الدولة تنتصر فى «حرب العشوائيات».. وتؤكد: إخلاء مصر من المناطق الخطرة فى 2019

08:13 م | السبت 02 مارس 2019

يعيش فى العالم الآن أكثر من مليار شخص (أى ما يقرب من 18% من إجمالى سكان العالم) فى المناطق غير المخططة، التى تعانى من بعض المشكلات، أبرزها الكثافة السكانية المرتفعة، وعدم كفاية البنية التحتية والخدمات، وهذا ما يطلق عليه مسمى «العشوائيات»، وحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، فى شهر نوفمبر الماضى، فمن المتوقع أن يبلغ عدد سكان العشوائيات 30% من سكان العالم بحلول عام 2050، وبالتالى فمن المتوقع أن تجتاح المناطق العشوائية العالم، خاصة فى الدول الفقيرة والنامية وبعض الدول المتقدمة.

وأشار التقرير نفسه إلى أن أكثر من خُمس عدد سكان الدول الأوروبية يعيشون فى مناطق عشوائية، ونحو 14 مليون شخص يعيشون فى بريطانيا، بالإضافة إلى 16 ألف شخص ينتشرون فى مئات العشوائيات فى فرنسا، فيما يعيش فى قارة آسيا ما يتجاوز 563 مليون شخص، مما يفسّر أن العشوائيات أصبحت تمثّل صداعاً كبيراً لدى مسئولى دول العالم.

وبالنسبة إلى مصر، فتضم 351 منطقة عشوائية على مساحة 160.8 ألف فدان من المساحة الإجمالية، بنسبة تصل إلى 39% من إجمالى الكتلة العمرانية، التى تنتشر فى 226 مدينة، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، ورغم خطورة هذه الأرقام فإن الدولة، خلال السنوات الماضية، تنبّهت لأهمية هذا الملف ومنحته أولوية كبيرة.

{long_qoute_1}

وتمكنت الحكومة من إنجاز عدة مشروعات فى عدد كبير من المحافظات لمواجهة الأماكن غير الآمنة على حياة قاطنيها، حيث تم تطوير نحو 80% من العشوائيات المصرية، من خلال إنشاء 215 ألف وحدة سكنية لصالح ساكنى المناطق الخطرة، التى بلغت تكلفتها 19 مليار جنيه.

وكانت البداية من محافظة القاهرة، باعتبارها العاصمة، التى تعتبر ثانى أكبر محافظة تضم ٦٠ منطقة عشوائية، وتحتاج إلى ٦٤ ألف وحدة سكنية من أجل التطوير، وكانت النتيجة تشكيل أسماء أحياء سكنية جديدة كـ«الأسمرات والمحروسة وروضة السيدة»، حيث تم تسكين أكثر من 11 ألف أسرة من سكان العشوائيات بحى الأسمرات فقط.

كما تم الإعلان فى بداية عام 2019، أن بورسعيد أول محافظة فى مصر خالية من المناطق العشوائية غير الآمنة، وبلغت تكلفة هذه التطورات نحو مليار جنيه، وجاء هذا الإعلان نتيجة ما حدث من إنجازات خلال الأعوام الماضية، حيث تم افتتاح أكثر من 6 آلاف وحدة سكنية، أبرزها مشروع النورس الجديدة، بإجمالى تكلفة تقدّر بـ295 مليون جنيه، ومشروع المرحلة الثالثة بزرزارة، الذى وصلت تكلفة إنشائه إلى نحو 90 مليون جنيه.

{long_qoute_2}

وفى هذا الصدد، قال المهندس خالد صديق، المدير التنفيذى لصندوق تطوير العشوائيات، إن حجم الإنفاق على تطوير العشوائيات فى مصر بلغ نحو 14 مليار جنيه من إجمالى ميزانية الصندوق، مشيراً إلى أن الصندوق انتهى من إنشاء مشروع «روضة السيدة» بإجمالى تمويل بلغ 330 مليون جنيه.

ويُعد مشروع روضة السيدة الكائن بحى السيدة زينب، فى القاهرة أفخم مشروع لتطوير العشوائيات، حيث يقام هذا المشروع على مساحة 7.5 فدان، بإجمالى عدد وحدات سكنية بلغ 816 وحدة، و202 وحدة ‏تجارية، حيث يتم إعادة تسكين أهالى منطقة «تل العقارب» فى هذا المشروع.

وأشار «صديق» إلى أن الصندوق على وشك الانتهاء من مشروع «الأسمرات 3»، بتكلفة إجمالية بلغت 1.750 مليار جنيه، لافتاً إلى أن الصندوق وضع استراتيجية لتسكين المواطنين قاطنى العشوائيات، بدءاً من منتصف شهر مارس الحالى.

وأضاف أن الصندوق يعمل حالياً على تطوير وتنفيذ مشروعات جديدة، أبرزها مشروع «الرويسات» بجنوب سيناء، و4 مشروعات بمحافظة البحر الأحمر فى الغردقة، القصير، رأس غارب، وسفاجا.

ونوه «صديق»، بأن الصندوق مستمر فى خطته لإخلاء مصر من الأماكن الخطرة، التى يتم الانتهاء منها بنهاية 2019، متوقعاً أن تصبح مصر خالية من العشوائيات غير المخططة بحلول عام 2030.

وفى الوجه القبلى، ظلت عشوائيات الصعيد تغفل عن حسابات الحكومة لسنوات عدة، إلا أنها تنبّهت فى الفترة الأخيرة لمدى خطورة هذه المناطق فى صعيد مصر، فاتجهت إلى تطوير البنية التحتية والخدمية لعشر قرى فى محافظات أسيوط وسوهاج وقنا، كما تعتبر أسوان من المحافظات الرائدة فى إزالة وتطوير العشوائيات فى الوقت الحالى، ومن المتوقع أنها ستكون ثانى محافظة خالية من العشوائيات بنهاية عام 2019، حيث تم وضع خطة لعملية التطوير، على أن يتم هذا التطوير خلال 24 شهراً على 4 مراحل، وتقدر تكلفة هذا التطوير بنحو 103.6 مليون جنيه.

وفى السياق نفسه، قال المهندس أسامة إسماعيل رئيس الإدارة المركزية لتطوير العشوائيات بصندوق تطوير العشوائيات، والمسئول عن متابعة تطوير العشوائيات فى الصعيد، إنه تم القضاء على أكثر من 96% من المناطق غير الآمنة من الدرجة الثانية على مستوى الجمهورية، فيما عدا منطقة واحدة بمحافظة أسوان فى مدينة نجع سايح، التى يجرى حالياً إعداد دراسة للانتهاء من تنفيذها.

{long_qoute_3}

وتابع أن العمل قائم بجميع محافظات الصعيد، بدءاً من حلايب وشلاتين، وانتهاءً بمحافظة الفيوم، مشيراً إلى أنه تم الانتهاء من 99% من المناطق غير الآمنة بمحافظات الوجه البحرى، وحالياً أوشكنا على الانتهاء من مشروع الكندلية فى مدينة طنطا، الذى يعد آخر مشروع يتم العمل به فى محافظات الدلتا.

ونوه «إسماعيل» بأن المناطق العشوائية التى توجد على أملاك خاصة تمثل لهم تحدياً كبيراً بسبب رفض المواطنين التعاون مع الحكومة، مشيراً إلى أنه سيتم التعامل مع هذه المناطق بنظرية التمكين من التطوير، بمعنى قيام الحكومة بتقديم الرسومات التنفيذية، والتراخيص، ومخطط التطوير للأهالى، وإصدار تراخيص الهدم والبناء، بحيث تتم عملية التطوير من خلال الأهالى، بمساعدة الحكومة، ويجرى البدء فى أكثر من 13 محافظة.

وذكر أن حجم الاستثمارات الموجهة لتطوير المناطق العشوائية لإقليم وسط الصعيد بلغ نحو 54.6 مليون جنيه.

ويتم الحصول على تمويل مشروعات تطوير العشوائيات بالمحافظات عن طريق صندوق تطوير العشوائيات، التى يتم الحصول عليها من الدولة، وفى عام 2017 صدر قرار رئاسى بتمويل ميزانية هذا الصندوق من فائض المجتمعات العمرانية، بالإضافة إلى قيام صندوق «تحيا مصر» بالمساهمة ببعض التمويلات، فضلاً عن توجه المحافظات التى أصبحت خالية من العشوائيات بدفع جزء من التمويلات، فيما تسهم بعض البنوك فى هذا المشروع القومى.

من جانبها، قالت الدكتورة مروى عمر، مستشار مشروع تمكين قاطنى العشوائيات بجنوب القاهرة، إن مدخل التمكين يعد الاختيار الأفضل لخروج قاطنى العشوائيات من حلقة الفقر والأمية والبطالة إلى المشاركة الفعّالة القائمة على التوسّع فى تنمية القدرات، فالتمكين بمثابة تنمية مستدامة لعجلة النمو الاقتصادى لمصر.

وأوضحت أنه لضمان حق المواطن فى الحصول على مسكن آمن والخروج من محيط العشوائيات، فمن الضرورى تفعيل الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الخاص، وأيضاً تفعيل الشراكة مع الجهات المانحة لتنفيذ أولويات الدولة لتطوير المناطق غير الآمنة، مطالبة بالإسراع فى سن القوانين والتشريعات مع وجود آلية للرقابة على تطبيق التشريعات، بما يضمن احترام تطبيق الاستراتيجيات، خاصة استراتيجية منع الامتداد العشوائى خارج نطاق المنطقة المخططة.

وأشارت «عمر» إلى أن القطاع المصرفى المصرى أسهم بشكل كبير فى تطوير المناطق العشوائية، حيث خصّص ما يزيد على 320 مليون جنيه لتطوير هذه المناطق ذات الأولوية لـ22 منطقة بحى حلوان وحى شرق مدينة نصر بمحافظة القاهرة، وتم تحديد معايير تصنيف المناطق، بما يتفق مع المعاهدات الدولية، وبما يضمن حقوق السكان ومراعاة ظروفهم المعيشية.