«القاهرة - أفريقيا» فى 3 عصور: عبدالناصر «قاد» والسادات ومبارك «ابتعدا».. والسيسى «أحيا الأمل»

كتب: محمد الليثى

«القاهرة - أفريقيا» فى 3 عصور: عبدالناصر «قاد» والسادات ومبارك «ابتعدا».. والسيسى «أحيا الأمل»

«القاهرة - أفريقيا» فى 3 عصور: عبدالناصر «قاد» والسادات ومبارك «ابتعدا».. والسيسى «أحيا الأمل»

«أمن قومى مصرى».. هكذا يجب أن ترى كل الأنظمة الحاكمة لمصر أفريقيا على مر العصور، نظراً للأهمية الكبيرة لهذه الدول على مختلف الأصعدة، سواء سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً، وكانت الفترة الأكثر ازدهاراً والتى تعاملت على هذا الأساس هى فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى لم يتصرف كرئيس بل كـ«زعيم مفكر» يلم الشمل، إلى أن تراجع الدور المصرى فى أفريقيا فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ثم تدهور بشكل أكبر فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لتلوح من جديد علاقات متميزة مع الدول الأفريقية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى.

السفير محمد الشاذلى، سفير مصر الأسبق بالسودان، يرى أن «عبدالناصر» هو من فتح أفريقيا لمصر، حيث أدرك أهمية القارة السمراء بالنسبة لها، مشيراً إلى أنه كان مع الآباء المؤسسين الذين أنشأوا منظمة الوحدة الأفريقية التى أصبحت بعد ذلك «الاتحاد الأفريقى»، ولفت إلى أنه تبنى حملة التحرر الأفريقى من الاستعمار ووقف ضد النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا وفتح لمصر أفريقيا اقتصادياً عن طريق شركة النصر للاستيراد والتصدير، حيث كان لها دور فى رفع العلم المصرى فى القارة، وفتح الأسواق الأفريقية للمنتجات المصرية، فضلاً عن الناحية الإعلامية حيث كان هناك العديد من قنوات الإذاعة الموجهة لأفريقيا ليست فقط باللغات الرسمية للدول، ولكن باللغات القبلية حتى يصل إلى المواطن الأفريقى من القاهرة.

أما عن عصر السادات، فقال «الشاذلى» لـ«الوطن»، إن الاهتمام بأفريقيا قل، لكن وقف فى وجه التراجع الكبير الدكتور بطرس غالى الذى كان مهتماً بأفريقيا وبذل جهداً كبيراً فى العلاقات المصرية - الأفريقية، وكان يحظى باحترام كبير لدى المسئولين الأفارقة لأنه كان أستاذاً فى الاقتصاد والعلوم السياسية وتخرج على يديه سياسيون أفارقة، وتابع: «وقت مبارك الاهتمام بالدول الأفريقية تراجع بشكل كبير جداً لدرجة أن مصر لم تحضر على المستوى الرئاسى اجتماعات القمة الأفريقية لمدة 10 سنوات»، مشيراً إلى أننا دفعنا ثمن ذلك غالياً لأنه كان هناك إهدار لاستثمارات كبيرة اقتصادية وسياسية استثمرتها مصر فى أفريقيا، مؤكداً: «أبرز الخسائر كانت ما شهدناه فى موضوع دول حوض النيل وسد النهضة وعدم وجود تعاطف أفريقى مع المواقف المصرية».

{long_qoute_1}

وقالت الدكتورة هبة البشبيشى، خبيرة الشئون الأفريقية: «لم يكن عبدالناصر فقط رئيساً لدولة عربية كبيرة ولكن كان زعيماً أفريقياً، فهو أول من اقترح فكرة مجموعة الـ77 أو مجموعة عدم الانحياز»، وأضافت أن «ناصر» كان على علاقة بزعماء حركات التحرر ضد الاستعمار، ودعمهم بالسلاح، وتابعت: «تشهد الجمعية الأفريقية فى الزمالك على تحركات عبدالناصر فى أفريقيا»، مشيرة إلى أن هناك العديد من الدول فى الفترة من 1956 حتى أوائل ستينات القرن الماضى شهدت استقلالها بمساعدة «عبدالناصر».

وقالت: «فى عصر السادات مصر انشغلت داخلياً»، مؤكدة أن الرئيسين السادات ومبارك لم يكن لديهما فكرة تأييد الدول الأفريقية والنظر إليها على أنها تكتل تصويتى مهم بالأمم المتحدة، لافتة إلى أن هناك نحو 48 دولة أفريقية جنوب الصحراء كانت إسرائيل تمدها فى هذه الفترة لتلعب الدور بدلاً من مصر، وتابعت: «إسرائيل بدأت فى الحصول على تصويت كبير جداً فى الأمم المتحدة فى أى قرار ضدها»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أى قرار تم اتخاذه ضد إسرائيل فى هذه الفترة، سواء كان يتعلق بممارسة العنف ضد الفلسطينيين أو بإدانة المستوطنات».

وأكدت أن مصر خسرت الكثير من تراجع دورها الأفريقى، وخسرت ككتلة عربية على مستوى العالم، وخسرت كثيراً كدولة كبيرة داخل أفريقيا ولها عمق وامتداد فى القارة، لافتة إلى أنه فى عهد الرئيس السادات كان هناك تأييد من الدول الأفريقية لمصر فى حربها ضد إسرائيل، إلا أن هذا التأييد كان على استحياء.

ووصفت فترة «مبارك» بأنها «الأسوأ» بعد محاولة اغتياله فى أديس أبابا عام 1994: «ابتعد المصريون وقتها عن الأفارقة، وتحولت العلاقة الإيجابية التى كانت فى عهد عبدالناصر إلى علاقات عدائية على رأسها اتفاقية عنتيبى التى وقع عليها أكثر من 8 دول من 11 دولة فى حوض النيل، فضلاً عن بناء سد النهضة دون إخطار مصر، ثم تعليق عضوية مصر فى 2013 بعد ثورة 30 يونيو، حينئذ تزعمت جنوب أفريقيا الموقف ضد مصر».

«مصر لم تمد أيديها فى أزمة جنوب السودان وانفصاله عن السودان إلا بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى»، قالت «البشبيشى»، مضيفة: «رأينا الانفصال حصل وكنا بعيدين، ورأينا إسرائيل تمد أيديها فى السودان وتمدهم بالسلاح وكنا بعيدين، ونتيجة لذلك أصبحت جنوب السودان تهدد الأمن القومى المصرى مباشرة لأن كل الجماعات المسلحة التى جاءت من سوريا والعراق تدخل إلى ليبيا عن طريق جنوب السودان ودارفور».

{long_qoute_2}

وأكدت أن فترة حكم الرئيس السيسى تشبه فترة «عبدالناصر» بالنسبة للعلاقات مع أفريقيا، مضيفة: «الرئيس السيسى لديه بعد مخابراتى أعطاه أفضلية فى اتخاذ قرارات واقعية، وعملية سلام بين أبناء جنوب السودان، وأبرز دليل على ذلك زيارة زعيم جنوب السودان سيلفاكير مؤخراً، وزيارة الرئيس السودانى عمر البشير».


مواضيع متعلقة