالعينين شعيشع"، وغيرهما كثير.

تميز الشيخ الشعشاعي بالصوت الندي، والتجويد والترتيل الذي يأخذك إلى عالم من الخشوع والتدبر في آيات الله وملكوته، حتى أن البعض وصفه بأنه عمدة فن التلاوة في عصر الرعيل الأول للقراء في مصر والعالم العربي.

كان للشيخ طريقة خاصة للأداء، تميزه عن باقي القراء، و مع هذا كان يستمع إلى أصوات الشيخ محمد رفعت، وعلي محمود، ويصفهما بأنهما أساتذة وعمالقة لا يتكررون ويَعتبر أنهما أصحاب مدارس خاصة في قراءة القرآن. ووصف قراءة الشيخ محمد رفعت ( بأنها مدرسة انتهت بوفاة الشيخ رفعت ولن تتكرر )

كَوَّن "الشعشاعي" فرقة للتواشيح الدينية، وكان في بطانته الشيخ زكريا أحمد، والذي ذاع صيته فيما بعد، وسرعان ما بدأ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، يتألق ويلمع وأصبح له عشاقًا بالألوف، ولكن فرقة التواشيح لم تكن ترضي طموح الشيخ الشعشاعي، فغامر وألقى بنفسه في البحر الذي يتصارع فيه العمالقة في التلاوة، فقرأ في مأتم سعد زغلول باشا، وعدلي يكن باشا، وثروت باشا، فأصبح الشعشاعي الذي نعرفه الآن.

و منذ عام 1930 م، تفرغ الشيخ الشعشاعي، لتلاوة القرآن الكريم، وترك التواشيح إلى غير رجعة، ومع ذلك لم ينسَ رفاقه في الدرب فقرر تخصيص رواتب شهرية لهم حتى وفاتهم.

التحق الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي بـ الإذاعة المصرية عند افتتاحها، فكان ثاني قارئ يقرأ بها فِي عام 1934 م، بعد الشيخ محمد رفعت، وعلى الرغم من أنه رفض الالتحاق بالإذاعة فِي بادئ الأمر إلا أنه تراجع عن ذلك القرار، بعد فتوى شيخ الأزهر الظواهري، وقبول الشيخ رفعت لعرض الإذاعة، وكان يتقاضى راتبًا سنويًّا قدره 500 جنيه مصري.

حج الشيخ "الشعشاعي" بيت الله الحرام، وقرأ القرآن فيه على مسامع عشرات الآلاف من الحجاج، ويعتبر الشيخ الشعشاعي أول من تلا القرآن الكريم بمكبرات الصوت في مكة والمسجد النبوي ووقفة عرفات من عام 1948 م.

وسافر إلى العراق عام 1954 م، وتكررت الزيارة بعد ذلك عامي 1958 م و 1961 م، وعُين قارئًا لـ مسجد السيدة نفيسة، ثم مسجد السيدة زينب عام 1939 م.

حاز "الشعشاعي" على العديد من أوسمة وزارة الأوقاف، وفي عام 1990 م، منح الرئيس الأسبق حسني مبارك، اسم الشيخ الشعشاعي، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرًا لدوره في مجال تلاوة القرآن.

توفي القارئ الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي في 11 نوفمبر عام 1962م، عن عمر يناهز 72 عامًا قضاها في خدمة القرآن الكريم، وكانت حياته حافلة بالعطاء، وخلف وراءه تراثًا قيمًا سيظل خالدًا، ومكتبة صوتية للقرآن الكريم تضم أكثر من ( 400 ) تسجيل موجودة بالإذاعة المصرية، وترك ابنه إبراهيم الشعشاعي، على دربه فتألق وجابت شهرته الآفاق. 


مواضيع متعلقة