مصريون بالخارج يعانون بين "لقمة العيش والكفيل": نتعرض لضغوط ومضايقات

كتب: سمر عبد الرحمن

مصريون بالخارج يعانون بين "لقمة العيش والكفيل": نتعرض لضغوط ومضايقات

مصريون بالخارج يعانون بين "لقمة العيش والكفيل": نتعرض لضغوط ومضايقات

يسافرون إلى دول العالم، يجوبونها شرقًا وغربًا، بحثًا عن مصدر رزق وسعيًا وراء لقمة عيش توفر حياه كريمة لذويهم، يضطرون لقبول أي عمل حتى وإن كان غير مناسب لهم لكنه سيوفر أموالًا، من الممكن أن تبني لهم حياة مستقرة، بعضهم يستقر في عمله ومع "كفيله"، والبعض الآخر يريد الهروب من قهر "الكفيل"، فقصص المصريين في الخارج مليئة بـ"المعاناة"، ما بين السعي وراء محاولة توفير حياة كريمة ورحمة وأزمات "الكفيل"، وترصد "الوطن" في تقريرها التالي عددا من المواطنين الذين واجهوا المتاعب في عملهم بالخارج.

وروى "السيد.ك.م"، أنه قبل 10 سنوات، تخرج في إحدى الكليات الأكاديمية، وكان حلمه إيجاد وظيفة حكومية تضمن له مستقبلًا جيدًا وعيشة كريمة، إلا أنه لم يجد مُراده، فسافر إلى المملكة العربية السعودية، بعقد عمل رسمي وموثق عن طريق أحد الأصدقاء الموجودين هناك، وعلى اسم "كفيل"، وعندما وصل واجه عدة أزمات، منها أنه لم يجد ما تم الاتفاق عليه في العقد الموقع، فراتبه أقل مما تم الاتفاق عليه، وعمله غير الذي يوجد بالعقد، لكنه في هذا التوقيت لم يكن لديه بديل آخر، فالشاب الذي دفع كل ما يملك من أجل تحقيق حلم السفر الذي ظن أنه سيحقق استقرارًا معيشيًا، لم يكن لديه حرية الاختيار، فقبل بالعمل المُكلف به من "الكفيل".

وقال السيد، إنه ما زال يعمل في السعودية، مؤكدًا موافقته على العمل مع الكفيل بالرغم من إخلاله بالاتفاقات وأخذ جواز سفره حتى لا يستطيع الهرب والعمل في مكان أخر، وعمل معه قرابة الـ4 سنوات، وعندما شعر بنوع من الاستقرار أراد التخلص من نظام الكفالة، وأن يعمل في مكان آخر، خاصة أن راتبه منذ بداية عمله كما هو، والأمور كانت تتغير من حوله، ولكن فاجأه الكفيل بالرفض، وبعد محاولات عديدة، اشترط الكفيل عليه أن يدفع له مبلغًا ماليًا كل شهر من الراتب الذي سيحصل عليه من العمل في مكان آخر، فاتخذ قراره بالموافقة في ذلك الوقت، وانتقل للعمل مع آخرين، لكن الطمع كان يُسيطر عليه، وطلب مزيدًا من الأموال، إلا أنه استطاع الهروب من المنطقة إلى أخرى في نفس البلد.

وأضاف: "المصريون في الخارج يواجهون عدة صعوبات مع الكفيل، منها عدم توفير سكن آدمي في بعض الأوقات، وعدم توفير مواصلات من وإلى العمل، فضلًا عن عدم التزام البعض منهم ببنود الاتفاق، ومعاملتهم معاملة سيئة، ولا يحق لهم الاعتراض لأنهم يعيشون تحت رحمة الكفالة، التي تعد غير قانونية وغير متفق عليها في الاتفاقات الدولية بين الدول، مطالبًا الدولة المصرية بالتدخل وإلغاء هذه النظام والوصول لحلو لتأمين حياة المصريين وتوفير حماية لهم أثناء عملهم في الخارج".

لم تختلف حالة دولة الأردن عن مثيلاتها من الدول العربية، فنظام الكفالة معمول به في المملكة، والمصريون يواجهون أيضًا صعوبة ويمرون بأزمات مع "الكفيل"، من بين هؤلاء الشاب "حمادة.ذ.س"، الذي يعمل في مجال المعمار بالأردن، فحينما تخرج قبل 6 أعوام من دبلوم التجارة، حرص على تأمين مستقبله وتجهيز نفسه، عمل في عدة مجالات داخل مصر، لكنه لم يوفر شيئاً من الأموال التي كان يتحصل عليها، حتى راوده حلم السفر للخارج، فكانت "الأردن"، ملاذاً له، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فعندما وصل إلى هناك وجد كل شيء فيه تغيير.

وأكد حمادة، أنه سافر من أجل تكوين وتجهيز نفسه عن طريق إرسال عقد عمل موثق من أحد أبناء عمومته، وسافر على اسم كفيل في الأردن، وبعد وصوله واستقراره بعدة أشهر، فوجئ أن هناك إخلالًا ببنود الاتفاق في العقد، بجانب زيادة عدد ساعات العمل دون أجر إضافي، ولكن استمر في العمل معه لأكثر من عامين، وقرر العمل بمفرده "عمل حر"، وقرر الفرار "الهروب" من الكفيل، محاولًا إيجاد سبيل آخر لحل الأزمة المالية، خاصة وأن الأردن به ارتفاع أسعار كبير مقارنة بأجورهم، فكان بين سندان العمل هارباً ومطرقة الترحيل والعودة دون تحقيق ما سعى إليه.

وأوضح العامل المصري "أننا نواجه مشكلات عدة مع الهروب من الكفيل والعمل كعمالة حرة، منها أننا نكون معرضين للقبض علينا وترحيلنا في أي وقت، لأن أوراقنا تكون محتجزة لدى الكفيل، فنعمل بحذر ونحاول تفادى الحملات التفتيشية على العمالة، ومنها قيام الكفيل بتحرير محاضر هروب ضدنا، وهو الأمر الذي يجعلنا نشعر بعدم الأمان، ويجعلنا مُهددين طوال الوقت، وحتى الذين يعملون لدى تحت رحمة الكفيل، من الممكن أن يتعرضوا للفصل دون إخلالهم بأي من بنود العمل، وان الآلاف من المصريين يعيشون معاناة في الخارج، على عكس ما يظنه البعض أنهم أثرياء ويمتلكون أموالاً كثيرة، فهم يعيشون في نار الغربة وأزمات متلاحقة".

"محمد.ع.ا"، أحد العاملين بمحل عصائر في الأردن، يؤكد أن المصريين يواجهون أزمات كثيرة مع الكفيل، وخاصة عندما يريدون العودة إلى مصر في إجازة، فيشترط الكفيل توفير بديل له قبل السفر، وهو ما يجده العمال المصريون شرطاً صعباً وتعقيدياً، بالإضافة إلى أزمة نقل الكفالة، فحينما يريد العامل الانتقال لكفيل آخر، لا بد من أن يدفع أموالا طائلة، لأن القوانين لا تتيح لهم تغيير نوع التأشيرة.

وأكد محمد، أن العمالة المصرية تتعرض لممارسات غير قانونية من الكفيل، "نتعرض لضغوط وممارسات تجعلنا لا نستطيع استكمال أعمالنا، لكننا مضطرين لمواصلة العمل حتى لو كلفنا المر الهروب من كفيل والعمل متخفين، لكن تقابلنا مشكلة كبيرة عندما نريد العودة فى إجازة، حيث إن القوانين لا تتيح لنا ذلك إلا بعد موافقة صاحب العمل، وهو لن يوافق إلا بشروطه، أهمها توفير بديل آخر وهو ما لم نستطع فعله في معظم الأوقات، فنضطر للمكوث لسنوات حتى لا نقع تحت طائلة القانون ويتم ترحيلنا ووقتها لم نتمكن من دخول البلد مرة أخرى".

"الكفيل"، هو نظام يطبق في بعض دول الخليج، ومعناه أن يقوم شخص من البلد بإحضار العمالة من دول مجاورة بقصد العمل، ويقوم الكفيل بأخذ وثيقة السفر الخاصة بهذا العامل، وإعطائه بطاقة يتم استخراجها من الدولة المستضيفة، بها جميع معلومات هذا العامل ومعلومات عن كفيله، ولا تصلح هذه البطاقة إلا في البلد المستضيف، والهدف من هذا النظام الحفاظ على أمن هذه الدول من خلال السيطرة على العمالة الواردة إليها من الخارج.


مواضيع متعلقة