رئيس اتحاد علماء المسلمين: فكر «داعش» متجذر فى التاريخ الإسلامى ويستحيل إزالته والأزهر الشريف هو عنوان الوسطية
الشيخ محمد ملا رشيد غرزانى، إن مجلس اتحاد علماء المسلمين يتبنى الفكر الوسطى
لم تكن فكرة إنشاء مؤسسة دينية تنشر الإسلام الوسطى وتذيب الخلافات المذهبية لتحقيق التعايش السلمى ونبذ العنف الطائفى غير موجودة قبل اندلاع الثورة السورية، بل كانت مطروحة بين أبناء رجال الدين فى شمال سوريا، لكنها خشيت أن تظهر للنور بسبب الخوف من رفض الدولة لإقامة مؤسسة خارج إطار سياستها، لكن الحاجة أصبحت ملحة، ليست فقط بعد انحسار سلطة الدولة فى العاصمة والمدن المجاورة، بل بعد أن كشفت الثورة السورية عن الصراع الطائفى الذى ظهر بوضوح خلال فترة الحرب، ليحين موعد إنشاء هذه المؤسسة فى عام 2014، فى محاولة منها للحفاظ على السلام داخل مناطق شمال سوريا، خاصة فى مقاطعة الجزيرة التى تضم الحسكة والمناطق المجاورة لها وحتى قامشلى وعامودا، مدن أقصى الشمال الشرقى لسوريا.
يقول رئيس المؤسسة، الشيخ محمد ملا رشيد غرزانى، إن مجلس اتحاد علماء المسلمين يتبنى الفكر الوسطى ويفتح أبوابه لكل المذاهب والطوائف وكل من يقر أنه مسلم، حتى ولو كان فى نظرهم أنه منحرف، من أجل فتح مجال لإزالة الخلافات وتوسيع الرؤى بين الجميع، مشيراً إلى أن الاتحاد يخطط لإنشاء فروع فى المقاطعات الأخرى بشمال سوريا على أن تستقل بذاتها، مؤيداً الفيدرالية الدينية ويرى أنها السبيل لحل الخلافات بين المسلمين فى سوريا، لأن كل منطقة لها عاداتها وتقاليدها وهى الأصلح بوضع الفتوى المناسبة لشعبها، مناشداً الأزهر الشريف فى مصر التعاون من أجل وضع المناهج والتعاون مع المجلس لنشر الإسلام الوسطى، حيث يرى فى مؤسسة الأزهر الكيان الدينى الكبير الذى يعبر عن الفكر الوسطى فى العالم، وأن المنطقة تتعرض للتبشير الإيرانى ويتم التعامل معه بالاحتواء وليس بالمواجهة.. وإلى نص الحوار..
«غرزانى»: الثورة السورية تعدت انتفاضة شعب وأصبح الصراع «مذهبياً طائفياً»
بداية.. عرفنا على مجلس اتحاد علماء المسلمين الذى أسستموه والهدف منه؟
- مجلس اتحاد علماء المسلمين مؤسسة دينية مستقلة تتبنى الخطاب الوسطى الإسلامى، عندما رأينا هناك ضرورة لرؤية إسلامية وسطية قمنا بتشكيل هذا الاتحاد فى 5 أبريل 2014، والسبب فى إنشائنا له أننا لاحظنا أن الصراع فى سوريا من خلف الأبواب هو صراع مذهبى طائفى دينى، كان يبدو منذ البداية أنها ثورة لشعب مظلوم فى مواجهة حاكم ظالم أو تطالب بشىء من الإصلاحات والتغيرات، لكن تبين أن الأمر يتعدى ذلك، فمن جانب محافظتنا على مناطقنا من أن تتغلغل فيها الأفكار المتشددة، رأينا من واجبنا أن نقوم بتشكيل هذا الاتحاد، وهو مفتوح لجميع المذاهب والطوائف الإسلامية، لا يختص بمذهب دون آخر أو طائفة دون أخرى، مفتوح لجميع الرؤى الإسلامية، وبالنسبة لى فأنا رئيس مجلس اتحاد علماء المسلمين فى مقاطعة الجزيرة، وشمال سوريا، وروج أفا، مقسمة إلى ثلاث مقاطعات هى مقاطعة الجزيرة ومقاطعة كوبانى ومقاطعة عفرين.
من صاحب فكرة إنشاء المجلس؟
- أحياناً الأفكار تأتى نتيجة المعاناة التى يعيشها الإنسان، وفكرة بناء أو تشكيل رابطة إنسانية أو اتحاد إسلامى كانت تراودنا قبل هذه الصراعات التى حدثت وقبل التى تسمى بالثورة السورية، لكن كنا نخشى من الدولة والنظام أن نبنى أى هيكلية إسلامية تكون خارج إطار الدولة وسياستها، وعندما رأينا الفرصة مواتية، حيث اختفت سلطة الدولة التى كنا نخشاها، ورأينا هناك ضرورة لتشكل رؤية إسلامية حتى لا يبقى المجتمع فريسة للرؤى المتشددة، عندما لا يرى رؤية وسطية أمامه، إما أن يعادى الإسلام، وإما أن ينتمى إلى تلك الرؤية المتشددة، فشعوراً بهذا الواجب، رأينا أن علينا أن نقوم بعمل ما، فأسسنا هذا المجلس.
الاتحاد مؤسسة مستقلة معتدلة.. وأردنا تأسيسه قبل الثورة السورية لكن خشينا النظام وهدفنا حماية المجتمع من الأفكار المتشددة
إلى أى مدى وصل المجلس منذ إنشائه، وكم عدد مقراته، وما خططه؟
- فى كل مدينة من مدن روج أفا، شمال سوريا، وتحديداً فى إقليم الجزيرة لنا مجلس، فى ديريك وفى عامودا والقامشلى والشدادى والحسكة، كلها مدن تابعة لمقاطعة الجزيرة، فى كل مدينة منها لنا مجلس فيها، وكمتابعة نتابع بناء هياكل أخرى فى الأقاليم الثانية، وهناك أيضاً مجالس للمرأة المسلمة، وأيضاً تنتمى وتعود إلى اتحاد علماء المسلمين لكن رئاستها وأعضاءها كلها من النساء.
وهل افتتحت مقرات للمجلس فى إقليم عفرين أو إقليم كوبانى؟
- هناك بداية تشكيل مقرات، فهذه الأقاليم أو المقاطعات نعمل عليها وعندما تتم الهيكلية والمجالس عندهم، يقومون بتشكيل مؤتمر يخصهم هم وحينها يستقلون كما نحن نرى أن الفيدراليات الإقليمية فى سوريا هى حل للمشاكل السياسية، أيضاً الفيدراليات الدينية أيضاً حل للمشاكل الدينية، يعنى ليس من المعقول أن أفرض رأيى فى الفتوى على إقليم آخر وتختلف العادات وتختلف الأساليب عندهم عنا، وحينها يكون لنا هيئة عليا لكل هذه الاتحادات كلها.
حتى فى الأمور الدينية ترون أن تكون فيدرالية، وأن كل إقليم له فتواه حسب ظروفه؟
- نعم وهذه الرؤية مارسها الإمام الشافعى، رضى الله عنه، فى بغداد كان له مذهب، وفى مصر كان له مذهب آخر، ومن العلماء أظن «القرافية»، أحد علماء الأصول، لا يجوز للمفتى أن يفتى السائل حتى يعرف من أى بلد هو أو أى مدينة، وما عاداتهم وتقاليدهم، إذاً العادات والتقاليد كما فى بعض المذاهب، مثلاً بالمذهب الحنفى العرف العام والعرف الخاص هى من مصادر الشريعة، فإقصاء المذاهب الأخرى هو نوع من اتخاذ المذهب الآخر كدين، يعنى عندما أصر على اتخاذ أو تبنى المذهب الشافعى وأقصى المذاهب الأخرى، يصبح المذهب الشافعى بديلاً عن الإسلام كله، لذلك نرى أن نكون منفتحين وأن نقبل الآخرين حسب أماكنهم وحسب أعرافهم المختلفة سواء أكان العرف الخاص أو العرف العام، نحن نتبنى ما تبناه الرسول فى المدينة المنورة، فهو تبنى الفيدرالية وهى كانت مدينة واحدة، تبنى فيها الفيدرالية عندما شكل من أهل المدينة مسلمين وغير مسلمين وقال لكل عاداته وتقاليده.
بعض علماء السنة بشمال سوريا تأثروا بالتبشير الإيرانى الشيعى وأحياناً بمكتسبات مادية وموقفنا منه «الاحتواء لا المواجهة».. على الأزهر مساعدتنا ونؤيد الفيدرالية الدينية لحل المشاكل كما تبناها الرسول بالمدينة
إذاً قد تختلف الفتوى فى عفرين أو فى كوبانى، وهذا يرجع إلى رئيس المجلس لكل مقاطعة؟
- نعم، عندما تخص هذه الفتوى تلك المدينة، ولكن إذا كان هناك أمر عام، حينها يمكن أن يكون لدينا تشكيل مجلس للهيئة العليا أو مجلس أعلى للهيئة العليا للإفتاء، وقتها تأخذ الضرورات المجتمعية فى كل الأقاليم بعين الاعتبار، أما بالنسبة لكل إقليم فلكل إقليم مجلس فتوى يخصه.
إذاً ليس لكم مذهب واحد؟
- قطعاً، لدينا كل المذاهب وحتى غير الأربعة، حتى المذاهب غير المشهورة، وحصر المذاهب فى المذاهب الأربعة أنا أراها رؤية استبدادية خدمت الاستبداد، فخارج المذاهب الأربعة يمنع عليك أن تفكر أو أن تفتى ويمنع عليك هذا وهذا، فهذا التفكير هو تضييق للإسلام، والحديث قد يكون ضعيفاً، يقول الرسول: «فى اختلاف أمتى رحمة»، فلماذا لا نترك هذا الاختلاف رحمة، وعلى أوسع أبوابها لماذا نضيق ما وسعه الله؟!
بصفتكم رئيس اتحاد علماء المسلمين، هل تقصد المسلمين السنة فقط أم السنة والشيعة؟
- نتجاوز المذاهب حتى العقائدية والطائفية والفقهية، يعنى «سنى شيعى علوى»، كل من يقر بأنه ينتمى إلى الإسلام، حتى لو كان فى نظرنا أنه منحرف، لأننا نحن أيضاً فى نظرهم منحرفون، فلماذا أنظر إليه منحرفاً وينظر إلىّ منحرفاً؟ ولماذا لا نجلس ونتفاهم وندخل فى خفايا مذهب الآخر؟ قد نتفق على رؤية ترضى الجميع، ولذلك نحن منفتحون لا يعطلنا التشيع أو التسنن ولا المذاهب الفقهية.
هل يوجد فى شمال سوريا من الطائفة الشيعية؟ ومقاركم الموزعة فى المناطق المختلفة هل فيها فرع خاص بالسنة وآخر خاص بالشيعة؟
- إلى الآن لا يوجد عندنا شيعة، ولكن فرضاً لو كان فى قامشلى -مدينة فى أقصى شمال سوريا- من المذهب الشيعى فيكون عضواً فى الاتحاد، ليس الاتحاد صفة السنية ولا صفة التمذهب، فمجلس اتحاد علماء المسلمين مفتوح للجميع.
ما دور أعضاء الاتحاد الذين ينتمون إلى المجلس؟ وهل يخدمون عامة الشعب بالفتاوى والدروس الدينية والخطب فى المساجد، أم للإفتاء فقط؟
- بالنسبة لدور علماء الاتحاد، فهو كالآتى: فى كل مدينة مجلس للاتحاد، ويتكون من 5 إلى 10 أشخاص فهؤلاء هم مكلفون بمتابعة البث الإعلامى للتعريف بالاتحاد نفسه والتعريف بالفكر الإسلامى الوسطى، من خلال الإذاعة والتلفاز، وهذه مهمتهم.
وبالنسبة للمساجد هل تسيطرون عليها؟ وهل لديكم العدد الكافى للتوزيع عليها لعدم تركها لمن ينشر الفكر التطرفى الداعشى؟
- ليس بمصطلح السيطرة، لأن السيطرة نحن نحاول أن نتخلص منها، لكن دورنا تجاه المساجد يتلخص فى أنه إذا ورد نبأ أن مسجداً أو خطيباً ما يتبنى فكراً متشدداً ويصير الخلافات بين الشعب، ننبهه إلى الابتعاد عن بث الفكر المتشدد، ولا نتهمه أنه داعشى، لأنه قد يكون رأى حديثاً ما، ولم يقّدر الظروف التى يعيش فيها الناس وحينما طرحه امتعض الناس من شرحه، فننبه أن من الضرورى أن نتبنى الخطاب الوسطى، وليس كل أئمة وخطباء المساجد أعضاء فى مجلس اتحاد المسلمين، لكن لنا علاقة معهم، ونقوم باجتماعات ومحاضرات ونحضرهم إلى مجالس عامة، ونبين لهم رؤية اتحاد علماء المسلمين، حتى لا يكونون متوجسين منا خيفة، ويكونون على علم ماذا نريد.
الخطب بالمساجد تلقى بالكردية والعربية حسب الأغلبية السائدة فى المنطقة.. وهناك بدايات تشكيل مقرات «مستقلة» للمجلس فى «كوبانى» ومناطق أخرى فى شمال سوريا.. ونطالب بوزارة للأوقاف
بعد الصراعات والحروب الدامية التى جرت فى سوريا هل هناك وزارة أوقاف خاصة بإدارة المساجد تحصرها وتعين الخطباء وتراقبهم؟
- الآن لا يوجد وزارة للأوقاف، رغم أننا نطالب أن تكون هناك وزارة للأوقاف وقد يستجاب لنا كما وعدونا أنهم سيستجيبون لدعواتنا أن يقيموا وزارة للأوقاف، فالأعمال والنشاطات الدينية ومتابعة المساجد والقيام بما يمكننا أن نفعله لنساعد المساجد فى تبنى الفكر الوسطى تعود إلى اتحاد المسلمين.
إذاً كيف تدار المساجد طالما لا توجد وزارة أوقاف؟
- المساجد تدار من خلال اتحاد علماء المسلمين، نحن ننوب عن الوزارة الآن ولكن رسمياً لا توجد وزارة، وعندما طلبنا فإننا طالبنا المجلس التشريعى بالإدارة -الإدارة الذاتية التى تدير منطقة شمال سوريا- أن تكون لنا وزارة أو وزير أوقاف فى حكومة الإقليم.
هل هناك بعثات للخارج فى مصر أو السعودية أو لأى مؤسسات دينية كبرى فى المنطقة العربية؟
- والله نتمنى أن تكون لنا بوابة إلى الأزهر، تعلمون أننا محاصرون فى هذه المناطق وخروجنا من البلد فيه شىء من الصعوبة، ولكن كخطة عمل حتى فى النظام الداخلى للمجلس فلدينا اقتراح أو رؤية أن تكون لنا علاقات مع الجمعيات والمؤسسات الإسلامية خارج الوطن وداخل الوطن، ومنها الأزهر الشريف فى مصر، ونتمنى أن تكون لنا علاقة مع الأزهر، وأن تقوى هذه العلاقة حتى تكون بيننا اتصالات كثيرة ومستمرة، والسبب هو أننا نرى الأزهر الشريف فى مصر يمثل الفكر الإسلامى الوسطى، قد يكون هناك رجالات من الأزهر انتموا إلى الفكر المتشدد، ولكن يظل الأزهر بهيكلته العامة يمثل الفكر الوسطى وفى خطة عملنا أن نزوره.
هل أرسلتم إلى الأزهر خطابات أو دعوات تواصل؟
- أرسلنا بياناً إلى موقع الأزهر الشريف فى مصر، رداً على بيان المجلس الإسلامى السورى، وكنا نريد أن يبين رأيهم فيها أيضاً لأنهم من علماء المسلمين ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، نريد الأزهر الشريف أن يقف على هذه الفتوى الذى أصدرها المجلس الإسلامى السورى فى الهجوم والعدوان على عفرين، بعثنا على موقع الأزهر، ونتمنى أن يكون هناك تواصل، وإن شاء فى القريب العاجل ستكون لنا زيارة.
ما حجم استخدامكم للإعلام المرئى فى دعوتكم الدينية؟
- الإعلام المرئى فى تليفزيون روناهى -فضائية كردية كبيرة- لنا درس كل يوم جمعة، من الساعة الثالثة حتى الرابعة إلا الربع، وهناك لقاءات أخرى حسب الأمور الطارئة، وفى رمضان يكون لنا لقاء بعد الإفطار، بعد صلاة المغرب، وأيضاً المؤسسات الإعلامية الأخرى نشارك فيها، ومنذ بضعة أيام كانت لنا مداخلة مع تليفزيون «روداو» -فضائية كردية تبث من أربيل بكردستان العراق.
نفتح أبوابنا لكل المذاهب السنية والشيعية.. وحصر السنة فى المذاهب الأربعة استبداد وتضييق للدين.. فالتشيع أو التسنن أو مذاهب الفقهاء لا تعطلنا
هل ظهوركم على الفضائيات للدروس الدينية أم للفتاوى أيضاً؟
- البرنامج الأسبوعى يوم الجمعة، رؤية دينية وليست فتاوى، ولكن هناك مداخلات للمواطنين يسألون عن بعض الفتاوى.
ذكرت أنكم تقومون عملياً بدور وزارة الأوقاف فى إدارة المساجد ولكن رسمياً أو تشريعياً لم يتم بعد، فهل لديكم العدد الكافى لإدارة المساجد مثلما كانت تدار من وزارة الأوقاف السورية؟
- غالباً رؤية الاتحاد مقبولة من كثير من أئمة المساجد، وهناك قليلون الذين يشكلون الفكر المتطرف، وعملياً هم ليسوا أعضاء فى مجلس اتحاد علماء المسلمين، ولكن نلتقى فكرياً، وغالباً ينتمون إلى الطرق الصوفية، وغالباً تتقاطع مع رؤية الاتحاد فى الدعوة إلى الإسلام.
إذاً من أين يحصل الخطباء على رواتبهم طالما ليست هناك وزارة أوقاف ولم يكونوا تابعين لكم؟
- الذين يتبعون اتحاد علماء المسلمين يقبضون رواتبهم من مجلس اتحاد علماء المسلمين الذى يتبع الإدارة الذاتية لشمال سوريا ولنا أيضاً واردات من الأوقاف، إنما بقية المساجد فهناك نموذجان للمساجد عندنا المساجد المنضبطة أى المساجد الرسمية وهى تتبع وزارة الأوقاف وتتقاضى رواتبهم بشكل عام من حكومة بشار الأسد، أو بعض المعونات من الدولة السورية، وجميع موظفى سوريا يتقاضون رواتبهم من الحكومة السورية حتى ولو كانوا فى شمال سوريا فى نطاق حكم الإدارة الذاتية.
هناك عوائل للدواعش فى المخيمات، هل من زيارات إليهم لكشف الفكر المتطرف وإزالة ما عليهم من أفكار متطرفة؟
- حدثت لنا زيارة لمخيمات الهول والشدادة، وربما إذا قلت إننا مقصرون فى هذا الجانب أكون مقارباً للصواب، زيارتنا ليست كما يجب أن تكون، وكان لا بد أن نزور أكثر لأناس عاشوا تحت حكم «داعش»، وقد تكون الأسباب الأمنية التى تحول دون ذلك.
ماذا عن الصراع الشيعى - السنى داخل شمال سوريا؟
- فى روج أفا -شمال سوريا- علاقات الناس فى مناخ جيد، ليس هناك صراع طائفى، ويسود هنا مناخ من التهدئة والهدوء، ورؤية الاتحاد تساعد على استمرارية هذه المهادنة بين الرؤى، وليس هناك علماء من الطوائف الأخرى، وإذا كان هناك منتمون عاطفياً إلى المذاهب الأخرى، لكن لا يوجد شيعة متأصلة فى «روج أفا»، شمال سوريا، ولكن نتيجة التبشير أو التثقيف الإيرانى، بعض العلماء السنة تأثروا بهم أو تأثروا نتيجة مكتسبات مادية أو غيرها.
إذا وجدتم أن هناك تبشيراً إيرانياً للتشيع داخل روج أفا هل تواجهونه؟
- لا نواجهه بل نحتويه ونمتصه.
هل تذهبون للجنود فى الجبهات، خاصة وجزء منهم كانوا تحت حكم تنظيم داعش؟
- لم نتداخل فى هذا الأمر ولم نطالب بالتداخل فيه.
لماذا لم تطلبوا ذلك وأنتم تعرفون أنه قد تسيطر روح الانتقام على بعض المقاتلين من عوائل دواعش أو مناصريهم خلال تحرير المدن؟
- قد نكون نحن المخطئين فى هذا أو المقصرين، وقد تكون الإدارة العسكرية من واجبها أن تناشدنا أن نقوم بهذا الدور، لكن المناطق الأخرى التى تحررت من «داعش»، ولا يزال فيها فكر داعشى، زيارتنا فى تلك المناطق لتوعية الناس.
الدواعش يتبنون «جهاد الطلب» بأن يخرجوا لقتال غير المسلمين.. فكرنا يتبنى «جهاد الدفع» بالدفاع عن النفس إذا هاجمك عدو وهذا هو الإسلام الوسطى.. ولدينا خطة عمل لبناء علاقات مع المؤسسات الإسلامية خارج الوطن وعلى رأسها الأزهر
هل تكون الخطب باللغة العربية أم الكردية؟
- حسب المناطق، نحن نطالب الناس فى المناطق ذات الأغلبية الكردية أن تكون الخطبة باللغة الكردية، والمناطق العربية أن تكون باللغة العربية، لأن الخطبة ليست ترانيم دينية، الخطبة مفاهيم دينية، يجب أن تصل إلى المستمعين، فالمستمع الكردى الذى لا يتقن اللغة العربية وأنت تلقى على مسامعه كلمات بليغة وهو لا يفهم ما تقوله، فماذا يستفيد، الخطبة هى عبارة عن توعية أسبوعية نطالب أن تكون باللغة التى يسمعها المخاطب.
سمعنا أنكم تتهيأون لعقد مؤتمر إصلاح ديمقراطى على مستوى العالم الإسلامى، فماذا عنه؟
- حدث مؤتمران، المؤتمر الأول أقيم فى ديار بكر، جنوب شرق تركيا، والثانى فى إسطنبول، وأنا عضو فى المؤتمر الإسلامى الديمقراطى وعضو لجنة العلاقات الخارجية فيها، ولكن نتيجة السياسة الأردوغانية فرقتنا من بعض كرجال دين نسعى لنشر رسالتنا الوسطية، ولم نتمكن من التواصل، فالمؤتمر الإسلامى فى القريب العاجل سوف يتشكل. ومرجعية المؤتمر الديمقراطى هى وثيقة المدينة المنورة التى تتشكل من 47 بنداً ومن خلال هذه البنود جميعها أو أكثرها يكرر الرسول عليه، الصلاة والسلام، الحديث عن العشائر دون ذكره انتمائهم المذهبى أو العشائرى، حيث قال: «بنو فلان على ربعتهم وبنو فلان على ربعتهم»، والربعة كانت عبارة عن برلمان العشائر، أى المجلس الكبير الذى كان يجلس فيه كبير القوم ويجتمع الرعية حوله، وعندما يعطى الرسول، وهو فى المدينة المنورة، الحق لبنى فلان أن يكونوا على ربعتهم، يقول لهم الحق أن يكونوا على عاداتهم وتقاليدهم، وبنوا فلان على عاداتهم وتقاليدهم، وعندما جاء الأمر على اليهود، قال: «ويهود بنى عوف أمة مع المسلمين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم»، فهذه الرؤية التى هى إطار العلاقات الإنسانية بين الشعوب هى هدف المؤتمر الإسلامى.
ستدعون مَن إلى المؤتمر؟
- لم نقرر بعد، لكن تحدثنا فيما بيننا، إن شاء الله تكون شخصيات مستقلة من جميع الدول الإسلامية، برؤى منفتحة، كمؤسسات إسلامية، مؤسسة الأزهر، المؤسسات الدينية السعودية، ونحاول أن نوسع دائرة الدعوة للمؤسسات والشخصيات الدينية.
بالنسبة للدواعش المقبوض عليهم، بعضهم من جنسيات أجنبية هل سيتم ترحيلهم إلى دولهم؟ ولديكم دواعش سوريون، هل فى اعتقادكم هناك فرص لإصلاح فكرهم؟
- الفكر الداعشى كشخصيات موجودة تأثروا بها، قد يتحول هذا الشخص إلى ضد «داعش» بعد إيضاح الأمر له، هذا ممكن، أما الفكر الداعشى أو المتشدد فهو فكر متجذر فى التاريخ الإسلامى، علينا ألا ننكر أن فى التراث الإسلامى هناك فكر داعشى، ويتبنى إقصاء الآخر وقتل الآخر لأسباب معروفة، وهناك فى الإسلام مدرستان، هناك جهاد الطلب أو جهاد الدفع، جهاد الدفع عندما يهاجمك عدو فما عليك إلا أن تجاهد لتدفع هذا المعتدى، وهذا هو الخط الوسطى، الذى نحن نتبناه، والرؤية الأخرى هى جهاد الطلب، أن تطلب الكفار أو المعادين لرؤيتك أن تطلبهم فى بلدانهم، وهذا هو الفكر الداعشى ومتجذر فى الداعشى.
هل لديك خطوات فى إصلاح هذا الفكر الإرهابى؟
- لدينا طموحات من خلال توسيع دائرة الإعلام لاتحاد علماء المسلمين وبناء علاقات مع الأطر الأخرى أو المؤسسات الإسلامية الأخرى، من خلال تضافر الجهود، قد نصل إلى شىء من توسيع الرؤية الأخرى، أما إزالة الفكر الداعشى فمن المستحيل سوف يستمر هذا الفكر، يشتد حيناً ويضعف حيناً.
محرر «الوطن» يحاور رئيس اتحاد علماء المسلمين بشمال سوريا