الأمين العام لـ«الأطباء»: الاستثمار والبيزنس أفسدا المهنة

كتب: أجرت الحوار: إسراء سليمان

الأمين العام لـ«الأطباء»: الاستثمار والبيزنس أفسدا المهنة

الأمين العام لـ«الأطباء»: الاستثمار والبيزنس أفسدا المهنة

قالت الدكتور نجوى الشافعى، الأمين العام لنقابة الأطباء، إن طغيان البيزنس والاستثمار على القطاع الطبى أفسد المهنة ورغم ذلك ما زال الجانب الإنسانى يسيطر على الكثير من الأطباء، وأضافت «الشافعى»، فى حوار لـ«الوطن» أن الجامعات الخاصة يحكمها البيزنس، وهدفها الربح فقط بغض النظر عن مصلحة الدارسين فيها، مشيرة إلى أن كليات العلوم الطبية خدعت أولياء الأمور بأنها ستخرج أبناءهم أطباء، وهذه كارثة مجتمعية تمثل تعدياً صارخاً على المهنة، وهؤلاء الخريجون لن يتم قبول عضويتهم فى النقابة ولن يسمح لهم بممارسة المهنة، لأنهم فى الأساس مساعدو أطباء ولا يستطيعون كتابة روشتة للمريض أو تشخيص حالته بشكل سليم.. وإلى نص الحوار.

كيف تنظرين إلى دور الطبيب فى المجتمع؟

- الطبيب يجمع بين الحكمة ومهارة تخفيف آلام المرضى، وهى مهنة كانت معروفة عند المصرى القديم، ودائماً هناك مساحة ثقة بين الطبيب والمريض، وكان يطلق على الطبيب لفظ «الحكيم»، ومعروف أن الطبيب هو الشخص الوحيد الذى يسلم له المريض جسده دون أن يسأله ماذا سيفعل، رغم أن العلم الحديث ألزم الطبيب بأن يقول للمريض ما هى الفحوصات التى سيجريها له، إذن العلاقة بين المريض والطبيب على مدار التاريخ تحكمها الثقة.

{long_qoute_1}

وماذا حدث لتتغير وجهة نظر المجتمع للطبيب من ملاك رحمة إلى «تاجر» فى بعض الأحيان؟

- للأسف الشديد مع دخول عناصر البيزنس فى كل شىء من فترة الثمانينات والتسعينات، وبداية القرن الواحد والعشرين، أصبح المال يتحكم فى كل شىء، فتجد المريض فى الخارج يطلق عليه لفظ «CLIENT» وهى تعنى «زبون»، وأصبحت مهنة الطب مثل أى مهنة أخرى، تحكمها بعض القواعد، كسعر السوق، أو المعاملات التجارية، فأول تغيير حصل، تم مع مواكبة هذا التطور الذى حدث فى العالم كله، ومعظم المعاملات تحاسب بالنظام التجارى، وهو شر من شرور العالم الحديث، فكل شىء تتحكم فيه التجارة والعولمة والاستثمار، إلا أن الطب ما زال يحمل فى ثناياه الرحمة والإنسانية والضمير، فعندما يأتى لنا مريض فى حادثة، كل شىء يتوارى فى الخلف ويبقى الشىء الوحيد الذى يهتم به الطبيب هو كيف يمكن إنقاذ هذا المريض.

لكن أسعار بعض الأطباء مبالغ فيها بشكل كبير، والبعض يراها ابتزازاً للمريض؟

- مع اتساع نطاق البلد، وتعدد كليات الطب واختلاف القدرات من دكتور لآخر، نجد المواطن المصرى يشتكى من ازدحام العيادة، ويعتبر أن الطبيب صاحب العيادة الممتلئة هو أشطر طبيب، إذا ذهب لطبيب وعيادة هادئة الشك يدخل قلبه ويشعر أن الطبيب دون المستوى، فالمواطن المصرى غريب ويعيش فى تناقض، ونتيجة الضغط الزائد على كبار الأطباء يقومون برفع أسعار الكشف، إلا أننا نجد أنه كلما ارتفع سعر كشف الطبيب زاد الإقبال عليه، لكن هؤلاء لا يمثلون كل الأطباء، فنجد مرتبات الأطباء فى وزارة الصحة هى والعدم سواء، وراتبه لا يتعدى 2000 جنيه، وأؤكد أن حجم الأطباء أصحاب الأسعار المرتفعة فى كشوفهم، لا يتعدى 2% من إجمالى أطباء مصر.

{long_qoute_2}

وإلى أى مدى يلتزم الأطباء بقسم المهنة؟

- إلى حد ما يلتزم معظم الأطباء بالقسم، فالظروف تجبرهم على الالتزام، والمهنة يغلب عليها الجانب الإنسانى فى المقام الأول.

لكن البعض يشتكى من قسوة بعض الأطباء فى التعامل مع المرضى بسبب تعودهم.. كيف تفسرين ذلك؟

- هناك فرق بين الإحساس بالحالة، وتأثير ذلك على التعامل معها، فالجندى فى المعركة يتحكم فى شعوره ولا يتأثر بزميله الذى أصيب حتى يستطيع أن يكمل المعركة، لذلك الطبيب يكون لديه القدرة على استيعاب المشاعر السلبية للموقف، بعد فترة من التعامل مع المرضى، بخلاف الطبيب فى بداية حياته، الذى تغلب عليه المشاعر الإيجابية والسلبية، وتدريجياً يستطيع أن يتحكم فى مشاعره السلبية، وهذا لمصلحة المريض، ففى الدول الأجنبية ممنوع أن يكشف الطبيب على ابنه منعاً لتدخل المشاعر.

وماذا عن أزمة النقابة مع كليات العلوم الطبية الصحية والجامعات الخاصة؟

- مع بدء تنسيق الجامعات وجهنا لطلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور تحذيراً بأن خريجى العلوم الصحية التطبيقية أو المسماة بالعلوم الطبية لن تقبلهم النقابة العامة للأطباء ولن يتم السماح لهم بممارسة مهنة الطب تحت أى مسمى، خصوصاً أن علاج المرضى مقصور على خريجى كليات الطب فقط بحكم القانون، كليات العلوم الصحية التطبيقية لا يتخرج منها أطباء، بل تقنيون مساعدو أطباء فى بعض التخصصات الطبية، وممارسة بعض خريجى هذه الكليات مهنة الطب دون وجه حق انتحال لصفة طبيب يعاقب عليه القانون، فالجامعات الخاصة بيزنس كبير يدمر المهنة، وهذه الكليات تخدع أولياء الأمور بأن أبناءهم سيتخرجون أطباء، كما أن خريجى هذه الكليات بغض النظر عن مسماها لا يتم تكليفهم بالعمل من قبل وزارة الصحة، وفى الفترة الأخيرة وجدنا بعض الكارنيهات المتداولة مدوناً عليها «دكتور فلان، أخصائى فى كذا»، ما يعد تدليساً، وهؤلاء يحاولون منافسة الطبيب فى مهام عمله، ولا يريدون العمل ضمن الفريق الطبى المعاون، والكارثة الحقيقية فى تعدى هؤلاء الفنيين على مهنة الطب وقيامهم بدور الطبيب، مستغلين فى ذلك لقب «أخصائى» الذى يحصلون عليه بعد التخرج، كما أن المادة العلمية التى يدرسونها لا تؤهلهم لممارسة مهنة الطب إطلاقاً، لكن هذه الدراسة المتخصصة تفيدهم فى القيام بواجب وظيفى محدد، وهو فنيات مساعدة للطبيب، أى لا يمكن لخريج هذه الكليات كتابة روشتة لمريض أو تشخيص مرض بشكل صحيح.


مواضيع متعلقة