سمير عمر يكتب: أن تعيش لتكذب

كتب: سمير عمر

سمير عمر يكتب: أن تعيش لتكذب

سمير عمر يكتب: أن تعيش لتكذب

اختار الكاتب الكولومبى الكبير جابرييل جارثيا ماركيز عنوان مذكراته ليكون «أن تعيش لتحكى» إذ مارس فى تلك المذكرات سرده الأمين لتفاصيل نقاط التحول الكبرى فى مسيرته الإنسانية والإبداعية ومحطات حياته الرئيسية. ولكن ما علاقة ماركيز ومذكراته بهذا العنوان المختار من ناحيتى، والموضوع أعلى هذا المقال؟

فى الواقع فإن اختيارى لهذا العنوان جاء رغبة منى لبيان الفارق الكبير بين مذكرات كتبت بأمانة وتجرد فجاء عنوانها معبراً عنها وهى مذكرات ماركيز وسيرته الذاتية، وبين مذكرات وكتابات أناس آخرين عاشوا ليكذبوا وكتبوا ليدلسوا وتحدثوا ليقلبوا الحقائق ويزيفوها وأعنى بهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

وقد يقول قائل إن الكتابة عن قيادات فى تلك الجماعة، وجلهم ما بين محبوس أو هارب أو رهن المحاكمات، هو أمر غير محمود وعمل يجافى الشهامة ونبل المواجهات مع أناس لن يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم بذات الطريقة، وهذا أمر مردود عليه، فمن ناحية: فإن منصات الجماعة الإعلامية لم تتوقف يوماً عن إطلاق الأكاذيب، وسبل الرد على ما ستتضمنه تلك المقالات متنوعة ومتسعة باتساع الوسائل التابعة للجماعة فى شتى أصقاع الأرض وتنوعها، ومن ناحية أخرى، فإن مرجعيتى فى هذه السلسلة ستكون من كتابات هؤلاء وأحاديثهم الموثقة ومن ثم فلا مجال لهذا القول.

وسأحاول فى هذه المقالة كشف عدد من الأكاذيب التى يروج لها قيادات الجماعة منذ كتابة شهادة ميلادها قبل نحو تسعين عاماً وحتى الآن، وأنا بالتأكيد أرحب بأى تعليق أو رد يسهم فى جلاء الحقيقة حتى لو خالفت ما سأكتب أو تناقضت مع ما توصلت إليه من نتائج.

{long_qoute_1}

أُم الأكاذيب

للشيخ محمد الغزالى مكانة رفيعة داخل جماعة الإخوان وهو الملقب من قِبَلهم بأديب الدعوة، وهو للحق عالم ومفكر يتميز أسلوبه بالبساطة والتدفق ما يجعله واحداً من أصحاب التأثير الواسع.

المهم، للشيخ الغزالى كتاب سمّاه «قذائف الحق» وصدر فى السبعينيات من القرن الماضى وطبع عدة مرات.

يقول الغزالى فى الصفحة 48 من الكتاب وما تلاها وتحت عنوان «الإسلام وجماعة الإخوان» إنه التحق بالجماعة حين كان فى العشرين من عمره واستمر بها لمدة سبعة عشر عاماً كان خلالها عضواً فى هيئتها التأسيسية ثم مكتب إرشادها ثم وقع خلاف بينه وبين قيادات الجماعة انتهى بفصله هو وعدد آخر من الأعضاء، وبعدها بفترة وجيزة صدر قرار حل الجماعة «تفاصيل هذه الأزمة وأسبابها وتداعياتها واحدة من معارك الجماعة الداخلية الجديرة بالمناقشة، لكن هذا أمر آخر يخرج عن السياق الذى نتحدث فيه».

ويواصل الشيخ الغزالى فى هذا الفصل من الكتاب على طريقة: لست من الإخوان لكنى أحترمهم، حتى يصل إلى عنوان فرعى آخر هو: «تقرير يفضح النوايا المبيتة للإسلام»، فى خلط واضح بين الدين الإسلامى والجماعة. يقول الغزالى فى هذا التقرير الذى قال عنه إنه تقرير اللجنة المؤلفة برئاسة السيد زكريا محيى الدين رئيس الوزراء «ساعة كتابة التقرير طبعاً» بشأن القضاء على فكر الإخوان.

وهذه اللجنة، حسب كلام الغزالى، تم تشكيلها بناءً على تكليف رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر وضمت رئيس الوزراء وقائد المخابرات العامة وقائد المباحث الجنائية العسكرية ومدير المباحث العامة ومدير مكتب المشير عامر.

كل هؤلاء، حسب التقرير الذى ينقله الشيخ الغزالى دون أن يخبرنا من أين حصل عليه وكيف حصل عليه، اجتمعوا للقضاء على فكر الإخوان الذى اعتبره الغزالى هو الإسلام.

ويواصل الغزالى فى كتابه سرد ما يقول عنه إنه تقرير صادر عن تلك اللجنة وممهور بتوقيع أعضائها لبيان فظائع لا يقبلها العقل والمنطق، فضلاً عن أن تصدر عن لجنة بهذا المستوى، فعلى سبيل المثال يقول التقرير «بعد عشرة اجتماعات للجنة فى مبنى المخابرات العامة توصلت اللجنة لخطة متكاملة من بنودها سلسلة ملاحقات لأعضاء الجماعة ومصادرة أموالهم وفصلهم من وظائفهم والعمل على فضحهم أمام الرأى العام إلى جانب إعادة النظر فى تدريس الدين الإسلامى بالمدارس والتضييق على أسر الإخوان مما سيدفع نساءهم للتحرر والتمرد بسبب غياب العوائل ما سيؤدى لمنع أبناء الإخوان من التعليم والدفع بهم للعمل كحرفيين...» إلخ ما يمكن مراجعته لمن يريد فى هذا الكتاب. ومنذ صدور الكتاب وحتى عدة سنوات خلت كان الإخوان يستخدمون هذا التقرير المزيف فى معاركهم السياسية ويحفّظونه لأعضائهم حتى كان عام 2008، ووفقاً للمهندس أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط وأحد قيادات الإخوان سابقاً فقد أخبره المهندس مراد جميل الزيات وكان أمين عام نقابة المهندسين وقتها وكان من جماعة الإخوان: أنه اعتقل منذ عام 1965 وحتى عام 1971 وجاءت لهم هذه الوثيقة داخل السجن وأنه حين خرج من السجن سافر إلى خارج مصر والتقى القيادى الإخوانى المعروف بوزير مالية الإخوان يوسف ندا وحكى له ما تعرض له الإخوان من فظائع مستشهداً بتلك الوثيقة فما كان من يوسف ندا إلا أن ضحك وقال له إنه هو من كتب هذه الوثيقة بخط يده وأمر بتوزيعها لأن «الحرب خدعة»، على حد قوله.

وتكتمل قصة الوثيقة المزيفة من ناحية أخرى عندما كان الدكتور سليم العوا المحامى والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية مع عدد من أعضاء حزب الوسط آنذاك وحين تحدثوا مع الدكتور العوا عن تلك الوثيقة أخبرهم أنه يعرف بأمر فبركتها منذ أربعين عاماً، بل ويحتفظ بالنسخة الأصلية من تأليف يوسف ندا فى مكتبته، وعندما سألوه: ولماذا لم تكشف هذا التزييف؟ قال: أنا مالى!!!

نحن هنا أمام «كذّاب مؤسس» هو يوسف ندا الذى يحفل تاريخه بسيل جارف من الأكاذيب و«كذّاب ناقل» وهو الشيخ محمد الغزالى، الذى إن كان يعلم بفبركة الوثيقة فهو شريك أصيل فى الكذب، ما يدفعنا لعدم تصديق ما يكتب، وإن كان خُدع هو الآخر فهو أيضاً يفقد قدراً هائلاً من مصداقيته و«كذّاب متواطئ» وهو الدكتور العوا الذى علم بتزييف الوثيقة وفبركتها ولم يعلن ذلك.

والحقيقة أن تاريخ الإخوان وقياداتهم ملىء بالنماذج الثلاثة.

التقرير الرهيب

وقبل أن نغادر كتاب «قذائف الحق لصاحبه الشيخ محمد الغزالى» نشير إلى تقرير آخر نشره الغزالى بالكتاب تحت عنوان: تقرير رهيب.

وهو تقرير قال إنه حصل عليه «عن غير قصد» فى مارس عام 1973 ويكشف خطة البابا شنودة لتحرير مصر من العرب والمسلمين فى خطاب ألقاه فى اجتماع سرى داخل الكنيسة المرقسية الكبرى، وقد تم تكذيب هذا الأمر جملة وتفصيلاً لاحقاً من قبل لجنة تقصى الحقائق المتعلقة بالأحداث الطائفية، لكن الغزالى لم يُعِر هذا الأمر اهتماماً، والخطير أن لجان الإخوان الإلكترونية كانت قد أعادت توزيع هذا التقرير المزيف بعد الإطاحة بحكمهم فى 30 يونيو لتأجيج الفتنة الطائفية مرة أخرى. ولتكن لدينا هنا وقفة بعيداً عما تضمنه «التقرير الرهيب» من أقوال لا يصدقها عقل، فكيف حصل الشيخ الغزالى على التقرير «عن غير قصد» كما قال؟ هنا لدينا احتمالان لا ثالث لهما فإما كان التقرير من تأليف الإخوان تماماً كما كان تقرير يوسف ندا أو كان هذا التقرير من وضع أجهزة الأمن التى كانت قد بدأت فى الدخول فى سجالات مع الكنيسة الأرثوذكسية والبابا شنودة وأعطته للشيخ الغزالى لاستخدامه، فإن كان الاحتمال الأول فتلك كذبة أخرى يتورط فيها الشيخ الغزالى، وإن كان الاحتمال الثانى فسنكون أمام تعاون بين الشيخ وأجهزة الأمن، وهذا يقودنا لملف ضخم يفتح أبواباً واسعة للحديث عن أكاذيب الإخوان وتعاون عدد من قياداتهم مع الأجهزة الأمنية فى مختلف العصور. {left_qoute_1}

إبراهيم منير

مرشد للمباحث

لعل المتابعين لأكاذيب الإخوان وتلفيقاتهم التى روجوها بعد 30 يونيو يعرفون هذا الاسم جيداً «إبراهيم منير»، أمين التنظيم الدولى للإخوان. هذا الرجل ذو المكانة الرفيعة فى صفوف الإخوان أعلن فى حديث تليفزيونى قدمه الإخوانى عزام التميمى أنه كان يتعاون مع المباحث فى مصر خلال مرحلة الستينات وأنهم كانوا يستعينون به فى الحصول على معلومات عن التنظيم بل وعرضوا عليه أن يتفرغ للعمل مخبراً لهم على أن يتولى هم إمداده بالأموال!!!

والغريب أن هذا الأمر ورغم إثارته جدلاً واسعاً فى صفوف الجماعة وأعضائها ساعة الكشف عنه فقد بقى «منير» واحداً من أهم القيادات الإخوانية فى الخارج، والأمر ينسحب على كثير من قيادات الإخوان الذين تورطوا فى هذا الأمر، ويمكن اكتشاف ذلك بسهولة ليس من خلال كتابات المحسوبين على معسكر معاداة الجماعة، لكن يكفى مراجعة كتاب «النقط فوق الحروف» لأحد أعضاء النظام الخاص أحمد عادل كمال، وكتاب «صفحات من التاريخ حصاد العمر» لصلاح شادى، للوقوف على كثير من الاتهامات المتبادلة فيما يسمونها «فتن تعرضت لها الجماعة».

العنف يولّد العنف

كذبة كبيرة صدقها وبئر عميقة وقع فيها عدد من المخلصين وحَسَنى النوايا حين اعتبروا أن عنف الإخوان فى أعقاب الإطاحة بممثلهم فى قصر الاتحادية وإنهاء فترة حكمهم القصيرة لمصر لم يكن سوى رد فعل لعنف مارسته السلطات ضدهم وضد جماعتهم ومن لف لفها ودار فى فلكها، والحقيقة أن عنف الإخوان راسخ فى أفكارهم وأصيل فى حركتهم وقديم قدم تأسيس الجماعة.

والحقيقة أن النظام الخاص الذى تأسس بعد نحو عشر سنوات من تأسيس الجماعة وشكل جناحها العسكرى وذراعها الطولى لم يكن، كما روجوا من أكاذيب، جناحاً مسلحاً لخدمة القضية الوطنية، بل كان تنظيماً إرهابياً استُخدم للدفاع عن الجماعة وقياداتها بمنطلقات حزبية مباشرة ولم تكن جل العمليات التى نفذها سوى استهداف مباشر لخصوم الجماعة من وجهة نظر قياداته وليس لقوى الاحتلال وأعداء الوطن ممن خانوا القضية الوطنية.

ولنا فى تفاصيل اغتيال القاضى أحمد الخازندار ورئيس الوزراء ووزير الداخلية محمود فهمى النقراشى خير دليل وأوضح برهان.

كما أن استمرار دور هذا الجهاز وإن تغيرت مسمياته بعد ثورة يوليو ومحاولات الجماعة تجنيد عدد من ضباط الجيش والشرطة وتخزين الأسلحة تكشف بجلاء أكاذيب الجماعة من محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر عام 1954 وحتى تنظيم سيد قطب عام 1965، كما أن فترة التعاون بين قيادات الجماعة وأجهزة الدولة فى أعقاب رحيل الرئيس عبدالناصر وتولى الرئيس السادات لم تمنعهم من الاستمرار فى سلوكهم الإرهابى بداية من تنظيم الكلية الفنية العسكرية عام 1974 وحتى اغتيال السادات عام 1981.

أما فترة حكم مبارك الممتدة لنحو ثلاثين عاماً وما تلاها من سنوات فهى غنية عن البيان، إذ ما زلنا نعيش حلقات إرهابهم المتواصلة ونتابع مسلسل أكاذيبهم الممتدة.

فى البدء أنكروا وجود جهاز خاص ثم توالت الاعترافات التى كشفت تفاصيل تشكيل هذا الجناح العسكرى وعقيدته الإرهابية. ودعونا هنا ننقل من كتاب «النقط فوق الحروف» لأحد مؤسسى الجهاز الخاص أحمد عادل كمال «طبعة دار الزهراء للإعلام العربى وبتقديم صاحبها أحمد رائف أحد أساطين الكذب الإخوانى» والذى يمكن لمن أراد مراجعة ما ورد فيه ليكتشف دون عناء أكاذيب الإخوان فيما يتعلق بالأسباب التى دفعت الجهاز الخاص لاغتيال أحمد الخازندار أو محمود فهمى النقراشى.

فالأول اغتيل أمام منزله فى حلوان لأنه تجرأ وأصدر أحكاماً قضائية ضد عدد من أعضاء الجماعة والثانى اغتيل داخل مقر وزارة الداخلية لأنه تجرأ وأصدر قرار حل جمعية الإخوان المسلمين.

فهل للعمليتين أى علاقة بقضية استقلال مصر؟ بالطبع لا.

وما أثير من قنابل دخان بشأن موقف مؤسس الجماعة حسن البنا غير المؤيد لتنفيذ العمليتين لم يكن سوى حلقة من حلقات الكذب الاستراتيجى الذى دأبت عليه الجماعة.

كما يمكن لمن أراد كذلك مراجعة كتاب القيادى الإخوانى صلاح شادى «صفحات من التاريخ - حصاد العمر» ليقف على كثير من المفارقات التى تكشف زيف الكثير من الروايات التى ألفها قيادات الإخوان عن النظام الخاص.

أما كتاب «الإخوان والثورة» للقيادى الإخوانى حسن العشماوى فهو زاخر بالأكاذيب الإخوانية المعتقة عن تاريخ الإخوان وعلاقتهم بالثورة وعلاقتهم بالإنجليز ومحاولة اغتيال جمال عبدالناصر، وهذا ما كشفه عضو مجلس قيادة الثورة كمال الدين حسين الذى وقف مع الإخوان وعارض محاكمات تنظيم 65 فى حوار مع الأستاذ عبدالله إمام ونشره فى كتاب «عبدالناصر والإخوان».

وفى هذا الحوار قال كمال الدين حسين إن الإنجليز اتصلوا بالإخوان بعد ثورة يوليو واستخدموهم ضد الثورة وهو ما أحدث الخلاف الكبير الذى ما كان كمال الدين حسين يتمناه. ويواصل «حسين» حديثه بأنه لم يكن يعلم أن للإخوان تنظيماً سرياً بعد ثورة يوليو ولا كان يعلم بتنظيم 65 لذا اختلف مع الرئيس عبدالناصر الذى وضعه تحت الإقامة الجبرية وإن بقى الود موصولاً بينه وبين قيادات يوليو.

والحقيقة التى تكشفت لاحقاً، وباعترافات الإخوان أنفسهم، أن محاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر لم تكن ملفقة كما زعموا بل كانت حقيقية ومن إعداد التنظيم السرى للجماعة وأن الجماعة كانت تسعى لتجنيد عدد من ضباط الجيش والشرطة للانقلاب على الثورة. والحقيقة أيضاً أن المرشد الثانى للجماعة حسن الهضيبى وعضو مكتب الإرشاد عبدالقادر عودة قد اعترفا بذلك وإن أنكرا علمهما كالعادة بمحاولة الاغتيال فى خطابين منفصلين أرسلاهما للرئيس عبدالناصر بعد محاولة الاغتيال الفاشلة عام 1954، ونُشرا فى كتاب «الإخوان المسلمون بين عهدين» للمراقب العام لمركز الإخوان المسلمين فتحى العسال.

كما أن كتاب «النقط فوق الحروف» يكشف بالتفاصيل الإعداد لخطة 65 التى كان يتزعم التنظيم فيها سيد قطب والتى كانت تستهدف نسف عدد من الكبارى ومحطات الكهرباء والمياه وتنفيذ سلسلة تفجيرات لإرهاب المواطنين وإظهار النظام فى صورة العاجز عن حماية أمن البلاد والعباد.

كل هذا موثّق باعترافات قيادات الجماعة وكل هذا ما تم تنفيذه بالضبط بعد ثورة الثلاثين من يونيو وفض اعتصامى رابعة والنهضة، فهل بعد كل هذا هناك من يعتقد فى مقولة أن عنف الإخوان ليس سوى رد فعل؟ أرجو أن يراجع من كان فى صدره شك كتب الإخوان ومذكرات قياداتهم ليعرف أن خطة 65 تم تنفيذها وما زال هناك من يسعى لاستمرارها بعد ثورة 30 يونيو.

مقاومة الاحتلال

ونصرة فلسطين

ولعل من أكثر أكاذيب الإخوان رواجاً هى مواجهتهم للاحتلال البريطانى والحركة الصهيونية. وفى بيان دور الإنجليز فى تأسيس الإخوان ودعمهم هناك كتابات عديدة يمكن لمن أراد الرجوع إليها، لكن هنا نود الإشارة لعدة ملاحظات مهمة نضعها أمام من يعتقد بصدق روايات الإخوان.

أولاً: نفذ الإخوان ونظامهم الخاص قبل ثورة يوليو العديد من العمليات الإرهابية فكم منها طال جنود الاحتلال البريطانى؟

أجيبكم من كلام الإخوان: عملية عيد الميلاد حين ألقى عدد من أعضاء النظام الخاص عدة قنابل بدائية الصنع على عدد من جنود الاحتلال فى ليلة عيد الميلاد، والدافع كما يقول أحمد عادل كمال فى كتاب «النقط فوق الحروف» وحسب التوجيه التنظيمى لأعضاء النظام الخاص هو أن هؤلاء اعتادوا فى تلك الليلة السهر فى الحانات والكباريهات وشرب الخمر!!! يعنى ببساطة هو دافع أخلاقى وليس نضالاً ضد جنود الاحتلال.

ملاحظة ثانية: بعد إلغاء معاهدة 1936 وبدء عمليات الكفاح المسلح ضد جنود الاحتلال قال المرشد العام للجماعة حسن الهضيبى لمندوب جريدة «الجمهور المصرى» يوم 25 أكتوبر 1951: وهل تظن أن أعمال العنف تخرج الإنجليز من البلاد؟ إن واجب الحكومة اليوم أن تفعل كما يفعل الإخوان من تربية الشعب وإعداده وهذا هو الطريق لإخراج الإنجليز!!! ثم خطب فى شباب الإخوان قائلاً: اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم... وأترك لكم علامات التعجب لتضعوها بأنفسكم تعليقاً على هذا الكلام.

وقد رد على كلام المرشد العام ساعتها الكاتب خالد محمد خالد فى «روزاليوسف» تحت عنوان «أبشر بطول سلامة يا جورج» فى 30 أكتوبر عام 1951 قائلاً: الإخوان المسلمون كانوا أملاً من آمالنا لم يتحركوا ولم يقذفوا فى سبيل الوطن بحجر ولا بطوبة.

ملاحظة ثالثة: فى النضال ضد الحركة الصهيونية واحتلالها لفلسطين روى الإخوان المسلمون قصصاً أسطورية عن أنفسهم وقياداتهم ودورهم لكن الواقع شهد بأنهم كما كانوا فى القضية الوطنية كانوا فى النضال ضد الحركة الصهيونية يستغلون المواقف ويطوعونها لخدمة أغراضهم ويروى صاحب كتاب «النقط فوق الحروف» كيف استعانوا بقضية الكفاح العربى المسلح فى فلسطين للهروب من قضية السيارة الجيب التى كشفت تفاصيل النظام الخاص.

ويرى كيف استخدم جهاز مخابرات الإخوان للتجسس على القوى السياسية بل كيف نفذت عناصر النظام الخاص عمليات ضد القوى الوطنية لإظهار قدرات الجماعة على الردع سواء فى المؤتمرات العامة أو داخل الجامعات، وهو ما تكرر أيضاً بعد ثورة 25 يناير ضد كل معارضى الجماعة، وإن حاول الكتاب تصوير الأمر على أنه كان بهدف مقاومة الحركة الصهيونية.

والآن هذا نزر يسير من أكاذيب الإخوان الذين تطورت أساليبهم فى السنوات الأخيرة ووضعت تحت أياديهم المليارات وسخرت لهم إمكانيات لا محدودة بهدف إسقاط نظام الثلاثين من يونيو، وهو هدف هم يعرفون أنه لن يتحقق، لكن الكذبة لا بد أن تستمر لحشد الأنصار وتقوية التنظيم الذين يرون أنه يعلو ولا يُعلَى عليه.


مواضيع متعلقة