"الشعشاعي".. صوت قرآن المغرب في رمضان

كتب: أروا الشوربجي

"الشعشاعي".. صوت قرآن المغرب في رمضان

"الشعشاعي".. صوت قرآن المغرب في رمضان

لا يمر شهر رمضان دون أن تمتعنا الإذاعة المصرية بالحناجر الذهبية لكبار المقرئين المصريين، الذين ينشرون بأصواتهم العذبة أجواء الخشوع والطمأنينة في البيوت المصرية والعربية، ومن بين هؤلاء القارئ الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي، الذي اشتهر بالتلاوة القرآنية قبل آذان المغرب. في قرية صغيرة سميت على اسم جده الأكبر، بمركز أشمون في محافظة المنوفية، وُلد الشيخ عبدالفتاح محمود الشعشاعي عام 1890م، وحفظ القرآن على يد والده الشيخ محمود الشعشاعي في عشر سنوات ولم يذهب كباقي أقرانه إلى الكُتَّاب، ثم سافر إلى طنطا ليكمل رحلة تعليمه من المسجد الأحمدي، فتعلَّم التجويد وأصول المد بالطريقة العادية، ثم إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف ويدرس القراءات على يد الشيخ بيومي والشيخ علي سبيع. وكون الشعشاعي فرقة للتواشيح الدينية، أثناء وجوده بالقاهرة؛ بسبب ضعف ما يتلقاه القراء من أجور، ولكن لم تشبع طموح الشيخ الذي أصر على منافسة عباقرة المقرئين في هذا الوقت، حتى بدأ رحلته في عالم التلاوة القرآنية عام 1930م، في الليلة الختامية لمولد الحسين سُمع صوته مع أعظم وأنبغ المقرئين من أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ علي محمود والشيخ العيساوي والشيخ محمد جاد الله، وأصبح له معجبون فتفرغ لتلاوة القرآن الكريم، ثم شارك في الإذاعة بعد افتتاحها عام 1936م. وأصبح الشعشاعي ثاني مقرئ في الإذاعة المصرية بعد الشيخ محمد رفعت، وكان يتقاضى راتبًا سنويًا قدره 500 جنيه مصري، حتى عُيِّن قارئًا لمسجد السيدة نفيسة، ثم مسجد السيدة زينب عام 1939، و حجَّ الشيخ الشعشاعي بيت الله الحرام سنة 1948، ويعتبر الشيخ الشعشاعي أول من تلا القرأن الكريم بمكبِّرات الصوت في مكة والمسجد النبوي ووقفة عرفات من عام 1948، وكانت له طريقته الخاصة في التلاوة تميز بها. واشتهر الشيخ الشعشاعي في العراق، منذ أن جاءته دعوة عاجلة من السفير العراقي بالقاهرة بناء على رغبة من القصر الملكي، لإحياء عزاء الملكة "عالية"، وبعد تلك الزيارة أحبه العراقيون، وأصبحت له شهرة واسعة في العراق وأصبح من قراء الإذاعة العراقية الأوائل، وتكررت زيارات الشيخ للعراق مرات عدة منذ ذلك الوقت وحتى آخر عام من وفاته. وقرأ الشعشاعي في مآتم عدد من رجال الدولة مثل سعد زغلول باشا، وعدلي يكن باشا، وثروت باشا، ورحل الشعشاعي عن دنيانا عام 1962 عن عمر ناهز 72 عامًا، تاركًا ميراثًا لمستمعين عشقوا تلاوته، متمثلًا في تلاميذه الذين برزوا في سماء التلاوة، كنجله الشيخ إبراهيم الشعشاعي، والشيخ محمود علي البنا، وغيرهما.