الحملة الفرنسية وتجديد الخطاب الدينى
- أولياء أمور
- أولياء الأمور
- الجنرال جون
- الحملة الفرنسية
- الخطاب الدينى
- السمع والطاعة
- النبى صلى الله عليه وسلم
- فى مصر
- محمد على
- آية
- أولياء أمور
- أولياء الأمور
- الجنرال جون
- الحملة الفرنسية
- الخطاب الدينى
- السمع والطاعة
- النبى صلى الله عليه وسلم
- فى مصر
- محمد على
- آية
يتفق المؤرخون على أن الحملة الفرنسية أحدثت هزة عنيفة للمجتمع المصرى، ودفعت المصريين إلى مراجعة العديد من الأفكار التى رسَّخت فى أدمغتهم عبر قرون من الحكم التركى والمملوكى، وتعلق أغلب هذه الأفكار بمفاهيم اشتمل عليها الخطاب الدينى. وثمة فكرة معينة -من بين رواسخ متنوعة هزتها الحملة- تستحق التوقف أمامها. وتتعلق بالحدود التى تحكم حق الشعب فى اختيار ولى الأمر. قبل الحملة الفرنسية عاش الشعب على فرضية تنفى وجود أى حق له فى اختيار من يحكمه، وتحدد واجبه نحو ولى الأمر فى إطار السمع والطاعة له إعمالاً للآية الكريمة «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم»، وترى فى أى خروج عليه نوعاً من البغى الذى يستحق العقاب، وكان العقاب يصل فى هذه الأحوال إلى القتل. هذه الفكرة أصّل لها فقهاء الإسلام يوم حدّوا الحدود، ووضعوا من بينها حداً أطلقوا عليه حد البغى، ويعنى ببساطة الخروج على ولى الأمر ومفارقة الجماعة المطيعة له.
حد «البغى» تم وضعه فى سياق ظروف سياسية معينة برَّرت وجوده، وكانت تتعلق فى أغلبها بالفتن التى وقعت بين المسلمين، وأدت إلى أنهار من الدم جرت فيما بينهم. هذه الظروف دفعت الفقهاء إلى سن هذا الحد، استناداً إلى قاعدة منطقية تقول إن «الشرور التى تترتب على الفتن أخطر على المجموع من مشاق الصبر على ظلم ولى الأمر»، وأصّلوا للمسألة قرآنياً بالإشارة إلى الآية الكريمة التى تقول: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين» (الحجرات: آية 9). استشهد الفقهاء أيضاً بعدد من الأحاديث، مثل الحديث الذى قال فيه النبى صلى الله عليه وسلم: «من أتاكم وأمْركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه». على هذه الفكرة عاش المصريون محددين علاقتهم بأولياء أمورهم من المماليك والعثمانيين فى إطار «السمع والطاعة». لم تخلُ مشاهد التاريخ بالطبع من تحركات جماهيرية ضد سلاطين الحكم المملوكى أو وُلاة الحكم العثمانى، لكنها فى الأغلب كانت تستهدف رفع مظالم معينة عن الرعية، ولم تجنح فى أى لحظة إلى المطالبة بتغيير ولى الأمر وتولية غيره مكانه.
ظلت هذه الفكرة حاكمة لعلاقة الرعية بولى الأمر ومفهوماً أساسياً من المفاهيم التى يستند إليها الخطاب الدينى حتى زمن الحملة الفرنسية (1798 - 1801). مكثت الحملة فى مصر 3 سنوات متصلة واجه فيها الفرنسيون ثورتين شعبيتين قام بهما المصريون، وقد انتهت الثورة الثانية باغتيال الجنرال جون كليبر خليفة نابليون بونابرت فى قيادة الحملة. بعد خروج الحملة شهدت مصر فترة فوضى تناوب فيها على حكمها عدد من الولاة العثمانيين أرهقوا الشعب بالضرائب وحاصروه بالضغوط دون وعى بالتحول الفكرى الذى طرأ على نظرته إلى أولياء الأمور. فقد تعلم المصريون من خلال احتكاكهم بالحملة أنهم يتمتعون بحق فى اختيار مَن يلى أمورهم، وأن الفكرة الموروثة الراسخة والمؤصلة فقهياً حول الطاعة الواجبة لولى الأمر تستحق المراجعة. وقد ظهر هذا التحول جلياً فى الطريقة التى تولى بها محمد على باشا الحكم والتى قدمت لنا نموذجاً للتجديد فى الخطاب الدينى الموروث.