رضوى حسن: الإذاعات المسموعة رفضتنى لأننى «غير مؤهلة».. فعملت 3 سنوات فى «الكول سنتر»

كتب: أجرت الحوار: آية أشرف

رضوى حسن: الإذاعات المسموعة رفضتنى لأننى «غير مؤهلة».. فعملت 3 سنوات فى «الكول سنتر»

رضوى حسن: الإذاعات المسموعة رفضتنى لأننى «غير مؤهلة».. فعملت 3 سنوات فى «الكول سنتر»

ملامح ملائكية تتجسد فى طفلة يملأها العفوية والنشاط، تتحرك فى أركان منزلها منذ نعومة أظافرها، تتأقلم مع حواسها، تتحسس الجدران بحذر على خطى والديها، وتترك العنان لحاسة السمع كى تصل لهدفها.

لم تستسلم «رضوى» لكونها فتاة كفيفة، وأطلقت العنان لأحلامها، فعندما كانت تعود من المدرسة وتبدأ ساعة اللعب، كانت تجرى فى المنزل حتى تصل إلى غسالة الملابس العادية، تضع رأسها داخل «حلتها المُقعرة» وتصيح بأعلى صوتها لتسمع صداه: «سيداتى آنساتى، معكم المذيعة رضوى حسن».. تمر السنين ويتحقق الحلم وتصبح «رضوى» أول مذيعة كفيفة فى مصر.

«الوطن» استضافت الإعلامية رضوى محمود، مقدمة برنامج «السفيرة عزيزة» على شاشة «dmc» والتى تحدثت عن مشوارها الممزوج بالألم والبلاء والعوض الإلهى والنجاح، وكيف استطاعت أن تحقق حلم حياتها بأن تصبح مذيعة، وأمنياتها فى المستقبل بأن تقدم برنامجاً عن الثقافة والأطفال.

كيف تعاملتِ مع ابتلاء الله لك خلال طفولتك، خاصة عندما بدأتِ تكتشفين العالم من حولك؟

- كنت صغيرة للغاية، لا أتذكر كيف اكتشفت أننى غير مُبصرة فاعتمدت على أذنى، خاصة أن والدىّ كانا يتعاملان معى بشكل طبيعى، الأمر الذى جعلنى أنمو بشكل سوى، حتى علمت فيما بعد أننى لا أستطيع أن أرى ما أسمعه، ولكنى قادرة على حفظه وتوقعه جيداً.

من الذى شجعك على خوض مشوار التعليم؟ وكيف تعاملتِ مع فكرة خروجك من المنزل وقضاء بعض الأوقات بعيدة عن ذويك؟

- الأمر كان بالنسبة لى عظيماً جداً، والدى أسرع ليقدم لى بروضة أطفال خاصة بالمكفوفين لتعليم أسس الهجاء على طريقة «برايل»، وكانت أمى تدعمنى فى كل خطواتى خلال فترة التأسيس وتهتم بدروسى جيداً، وتدربنى على القراءة والكتابة، فضلاً عن تعليمها لى أسس تناول الطعام والحديث والإتيكيت، فكنت مميزة عن غيرى.

{long_qoute_1}

كيف نما لديك حب الإعلام ودراسته؟

- لا أعلم سوى أننى أحببت صوت مذيعات الراديو، تعلقت بالأمر وبدأت أتساءل: «هو اللى عاوز يبقى مذيع بيدرس إيه؟»، ومن ثم بدأت أقرأ عن كلية الإعلام ودراستها، الأمر الذى دفعنى للتخصص بالشعبة الأدبية خلال الثانوية العامة.

النجاح وصعود أول السلم.. كيف كان يوم نتيجة الثانوية العامة؟

- كان مليئاً بالفرح والسعادة، تجمّعت العائلة حول شاشات الحاسب والإنترنت منتظرين نتيجتى التى كانت أول درجات تحقيق حلمى، وبالفعل حصلت على 98%، ولكنى لم أكن الأولى على المرحلة الثانوية كما يعتقد البعض، ومن ثم التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة.

ما بين دراستك فى رياض أطفال ومدرسة للمكفوفين، ودخولك للجامعة كيف واجهتِ العالم الخارجى واندمجتِ مع أناس لا يشبهونك؟

- الأمر لم يكن صعباً، فقد نشأت فى أسرة ساعدتنى على الخروج والسفر واللعب، ولم تتركنى منعزلة، كان الأمر غريباً فى البداية ولكنى اندمجت سريعاً مع الجامعة.

هل تعرضت لمواقف قاسية أو محرجة مع زميل لك، أو مدرس بالجامعة؟

- لا، على النقيض.. كانوا دائماً بجانبى ويتعاملون معى بشكل طبيعى دون حذر أو شفقة أو تجريح.

ماذا عن الدراسة والمذاكرة وتحصيل التقديرات العالية؟

- أمى كانت البطل الحقيقى، فكانت تساعدنى وتذاكر معى دروسى وتقرأ لى الكتب صفحة بصفحة، خاصة أن أغلبها كانت غير متوافرة بطريقة «برايل».

وكيف كانت حياتك بعد تخرجك من الجامعة؟

- الخروج من بوابة الجامعة عقب 4 أعوام دراسة يهيئ لك الأحلام، ويبسط لك الأمانى، فإما أن تجدى من يعينك على إكمال مشوارك، وإما إن تصطدمى بمن يُعيق حُلمك ويحبطك.

{long_qoute_2}

كيف تعامل معك أصحاب الإذاعات ومديرو الفضائيات عند تقدمك للوظائف؟

- عقب التخرج بدأت أبحث عن الإذاعات المسموعة التى قُوبلت فيها بالرفض، إذ ظن أصحاب الإذاعات أننى غير مؤهلة، فكيف لفتاة غير مُبصرة أن تجلس على مقعد المذيع أمام «ميكروفون» تُذيع وتحاور، ولكنى لم أحزن أو أشعر بالإحباط، فأنا أعلم سبب رفضهم لى.

ماذا عن عملك ثلاث سنوات فى مجال الـ«كول سنتر»؟

- اعتدت عدم الاستسلام أو الإحباط، وعندما كنت بالفرقة الثانية من الجامعة، تركت يد والدتى وبدأت ركوب المواصلات بمفردى، فكيف أستسلم لعدم وجود فرصة عمل!! بدأت البحث والالتحاق بالدورات التدريبية، وبالفعل وجدت فرصة عمل بالـ«كول سنتر» ومتابعة العملاء فى إحدى شركات الاتصالات، واستمررت فيها ثلاث سنوات.

كيف كان الفنان خالد النبوى نقطة تحول فى مشوارك المهنى؟

- الأمر جاء بالصدفة البحتة، فى البداية حاولت الشركة التى كنت أعمل بها إعداد تقرير مصور عن تجربتى، ترصد فيه مشوار الفتاة الكفيفة داخل جدران كلية الإعلام، ومن هنا تصادفت بالفنان خالد النبوى بعدما وقع علىّ الاختيار، لتسجيل حلقة معه ضمن برنامجه «ابتدى»، الأمر الذى دفعنى لإخباره بحلمى بأن أصبح مذيعة بالإذاعة.

وكيف تهيأ لك العمل براديو «9090»؟

- عقب حلقتى مع الفنان خالد، وبعدما ساعدتنى الشركة فى إنتاج تقرير عنى، بدأت إدارة الراديو الالتفات لى، وبالفعل طلبوا منى الانضمام إليهم، وحينها شعرت أن حلمى بدأ يتجسد أمامى.

وماذا عن تجربتك فى الراديو؟

- الإدارة كانت محترمة لأبعد الحدود، فكانت تتعامل معى لموهبتى وليس لظروفى الخاصة، وتعاونت مع الزميلة رغدة الشيمى فى تقديم برنامج عن ريادة الأعمال والشركات الناشئة، وحقق صدى كبيراً، وبعدها أصبحت أعد وأقدم وأدير الحوارات بنفسى.

هل تعرضتِ لمواقف أو مشكلات مع الضيوف؟

- على النقيض، كانوا دائماً فى منتهى الذوق، ففى البداية كانوا يندهشون من كونى كفيفة، لكنهم كانوا يشكروننى فى نهاية الحلقة ويُبدون إعجابهم بى، الأمر الذى يُشعرنى بالسعادة لحكمهم على عملى وليس على شخصى.

كيف استطعت الالتحاق بقناة dmc؟

- عن طريق راديو «9090»، إذ رشحنى رئيس مجلس الإدارة للعمل بالقناة، واستقبلت الخبر برهبة شديدة، فالأمر مختلف تماماً عن الإذاعة، ويعتمد كلياً على الصورة، ولكن تعامل إدارة القناة معى بحب ولطف سهل المهمة علىَّ.

وماذا عن تجربتك فى برنامج «السفيرة عزيزة»؟

- تجربة جيدة بكل المقاييس، خصوصاً أننى أجلس وسط كوادر إعلامية مميزة، ولم يقف الأمر على المذيعات فقط، فخلف الكاميرات يوجد كوادر هائلة تساعدنى وتدعمنى وتعمل على خروج حلقات البرنامج بشكل مميز.

بعد عملك فى مجالى الإذاعة والتليفزيون، أى منهما تحبينه أكثر؟

- فى البداية كنت أظن أننى لن أحب إلا الإذاعة، لكن الحقيقة أن القائمين على التجربة المرئية جعلونى أحب التليفزيون للغاية، خصوصاً الأستاذة هدى رشوان والأستاذة فاطمة خير، لأنهما بمثابة مرآة لى، فضلاً عن دعم الإدارة لى من الأستاذ محمود مسلم وإيهاب أبوزيد اللذين يدفعاننى دائماً للأمام.

ظهورك على الشاشة يتطلب مظهراً معيناً وإطلالة مميزة.. من المسئول عن اختيار أزيائك؟

- فى الحقيقة شقيقتى الصغرى هى التى تساعدنى فى اختيار ملابسى، وفقاً لما أريده بالطبع، أما الحجاب والمكياج واللمسات الأخيرة فهى من مسئولية ستايلست وماكيير القناة.

من الإعلامية التى تتمنين السير على خطاها؟

- الأستاذة سلمى الشماع، لأنها من أجدر المذيعات التى قدمت برامج المنوعات الثقافية بطريقة خفيفة ومتنوعة.

هل تتمنين الخروج من دائرة البرامج الجماعية؟ وما الفكرة التى تودين تقديمها بمفردك؟

- بالنسبة لى التقديم الجماعى أمر مميز جداً لمرافقتى أسماء كبيرة كالأستاذة سناء منصور وجاسمين طه وغيرهما، فهو أمر يضيف لى الكثير، ولكن أتمنى مع الوقت أن أقدم برنامجاً خاصاً بى، يتطرق للمنوعات الثقافية والاهتمام بالطفل.

بعدما أوصى الرئيس بأن يكون 2018 عاماً لذوى الإعاقة، ماذا تتمنين فى هذا العام؟

- أتمنى أن أثبت جدارتى وأحفر اسمى فى كافة الأماكن التى وصلت إليها، وأتمنى هذا العام أن يظهر العديد من النماذج الناجحة والفاضلة من ذوى الاحتياجات الخاصة، لكى يثبتوا للعالم معنى الإرادة، وأن يجد المجتهد منهم فرصة العمل المناسبة له دون أن تعوقه إعاقته.

على الرغم من النجاحات التى تحققها المرأة، يبقى حلم الزواج والأمومة.. كيف تفكرين فى الحب والارتباط؟

- أرفض هذا الأمر حالياً لأنه ليس من أولوياتى، أعيش بمبدأ واحد وهو «طالما لاقية نفسى فى الشغل ليه أشغل نفسى بحاجة تانية؟»، ففى الحقيقة الحب لا يشغل تفكيرى فى وقتنا هذا، لا سيما أننى مهتمة بالبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، بجانب عملى فى الإعلام.


مواضيع متعلقة