«علاج الآلام» أصبح بنداً فى إعلان حقوق الإنسان.. ومنظومته تحتاج فريقاً متعدد التخصصات

«علاج الآلام» أصبح بنداً فى إعلان حقوق الإنسان.. ومنظومته تحتاج فريقاً متعدد التخصصات
- علاج الألم
- مرضى الاكتئاب
- مرضى السرطان
- المرضى
- مستشفى الدمرداش
- علاج الألم
- مرضى الاكتئاب
- مرضى السرطان
- المرضى
- مستشفى الدمرداش
من منا لا يتألم؟ سؤال إجابته محسومة، فالجميع عرضة للآلام بين الحين والآخر، ولكن أى الآلام تتطلب زيارة عيادة الألم، ولماذا يجهلها قطاع كبير من المواطنين، وأى أنظمة علاجية تتبع مع المريض وتقنعه بها، فى ظل انتشار وصفات شعبية و«خزعبلات» لعلاج الألم.. استفسارات عديدة توجهنا بها إلى أطباء علاج الألم، للوقوف على هذا التخصص الطبى حديث العهد فى مصر.
علاج الآلام بدأ كتخصص منفصل على مستوى العالم فى عام 1935، حيث كان الألم قبل ذلك جزءاً من العلاج العادى، إلى أن وضع العالم التشيكى «بونيكا» أول مؤلف يتحدث عن الألم فقط دون النظر لأسبابه، فظهر هذا التخصص، ثم أكمل الطريق من بعده اثنان من تلاميذه، أسسا وحدة علاج الألم، كوحدة متخصصة لعلاج الآلام التى لها سبب أو لا، وفقاً لما ذكره الدكتور أحمد الشاعر، أستاذ التخدير والعناية المركزة بطب عين شمس، ومدير وحدة علاج الألم فى مستشفى الدمرداش.
وصل تخصص علاج الألم إلى مصر فى أوائل التسعينات، بحسب «الشاعر»، فى معهد الأورام السرطانية، باعتبار مرضاه الأكثر إصابة بالآلام المزمنة، ثم انتقل إلى جامعة الأزهر، ومنها إلى جامعة عين شمس فى عام 1999 تقريباً، ثم أخذت عيادات ومراكز علاج الألم فى الانتشار إلى يومنا هذا.
{long_qoute_1}
فى عام 2008 صدرت ورقة مكملة لإعلان حقوق الإنسان، أقرت أن علاج الألم حق للإنسان، فهناك أمراض يصعب الشفاء منها مثل الأورام السرطانية والتهابات الأعصاب، وهنا من حق المريض أن تُعالج آلامه ولو بشكل مؤقت، فبدأ هذا التخصص يأخذ منحى أقوى، حيث يوضح «الشاعر» أن وحدة علاج الألم تعالج أصحاب الآلام الحادة، الناتجة عن كسر أو إجراء جراحى وخلافة والمزمنة التى تستمر لمدة تزيد على 3 أشهر، كما يعالج الطبيب الآلام المختلفة، سواء كان لها سبب أو لا: «بعض الآلام يبدو ليس لها سبب، حيث إن أسبابها تكون خللاً وظيفياً فى الجهاز العصبى المركزى أو الطرفى، فيشعر المريض بآلام غير موجودة، ويكون جهازه العصبى أشبه بكابل الكهرباء المكشوف، فيتألم العصب دون سبب واضح، ويحتاج علاجه لوقت طويل».
لكى يتخصص الطبيب فى علاج الألم، أوضح «الشاعر» أنه عادةً يكون استشارى تخدير، ثم يأخذ دراسة خاصة فى علاج الألم، لكن فى بعض النظم الطبية، يكون طبيب الألم متخصصاً فى الأمراض العصبية والروماتيزم، لإلمامه بهذا الجانب من الرعاية الصحية: «عمليات الحقن التداخلى وهى أحد أساليب علاج الألم، تحتاج طبيباً مدرباً على التعامل بالإبرة بجانب الأعصاب أو داخل الجهاز العصبى».
تتبع مستشفيات جامعة عين شمس نظاماً متعدد الأطراف فى علاج الألم، بحسب «الشاعر»، فالمريض يُعالج من قبل الطبيب الطبيعى وفقاً لمشكلته الصحية، وفى الوقت نفسه مع طبيب الألم، لتقليل حدة الآلام طوال فترة العلاج، كما يحتاج طبيب الألم استشارة أطباء فى تخصصات أخرى لعلاج المريض، مثل التخصصات العصبية والنفسية والروماتيزم وجراجة المخ والأعصاب والعلاج الطبيعى.
أكثر المترددين على عيادات الألم هم مرضى الأورام السرطانية، يليهم أصحاب مشكلات العمود الفقرى، ويكون العلاج مكلفاً لو تحمله المريض على نفقته الشخصية، لكن يوفره مستشفى الدمرداش وغيره بشكل مجانى، رغم أن الأجهزة مكلفة على المنشأة الطبية، فتكون غرفة العمليات على سبيل المثال بها جهاز تردد حرارى وجهاز أشعة متحركة، سعر أى منها يتعدى المليون و500 ألف جنيه.
{long_qoute_2}
مشكلة كبيرة تواجه تخصص علاج الألم فى مصر، أن نسبة كبيرة من المرضى يتوجهون للطبيب فى وقت متأخر، بعد استنزاف كل طرق العلاج، وللأسف هنا يصعب التخفيف من آلامهم، وكان من المفترض التحرك فور الشعور بألم دون وجود سبب واضح.
الشعبة الطبية بالمركز القومى للبحوث تتضمن العلاج بالطب التكميلى، وتعنى الآليات غير التقليدية المثبتة عالمياً واستخداماتها فى العلاج مثل الإبر الصينية، الأعشاب، وغيرها، وجميعها أثبت فاعليتها فى علاج الألم، حيث نظم المركز فى عام 2013 دورة تدريبية حول علاج الألم المزمن بطرق غير تقليدية استمرت لمدة عامين، نالت عنها الدكتورة همت علام، أستاذ التخدير وعلاج الألم بالمركز القومى بالبحوث، جائزة من منظمة الألم فى أمريكا، كما يتضمن المركز عيادة للألم المزمن، بها عدة تخصصات وتؤدى خدمة للمرضى، ويخرج عنها أبحاث علمية تنشر فى دوريات علمية.
توضح «همت» بدايةً علاقتها بتخصص الألم: «أنا خريجة طب عين شمس، وأخذت الدكتوراه فى التخدير وعلاج الألم، عملت فى مجال التخدير ما يقارب الـ15 عاماً، خلال تلك الفترة كان تعاملى مع المريض داخل غرفة العمليات فقط وغالباً فى جراحات القلب، حيث يخرج المريض من الغرفة نائماً وتنقطع صلتى به، وهو أمر لم يرق لى، ففكرت فى دراسة الألم وهو جزء مكمل لدراستى الأساسية، ثم سافرت ألمانيا، وتدربت على علاج الألم بطرق غير تقليدية، من خلال برنامج متكامل كانت نتائجه مذهلة».
شخص من بين نحو 75 يتعرض لألم مزمن مرة فى حياته، نتيجة أثبتتها إحدى الدراسات العلمية، وفقاً لـ«همت»، وهى نسبة مرتفعة للغاية، وتشير إلى ضرورة التصدى للألم المزمن وعلاجه بشتى الطرق، ومنها غير التقليدية: «الرياضة، اليوجا، التأمل، الموسيقى، الرسم والإبر الصينية، جميعها أساليب علاجية أثبتت كفاءتها فى تخفيف الألم، ومن أهم مميزاتها أنها قليلة التكلفة وفى متناول المريض».
وسائل الإعلام لا بد أن تسلط الضوء على الأماكن الحكومية الجامعية والبحثية، فيما يتعلق بعلاج الألم، للتصدى للجهات التى تنشر معلومات مغلوطة قد تضلل المريض وتزيد من معاناته، فتقول «همت»: «مريض الألم المزمن تحديداً يكون عرضة للخزعبلات والأكاذيب، فهو يتعلق بقشة أملاً فى الشعور بالراحة، ومهمة الطبيب تبسيط الأمر له وشرح نظام العلاج المناسب له».
العالم يشهد نقصاً فى عيادات الألم، التى من المفترض أن تتعامل مع المريض وفق برنامج متعدد الأوجه، بحسب «همت»: «يعتمد أولاً على الطبيب المعالج، لتحديد طبيعة المشكلة، ثم يعرض على فريق معاون يتضمن أطباء باطنة، أعصاب، علاج طبيعى، أمراض نفسية، بخلاف إخضاعه إلى بعض الآليات العلاجية المكملة أيضاً، التى يمكن أن تؤدى إلى نتائج ملموسة، وللأسف هذا ليس معمماً فى مختلف أنحاء العالم، فتكوين هذا الفريق يتطلب كفاءة واقتناعاً من إدارة المكان بجدوى هذا للمريض».
من بين المشكلات التى يواجهها طبيب الألم فى مهمته العلاجية تأخر عرض الحالة عليه: «المريض أحياناً يتعامل مع الألم بنفسه من خلال مضادات الألم، ومزيلات الصداع، وللأسف كمية الأدوية التى يتعاطاها تكون قوية على الكبد والكلى، ولا تأتى بتأثير، وقد يترتب عليها مشكلات، وهنا يصعب تطبيق برنامج علاجى على مراحل، لأنه يكون استنفد معظم سبل العلاج». منذ نحو 15 عاماً، كان تخصص الألم فى مصر يندمج مع التخدير، إلى أن انفصل عنه، وأصبحت الجامعات المصرية تمنح شهادات الماجستير والدكتوراه فى الألم، ولكى ينتشر ويتطور ترى «همت» ضرورة توعية المواطن بوجود عيادات ومراكز لعلاج الألم، وفى الوقت نفسه وجود أطباء ألم متخصصين وعلى درجة كبيرة من الكفاءة، كما تنصح المواطنين بالاعتدال فى كافة أمورهم الحياتية تفادياً للشعور بالألم: «قللوا وزنكم، ارضوا بأوضاعكم وظروفكم الشخصية، اشربوا ميه بغزارة، لأن فيها تقريباً نصف الشفاء، ودائماً وأبداً اتجهوا إلى الأماكن الموثوق فيها حال الشعور بألم، واسألوا عن مؤهل الطبيب دون الشعور بحرج، حتى لا تتفاقم المشكلة بدلاً من أن تُحل».