«عبدالخالق»: برنامج الإصلاح أنعش السياحة والصادرات.. لكن أداء الحكومة يشبه فرقة موسيقية أعضاؤها يعزفون بدون «نوتة»

«عبدالخالق»: برنامج الإصلاح أنعش السياحة والصادرات.. لكن أداء الحكومة يشبه فرقة موسيقية أعضاؤها يعزفون بدون «نوتة»
- أسعار العملات
- أكبر اقتصاد
- ابن خلدون
- احتياجات السوق
- اقتصاد الصين
- اقتصاد العالم
- الإصلاح الاقتصادى
- أسعار العملات
- أكبر اقتصاد
- ابن خلدون
- احتياجات السوق
- اقتصاد الصين
- اقتصاد العالم
- الإصلاح الاقتصادى
قال الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التضامن الأسبق والاقتصادى البارز، إن «هيمنة الدولار على العملات فى العالم، ناتجة عن أسباب موضوعية خلاصتها أن الاقتصاد الأمريكى -رغم تراجعه مؤخراً- ما زال الأكبر والأقوى، مضيفاً أنه لا يوجد بديل الآن عنه، موضحاً أن دولتى «الصين وروسيا» تشكوان من هيمنته لكن ليس لهما لا القدرة ولا الرغبة فى تحديه، مشيراً إلى أن النظام النقدى العالمى يعيش فترة انتقالية، مشبهاً إياها بسنوات ما بين الحربين العالميتين، حيث إن وضع الدولار الآن مثل الإسترلينى وقتها، مؤكداً أن الجميع ينتظر تشكيل نظام جديد قد يكون مولده نتيجة حرب كبيرة أو تفجر الأوضاع الداخلية للولايات المتحدة تستنزفها ويخرج للعالم «بديل الدولار».
{left_qoute_1}
وأكد «عبدالخالق»، فى حوار لـ«الوطن»، أن برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر نجح بعد عامين من انطلاقه، فى تحقيق بعض الإيجابيات منها انتعاش السياحة والصادرات، كما أن موقف الدولة أقوى بالمؤسسات المالية والتنموية الدولية، فضلاً عن اكتشافات هامة للغاز الطبيعى، لكن يظل الاهتمام بالإنتاج الحقيقى فى الزراعة والصناعة غائباً، كما أن أداء الحكومة الاقتصادى ينقصه التناغم ويشبه فرقة موسيقية أعضاؤها يعزفون بدون نوتة.
إلى نص الحوار:
بداية.. ما سبب استمرار تربع الدولار على عرش عملات العالم رغم التراجع النسبى فى قوة الاقتصاد الأمريكى؟
- صحيح أن الاقتصاد الأمريكى تراجع مقارنة بأوج قوته فى الأربعينات والخمسينات لكنه ما زال الأكبر فى العالم، من حيث الناتج المحلى الإجمالى، إذ يبلغ 20 تريليون دولار، أى بفارق نحو 9 تريليونات دولار عن ثانى أكبر اقتصاد فى العالم وهو الصين، كما أن حصة أمريكا فى التجارة الدولية تراجعت من 25% إلى 13%، وهى نسبة ما زالت كبيرة، أضف إلى كل ذلك أنها أكثر بلدان العالم استقبالاً للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وشركاتها المتخصصة فى التكنولوجيا هى الأهم، والبنتاجون هو الذى يدير شبكة الإنترنت، وأفلام هوليوود واسعة التأثير، والسلع الرئيسية مثل البترول يتم تسعيرها بالدولار، وبالتالى ليس غريباً أن يكون هو عملة الاحتياط فى العالم، وأن يمثل نحو ثلثى الأصول المكونة للاحتياطيات التى تحتفظ بها كل البنوك المركزية فى العالم والباقى ذهب وعملات أخرى، وإذا مددنا البصر مثلاً للعام 2050، ربما تكون الصين قد أزاحت أمريكا وأصبحت أكبر اقتصاد فى العالم، لكن هذا لا يؤسس للصين مركزاً يسمح لعملتها بإزاحة الدولار.
{long_qoute_1}
إذا كنت تتوقع صعود الصين اقتصادياً وتفوقها على الولايات المتحدة.. فكيف لن تستطيع عملتها إزاحة الدولار؟
- الدولة صاحبة عملة الاحتياط تقع عليها تبعات لا يمكن التنصل منها لانشغالها بإدارتها على مستوى العالم، وليس فقط إدارة اقتصادها الداخلى، وأحياناً يكون ذلك على حساب أولوياتها القومية، هذا ثمن يجب أن تدفعه، وبعض الدول قد لا ترغب فى دفعه، واليابان مثلاً كانت فى وقت من الأوقات ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وكان هناك طلب كبير على عملتها لكنها لم تكن ترغب فى تحمل هذه المسئولية والتكلفة الجسيمة، وهذا هو نفس موقف الصين الآن.
معنى ذلك أن ما يتداول حول احتمال استخدام الصين لاحتياطها الضخم من الدولار لإنهاء سطوته غير صحيح.
- الصين هى أكبر حائز على البنكنوت الأخضر، ويمكنها أن تستخدم هذا الاحتياطى كورقة ضغط، ولكن مثل لعبة الشطرنج المسألة معقدة وتحتاج إلى مهارة تدير بها أدواتك وتحركاتك بحيث تهزم الخصم ولا تؤذى نفسك، فى الوقت الحالى هناك ارهاصات على تقدم الصين وتراجع أمريكا، منها إنشاء البنك الآسيوى للاستثمار كبديل للبنك الدولى، رغبة ترامب فى الخروج من منظمة التجارة العالمية وتكتلات تجارية مثل «النفتا» و«الترنس باسفيك»، ما يعنى حالة التشرنق والانسحاب الأمريكى قد بدأت وسينتج عنها فى النهاية تراجع فى وضع الدولار، هذا سيخلق فراغاً، لكن مرة أخرى من يملأ الفراغ.. لكن مرة أخرى، إذا افترضنا أن الاقتصاد الصينى تجاوز الاقتصاد الأمريكى، هل بكين على استعداد لتحمل هذه المسئولية الدولية؟ فى الوقت الحالى هى لا تستطيع ولا ترغب، وهذا الموقف قد يتغير فى المستقبل، والمسألة برمتها طبعاً مرتبطة بنوع النظام النقدى الجديد الذى سيتم إنشاؤه.
وماذا عن تذمر الصين وروسيا من سوء استغلال واشنطن لهيمنة الدولار؟
- الصين وروسيا تشكوان من الوضع القائم لكنهما تستفيدان منه أو على الأقل ليس أمامهما بديل عنه، وأقصى ما تستطيعان عمله هو إجراء معاملات بينية، وليس لهما لا القدرة ولا الرغبة فى تحدى الدولار.
{left_qoute_2}
هل يمكن أن توضح التكلفة الواقعة على دولة الاحتياط بمثال؟
- البنك المركزى الصينى مثلاً يبنى قراراته فقط على وضع واحتياجات الاقتصاد الصينى وأهدافه بغض النظر عن احتياجات العالم الخارجى، أما «بنك الاحتياط الفيدرالى» الأمريكى فلا يستطيع أن يفعل ذلك، لأنه مضطر لأن يأخذ متطلبات التجارة الدولية والاقتصاد العالمى فى اعتباره حين يتخذ أى قرار، و«الفيدرالى» مضطر أن يوازن بين احتياجات ومتطلبات دول العالم من الدولار ومتطلبات الداخل التى تتمثل فى التشغيل واستقرار الأسعار وغيرهما، وقد تتعارض المتطلبات، فقد يكون من صالح الاقتصاد الأمريكى رفع سعر الفائدة للسيطرة على التضخم، لكن هذا القرار يعنى هروب رؤوس الأموال من الدول الأخرى إلى الولايات المتحدة بحثاً عن الربح، ما يضر بدول العالم التى ستسعى للضغط على واشنطن للعدول عن هذا القرار، ويضطر «الفيدرالى» أحياناً للرضوخ لهذه الضغوط رغم تعارضها مع احتياجات السوق الأمريكى، ولا تنس أن قرار الولايات المتحدة بإلغاء قاعدة الذهب، أى ارتباط الدولار بالذهب فى العام 1971، نتج عن تسرب احتياطها من الذهب لباقى دول العالم لأنها كانت ملزمة بتحويل الدولار إلى ذهب لمن يطلبه عند سعر 15 دولاراً للأوقية وقتها.
لكن هذا القرار معناه ببساطة أنها صدّرت المشكلة لباقى العالم بمنطق «زيى زيكم» أى أنها لم تعان أكثر من غيرها؟
- المسألة ليست بهذه البساطة، منذ توقيع اتفاقية «بريتون وودز» فى العام 1944 كان التعامل على الدولار يتم بأسعار صرف ثابتة أمام باقى العملات، وهذا أراح البنوك المركزية من عبء إدارة سعر الصرف، لكن مع فك ارتباط الدولار بالذهب أصبح هناك معاناة فى إدارة سعر الصرف وعدم وضوح أمام أطراف التجارة الدولية، فالعالم يريد أن يبيع ويشترى لكنه ليس واثقاً من قيم العملات واستقراراها، ونتج عن ذلك تباطؤ فى معدلات التجارة الدولية، هذا التباطؤ يعنى تراجع القدرة على تصريف الإنتاج المحلى، وإذا لم يتم استيعاب هذا الفائض فى السوق المحلى، تنخفض الطاقة الإنتاجية وترتفع معدلات البطالة وما يرتبط بها من أوجاع اقتصادية واجتماعية.. أما مسألة «زيى زيكم» التى تشير إليها، فالمؤكد أولاً أنه لن يكون فى معاناة دول العالم الأخرى عزاء للمواطن الأمريكى الذى يعانى، وثانياً المسألة برمتها تخضع لحساب التكلفة والعائد إذا توافرت شروط موضوعية، فأمريكا هى صاحبة عملة الاحتياط لأنها صاحبة أكبر اقتصاد و«العائد» أن عملتها مقبولة فى كل مكان فى العالم، وبالتالى يمكن أن تسدد ديون دول العالم دون أى قلق من التعثر، أما التكلفة فهى التضحية بقدر من حريتها فى إدارة سياستها النقدية لمراعاة احتياجات دول العالم من عملتها.
{long_qoute_2}
ما الذى يمنع أمريكا من طبع النقود لسداد ديونها؟
- يجب أن نفرق بين الديون الداخلية والخارجية، وطبع الدولار لتلبية طلب خارجى لن يؤثر مباشرة على الوضع الداخلى الأمريكى بل قد يصب فى صالح الاقتصاد الأمريكى، لأن هذا قد يساعد فى نمو الاقتصاد العالمى وقد ينعكس إيجاباً فى نهاية المطاف على أمريكا، لكن يجب أن تكون هذه الطباعة بحساب، فهم محكومون بالتوازن بين عرض الدولار والطلب عليه، وإذا وجدت دول العالم أنك متقاعس عن الإنتاج ومكتفٍ بتشغيل المطبعة وليس لديك سلع نشترى بها بدولاراتك فسيحجمون عن اقتناء الدولار، سيظهر عجز فى المعاملات التجارية وينخفض سعر صرف الدولار، فى حالة الدين الداخلى طباعة النقود لا يمكن أن تكون حلاً لأنها ستخلق تضخماً، ولا يمكن أن نسمح بتعاظم الدين الداخلى لأنه مربك للوضع الاقتصادى والوضع الاجتماعى فى نهاية المطاف، لأن سداد الديون يعنى رفع الضرائب أى اقتطاع من جزء من دخل المواطن، ثم إنه فى عصر العولمة فرض ضرائب يعنى هروب رأس المال إلى حيث الضرائب منخفضة، ولهذا السبب يضع الكونجرس سقفاً أو حداً أقصى للدين العام سواء كان محلياً أو خارجياً، لأنه عبء على الأجيال المقبلة، وفى المعادلة السياسية الداخلية الهدف تقييد نزعة الحكومة للاستدانة وتلقى بمشاكلها على الحكومات التالية وتحسب بالسنت، وأحياناً يضطرون لإغلاق بعض الأنشطة ويعلق الكونجرس الموافقة على الموازنة العامة حتى تلتزم الحكومة بهذا السقف.
ما العملة المرشحة حالياً لمنافسة الدولار؟
- حالياً لا يوجد منافس للدولار، والعملة الوحيدة المرشحة لأن تلعب دوراً موازياً وليس بديلاً للدولار هو اليورو، بحكم الناتج المحلى الإجمالى ونصيب الاتحاد الأوروبى الكبير ككتلة فى التجارة الدولية، وإذا استمر هذا الاتجاه سنجد أن لدينا نظاماً ثنائياً، وهذا سيكون مصدراً لعدم الاستقرار، قد يبدو أن ذلك يسهل الأمور، فمن لا يعجبه الدولار يذهب لليورو والعكس، ولكن هذا اعتقاد غير صحيح، لأن الانتقال من نظام نقدى مرتكز على الدولار إلى نظام ثنائى سيكون مربكاً، نظراً لوجود بنكين مركزيين كل منهما يدير العملة بسياسات مختلفة وقد تكون متعارضة، وفى تقديرى نحن نعيش فى مرحلة انتقالية سواء من زاوية النظام النقدى الدولى أو النظام الدولى ككل.
ومنذ متى بدأت هذه المرحلة الانتقالية؟ ومتى يمكن أن تنتهى؟
- يعيش العالم فى مرحلة انتقالية بين نظام نقدى كان موجوداً، وهو نظام برايتون ودوز الذى تأسس 1944 الذى كان مرتكزاً على الدولار المقوم بالذهب وظل قائماً حتى العام 1971 عندما تخلت الولايات المتحدة عن الغطاء الذهبى، ومنذ ذلك التاريخ دخلنا فى مرحلة العملات المعومة، أى «اللانظام»، إذ لا يوجد أساس يرتكز عليه النظام النقدى الدولى، وهذا يفسر التقلبات الحادة فى أسعار العملات الآن، وانتهاء هذه المرحلة يعنى أمرين البحث على أساس يرتكز عليه النظام الجديد وعملة أخرى تحل محل الدولار، وفى هذا الإطار هناك مقترحات مختلفة، فمثلاً اقترح البعض استخدام «حقوق السحب الخاصة» لتكون عملة العالم، وحقوق السحب الخاصة هى عملة خاصة بصندوق النقد الدولى مكونة من أوزان نسبية من العملات الرئيسية فى العالم، وهى الدولار واليورو والإسترلينى والين واليوان، ومن الممكن جداً إحكام وإدارة إصدار هذه الوحدات بما يبلى احتياجات الاقتصاد العالمى سواء فى التجارة أو الاستثمار.
{left_qoute_3}
إلى متى سيظل الدولار سيد العملات؟
- لابن خلدون نظرية قيمة فى أسباب صعود وانهيار الممالك، خلاصتها أن أهل الإمبراطوريات الصاعدة حين يركنون للخمول والدعة، يأتى آخرون يزيحونهم من على عرش العالم، وهذا ما قد يحدث للأمريكان، ومع تراجع قوتهم سيفقد الدولار مكانته، والتاريخ هنا موحٍ جداً، فقد كان هناك سيد للعالم لسنوات طويلة وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى وهو بريطانيا، تحدت ألمانيا وإيطاليا سيادتها ودخلا معها فى حربين أنهكا هذه الدول، حتى الحرب العالمية الأولى كان الإسترلينى هو سيد الموقف ومقوماً بالذهب ثم أعطت الحرب الضربة الأولى للجنيه بعد أن تقلصت قوة بريطانيا الاقتصادية بسبب أعباء الحرب وضياع بعض مستعمراتها، واضطر الإنجليز لفك ارتباط الإسترلينى بالذهب، واتسمت الفترة بين الحربين بـ«اللانظام النقدى» وأصبحت العملات تتحرك فى مهب الريح وارتفعت معدلات التضخم فى كثير من بلدان العالم نتيجة هذا الخلل، واستفادت أمريكا كثيراً من الإجهاد الذى أصاب كل الدول الكبيرة وقفز الدولار ليحل محل الإسترلينى، وبدأت الآن علامات الإجهاد على الاقتصاد الأمريكى، لكن النقطة الفاصلة فى الانتقال من نظام إلى نظام عادة تكون حدثاً ساخناً وواسع النطاق يعنى حرباً عالمية.. لكن المشكلة الآن هى وجود السلاح النووى، والبديل قد يكون حروباً إقليمية يمكن أن تستنفد قوة أمريكا، حرب على غرار حرب فيتنام التى ربما لولاها ما اضطرت الولايات المتحدة لفك ارتباط دولارها بالذهب فى مطلع السبعينات، ونحن كنا فى نظام ونعيش فى «اللا نظام» وننتظر نظاماً جديداً، نحن نعيش فترة تشبه فترة ما بين الحربين.
إذن نحن فى مرحلة انتقالية منذ العام 1971 وننتظر حدثاً كبيراً؟
- نعم، ويجب ألا نستبعد صراعاً داخلياً، فأمريكا ليست محصنة فهى مجتمع يعانى من تناقضات، ومن الممكن فى لحظة ما أن تتحول هذه التناقضات إلى صراعات متفجرة، وقد رأينا مؤخراً إرهاصات الصراع المكتوم بين البيض والسود، وهناك أجزاء فى الولايات المتحدة ليست صغيرة من الناحية السكانية ولا الجغرافية يتحدث سكانها الإسبانية وليس الإنجليزية.
{long_qoute_3}
كيف ترى برنامج الإصلاح الاقتصادى بعد مرور عامين على انطلاقه؟
- الحكومة اتخذت قرارات مزلزلة على رأسها تعويم سعر صرف الجنيه، ومؤكد أنه ترتب على هذه القرارات نتائج بعضها إيجابى وبعضها سلبى، فعلى الجانب الإيجابى، هناك ارتفاع فى نشاط التصدير وتحسنت أوضاع المصدرين، كما انتعشت السياحة ليس فقط نتيجة لانخفاض قيمة العملة ولكن أيضاً بسبب تحسن أوضاع الأمن، وأصبح لدينا وجود أفضل فى الهيئات الاقتصادية الدولية مثل البنك الآسيوى للتنمية والبنك الأفريقى للتنمية وكذلك التنظيمات التجارية الدولية مثل «الكوميسا» و«أغادير»، ما يمكننا من الحصول على تمويل بتكلفة أقل مما كان عليه الوضع فى السابق، أضف إلى كل ذلك اكتشافات الغاز الطبيعى المتلاحقة، لكن فى المقابل فإن هناك مشكلتين: أن الاهتمام بقضية الإنتاج مفقود، إذ لا يوجد استثمار حقيقى فى تطوير القاعدة الإنتاجية سواء فى الزراعة أو الصناعة، والأمر الثانى: أن أداء الحكومة الاقتصادى يشبه «فرقة موسيقية أعضاؤها يعزفون بدون نوتة والمايسترو ليس حسب الله»، فهل المحصلة هى نشاز أم شىء تطرب له الأذن؟ هذا سؤال أطرحه وأتمنى أن أجد من يقنعنى أن الحكومة تسير فى الاتجاه الصحيح.
وماذا تقترح حتى يتناغم أداء الحكومة؟
- عادة يكون هناك نائب لرئيس الحكومة متخصص فى الاقتصاد، دوره ضبط إيقاع الأداء والتنسيق بين الوزارات المختلفة مثل المالية والصناعة والتجارة والتعاون الدولى والاستثمار والتخطيط والإنتاج الحربى والبنك المركزى. لاحظ أن عدم وجود هذا النائب وعدم وجود وزارة للاقتصاد، كما كان الحال من قبل يعنى غياب العقل الاقتصادى أو المايسترو.
ماذا كنت تقصد عندما ذكرت أن الاهتمام بقضية الإنتاج مفقود؟
- أقصد أن هناك تركيزاً كبيراً على بناء المدن الجديدة التى يسمونها «مدن الجيل الرابع» مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، لكن فى تقديرى لو ركزنا أولاً على مشروعات إنتاجية فى مجالى الزراعة والصناعة سيكون العائد أفضل، وعلينا أن نتذكر أن أحد أسباب سطوة الاقتصاد الأمريكى هو أنه يمد العالم بـ25% من احتياجاته من القمح الذى تستخدمه واشنطن كورقة ضغط سياسية، أما عندنا فى الزراعة فلا تحظى باهتمام يذكر، وسأكتفى بمثالين للتدليل على كلامى، أولهما انخفاض نصيب الزراعة من إجمالى مخصصات الاستثمارات فى الموازنة العامة من 16% فى العام 2004 لأقل من 4% فى 2016، وفى العام الماضى أعلنت الحكومة عن السعر الذى ستشترى به القمح من الفلاح فى مارس أى فى نهاية الموسم، ما يعنى أنها استخدمت السعر كأداة محاسبية فقط وليس كوسيلة لتحفيز الفلاح على التوسع فى زراعة القمح الذى نحتاجه بشدة، والصناعة ليست أفضل حالاً بكثير من الزراعة، فهناك اهتمام كبير جداً بمتابعة المشروعات السكنية وهذا أمر جيد لكنى لا أرى اهتماماً يذكر بمشاكل الصناعة وإعادة المصانع المتعثرة للعمل، ولا أعرف أن الدولة فى إطار حرصها على جذب المستثمرين، تشترط توطين التكنولوجيا الأجنبية فى مقابل الحوافز الكثيرة التى تقدمها لهؤلاء المستثمرين.