«الكباب العراقى» من الفلوجة إلى 6 أكتوبر.. «أكلة الألف سنة» باقية

كتب: أحمد العميد

«الكباب العراقى» من الفلوجة إلى 6 أكتوبر.. «أكلة الألف سنة» باقية

«الكباب العراقى» من الفلوجة إلى 6 أكتوبر.. «أكلة الألف سنة» باقية

بالنسبة للمصريين هو «كفتة»، شكله هكذا، لكنه أكثر سمكاً ولونه محمر، وبالكاد طعمه مختلف قليلاً عنها، أما لدى العراقيين فهو أكلة شهيرة لها احترامها على موائد طعامهم، فهو «الكباب العراقى» الذى يحتل مكانته فى جذب الكثير من المصريين، فالمطاعم التى تقدم اللحوم بالطرق العراقية، خاصة فى مدينة 6 أكتوبر، تحصد الكثير من الشهرة نظراً لتعدد الأكلات التى تقدمها من لحوم يحبها المصريون، إلى جانب «أسمائها الغريبة» على مسامع المصريين، والتى تشكل عامل جذب، هكذا يرى محمد كامل، الشهير بـ«أبوعبدلله»، 48 عاماً، الذى جاء من العراق منذ 4 سنوات ليضيف إلى جملة المأكولات العراقية مطعمه «زرزور» الذى يقدم الكباب العراقى، إلى جانب عدد من الأكلات العراقية الأخرى.

يشرح «أبوعبدالله» الذى جاء من الفلوجة بمحافظة الأنبار، والشهيرة بـ«الكباب العراقى»، طريقة تقديم الكباب العراقى الذى يختلف عن الكباب فى أى مكان آخر، بقوله: «هو يكون لحم ضانى مفروم لا يضاف عليه أى شىء، ويتم شواؤه فقط على أسياخ، ولكن الشرط عندنا ألا يضاف عليه أى توابل خلال تصبيع اللحم على السيخ، ويكون عبارة عن لحم طازج وخالص»، مشيراًَ إلى أنه ورث المهنة عن والده وجده، وأن الفلوجة تُعتبر المدينة الأشهر فى تقديم الكباب العراقى، بل إن الناس وضعوا له اسم «الكباب الفلوجى»، مشيراً إلى أن تاريخ الأكلة يعود إلى ألف عام مضت، قائلاً: «زمان كنا نسمع إن العراق كانت ولايات، ولاية بغداد وولاية البصرة وولاية الفلوجة، فكان هناك مقولات بأن والى البصرة كان يأتى من جنوب العراق حتى الفلوجة ليأكل الكباب الفلوجى».

{long_qoute_1}

وعن بقية الأكلات العراقية التى يُقبل عليها المصريون من زبائنه إلى جانب العراقيين، يقول «أبوعبدالله» إن هناك أكلة تسمى «دليمية»، وهى عبارة عن أرز ولحم وخبز توضع فوق بعضها، وتقدم فى طبق كبير، وهذه الأكلة تعود إلى عشيرة «الدليم» المنتشرة فى غرب العراق وشمالها، وسميت على اسم القبيلة، وتقديمها لا بد أن يكون به شىء من المبالغة فى الحجم، حتى تعبّر عن كرم عشيرة «الدليم»، موضحاً أنه يستمر على هذا النهج لأنه من قبيلة الدليم نفسها، قائلاً: «هذه الأكلة تؤكل باليد مو بالملعقة».

ويشير إلى أن الكثير من مشاهير المصريين والعرب يأتون إلى مطعمه، وبينهم فنانون مثل الفنان أحمد راتب رحمه الله، والفنانة عفاف شعيب، والفنان العراقى بهجب الجبورى والمطرب سعدون جابر، إلى جانب مسئولين دبلوماسيين من جنسيات مختلفة، وحتى من السفارة الروسية، معلقاً: «منذ أيام قليلة كان الملحق العسكرى العراقى عندى بالمطعم وعراقيين هواى يكون يأكلون عندى».

أما مطعم «البلام» بمدينة 6 أكتوبر، فهو يُعد المطعم الوحيد فى مصر الذى يقدم الأكلة العراقية «السمك المسكوف»، وهو سمك «الكارب» أو كما يمسيه المصريون «المبروكة»، ويتعامل المصريون مع هذه الأسماك معاملة بقية الأسماك فى الطهى، لكن لم يكن الكثير من المواطنين الذين لم يزوروا العراق من قبل يعلمون أن لهذه السمكة «طقوس طهى» مهيبة ومكانة وشعبية عند العراقيين إلا بعد افتتاح المطعم قبل 4 سنوات.

ويأخذنا «حسام»، الشهير بـ«أبوعثمان»، إلى داخل مطعمه، فهو أحد العراقيين الذين نزحوا إلى مصر عام 2005، وكان يعمل باحثاً فى مركز الدراسات الدولية فى جامعة بغداد، ثم جاء إلى مصر وعمل فى الاستثمار العقارى لسنوات عدة واستقر على افتتاح مطعم باسم «البلام»، يوضح أن الاسم يعنى «المراكبى» بالعامية العراقية.

والمطعم لا تتجاوز مساحته 18 متراً، تستخدم كل هذه المساحة فى تجهيز الأسماك ما قبل الشوى على الحطب فى فرن من الطوب خارج المطعم، يفتح الرجل ثلاجة ويجلب عدداً من الأسماك الكبيرة المفتوحة من ظهرها، كل سمكة داخل كيسها ومدون عليها وزنها ما بين 2200 جرام و2400 جرام، وهو وزن السمكة قبل تنظيفها وإزالة أحشائها وشقها من الخلف، تكون هذه الأسماك جاهزة فى انتظار الحطب المشتعل والتوابل التى توضع عليها لتدخل إلى الشبكة التى ستعلق عليها الأسماك مدة 45 دقيقة بالقرب من الحطب. ويشرح «أبوعثمان» الطريقة التى تقدم بها هذه الأسماك الأكثر شعبية فى العراق والأقل تناولاً فى مصر، بقوله: «هذا السمك نسويه على الحطب ويكون فيه نكهة مختلفة عن بقية الأسماك الأخرى، نشتغل على الأحجام الكبيرة من كيلوين فما فوق، نفتح السمكة من الضهر كيف ما بتسموها هنا سنجارى، وننضفها، ثم تعلق على أسياخ وتنحط بالشبكة حول الحطب»، مشيراً إلى أن الطريقة التى تقدم بها أسماك «المسكوف» لا بد أن يكون حجمها كبيراً أكبر من وزن 2 كيلو جرام.

ويوضح «حسام» أن هذا النوع من السمك موجود فى بعض الأسواق المصرية، وأنه يلجأ إلى «سوق العبور» للحصول عليه، حيث يوجد هناك منه أحجام مختلفة، لكنه هو الوحيد الذى يأخذ الأحجام الكبيرة، معلقاً: «المصريين ما يحبذون الأسماك الكبيرة، يحبون الصغير، وأنا أروح ألاقى حالى الزبون الوحيد اللى أخد السمك الكبير يكون 150 كيلو أو 200 آخذهم».

وحول نوعية زبائن المطعم، يقول: «نحو 85% من الزبائن عراقيين، والبقية إخوانا المصريين اللى يجون مع العراقيين اللى يحبون يعزموهم على أكلة عراقية فيصبحوا زبائن للمطعم، والسمكة الواحدة تكون كيلوين وهى تكفى لفردين، وكل زبون حسب وزن السمكة التى يريدها، ممكن شخص يأكل سمكة واحدة، أو اثنين، وفى عزايم أنا سويت قبل فترة سمكة كانت 7 كيلوات إلا ربع، وتقدم تحتها معدونس- بقدونس»، مشيراً إلى أن الكثير من رجال الأعمال العراقيين وأعضاء السفارة العراقية فى مصر وموظفيها يحصلون على وجباتهم من مطعمه، وكذلك العزائم، وأن 90% من الزبائن يحصلون على وجبات الأسماك «تيك أواى» ولا يأتون إلى المطعم لأن مساحته ليست كبيرة، وأن هناك معتقداً قديماً يزعم أنه إذا تؤكل هذه الوجبة يوم الأربعاء فإنها تجلب الرزق، لكن حالياً هى تؤكل فى أى يوم من الأيام.

اقرأ أيضًا:

العراقيون فى مصر «النيل بطعم الفرات»

الجامعات المصرية.. وجهة العراقيين للدراسة والإقامة وارتداء «الروب والقبعة».. وأشياء أخرى

طالبو اللجوء: عطف المصريين يهوّن علينا تجاهل «مفوضية اللاجئين»

رجل أعمال عراقى: مصر تشبه أمريكا فى الفرص.. ومناخ الاستثمار أفضل من الخليج

«الموصلى».. شاعر عراقى يكتب 40 قصيدة «فى حب مصر»

سر صنعة الخبز العراقى.. الرمى بـ«الطبقية» واللقط بـ«الماشة»

«فتحية»: اخترت مصر لأنها «أم الدنيا»

رئيس الجالية: العراقيون والمصريون أكثر شعبين متجانسين

«زعيم» أقدم أبناء الجالية شارك فى «المقاومة الشعبية» سنة 67.. وحصل على الجنسية بأمر «السادات»

السمك المسكوف أثناء الشوى بالحطب


مواضيع متعلقة