مطروح.. الميه والهوا

كتب: محمد سعيد الشماع ومحمد بخات

مطروح.. الميه والهوا

مطروح.. الميه والهوا

عام 1913 جاء إليها شيخ المجاهدين «عمر المختار» قائد الدفاع الشعبى الليبى عن طريق السلوم طالباً الدعم الشعبى والحكومى والإمدادات للثورة الليبية، وخلال الحرب العالمية الثانية زارها المارشال روميل قائد القوات الألمانية وقاد فيها واحدة من أشهر معارك الحرب العالمية الثانية على الإطلاق، تلك الحرب التى انتهت عام 1945، كما زارها الأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا مع قرينته عام 2006 وتجولا فى مناطق تاريخية مختلفة بواحة سيوة، وفى مطلع هذا العام زار أيضاً العديد من المواقع الأثرية فى سيوة المُغنى الأمريكى الشهير «أشر ريموند»، مشاهير عديدون وطأوا بأقدامهم أرض محافظة «مطروح»، حيث «سيوة» الواحة الأشهر فى مصر التى يتحدث أهلها اللغة العربية والأمازيغية، وتشتهر بالسياحة العلاجية عن طريق الدفن بالرمال، إلى جانب زراعة البلح والزيتون، ومدينة «العلمين» التى شهدت معركة العلمين الشهيرة خلال الحرب العالمية الثانية، وتضم مدافن ونصباً تذكارية ومتحفاً تخليداً لذكرى ضحايا تلك المعركة، وشواطئها حيث المياه النقية الصافية والرمال البيضاء والطبيعة الخلابة، والكورنيش المُبهج بكل صوره، حيث المُصيفون الذين وجدوا فيه المتنزه، والباعة الجائلون ولقمة رزقهم التى يعتمدون عليها فى موسم الصيف.

انتقلت «الوطن» ضمن جولتها بين محافظات مصر إلى «مطروح»، لترصد من داخلها الوجوه المختلفة لها سواء كأشهر المصايف فى مصر، أو الوجه الآخر وعادات وتقاليد الحياة البدوية داخلها، وحال المواطن فى الحلوة والمرة.

{long_qoute_1}

المشهد رائع، والشاطئ فريد من نوعه فى مصر، يجذب الزوار والمُصيفين فور وصولهم إلى أرض مطروح، روعة المنظر تدفعهم إلى التقاط الصور التذكارية والسيلفى معه ربما لأنهم لم يروا مثله فى مكان آخر، يجلسون بين الصخور فى الظل ليتمتعوا بمياه شفافة وجو نقى، إنه شاطئ «عجيبة» الذى يبعد نحو 32 كيلومتراً غرب مدينة مطروح، كما أنه يعد مصدر رزق للكثير من الباعة الجائلين الذين يبحثون عن «لقمة العيش» فى موسم الصيف.

مقبلاً من بنها جاء إسلام عويس، 39 عاماً، برفقة زوجته وأبنائه إلى «عجيبة»، مُمسكاً فى يديه كاميرا ديجيتال أحضرها معه لالتقاط الصور التذكارية مع أسرته، وبادرنا بالقول: «شاطئ عجيبة بيحسسك إنك مش موجود فى مصر، مناظر طبيعية مفيش زيها فى مكان تانى، والأولاد مبهورين باللى شايفينه لأنهم أول مرة يشوفوا مكان بالجمال ده، وهنفضل قاعدين فى الجو الجميل ده هنا لحد ما هما نفسهم يزهقوا منه، الصور فى المكان ده أهم حاجة، ومش معقول الواحد ياخد المشوار ده كله اللى هو نحو 30 كيلو من مطروح ومانتصورش فيه، وأهو يبقى كمان ذكرى لبناتى ويبقوا يفرجوا زمايلهم على الصور».

«الإسكندرية» كانت هى المصيف الأساسى لأسرة «عويس» طيلة السنوات الماضية، لكن الوجهة تغيرت بعدما جاءوا إلى «مطروح»، حسبما أكد الرجل الثلاثينى، قائلاً: «خلاص مابقتش الأولوية للإسكندرية، لأن البلد هناك بقت زحمة جداً، ولو معايا أسرة أتعب ومش هستمتع وأنا معاهم، لأن لازم عينيا تبقى فى نص راسى»، موضحاً أن مطروح محافظة جميلة وهادئة عكس الإسكندرية، وبها العائلات أكثر من مجموعات الشباب، وأضاف: «ماتلاقيش حد بيعاكس مراتك ولا بنتك ولا بتسمع كلام مش لطيف وانت ماشى زى ما بيحصل فى إسكندرية، وخلاص نويت بعد كده إن مطروح هتبقى المصيف بتاعنا السنوى، لأن ولادى عجبتهم مطروح أكتر من إسكندرية ومبسوطين من ساعة ما دخلوها».

«تحس إن الواحد مش نازل بحر لأ ده نازل حمام سباحة من كتر ما الميّه شفافة ونقية، كل يوم بنروح شط مختلف يوم أنزل الأبيض ومرة أنزل عجيبة ومرة تانية شط الفيروز أو الأصيل أو روميل»، هكذا تحدث إيهاب عبدالحميد، 47 عاماً، الذى جاء من القاهرة إلى مطروح برفقة أسرته، موضحاً أن سبب اختياره لها أن مياهها ليست موجودة فى مكان آخر داخل مصر، مشيراً إلى أنه أصبح مُلماً بكافة الأماكن والشواطئ فى مطروح وهو أمر لا يعرفه كافة المُصيفين، ولا يأتى إليها سوى القليل من الأسر مع عرب مطروح، وتابع: «أنا متعود آجى مطروح من نحو 20 سنة من قبل ما أتجوز، كنت باجى مع زمايلى فى الشتاء مش الصيف بس ونجيب جِدى ونشويه على الحطب ونطبخ مكرونة ونلعب كورة».

{long_qoute_2}

«إيهاب» لا يتخيل السفر إلى مطروح دون زيارة هضبة عجيبة ورؤية المناظر الطبيعية الخلابة، مضيفاً: «جينا النهارده عجيبة عشان المنظر الجميل ده والصخور دى، حاجة ربانية والمنظر ده مش هتلاقيه فى أى مكان تانى جوه مصر، بنتمشى وبناخد شوية صور، وبصراحة الأولوية هنا فى المكان ده للصور التذكارية مش نزول الميّه».

يجد «الرجل الخمسينى» معاناة كبيرة فى فترات ازدحام المصايف لذا يختار الشهور الأولى أو الأخيرة من موسم الصيف، قائلاً: «جيت اليومين دول فى أول الصيف عشان مطروح لسه مازدحمتش، لأنى بحب الأماكن الهادية، عشان كدة بحب آجى فى بداية موسم الصيف أو فى آخره عشان الزحمة، والسنة اللى فاتت خليت الأولاد ياخدوا إجازة أول أسبوع من الدراسة عشان ننزل فيهم مطروح، ده لما الموسم يدخل أكتر بتبقى الشماسى فى الشواطئ لحد الكورنيش». «صبحى سعيد»، 57 عاماً، جاء إلى مطروح بسبب ما كان يسمعه من أصدقائه ومعارفه عن جمالها، قائلاً: «جيت السنة دى لأنى كنت بسمع كتير إن فيها أماكن كتيرة حلوة وجميلة مش موجودة هنا بس، ده غير إن مية البحر بتاعتها مختلفة عن مية أى بحر تانى، سبحان الله المكان هنا صعب يتوصف وأجمل كمان بكتير عن ما كان بيتوصفلى، وهفضل قاعد فوق لأن المنظر تحفة وأحلى من تحت بكتير».

وواصل «صبحى» حديثه عن جمال مطروح قائلاً: «الميّه هنا جميلة جداً وصافية ونضيفة على عكس إسكندرية والأماكن التانية، الواحد لو رمى فيها الجنيه هيشوفه وهيلاقيه، وبعد اللى شفته هنا قررت إنها هتبقى المصيف بتاعى كل سنة».

وسط الكافتيريا وقف «أحمد عبدالله»، 25 عاماً، ممسكاً فى يديه ورقة بيضاء لمراجعة الطلبات من المُصيفين، يرمى بصره هنا وهناك لرؤية جميع زبائنه وسرعة تلبية طلباتهم، وقال لنا: «مواعيد الشغل هنا فى الكافتيريا من وقت شروق الشمس ولحد موعد الغروب، وممنوع إننا نكمل شغل بعد الفترة دى، إحنا من شم النسيم فى شهر 4 بنبتدى نظبط مكان الكافتيريا، ونجيب معدات جديدة، ونطور المكان عن السنة اللى قبلها سواء فى القعدة أو من خلال المظلات والشمسيات، وكمان بنظبط الرملة اللى قدام الكافتيريا ونساويها، عشان المُصيفين يلاقوا مكان كويس ويكون مظلل يقعدوا فيه قدام البحر وأكثر الأوقات اللى بيكون فيها المُصيفين موجودين فى عجيبة هى الغروب والشروق». وعن العمل أثناء فترة الشتاء قال الشاب العشرينى: «مفيش شغل لينا فى الشتاء خالص هنا على هضبة عجيبة وفى مطروح بشكل عام وده طبعاً بسبب البرودة الشديدة والأمطار والسيول، وبيبقى طبعاً اعتمادنا كله على موسم الصيف واللى بيطلع منه بيغطى مصاريفنا فى الشتاء، وبنحاول ندور على أى شغل فى الشتاء وممكن نشتغل فى المعمار أو آبار المياه».

وأضاف «جمال على»، 25 عاماً، البائع على فرشة «تين برشومى» فى منطقة عجيبة منذ 3 سنوات: «مرسى مطروح طبعاً مشهورة بالتين، ومعظم المصيفين أول ما بينزلوا مطروح بيسألوا عليه، والناس بتبقى لسه فاكرانى من السنة اللى قبلها، ويقولولى إحنا جبنا منك السنة اللى فاتت، أنا بقف هنا من الساعة 9 الصبح لحد المغرب، أو لحد ما الكمية تخلص منى لأنى بجيب كمية على قد اليوم، لأن التين ماينفعش يقعد فى الحر، ولو بات يحمض، فلازم كل يوم أبيعه طازة».


مواضيع متعلقة