«كافيه ميزران»: تأسس بالصدفة وصاحبه تعرض للنصب.. ومصرى كان «طوق النجاة»

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

«كافيه ميزران»: تأسس بالصدفة وصاحبه تعرض للنصب.. ومصرى كان «طوق النجاة»

«كافيه ميزران»: تأسس بالصدفة وصاحبه تعرض للنصب.. ومصرى كان «طوق النجاة»

ساحة خضراء كبيرة، تتخللها أشجار وورود، وكراسى متراصة على هيئة حلقات دائرية، فى أحد الشوارع الجانبية المتفرعة من عباس العقاد، يوجد بها عدد كبير من أبناء الجالية الليبية الموجودة فى القاهرة، منهم من يجلس فى المساحة المخصصة فى الحديقة الواقعة أمام الكافيه، ومنهم من يلعب مع أصدقائه «الكوتشينة» فى «ألتراس»، وبالداخل توجد بعض الأسر التى تكتفى يومياً بالخروج من السكن إلى الكافيه لعدم درايتهم الكاملة بأماكن الترفيه والتسوق فى القاهرة.

«ميزران» الكافيه الأشهر لأبناء ليبيا فى القاهرة، تم تأسيسه بالصدفة بعد أحداث 17 فبراير فى ليبيا، وكانت البداية فى ٢٠١٣، حيث بدأت التجهيزات الخاصة به فى موقع غير موقعه الحالى، حيث كان مقرراً له أن يكون فى شارع ابن الهيثم بعباس العقاد، ولكن هناك مجموعة من المفارقات الغريبة جمعت بين شركاء الكافيه قبل تأسيسه، حيث بدأت التجهيزات على يد شخص ليبى يدعى «صافى عمار»، وأوكل بدوره مهمة الإنشاء لأحد المهندسين المصريين، الذى ماطله الأخير فى تسليم الكافيه، وغالى كثيراً فى أجور الصنايعية، ومن هنا نبتت فكرة الاستعانة بأحد الليبيين ذوى الخبرة فى معاملة المصريين، لانعدام خبرة «صافى عمار» فى التعامل مع العمالة المصرية، وبالفعل تم الانتهاء من كل التفاصيل المتعلقة بالكافيه، ولكن بعد سنتين تقريباً اكتشفوا أن الشخص الذى استأجروا منه المساحة المخصصة للكافية، لم يقم بدفع مبالغ مستحقة للشركة المالكة للعقار مما أوقع «عمار» وشريكه الليبى فى مأزق ولم يكن أمامه إلا دفع المستحقات أو الإغلاق، إلى أن ظهر فى الصورة أحد المصريين المقربين من صافى عمار وكانا يعملان معاً فى الكافيه الخاص به فى ليبيا.

{long_qoute_1}

أحمد الشحات الشهير بالجون، وصاحب ٤٣ سنة، هو الشخص الذى اعتبره «صافى» طوق نجاة له لوجود صداقة قديمة بينهما، حيث كان «الجون» يعمل فى ليبيا بمجال الكافيهات منذ ما يزيد على ١٠ سنوات، وعاد لمصر عام ٢٠٠٩، واستقر فى شبرا وافتتح محل ملابس، إلى أن دعاه «صافى» للعمل معه، وبالفعل تحول الفشل الذى كان يخيم على مشروع «صافى عمار» الأول بمصر إلى نجاح مبهر، لأن «الجون» تمكن من التعاقد مع أحد مالكى العقارات فى منطقة عباس العقاد على مساحة تزيد على ١٠٠ متر، حتى يستطيعوا التخلص من الكافيه القديم بأقل الخسائر الممكنة، ومن هنا بدأت أولى خطوات الإصلاح التى تبناها الجون. «الكافيه كان بيخسر بسبب الخناقات اللى كانت بتشتعل بين الليبيين بسبب توزيعهم السكانى لأنهم ينتمون لقبائل ومش كلهم بيحبوا بعض، فكانت بتحصل مشاكل كتير بينهم، وأنا بحلها بعقل وده سبب حبهم وثقتهم فيا» بهذه الكلمات فسر أحمد الشحات السبب الرئيسى فى خسائر الكافيه فى بداية افتتاحه، مضيفاً أن وجود أبناء أكثر من قبيلة ليبية، وحدوث مناوشات دائمة بينهم، جعل صافى وشريكه الليبى، يعجزان عن السيطرة على الأمور، بجانب مشاكل إيجار الكافية. وتابع «الجون» أنه لم يفكر فى الشراكة مع «صافى»، إلا أن الأخير بعد الانتهاء من تجهيز الكافيه عرضها عليه، معللاً ذلك بأنه ليس لديه القدرة على التعامل مع المصريين، لأنه لم يعمل من قبل فى مصر، بجانب عدم قدرته على حل مشاكل الليبيين دائمى الشجار، وبالفعل وافق «الجون»، وحقق الكافيه نجاحاً واسعاً، واستطاع جذب عدد كبير من الليبيين، ولكن لم يستمر هذا الوضع المستقر طويلاً وبدأت تظهر بعض المشاكل بين الشركاء الثلاثة، وهنا قرر «الجون» فض الشراكة معهما، واستأجر مكاناً فى الشارع الموازى للمقر القديم، واكتفى فقط بتأسيس كافيه يحمل نفس الاسم، حيث يقدم به أشهر المشروبات الليبية «الشاى الأحمر بالعطر الليبى» واستطاع خلال فترة وجيزة جذب عدد كبير من الليبيين، ووصلت شهرته كما يقول «الجون» إلى جميع الدول العربية التى يوجد بها ليبيون.

{long_qoute_2}

أحمد سيف الله، طالب ليبى فى كلية السياحة والفنادق، ٢٣ عاماً، أحد رواد الكافيه، من المواظبين على الحضور بشكل يومى، ويخصص له عمال الكافيه ركناً خاصاً به لأنه اعتاد على الجلوس به، حتى إنه عند دراسته بالمدرسة الثانوية، دائماً ما كان يجلس بالكافيه، حيث كان يجد فيه ملاذاً يستطيع المذاكرة داخله بشكل جيد وقال: «حياتى كلها ما بين الكافيه والبيت، ماعرفش أى حاجة فى مصر غيره، وفسحتى الوحيدة بتكون فيه»، وتابع: «بحب التاريخ المصرى الفرعونى وبحس بعظمة وأنا بقرأ عن توت عنخ آمون، وعشقت التاريخ المصرى منذ الصغر، بقالى ١٥ سنة فى مصر، أول مرة جيت مصر كان عندى تقريباً ٩ سنين، كان الهدف الأساسى من زيارتى لمصر هو الدراسة، لأن والدى كان يفضل مدارس مصر عن مدارس ليبيا، وكان يريد أن نتعلم بشكل صحيح، زيارتى الأولى كانت مع إخوتى ووالدتى، وأبى ظل هناك فى ليبيا يمارس عمله، كمدرس، وبعد الأحداث التى شهدتها ليبيا، جاء ومعه أغلب قبيلتنا إلى مصر، واستقر بها منذ عام ٢٠١٣».

ويروى «أحمد» قصة عشقة للفراعنة بقوله: «أنا من طبعى بحب الألغاز، وبحب المغامرة، أول مرة قرأت فيها عن الفراعنة، كانت صدفة، عندى صديق مصرى، كان ناشر عنده على الفيس موضوع عن هرم خوفو، ماكنتش أعرف أى شىء عن الأهرامات غير أنها أحجار صخرية مش أكتر من كده، لكن بدأت أقرأ بشغف، ولما كنت باجى الكافيه كنت باسأل أى حد مصرى يقابلنى عن الفراعنة وأسرارهم، وبحثت كتير عن معلومات عنهم، وساعدنى فى سهولة الوصول للمعلومات دى تعلمى للهجة العامية، وبدأت أتعمق فى التاريخ المصرى القديم، لدرجة إنى كنت بحس بفخر وأنا باقرأ عنهم، كأنهم أجدادى أنا».


مواضيع متعلقة