فُسحة الغلابة فى «الخديوية»: «الألفى وعابدين وشارع المعز»

فُسحة الغلابة فى «الخديوية»: «الألفى وعابدين وشارع المعز»

فُسحة الغلابة فى «الخديوية»: «الألفى وعابدين وشارع المعز»

تكاد شوارع وسط البلد، أو القاهرة الخديوية، أن تنطق بالتاريخ الذى كانت شاهدة عليه على مر العصور، لكن المنطقة التى كانت فى مرحلة من تاريخها أبهى من باريس، باتت اليوم تئن تحت وطأة الزحام والضوضاء كما تحولت إلى نزهة لـ«الغلابة» يستمتعون بميادينها وشوارعها التاريخية.

شارع «المعز» فى منطقة الأزهر بالقاهرة الفاطمية، أو قاهرة المعز، يعد أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية، فضلاً عن كونه مزاراً أثرياً وسياحياً فهو يشمل سوقاً تجارية يتردد عليها كثير من الزائرين يومياً، ويرجع تاريخه لسنة 358هـ، 969م، وسُمّى بشارع المعز نسبة للخليفة الفاطمى «المعز لدين الله».

بجلبابه الأسود، وطاقية قطنية أخفت ملامح الشيب الذى غطى شعره، جلس كمال على، الرجل الستينى، على كرسى بلاستيك، بقهوة شعبية أمام مسجد الحاكم، ينظر للمارة ويتابع تحركاتهم، ويحكى أن حى الحُسين وشارع المعز لا ينام ولا تهدأ الحركة به ليلاً أو نهاراً، وتمتد جلسات السهر فيه حتى مطلع الفجر، فضلاً عن وجود مزارات سياحية، ودينية. ويضيف: «متعود آجى هنا كل سنة مرة أقعد 3 أيام أزور الحسين، واتفسح فى المعز، وأشترى بعض اللوازم».

{long_qoute_1}

على بعد خطوات من «كمال»، جلس «مايكل كامل»، 38 سنة، وبجواره ابنته، ويقول إنه دائم التردد على زيارة المُعز، لافتاً إلى أن مسجد الحُسين، وشارع المعز مختلف عن أى مكان آخر: «هنا بحس براحة نفسية».

المنطقة ينقصها بعض الخدمات، حسبما ذكر «مايكل»، مؤكداً أن عدم وجود مرشدين سياحيين، وعدم وجود أماكن مخصصة للأطفال، يؤدى لتراجع المكان أثرياً، ويقول «المفروض يعرفونا تاريخ كل مسجد، ومعرفش اللى قصادى دا مسجد مين؟».

«مكان مختلف، بنحس بطاقة جديدة، والتعامل مختلف عن أى مكان تانى والمعالم الأثرية جميلة»، يقولها محمود العرشاوى، الشاب الثلاثينى، الذى جاء هو وأسرته من شمال سيناء، للتنزه فى القاهرة ليبدأ برنامجه بزيارة شارع المعز. ويضيف: «زوجتى وأولادى وأخواتى البنات معايا»، ويضيف أن «هناك مطاعم تحافظ على أجواء القاهرة الفاطمية بتخليك ترجع فترة من الزمن».

وتحت لافتة «ليالى المعز» يُمسك «شوقى أحمد» فى خفة ورشاقة سكيناً لتقليب الفواكه الطبيعية، على فريزر سطحى متصل بعربة صغيرة، ليصنع منها آيس كريم «رول»، ويقول إن أسعار الآيس كريم بـ«10 جنيه ولو الزبون عايز أكبر بنعمل له». ومن «المعز» إلى شارع «الألفى»، حيث أقدم شوارع منطقة وسط البلد، وأشهرها، رغم وجود أماكن متعددة للفُسح، إلا أن منطقة وسط البلد، وتحديداً شارع الألفى، له مذاق آخر، يجعله يتميز عن غيره، وعلى جانبى الشارع توجد أشهر مطاعم المأكولات السريعة ومحلات الحلوى.

ويمتد شارع «الألفى» من شارع الجمهورية حتى تقاطع ميدان عرابى، ويرجع تسميته نسبة إلى أشهر أمراء مماليك مصر، الملك محمد بك الألفى، وهو من أطلق عليه اسمه.

{long_qoute_2}

فى أول الشارع يجلس المعلم «عبدالنبى لولو»، 47 عاماً، صاحب أحد المحلات، على كرسى، يتحدث مع أصدقائه من حوله، الذين أتوا إليه من أماكن مختلفة للاستمتاع بأجواء الشارع، الذى يعيد لزواره رائحة القاهرة القديمة، بينما يلهو بعض الأطفال أمام الجالسين، وعلى بعد أمتار تتعالى ضحكات مجموعات من الشباب جلسوا على مقهى مجاورة.

ويقول «لولو» إن منطقة وسط القاهرة لا تقل فى جمالها عن باريس، بل هى باريس الشرق، لأنها ذات طابع تراثى، مشيراً إلى أن شارع «الألفى» مخصص للمشاة فقط منذ منتصف التسعينات، وأُقيمت حواجز لمنع مرور السيارات منه، وأهمية الشارع تتمثل فى وجود بعض المطاعم الشهيرة، فضلاً عن زيارة المشاهير والرؤساء له.

وفى ساحة «ميدان عابدين» بوسط البلد، لم يختلف الأمر كثيراً، حيث توجد أسر كثيرة تفترش الأرض وأطفال يلعبون بالدراجات، فى الساحة الشاسعة أمام قصر عابدين.

وعلى أحد المقاعد العامة بالساحة جلس «عبدالباقى حسين» الرجل الخمسينى، من السودان، وعلى وجهه علامات الاندهاش من الإقبال الكثيف للمواطنين على الميدان، مؤكداً أنه لم يخطر على باله يوماً أن تكون هذه المنطقة بذلك الجمال، خاصة تلك الأماكن الأثرية القديمة: «مصر حلوة أكتر بناسها»، يقول «عبدالباقى» مشيراً إلى أن تلك الزيارة كانت الأولى له للقاهرة، لكنه سيكررها لزيارة كثير من المعالم المصرية.


مواضيع متعلقة