في ذكرى وفاته.. كيف قدّم يحيى حقي رباعيات صلاح جاهين؟

كتب: حاتم سعيد حسن

في ذكرى وفاته.. كيف قدّم يحيى حقي رباعيات صلاح جاهين؟

في ذكرى وفاته.. كيف قدّم يحيى حقي رباعيات صلاح جاهين؟

يعتبر يحيى حقي من أهم أدباء ومثقفي القرن العشرين في مصر والوطن العربي، فقد ساهم في إثراء الثقافة العربية بالعديد من إبداعاته في مجالات الرواية والقصة القصيرة، وكثير من أعماله الأدبية تحولت إلى أفلام سينمائية ودراما تلفزيونية مما ساعد في اقترابه من الجمهور العادي، وكانت من أشهر أعماله رواية "قنديل أم هاشم" التى تحولت إلي فيلم سينمائي عام 1968 ورواية "البوسطجي" التي تحولت إلى فيلم سينمائي في العام نفسه.

ولد يحيى حقي، في 7 يناير عام 1905 بمنطقة السيدة زينب في القاهرة لأسرة من أصول تركية وكانت بداية تعليمه في الكتّاب وتنقل بعد ذلك بالمراحل الدراسية المختلفة حتى حصل على شهادة البكالوريا عام 1921، وإلتحق بمدرسة الحقوق وتخرج فيها عام 1925 ليسلك بعد ذلك العمل الوظيفي الذي بدأه في نيابة الخليفة، والتحق بالعمل الدبلوماسي حتى عام 1953، وترأس تحرير مجلة "المجلة" في عام 1961، وفي خلال فترة عمله لم يتخل عن الأدب وتقديم الكثير من الأعمال الأدبية المميزة والدراسات النقدية حتى رحل عن عالمنا في 9 ديسمبر عام 1992.

وتستعرض "الوطن" في ذكرى وفاة يحيى حقي مقتطفات من أبرز ما قدم في مجال النقد الأدبي وهو مقدمته لرباعيات الشاعر صلاح جاهين.

يقول يحيى حقي في مقدمته: "الرباعيات هي أحب قوالب الشعر لدي لأنها تعين على نفي الفضول وعلى التحرر من أسر القافية، فتجئ كل رباعية بمثابة الومضة المتألقة، قيمته في إختصاره إلى قلبه وصقله لا في كبر حجمه، وقد يتوهم المتعجل أن أضعف بيت في الرباعية هو الثالث غير المقفى ولكنه في نظري عمادها ففي البيتين الأول والثاني عرض لأوليات الموقف وفي البيت الثالث ارتفاع مفاجئ إلى قمة قد تبدوا للنظرة الأولى أنها جانبية ليتبعه فورًا من شاهق كأنه طعنه من خنجر يختم بها البيت الرابع فصول المأساة، البيت الرابع هو دقة المطرقة على السندان بعد أن كانت مرتفعة في الهواء لذلك أكره للبيت الرابع أن يجئ على صيغة الاستفهام لأن حبله محدود".

ويضيف "حقي"، "أسارع هنا لاستشهد برباعية في هذا الديوان الصغير الحجم القوي الأثر كأنه قنبلة يدوية الذي أخرجه سنة 1963 الفنان الشاعر صلاح جاهين باللغة العامية والذي يسعدني أن أقدمه للقراء، الرباعية السابعة تقول 

خرج ابن آدم من العدم، وقلت ياه

رجع ابن أدم من العدم، وقلت ياه

تراب بيحيا وحي بيصير تراب 

الأصل هو الموت ولا الحياة؟

عجبي 

فإني أحس أن البيت الثالث ليس هو حركة الارتفاع بل هو حركة السقوط من شاهق هو الختام، والسؤال الذي جاء بعده لغو، يزيد من ضعفه أنه جاء على هيئة استفهام حبله محدود، وينبغي كذلك أن لا يكون البيت الثالث استمرار لعرض الأوليات الواردة في البيتين الأول والثاني بل تتمثل فيه كما قلت حركة جانبية مفاجئة وهي في نظري حركة إرتفاع ليتحقق بها طعنة الخنجر الذي يهوى بها البيت الرابع".

ويقول حقي "أما الكمال الذي أنشده يتمثل في الرباعية الآتية 

دخل الشتا وقفل البيبان ع البيوت 

وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت 

وحاجات كتير بتموت في ليل الشتا 

لكن حاجات أكتر بترفض تموت 

عجبي

في البيت الأول والثاني عرض للأوليات والبيت الرابع دقة المطرقة، لم يتحقق أثره إلا لأن البيت الثالث (الخارج عن الروى) قد خدعنا بتأكيده أن أشياء كثيرة تموت في الشتاء فإذا بنا نفاجأ كأننا نسقط من شاهق أن أشياء أكثر ترفض أن تموت في الشتاء.


مواضيع متعلقة