نائب رئيس مجلس الدولة: القوة الناعمة لها دورا مؤثرا في مواجهة الإرهاب

كتب: ابراهيم رشوان واحمد حفنى

نائب رئيس مجلس الدولة: القوة الناعمة لها دورا مؤثرا في مواجهة الإرهاب

نائب رئيس مجلس الدولة: القوة الناعمة لها دورا مؤثرا في مواجهة الإرهاب

أكد الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، أن الفكر السائد لدى صناع القرار في مصر الاَن، يدرك تماما أن الدولة لا تحقق أهدافها بالقوة الصلبة فقط "العسكرية والشرطية والاقتصادية" فحسب، وإنما هي بحاجة للقوة الناعمة أو للفكر والثقافة والمؤسسات التعليمية، فللجامعة دور في تحقيق إشباع حاجات المجتمع أكثر من حاجات الدولة ذاتها ومظهرا من مظاهر مواجهة التطرف والإرهاب ومحاصرة الحركات والتنظيمات الإرهابية في خطابها للنشء والشباب وبث روح البغضاء تجاه الوطن، بحيث تكون سياستها الثقافية التي تقوم على التقريب لا التغريب جزءً مكملاً لموارد قوتها في الساحة الإقليمية، لتسير نحو التقدم وتمارس دورها الحضاري المنشود.

وأضاف الدكتور محمد خفاجي، في الجزء السابع والأخير تحت عنوان "القوة الناعمة المصرية ودورها في بناء الشخصية المصرية ومواجهة العنف والإرهاب"، من البحث الذي أعدّه بعنوان "المدخل في فلسفة وفكر القاضي الإداري تجاه قواعد بناء الشخصية المصرية وإعدادها.. دراسة تحليلية في ضوء الواقع والمأمول"، أنه لابد من التأكيد على حقيقة مهمة هي أن التوظيف الاستراتيجي للقوة الناعمة من قبل دول الشرق الأوسط، لن يكتب له النجاح بدون تعزيز قوة القيم والمثل ونظرة مؤسسات الدول لها، فميزة هذه القوة أنها تنطلق من قوة الداخل لجذب الخارج والتأثير فيه وارغامه الطوعي على تنفيذ ما نريد، وبدون وجود هذه القوة في الداخل لن يكون للفعل الخارجي أية قيمة مهما بذل فيه من جهود وأموال، لذا على دول المنطقة العربية ومصر في قلبها النابض - إذا كانت راغبة بالحصول على قوة ناعمة تنافسية ومؤثرة - أن تبدأ سريعا بإصلاح عوامل الضعف الداخلية التي تؤثر على قدرة القوة الناعمة في القيام بدورها في مواجهة التطرف والإرهاب.

وأوضح الدكتور خفاجي، أن أهمية "القوة الناعمة" الوطنية، تظهر في مواجهتها للقوة الناعمة المنحرفة التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية، لأن القوة التي تمتلكها غير الدول من الجماعات المتطرفة والجماعات الأخرى الإرهابية، هي قوة ناعمة في أكثر صورها على صعيد المسرح الدولي، خاصة في مجال التوظيف الإعلامي والديني واستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومخاطبة المتطرفين بلغات متعددة واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة وغيرها من المعلومات، وهذا التوظيف الاستراتيجي للقوة الناعمة الوطنية، فشلت فيه بعض الدول التي تعاني من حالة عدم الاستقرار السياسي ومثالها سوريا والعراق واليمن وليبيا، والتي شهدت أحداث ما يسمى بالربيع العربي، وهو الأمر الذي فطنت إليه مصر مبكرا، وأصبح الاَن أكثر ضرورة توظيف إمكانيات وقدرات القوة الناعمة الوطنية لمنافسة الجماعات المتطرفة من غير الدول أو تلك الدول التي تدعم الإرهاب، والرأي عندي أن التغلب على الجماعات الإرهابية والمتطرفة لا يكون أمنيا فحسب ولا يحتاج إلى القوة العسكرية فقط أو اقتصاديا بتجفيف منابعها أي ليس بالقوة العسكرية والاقتصادية فقط وهو ما يعرف بالقوة الصلبة، وإنما يحتاج إلى توظيف صحيح للقوة الناعمة الوطنية.

وأشار نائب رئيس مجلس الدولة، إلى أن هناك حقيقة لا تقبل الجدال تتمثل في أن القوة الناعمة كانت أبرز أسباب النهضة الفنية والثقافية التي عرفتها مصر في سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ويروى لنا التاريخ رواية مغربية للرئيس عبد الناصر تدل دلالة قاطعة على أهمية الفن وتأثيره في حياة الشعوب، ذلك أنه في مطلع الستينيات كان الرئيس جمال عبد الناصر يزور دولة المغرب الشقيق، بدعوة رسمية من الملك الراحل محمد الخامس، وكان قد خصص للزعيم المصرى استقبالا جماهيريا حاشدا وعند مرور الموكب الرئيسين بأحد الشوارع الرئيسة، اقترب أحد المواطنين المغاربة من الرئيس جمال عبد الناصر، وسلم عليه ثم طلب منه أن يبلغ تحياته إلى الفنان الكوميدي إسماعيل يس، من تلك الواقعة أدرك الرئيس جمال عبد الناصر الدور الإشعاعي للفنون في نفوس الشعوب، لا سيما السينما التي أنطقت هذا المواطن في المغرب الأقصى ليسأل الرئيس عن إسماعيل يس وذلك قبل أن يتعرف على رئيس مصر ذاته، وبناء على تلك الواقعة قرر عبد الناصر عند عودته أن يهتم بدعم الثقافة وتشجيع الفنون، كقوة ناعمة للهيمنة الإشعاعية في نفوس الشعوب العربية.

وشدد الدكتور محمد خفاجي، على أن القوة الناعمة لا تجسد قوة الحكومة فقط، وإنما تجسد أيضا قوة الشعب، مما يقتضي معه التطور الثقافي سواء على مستوى النخبة أو المستوى الشعبي، حتى ينسجم دورها مع طبيعة المتغيرات التي تجرى في البيئة الدولية ليتواكب دورها مع هذه المتغيرات لتحقيق النتائج المرغوبة للدولة بطريقة ذكية، خاصة وأننا نشهد عالما دوليا شديد التعقيد والتنافس والتطور المتحرك، ومن ثم يبدو دور القوة الناعمة مهما للغاية الفعال للمساهمة في مواجهة العنف واحتواء النزعات الفكرية المتطرفة، ذلك أن الهدف الأسمى للجميع، هو استقرار الوطن وعلى أساس متانة الانتماء الوطني والشعور بالمواطنة والحفاظ على وحدة الوطن، تكون القوة الناعمة متناسبة مع قوة الدولة ومتانة مؤسساتها، فالمجتمع المصري بحاجة إلى الثقافة في تعدد مدارسها لا تنافرها أو تناحرها، لذا فإن اتجاه البعض إلى تعمد تشويه صورة الدولة لدى الرأي العام الدولي تحت أي ظرف سياسي أو غير سياسي يعد خيانة كبرى للوطن لا تقبل الغفران ولا تتقادم بمضى الزمن.


مواضيع متعلقة