حكايات «الاثنين الحزين» من شارع «الدرديرى»: أشلاء إرهابى وبطولة شهداء وشهامة «ولاد البلد»

كتب: طارق عباس وأحمد عبداللطيف

حكايات «الاثنين الحزين» من شارع «الدرديرى»: أشلاء إرهابى وبطولة شهداء وشهامة «ولاد البلد»

حكايات «الاثنين الحزين» من شارع «الدرديرى»: أشلاء إرهابى وبطولة شهداء وشهامة «ولاد البلد»

أشلاء متناثرة فى الطريق، وحطام دراجة الإرهابى، وأجزاء خرسانية مهشمة من بلكونة المنزل المجاور لموقع التفجير، فى شارع لا يزيد عرضه على مترين، حالة من الذهول عمت المكان عقب دوى انفجار صمّ الآذان للحظات، تلته سحابة دخان وستارة من الأتربة المتطايرة، قبل أن يهرع شابان بدراجة بخارية ليقتحما المشهد، وينتشلان سيدة مصابة ويضعانها على الـ«فيسبا»، ويسرعان بنقلها إلى المستشفى لإسعافها، ويتضح فيما بعد أن اسمها «حلاوتهم زينهم إبراهيم»، 44 سنة، كانت تحمل أكياساً بلاستيكية بها أغراض وأطعمة، لأولادها وقادها حظها العاثر للمرور فى الشارع لحظة سحب الإرهابى فتيل القنبلة فسقطت غارقة فى دمائها، وأصيبت بكسور فى الساق اليمنى وجروح وسحجات، وتم نقلها إلى مستشفى الحسين الجامعى لتلقى العلاج، قبل حضور سيارات الإسعاف لنقل حسن محمد، 16 سنة، و5 مصابين آخرين بجروح للعلاج فى نفس المستشفى.

«كنا واقفين فى أمان الله لقينا المخبرين والأمناء والظباط ماليين المكان، ودخلوا كذا محل وطلبوا يراجعوا كاميرات المراقبة، وماحدش فاهم حاجة، وبعدها بكام دقيقة لقينا انفجار ضخم هز المنطقة، الناس جريت وكل همها تلحق المصابين»، هكذا وصف محمود سيد، 42 سنة، صاحب محل فى بداية شارع الدرديرى، المشهد فى مساء الاثنين الحزين بمنطقة الدرب الأحمر، مؤكداً أنه يعرف الإرهابى «حسن» شكلاً ولم يكن يتوقع أن يصدر منه هذا الفعل لأنه ابن المنطقة ولم يتصور أحد أنه انتحارى ويخطط لإيذاء جيرانه بهذه الطريقة البشعة.

الشهيد أمين الشرطة محمود أبواليزيد، كان صاحب النصيب الأكبر من أحاديث الأهالى، لأنه دفع حياته ثمناً للحفاظ على أرواح الناس، بعدما اندفع بكامل قوته نحو الإرهابى، رغم توقعه أنه قد يكون يحمل متفجرات، وأوقفه قبل أن يكمل طريقه بالدراجة، وألقى القبض عليه، ففجر نفسه عند هذه اللحظة.

{long_qoute_1}

وقال أحمد رمضان، 33 عاماً: «الأمين محمود الله يرحمه ويقبله مع الشهداء، كان أحسن أمين شرطة اشتغل فى قسم الدرب الأحمر، وأطيب خلق الله وعمره ما زعل حد ولا افترى على حد، طوب الأرض كان بيحبه والكل كان بيعتبره أخوه أو ابنه أو صاحبه».

وخلال تجمهر الأهالى حول مكان الواقعة، شقّت سيدة ثلاثينية منهارة من البكاء، ومعها عجوز تمشى بمساعدة شاب إلى جانبها، وعندما وصلوا إلى الكردون الأمنى يسار مسجد الدردير، فتح رجال الشرطة الطريق لهم بعد إبلاغهم أنهم والدة وزوجة وشقيق الشهيد محمود أبواليزيد، وفور وصولهم إلى مكان الجثمان، تعالت الصرخات والأصوات، وحاول الحضور تهدئتهم وإبعادهم عن المشهد حتى يتمكن رجال البحث الجنائى من إكمال المعاينة.

وبعد الانفجار بساعتين وصل متخصصون من رجال الشرطة وبصحبتهم كلاب بوليسية مدربة على كشف المتفجرات، بعد تلقى معلومات عن وجود متفجرات وأدوات مستخدمة فى صناعة القنابل داخل شقة الإرهابى بالطابق الثالث، ما دفع رجال الشرطة لتوسيع دائرة الكردون الأمنى وإخلاء المكان من الموجودين تحسباً لوقوع أى انفجارات أخرى لقنابل مؤقتة أو أى عبوات ناسفة معدة للانفجار عن بعد.

عدد من الأهالى ساعدوا رجال الشرطة فى إفساح المجال لهم للعمل وتسهيل عملية الدخول والخروج من وإلى موقع الحادث، وصبوا غضبهم على الإرهابيين وجماعة الإخوان الإرهابية.

{long_qoute_2}

وزارة الصحة أعلنت أن المصابين 6 أشخاص بينهم طفل وسيدة وطالب تايلاندى يدرس بجامعة الأزهر، تصادف وجودهم بمكان الانفجار، إضافة إلى 3 من رجال الشرطة تم نقلهم إلى مستشفى الشرطة لتلقى العلاج، والمصابون هم كل من: محمد سالم سليمان، ٣٢ سنة، معاون مباحث الجمالية، وأحمد محمد فاخر، ٣٨ سنة، ضابط شرطة، وشهاب مرتضى، عقيد شرطة، وحلاوتهم زينهم إبراهيم، ٤٤ سنة، وحسن محمد محمد، ١٦ سنة، وأوتك بك، ٢٥ سنة، تايلاندى، طالب بجامعة الأزهر.

وأوضحت مصادر أمنية أن طبيعة المنطقة الواقعة خلف جامع الأزهر، سهلت على الإرهابى التخفى والمراوغة ومحاولة الهروب لأن لها عدة مداخل ومخارج وعبارة عن حوارى وأزقة عرضها من مترين إلى 3 أمتار، لذلك استقر فى شقته التى تقع فى الطابق الثالث من عقار قديم بشارع الدرديرى فى تقاطع شارع الكحكيين، وهو عقار مبنى على شقتين بكل طابق، بعد أن وضع دراجته فى المدخل، وعندما نزل وحاول الركوب والانطلاق بها كان 5 من رجال المباحث بينهم ضابط الأمن الوطنى الشهيد رامى هلال، وأمين الشرطة الشهيد محمود أبواليزيد، فى انتظاره بعد أن كشفت كاميرات المراقبة خط سيره.

وأمر النائب العام المستشار نبيل صادق، بتشكيل فريق تحقيق بشكل عاجل للتحقيق فى الحادث، وانتقل فريق من النيابة العامة إلى مكان التفجير واستمع لشهود العيان، فيما انتقل إلى مستشفى الحسين لسماع أقوال المصابين، وأمرت النيابة بالتحفظ على كاميرات المراقبة التى سجلت لحظة التفجير، وعدد من كاميرات المراقبة التى ظهر فيها الإرهابى قبل تنفيذ الجريمة، وطلبت تحريات الأمن الوطنى حول الواقعة.


مواضيع متعلقة