حسين صبور: «السيسى» قطع الطريق على الإرهاب بتطوير العشوائيات.. ومحور القناة سيكون مصدر دخلنا الرئيسى لـ50 عاماً مقبلة

حسين صبور: «السيسى» قطع الطريق على الإرهاب بتطوير العشوائيات.. ومحور القناة سيكون مصدر دخلنا الرئيسى لـ50 عاماً مقبلة
- أحمد عثمان
- أحمد عز
- أسعار العقارات
- أصحاب المنازل
- أعضاء البرلمان
- العاصمة الإدارية
- الرئيس عبد الفتاح السيسى
- السيسى
- حسين صبور
- أحمد عثمان
- أحمد عز
- أسعار العقارات
- أصحاب المنازل
- أعضاء البرلمان
- العاصمة الإدارية
- الرئيس عبد الفتاح السيسى
- السيسى
- حسين صبور
قال المهندس حسين صبور، أحد أعلام البناء والتعمير فى مصر والعالم العربى، إن سوق العقارات بكل شرائحه لا يعانى من تشبع أو زيادة فى المعروض كما يردد البعض، لأن المدن المصرية تحتاج سنوياً لما بين 400 إلى 500 ألف وحدة سكنية جديدة لتلبية الطلب، فضلاً عن عجز متراكم من السنوات الماضية، موضحاً أن تراجح المبيعات يعكس عدم الثقة من جانب المواطن فى كثير من الشركات الجديدة الدخيلة على السوق، فضلاً عن الارتفاع الكبير فى أسعار مواد البناء الذى أعقب قرار تعويم الجنيه فى 2016.
وعبّر الاستشارى والمخطط العمرانى عن إعجابه بسياسة الدولة فى تطوير العشوائيات، مضيفاً فى حواره لـ«الوطن»: «كان لازم نعمل ده من زمان، ولو فعلنا لقطعنا الطريق على مفارخ الإرهاب». وأكد الرئيس الفخرى لجمعية رجال الأعمال أن الطلب مستمر على العقار الفاخر لأنه وسيلة الأغنياء للاستثمار وتأمين مستقبل الأولاد والأحفاد وإخفاء الثروات المشبوهة.. وعدّد «صبور» أسباب عدم قناعته بتوجه الدولة مؤخراً لبناء ناطحات السحاب فى مصر والتهليل لها، وأكد أن محور قناة السويس سيكون المصدر الرئيسى للدخل فى مصر خلال الـ50 عاماً المقبلة، كما أن موقع العاصمة الإدارية الجديدة مثالى لخدمة النشاط الاقتصادى هناك.
وإلى نص الحوار..
{long_qoute_1}
سياسة تطوير العشوائيات صحيحة 1000 فى المائة.. وكان لازم نعمل ده من زمان
الرئيس الشرفى لجمعية رجال الأعمال: نحتاج سنوياً إلى 500 ألف وحدة سكنية.. ولم يحدث أن وصلنا إلى هذا العدد إلا فى العهد الحالى
كيف ترى سوق العقار حالياً؟ هل هناك تشبع وزيادة فى المعروض كما يقول البعض؟
- ليس هناك تشبع ولن يكون هناك تشبع، فمدن مصر تحتاج سنوياً لما بين 400 إلى 500 ألف وحدة سكنية جديدة لتلبية طلب المتزوجين حديثاً والمنتقلين من الريف للمدن وأصحاب المنازل القديمة التى تنهار... إلخ، ولم يحدث أبداً فى مصر أن وصلنا لهذا العدد إلا فى سنوات حكم «السيسى» الذى سعى لتوفير مسكن آدمى للشباب وفقراء المصريين ممن يتكدسون فى العشوائيات، ليقطع بذلك الطريق على مفارخ الإرهاب، فعدد كبير من المصريين ما كان ليتطرف ويحمل السلاح لو وفرت له الدولة مساكن ولو حتى «نصف آدمية»، لكن يظل هناك عجز فى العرض بسبب تراكم أعداد الراغبين فى الحصول على مسكن عبر عشرات السنوات الذين عجزت الدولة عن تلبية احتياجاتهم. وهذا ينطبق على الإسكان الخاص بمحدودى الدخل، أما الأغنياء فليس لديهم مشكلة.
{left_qoute_1}
معنى ذلك أنك راضٍ عن سياسات الدولة فى ملف تطوير العشوائيات؟
- طبعاً راضٍ 1000 فى المائة، وهو توجه يعكس رغبة الرئيس فى احترام آدمية المواطنين وترقية حياتهم ويبعدهم عن الإرهاب، وكان «لازم نعمل ده من زمان» لكن لم يكن هناك من يملك الرغبة أو الجرأة. الآن الحكومة تعمل فى هذا الملف بجدية شديدة وبذكاء أيضاً، فمثلاً فى مشروع تطوير العشوائيات فى منطقة السيدة زينب، الدولة طورت دون أن تنفق مليماً، بل وربحت. فقد استغلت الموقع الفريد لعشوائيات السيدة زينب الذى يقع فى قلب القاهرة المزدحمة وجعلت شوارعه كلها للمشاة مثل حى المعز، وخصصت الأدوار الأرضية فى كل العمارات للمحلات التى غطت عوائدها تكاليف تطوير المنطقة بالكامل
هل تتبع الدولة نموذج عمل معيناً فى تطويرها للعشوائيات؟
- لا يوجد نموذج واحد أو حل نمطى لتطوير كل العشوائيات لأن العشوائية التى توجد على النيل، لن تكون مثل تلك الموجودة فى حضن جبل آيل للسقوط. وبالمناسبة هناك عشوائيات فى الصف الثانى من الكورنيش بداية من شبرا حتى أغا خان، وبالتالى كل منطقة ولها ظروفها، المهم هنا هو الوصول لفكرة تؤمّن عملية التمويل، والدولة تدرس أفكاراً كثيرة، تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية قبل الهندسية.
عودة لسوق العقارات، إذا كان السوق غير متشبع، فكيف تفسر تراجع الطلب وبطء حركة البيع؟
- تراجع الطلب له أسباب أخرى، منها عدم الثقة، بعد أن دخل السوق عدد كبير جداً من العارضين، ورأيى أن كثيراً منهم سيفشل، و«لو فشلوا مازعلش أوى لكن أزعل على من اشترى منهم.. هيضيعوا»، هل يُعقل أن تعلن شركة عن تقسيط وحدات لمشروع على 15 سنة والمفروض أنه سيسلمه فى 4 سنوات؟ ليس بالضرورة أن يكون نصاباً وهو فى الغالب ليس نصاباً، لكن قليل الخبرة أو درس مشروعه بطريقة خاطئة. ولا تنسَ أن ارتفاع الأسعار له تأثير أيضاً على حركة البيع، لكن السوق ما زال محتاجاً، وحتى سوق الإسكان الفاخر والفيلات ما زال الطلب عليه كبيراً.
{left_qoute_2}
أشرت إلى ارتفاع أسعار العقار كأحد أسباب تراجع حركة البيع، فما أسباب هذا الارتفاع؟
- ارتفاع أسعار العقارات له أسباب كثيرة، فبعد تعويم الجنيه تضاعفت أسعار مواد البناء، وطن الحديد، على سبيل المثال، وصل 11 ألف جنيه، وبالتالى ارتفع سعر متر المبانى من نحو 4 آلاف جنيه على الأكثر ليتجاوز 11 وأحياناً 13 ألف جنيه. أضف إلى ذلك المشكلة الأبدية وهى أن الدولة تبيع الأراضى غالية جداً. وكنت وما زلت أسأل: لماذا تصر الدولة على التحكم فى بيع الأراضى؟ زمان كانت هناك شركات كثيرة، مثل «المعادى» و«مصر الجديدة» و«الجيزة» و«الجزيرة» و«سموحة» فى الإسكندرية وغيرها، تعمل فى هذا النشاط، أى تطوير الأراضى، يشترون الأرض من الدولة ويرفقونها ويقسمونها ثم يبيعونها للناس. لكن الحكومة ومنذ الخمسينات أممت هذا النشاط وأصبحت هى المطور الوحيد والبائع الوحيد للأراضى، فاختفت المنافسة على سعر الأرض بصورة مش معقولة فى بلد لديه كم كبير من الأراضى الفضاء. وقد قلت ذلك لكل وزير تولى ملف الإسكان منذ حسب الله الكفراوى، ولم يوافقنى أحد سوى المهندس إبراهيم محلب، لكن الوقت لم يسعفه لأنه غادر الوزارة.
ولماذا تصر الدولة فى رأيك على احتكار هذا النشاط؟
- التفسير الوحيد الذى أراه أن الدولة تتعامل مع الأراضى باعتبارها أحد مصادر الخزانة العامة ولا ترغب فى فتح السوق للقطاع الخاص حتى لا تفقد هذا الدخل رغم أن دخول الشركات الخاصة سيخفض سعر الأراضى وبالتالى أسعار العقار على المواطن.
هل ما زلت تنصح بالاستثمار فى العقار؟
- سيظل العقار استثماراً مجدياً ما دام يعبّر عن طلب حقيقى، والطلب حقيقى خصوصاً فى كل المدن القديمة بكل محافظات مصر. وإذا كان الشخص يبحث عن مصلحته الخاصة «يشترى شقتين ويقفلهم أسعارهم سوف تتضاعف»، أما لو كنا نتحدث عن مصلحة البلد فتوظيف هذه المدخرات فى مشروعات صناعية أفضل ألف مرة لأن الصناعة تعنى إنتاجاً وتصديراً وتنمية وفرص عمل.
وماذا عن المدن الجديدة؟
- معظمها أيضاً واعد، لكن لا أستطيع أن أقتنع ببعض المشروعات فى بعض هذه المدن. كيف يمكن تبرير وجود وحدة يصل سعر المتر فيها إلى نحو 60 ألف جنيه لمجرد أنها تطل على البحر، كما أننى لست مقتنعاً بالتوجه الجديد للتوسع فى بناء ناطحات السحاب. مصر ليست فى حاجة لهذا النوع من المبانى، وأشعر بالخجل ممن يتباهى بهذه المشروعات ويقول: مصر دخلت عصر ناطحات السحاب، وكأنه إنجاز. قد أفهم وجود ضرورة هندسية لهذه الأبراج فى المناطق الزراعية مثل الدلتا، إذ إن هذه الأبراج ستقلل من هدر المناطق الزراعية لتحويلها إلى أراضى بناء، لكن لماذا نبنى أبراجاً عالية فى الصحراء ولدينا مساحات هائلة ممتدة فيها؟ ثم إن بناء هذه الناطحات يطرح أسئلة كثيرة عن توفر الاستعدادات للتعامل معها، مثل هل لدينا القدرة على التعامل مع حريق فى الدور الستين؟
وكيف تكون مصر بلداً فقيراً وفيه إقبال كبير على العقارات الفاخرة؟ من أين يأتى الناس بالأموال التى يشترون بها هذه العقارات؟
- لست أتفق مع من يقول إن المصريين أغنياء ولديهم أموال كثيرة. الغالبية العظمى تشترى عقارات لتلبية احتياجاتها الأساسية. هذا لا يمنع، كما قلت لك، من وجود شريحة من المهنيين، مثل الأطباء والمدرسين والمحامين وغيرهم، ممن حققوا دخولاً عالية من وظائفهم، خصوصاً أن كثيراً منهم لا يدفع ضرائب، يتجهون للعقار، وأصحاب الأنشطة المجهولة فى الاقتصاد غير الرسمى، وأصحاب الدخول غير المشروعة ممن لديهم «فلوس بالهبل تحت البلاطة».. أضف إلى هؤلاء المصريين العاملين فى الخارج. كل هؤلاء يتحمسون لشراء العقارات.. فى المقابل لا توجد ثقة فى الاستثمار فى الصناعة.
فى تقديرك لماذا يفضل المصريون استثمار أموالهم فى العقارات أكثر من القطاعات الإنتاجية فى الصناعة والزراعة؟
- المصريون كفروا بالصناعة بعد أن ضاعت مدخراتهم فى مصانع الدولة بداية من الخمسينات، فلم يحصل من اشترى أسهماً فى الحديد والصلب والقومية للأسمنت وغيرهما على أمواله حتى الآن. العيب طبعاً ليس فى الصناعة، ولكن فى إدارة القطاع العام، بدليل نجاح تجربة طلعت حرب، وكان من يسهم فى مصانعه يربح. عندما بدأت الاشتراكية فى العالم كله نجح المنظرون لها فى إقناع الناس بأن من يعمل فى مصانع الدولة فعائد عمله وإنتاجه يعود إليه فى النهاية كمواطن، أما من يعمل لدى القطاع الخاص فعائد جهده يذهب لرجال الأعمال وحدهم، فحدث إقبال على العمل لدى الدولة والإخلاص فيه وتفوقت مصانع الدولة على القطاع الخاص، لكن بعد فترة الحماس تراجع التفوق بسب فساد الإدارة وتسيبها فى القطاع العام، وظهرت الدعوات للخصخصة فى دول العالم، وهذا ما حدث فى مصر.
باعتبارك كنت شاهداً ومشاركاً فى أول برنامج للخصخصة فى مصر فى عهد مبارك، لماذا تعثر البرنامج؟
- فعلاً قام الرئيس مبارك بتشكيل لجنة من 4 وزراء و4 شخصيات تمثل القطاع الخاص، كنت واحداً منهم. وضمت اللجنة الوزراء فؤاد سلطان وماهر أباظة وآمال عثمان ويوسف والى، أما رجال الأعمال فلن أذكر أسماءهم، وتولى يوسف والى رئاسة اللجنة التى عُهد إليها بدراسة ملف الخصخصة من الألف للياء.
لكن أليس غريباً ألا تضم لجنة للخصخصة وزير الصناعة؟
- طبعاً أمر غريب، والغريب أيضاً أن اللجنة شُكلت وبدأت عملها فى ذات الوقت الذى كان مبارك يؤكد فيه فى خطبه أنه لا نية أبداً لخصخصة وبيع القطاع العام. أى إننا كنا ندبر كل شىء لبدء البيع، وهو يتكتم على ذلك. عموماً أنا أخذت المهمة بجدية وسافرت على نفقتى الخاصة لمدة أسبوعين لإنجلترا لدراسة التجربة الإنجليزية فى الخصخصة، وساعدتنى سفارتنا هناك كثيراً. وعدت بتصور كامل عما حدث هناك، وأذكر أنه بعد عودتى مباشرة طلب منى يوسف والى أن أكتب ما توصلت إليه فى تقرير لا يزيد على 9 صفحات. ولم أعرف سر الرقم 9 إلا فيما بعد، عندما أوضح لى أن مبارك «بيزهق بعد كده»، وجاء بنفسه وأخذ التقرير من بيتى ليعرضه على الرئيس حتى قبل أن يقرأه هو.
وماذا تضمّن التقرير؟
- خلاصة تجرية رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر فى الخصخصة. عندما وصلت «تاتشر» للحكم فى 1979، كان أحد أهدافها تحسين أوضاع شركات ومصانع القطاع العام الذى كان عاجزاً عن منافسة القطاع الخاص وتحقيق أرباح تُذكر. فى عام 1982 كتبت كتاباً بعنوان «خزانة صاحبة الجلالة» شرحت فيه لماذا فشلت فى إصلاح القطاع العام. وكان آخر جملة قالتها فى الكتاب: «عندما تملك الدولة، فهذا يعنى أنه لا أحد يملك، وحين لا يوجد مالك لا أحد يهتم».. وعددت أسباب الفشل، وتناولت مشكلات مشابهة لنا، منها مثلاً الحسابات الانتخابية الضيقة لأعضاء البرلمان الذين يفضلون توجيه مخصصات الدولة فى مشروعات ترضى ناخبيهم على حساب تحديث الصناعة. وبدأت برنامجاً طويلاً لبيع شركات الدولة. وهذا ما عرضته فى التقرير.
عودة لملف العقارات والصناعة معاً، لماذا لم يحقق الجيل الأول من المدن النجاح الذى كان متوقعاً لها؟
- المدن الجديدة بدأت كفكرة لوزير التعمير الوطنى الذكى عثمان أحمد عثمان عقب حرب 1973. توقع الرجل حدوث استقرار وتنمية بعد الحرب، وبالتالى سيكون هناك هجوم على الاستثمار فى قطاع الصناعة. وكان حريصاً ألا يكرر أخطاء التخطيط الصناعى بعد ثورة يوليو. فبعد الثورة بدأت نهضة صناعية، والصناعات بطبيعة الحال تحتاج إلى أماكن فيها مرافق. ولأن المرافق كانت متوفرة بصورة رئيسية فى القاهرة والإسكندرية، تكدست الصناعات الجديدة فى ضواحى المدينتين بشكل أفسدهما، كما حدث مثلاً فى منطقة حلوان التى كانت أحد أرقى أحياء العاصمة قبل الثورة، ثم زحفت إليها العشوائية والقبح بعد تعدد بناء المصانع فيها. وحرصاً منه على عدم تكرار هذه الكارثة، دعا خبراء أجانب لدراسة إنشاء عدد من المدن الجديدة الصناعية، وانتهوا إلى ضرورة إنشاء 4 مدن سموها «الجيل الأول»، وهى العاشر من رمضان والسادات وبرج العرب الجديدة و6 أكتوبر، واختير موقع كل منها بعناية شديدة ليناسب الغرض منها.
هل يمكن أن تعطينا مثالاً؟
- مدينة السادات، التى تبعد نحو ساعة عن 75% من سكان الجمهورية، خُصصت لصناعة الصلب وكل الصناعات القائمة عليه مثل السيارات والغسالات... إلخ، والعاشر من رمضان، القريبة من ميناء السويس، خُصصت للصناعات الموجهة لشرق آسيا، وبرج العرب، القريبة من ميناء الإسكندرية والساحل الشمالى، تخصص للصناعات المتجهة لأوروبا، و6 أكتوبر تخصص لصناعات محلية تخدم المحافظات القريبة منها، وهكذا.
لكن لماذا يُستكمل المخطط على هذا النحو؟
- بسبب السياسة والفساد الإدارى. وأنا عشت، عن قرب، انهيار تجربتَى السادات و6 أكتوبر، لأننى كنت المهندس الذى خططهما. تخطيط مدينة السادات قائم على فكرة إنشاء الدولة لمصنع للحديد الصلب فيها، لكن كان هناك وزير للصناعة، وفى نفس الوقت أمين عام الحزب الوطنى فى الإسكندرية، سعى ونجح فى نقل المصنع، وهو مصنع الدخيلة الذى اشتراه لاحقاً أحمد عز، من السادات إلى الدخيلة فى الإسكندرية، إرضاء لأهالى الدائرة (وطظ فى مدينة السادات والتنمية)، فانهار مخطط المدينة. وحاول وزير التعمير والإسكان وقتها حسب الله الكفراوى، الذى «صعب عليه» أن يفشل المشروع بعد الانتهاء من مرافقها بالكامل، فقرر نقل وزارات التعمير واستصلاح الأراضى وكذلك وزارة التخطيط إليها. وأنشأنا بالفعل مبانى لهذه الوزارات، لكنه عجز عن نقل موظف واحد إلى هناك، وانتهى الأمر إلى بيع المبانى إلى جامعة شبين الكوم، رغم أنها لا تصلح كمبانٍ دراسية، وهكذا ذهبت «استثمارات بالهبل» فى مهب الريح.
ومتى ظهرت فكرة العاصمة الإدارية الجديدة؟
- العاصمة الإدارية قصة مختلفة، فقد رأى المخططون فى الدولة منذ وقت مبكر من حكم الرئيس مبارك أن القاهرة فى عام 2050 لن يقل سكانها عن 40 مليوناً، أى ما يعادل سكان دول الخليج مجتمعة، وبالتالى ستكون الحياة فيها غير ممكنة، واقترحوا بناء عاصمة إدارية جديدة، واستقروا على اختيار موقعها بين القاهرة وقناة السويس، وكان المخطط أن يبدأوا نقل الوزارات والهيئات المتكدسة فى شارع قصر العينى إليها، بالإضافة إلى مؤسسات مالية مثل البورصة.
ولماذا لم ينفذ الفكرة الرئيس مبارك؟
- «ما كانش فاضى»، كان مشغولاً بأمور أخرى، ولما جاء الرئيس السيسى قرر أن يمضى قدماً فى هذا المشروع، وسارت المسألة على النحو الذى نراه الآن.
ولماذا اختير هذا الموقع للعاصمة الجديدة؟
- لأن مشروع محور قناة السويس سيكون، إذا أدير بكفاءة، هو المصدر الرئيسى للدخل فى مصر خلال 40 أو 50 عاماً مقبلة، وبالتالى سيكون موقع العاصمة الإدارية مثالياً لخدمة النشاط الاقتصادى المتصاعد فى هذه المنطقة الحيوية.
معنى ذلك أن فكرة مشروع المحور كانت موجودة منذ أيام مبارك؟
- نعم. للأسف الشديد هذا الموقع الهام جداً تأخر استغلاله جداً، فعندما أمم عبدالناصر القناة لم يكن يشغله إلا الاستفادة من عوائدها لبناء السد العالى، ومنذ ذلك الوقت ظلت القناة مجرد معبر لا تدر سوى رسوم المرور منها، وهى بسيطة جداً.. هل يُعقل أن يكون عائد وليس أرباح أهم مجرى ملاحى فى العالم فى حدود 5 مليارات دولار سنوى، فيما يربح بلد مثل سنغافورة من استغلال موقعه البحرى أضعاف هذا الرقم؟! وكنت وقتها أقول إن رئيس الهيئة لا يزيد دوره عن «الكمسارى» ليس أكثر.
{long_qoute_2}
ولماذا لم يتم قبل ذلك إنشاء مشاريع تخدم على الأقل السفن العابرة؟
- منتهى قلة الكفاءة، بل والغباء. هل تتخيل أن السفن التى تعبر القناة لا تجد محطة فى مصر للتزود بالوقود، وتضطر للحصول على ما تحتاجه من موانئ خارج مصر مثل ميناء جبل على وغيره؟، هل تتخيل أن أهم مجرى ملاحى فى العالم لا يوجد به مصنع لتصنيع «الكونتير» أو على الأقل ورشة لصيانتها، فضلاً عن عدم وجود ترسانة لتصنيع السفن أو حتى ورش للصيانة؟! الآن تغير الفكر وأصبح محور قناة السويس من أساسات التنمية فى مصر.
{long_qoute_3}
وكيف يمكن أن يصبح المشروع المصدر الرئيسى لدخل مصر؟
- طول قناة السويس من الشمال إلى الجنوب نحو 200 كيلومتر، وهذا يعنى أن لدينا 400 كيلومتر على شاطئيها يمكن فيها إقامة كل أنواع المشاريع والصناعات المحلية والأجنبية الراغبة فى الاستفادة من موقع القناة الفريد الذى يُمكّن المستثمرين من التصدير لكل دول العالم بسهولة.