الطباعة ثلاثية الأبعاد والتطبيقات المشفرة.. أحدث أساليب جماعات العنف

الطباعة ثلاثية الأبعاد والتطبيقات المشفرة.. أحدث أساليب جماعات العنف
- الجماعات الإرهابية
- الابتكارات التكنولوجية
- الهجمات الإرهابية
- تطور العقول الإرهابية
- هجمات سبتمبر
- القاعدة
- داعش
- الجماعات الإرهابية
- الابتكارات التكنولوجية
- الهجمات الإرهابية
- تطور العقول الإرهابية
- هجمات سبتمبر
- القاعدة
- داعش
فى صباح الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، تعلقت أعين الملايين حول العالم أمام شاشات التلفاز فى دهشة.. طائرة تصطدم بالجزء العلوى لبرج التجارة العالمى، فى مشهد لم يكن مألوفاً آنذاك، لكنه كان حتمياً مع تطور العقول الإرهابية، فكان هذا الحادث هو «الأكثر تدميراً حول العالم، والأكثر تجسيداً لتسخير الأفكار المبتكرة فى الأنفاق المظلمة للجماعات الإرهابية».
وعلى مدار عقدين تقريباً، تطور العلم والتكنولوجيا وتطور معهما «الإبداع الأسود» حتى تحول «الإبداع والابتكار» إلى «سلاح إرهابى» فى أيدى التنظيمات المتطرفة، وهو ما ترصده دراسة الدكتوراه التى أعدها آدم دولينك، الباحث بمعهد الدفاع والدراسات الاستراتيجية فى جامعة «نانيانج» التكنولوجية فى سنغافورة، التى تناولت «استخدام الابتكارات التكنولوجية فى الجماعات الإرهابية»، وأوضح من خلالها أن المنافسة بين التنظيمات المختلفة تعطى حافزاً للابتكار.
هجمات 11 سبتمبر 2001، حسب ما يراه «آدم»، هى أحد أبرز الأمثلة التى نجح من خلالها الإرهابيون فى استخدام تكتيك قديم لم يهتم به أحد لارتكاب أكثر الهجمات الإرهابية تدميراً فى التاريخ، والذى تغيرت بسببه قواعد أمان رحلات الطيران، وأبرزها حظر وجود الأسلحة البيضاء على متن الرحلات الداخلية فى الولايات المتحدة، وهو ما ذكره تقرير منشور فى دورية مركز المستقبل للأبحاث والدراسات أعده الأستاذ المساعد فى الأمن الدولى بجامعة «خليفة»، آش روسيتير، عن ابتكارات تنظيم «القاعدة» الإرهابية، منذ أواخر التسعينات من القرن العشرين، وتحديداً فى أحداث 11 سبتمبر، بالاستعانة بالطائرات المختطفة واستخدامها كصواريخ موجّهة لاستهداف المبانى، كما أنها تضمّنت أبعاداً مبتكرة، سواء من حيث الحجم أو الوسائل المستخدمة، فقد عمدت «القاعدة» فى تنفيذ هجمات سبتمبر إلى استخدام المتفجرات السائلة لتفجير الطائرات أثناء الطيران، وهو مؤشر على حرصهم على تطوير خططهم باستمرار.
{long_qoute_1}
ولفت «روسيتير» إلى أن الممارسات الإبداعية لتنظيم «القاعدة» امتدت لأفرع التنظيم المختلفة، التى أظهرت قدراً كبيراً من الابتكار، انعكس فى نجاح إبراهيم عسيرى، كبير صانعى المتفجرات بتنظيم «القاعدة»، فى تطوير عدة قنابل يصعب على أجهزة أمن المطارات كشفها، ما مكنه من إرسال متفجرات مخبّأة فى طرود عبر طائرتين للشحن عام 2010، إلا أن المخابرات الأمريكية استطاعت اكتشافها، بناءً على معلومات من الاستخبارات السعودية.
وزرع «عسيرى» متفجرات داخل الجسد البشرى، كما فى حالة عمر الفاروق عبدالمطلب، الذى حاول استخدامها فى تفجير طائرة «إيرباص 330» التابعة لإحدى الشركات الأمريكية عند هبوطها فى مدينة «ديترويت» الأمريكية عام 2009، التى عجزت أجهزة الأمن فى المطار عن رصدها.
«تفوق داعش على القاعدة».. هكذا رصد تقرير مركز المستقبل، لافتاً إلى ما يسمى بـ«تطوير النحل القاتل»، وهو ابتكار عكس القدرات التقنية للتنظيم، باستخدام مروحيات رباعية صغيرة «كوادكوبتر» لإطلاق قنابل يدوية صغيرة أو قذائف هاون على قوات الأمن العراقية فى مدينة «الموصل» خلال الجهود التى بذلتها الحكومة العراقية بدعم من القوات الأمريكية، لاستعادة المدينة عام 2016.
ووظّف التنظيم هذه المروحيات بشكل مبتكر يصعب اعتراضها، وكانت تسمى بـ«النحل القاتل»، وأسهمت فى إبطاء الجهود العسكرية لانتزاع «الموصل»، كما تبين أن «داعش» كان لديه برنامج لتطوير طائرات دون طيار «درونز» وتسليحها.
وفى محاولة من «التنظيم» للتجديد، لجأ «داعش» لابتكار مختلف فى تكتيك السيارات المفخخة باستخدام مركبات «هامفى» المدرّعة لتنفيذ العمليات الانتحارية، نظراً لقدرتها على تحمّل نيران القوات الأمنية حتى تتمكن من الوصول إلى الموقع المراد تفجيره، كما أن «التنظيم» استخدم عدداً كبيراً من هذه المركبات فى العملية الانتحارية الواحدة، بهدف التمكن من استهداف النقاط الأمنية الحصينة، مثل القواعد العسكرية واقتحامها.
«القدرة على إنتاج الأسلحة وتعديلها بالطباعة ثلاثية الأبعاد من مواقع بعيدة»، هى أحد ابتكارات الجماعات الإرهابية التى كشف عنها مقال منشور فى سبتمبر الماضى لأحد المحاربين القدامى فى حرب العراق يُدعى تود ساوث، لفت خلاله إلى أن التنظيمات الإرهابية نجحت كذلك فى استخدام الواقع الافتراضى لتنفيذ الهجمات، بالإضافة إلى استخدام أجهزة استشعار منخفضة التكلفة لمراقبة ميدان المعركة، ومن خلال الإنترنت يمكن لتنظيم مثل «داعش» أن يطور ويختبر الأسلحة أو أجزاءً منها «عن بُعد» ثم يرسلونها ببساطة إلى ساحة المعركة.
{long_qoute_2}
ويصف «ساوث» اتحاد الأسلحة المبتكرة وأجهزة الاستشعار عن بُعد، واستخدام الذكاء الاصطناعى لـ«التنظيم»، بـ«المميت»، خصوصاً مع تنسيق الهجمات وممارستها عبر الواقع الافتراضى، وما يسمى بالنمذجة، وهو ما تعكسه الألعاب الحربية بين قادة المارينز والجيش.
«الإنترنت» كذلك كان من أهم الأسلحة التى استغلتها الجماعات الإرهابية مثلما فعلت «القاعدة» فى أعقاب الإطاحة بنظام «طالبان» عام 2002، لإعادة الاتصال بين عناصر «التنظيم» القيادية، وللتواصل بين تنظيم «القاعدة» وأفرعه حول العالم، كما أن «التنظيم» استخدم الإنترنت لنشر معلومات حول كيفية تصنيع العبوات الناسفة بين الجماعات والأفراد التابعين لها، وتتيح تطبيقات مجانية على الإنترنت مثل «خرائط جوجل» معلومات عن وجود نقاط تفتيش أو نقاط دخول، كما يمكن أن توفر مواقع مثل (worldc.am)، صوراً التقطها مستخدمو موقع «إنستجرام» لموقع الهجوم المستهدف.
ولم يتوقف الأمر بـ«القاعدة» عند حد استخدام التكنولوجيا فقط، بل لجأت إلى ابتكار واستحداث تطبيقات للتشفير قاموا بتطويرها بأنفسهم، استجابة للتطور التكنولوجى الذى طرأ على أساليب وكالات الأمن القومى العالمية، مما أشار إليه بحث نشرته شركة أمن المعلومات وكشف الهجمات الأمريكية «ريكوردد فيوتشر»، التى أشارت إلى أن «التنظيم يهتم بشكل متنامٍ بتقنيات الهواتف المحمولة، خصوصاً باستخدام نظام تشغيل (أندرويد)، الذى يعد منصتهم المفضلة، نظراً لتوافرها الهائل وقدرتها على تحمّل تكاليف الوصول إليها من خلال الهواتف المشغلة لها».
وحسب الشركة الأمريكية، فإن من أبرز التطبيقات التى صمّمتها الجماعات الإرهابية، منصة «أسرار المجاهدين» التى طورتها الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية (GIMF)، وتم إصدارها فى سبتمبر 2013، ومنصة «أسرار الغرباء»، وهى برنامج تشفير آخر طوره «داعش» وأطلقه فى نوفمبر 2013، وتطبيق «أمن المجاهد»، وهو برنامج للتشفير تم تطويره من قِبَل «لجنة الفجر الفنية»، وهى منظمة رئيسية منضوية تحت لواء تنظيم القاعدة، وأطلقته فى ديسمبر 2013.
ووفقاً لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية، فإن مجموعة يطلق عليها «جوست للخدمات الأمنية»، وهى منظمة لمكافحة الإرهاب، اكتشفت تطبيقاً للهواتف المحمولة بنظام «أندرويد» يستخدمه أعضاء «داعش» يشبه تطبيق «تليجرام» الشهير، إلا أن أعضاء «التنظيم» أضافوا عليه مميزات أخرى ليصبح قناة اتصال بديلة تُستخدم لنشر الدعاية وتبادل المعلومات حول عمليات المجموعة.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن رئيس العمليات فى «جوست»، مايكل سميث، قوله إنهم «يريدون إنشاء قدرة بث أكثر أماناً من مجرد استخدام (تويتر وفيس بوك) للتحكم فى توزيع موادهم الدعائية على نطاق عالمى».
الدعاية الإرهابية أيضاً تطورت مع تطور التكنولوجيا، ومع لجوء العديد من الصحف والمجلات العالمية إلى النسخ الإلكترونية، لجأ تنظيم «داعش» أيضاً إلى الأمر نفسه، وأصدر مجلة جديدة حول الحرب الإلكترونية تحت عنوان «كيبرنيتك»، وهى بمثابة دليل إرشادات للإرهابيين لاستخدام التكنولوجيا وكيفية التعامل والتفاعل مع الحرب السيبرانية ضد «الكفار الغربيين»، حسب وصف المجلة، مما يعكس اعتبار «التنظيم» للتكنولوجيا أداة حاسمة فى محاربة معارضيه.
وتناولت إحدى المقالات المنشورة فى المجلة، أهمية استخدام التشفير لحماية الاتصالات وتجنّب أى تعديل لخوارزمية التشفير المعروفة، بل يذهب البعض لابتكار برامج تشفير عليها علامة تجارية للإرهابيين، مثل تطبيقات «أسرار المجاهدين» و«أمن المجاهد» و«أسرار الغرباء»، وغيرها من تطبيقات الهاتف المحمول.
واهتمّت المجلة بعرض برامج إخفاء الهوية الخاصة بهم، وتجنّب التنصت وكيفة استخدامها وموضوعات تشرح كيفية استخدام وكالات الاستخبارات للبيانات الوصفية لتتبع الإرهابيين.
وفى دراسة منشورة بمركز السياسة الدولية للعلوم والتكنولوجيا بالتعاون مع كلية «إليوت للشئون الدولية» فى جامعة «جورج واشنطن»، لفت الدكتور بريان جاكسون إلى أن ابتكارات الجماعات الإرهابية أصبحت تركز على هزيمة أجهزة الكشف عن المعادن والأشعة السينية وتسخير نظم الحاسوب ومعالجة البيانات المبتكرة لتحقيق هذا الهدف، مما يعطى تكنولوجيا الإرهاب وصفاً بأنها أخطر سباقات التسلح الحديث.